|
|||||||
| ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
ضع بصمتك.. المروءة تبني أمة عماد عطية من أبدع ما يلفت النظر حديثان شريفان يرويهما أبوهريرة - رضي الله عنه -، يصوّران لنا مشهدين بسيطين في ظاهرهما، عظيمين في دلالتهما: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلَ الَّذِي كَانَ بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ»، وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِن بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ». فلنتأمل هذا الموقف رجل مجهول لا يُعرَف اسمه ولا نسبه، لم تُذكر عباداته ولا أعماله، لكنّ رحمةً هزّت قلبه حين أبصر كلبًا يلهث عطشًا، فملأ خفَّه ماءً وسقاه، فشكر الله له وغفر ذنبه!، وامرأة عاصية، لكنها حين تغلبت الرحمة التي في قلبها، دفعتها فطرتها لتسقي كلبًا عطشانَ، فكان سببًا لمغفرة ذنوبها؛ فأيّ عظمةٍ هذه التي تكشفها السنّة النبوية! عملٌ صغير في نظر الناس، لكنه عظيم عند الله؛ لأنه خرج من قلبٍ صادقٍ رحيم. بصمة خير لا تزول وقفتُ طويلًا عند هذين الموقفين النبويَّين العظيمين، فرأيتُ فيهما نداءً لكلِّ واحدٍ منّا: أن يكون مصدرَ رحمةٍ ومروءةٍ وشهامةٍ في واقعه اليوم، مجتمعاتُنا مليئةٌ بمواطن الخير، وفيها قلوبٌ تنبض بالعطاء، وما تزال يدُ المعروف تمتدّ، ودمعةُ الملهوف تُمسح، وصوتُ الإصلاح يرتفع، ما أحوجنا إلى تعزيز تلك المعاني، وإحياء شهامةً تُسارِع إلى نصرةِ الضعيف، ورحمةً تُداوي قلبَ المنكوب، ومروءةً تُعين الجائع والملهوف! نحن قادرون -بإذن الله- على أن نكون جزءًا من حلٍّ يملأ الحياة نورًا، ويجعل الإيجابية منهجًا ثابتًا، وصناعة الخير عادةً لا تنقطع، إنّها دعوةٌ لنا جميعًا أن نبدأ من أنفسنا، فنُحسن، ونبادر، وننصر، ونبثّ في المجتمع روحًا أقوى من السلبية: روحًا ترى الحاجة فتجبرها، وتسمع النداء فتلبّيه، وتؤمن أن بصمةَ الخير لا يضيع أثرها أبدًا. الشهامة من جذور الإيمان لقد كانت أمتنا تُعرَف بالمروءة حتى في جاهليتها، إذ أقام العرب حلف الفُضول لنصرة المظلوم وإغاثة المحتاج، فجاء الإسلام فأقرّه ورفعه إلى مرتبة الإيمان، قال - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك: «لَوْ دُعِيتُ بِهِ فِي الإِسْلَامِ لَأَجَبْت»، وجعل الإسلام الشهامة خُلُقًا من صميم العقيدة، لا خيارًا تكميليًا، قال -تعالى-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (التوبة: 71)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ»؛ فإذا كان الإحسان إلى كلب يورث مغفرةً ورضوانًا، فكيف بإغاثة إنسانٍ مكلومٍ أو مظلومٍ أو جائعٍ محروم؟! نماذج من المروءة النبوية انظروا إلى نبيّ الله موسى -عليه السلام-، وقد نزل أرض مَدْين غريبًا طريدًا لا يعرف أحدًا، ولا يملك مالًا ولا أهلًا، فإذا به يرى امرأتين تذودان غنمهما عن الزحام حياءً وعفّة، فيبادر بالسؤال النبيل: {مَا خَطْبُكُمَا}، فتقولان: {لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}، فلم يمنعه ضعفُه وغربتُه من أن يسقي لهما، مؤثرًا المروءة على الراحة. تلك هي الشهامة الحقّة: أن تنسى نفسك لتعين غيرك، وأن تُقدّم الخير وأنت في أمسّ الحاجة إليه. وفي المدينة النبوية، نرى مشهدًا آخر يسطّر الشجاعة والمروءة معًا: ليلٌ ساكنٌ يلفّ المدينة، وإذا بصوتٍ غريبٍ، يفزع أهلها، فيهبّ الناس من نومهم، ويتساءلون في قلق: ما الخبر؟ لكنهم سرعان ما يجدون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سبقهم جميعًا، ممتطيًا فرسه بلا سرج، متقلّدًا سيفه، يطمئن القلوب بقوله: «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا» فهو - صلى الله عليه وسلم - الذي يتقدّم حين يتأخر الناس، ويواجه الخطر ليغرس في أمته معنى القيادة والمروءة. أمّة المروءة والرحمة وهكذا كان الصحابة من بعده، يحملون شعلة الشهامة جيلاً بعد جيل، فأين نحن اليوم من تلك القمم؟ ألسنا أحقَّ أن نقتدي بهم، فننصر المظلوم، ونغيث الملهوف، ونرحم الضعيف؟ فلنكن أمةَ رحمةٍ ومروءةٍ وشهامةٍ؛ نغيث المحتاج قبل أن يستغيث، ونرحم الضعيف قبل أن يصرخ، وننصر المظلوم قبل أن ييأس، عندها فقط نستعيد مكانتنا بين الأمم، ونعود كما أراد الله لنا. اعداد: المحرر التربوي
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |