|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
تفسير سورة الكوثر أبو عاصم البركاتي المصري بسم الله الرحمن الرحيم ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: 1 - 3]. عدد آياتها: ثلاث آيات، وهي مَكِّيَّةٌ عند الجمهور، وذهب بعض العلماء إلى أنها مدنية. واستدل القائلون بأنها مدنية بما أخرج مسلم في صحيحه (400) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ" فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ* إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾... الحديث. سبب نزولها: ذكر الواحدي في "أسباب النزول" (ص 340) عن ابن عباس: قال نزلت في العاص بن وائل، وذلك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من المسجد وهو يدخل، فالتقيا عند باب بني سهم وتحدَّثا، وأناس من صناديد قريش في المسجد جلوس، فلما دخل العاص، قالوا له: من الذي كنت تُحَدِّث؟ قال: ذاك الأبتر، يعني النبي- صلى الله عليه وسلم- وكان قد توفي قبل ذلك عبدالله ابن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكان من خديجة، وكانوا يسمون من ليس له ابن أبْتَر، فأنزل الله تعالى هذه السورة. ولو صحَّ الحديث فالسورة مكية، ولا مانع من القول بنزولها مرتين تبعًا للأدلة [1]. مناسبتها لسورة الكافرون التي بعدها: سورة الكوثر فيها الأمر بشكر نِعَم الله تعالى؛ بإقامة الصلاة والذبح تقرُّبًا إليه سبحانه في قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ والمعنى: اجعل صلاتك لله لا لغيره، واجعل ذبحك باسم الله لا باسم غيره، كما يفعل المشركون، وفي سورة الكافرون تأكيد على هذا المعنى؛ وهو إخلاص العبادة لله وحده، والبراءة في شرك المشركين وكفرهم. مقاصد السورة: (1) بيان عظمة الله وعظمة عطائه تعالى لنبيِّه محمد وأُمَّته. (2) بيان عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. (3) بيان بعض نعيم الجنة. (4) شكر الله تعالى على نعمه بالصلاة والنُّسك. (5) دفاع الله تعالى عن رسوله وعن أتباعه. (6) الإشارة إلى وجوب الإخلاص لله. تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ ﴿إِنَّا﴾ ضمير العظمة للتعظيم والإجلال، ﴿أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ والكوثر: فوعل من الكثرة، ورد في تفسيره عدة تفسيرات؛ منها: أنه نهر في الجنة وهو الصحيح، روى البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: "أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ". وأخرج البخاري عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَ: سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ﴾ قَالَتْ: "نَهَرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَاطِئَاهُ عَلَيْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ". وأخرج البخاري عَنْ أَنَس بن مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ، الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ- أَوْ طِيبُهُ- مِسْكٌ أَذْفَرُ". وقيل: الكوثر هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم؛ أخرج مسلم عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ"، فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ* إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾، ثُمَّ قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟" فَقُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ". وأخرج البخاري ومسلم عن عبداللَّهِ بْن عَمْرٍو: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلا يَظْمَأُ أَبَدًا". وعليه فالكوثر نهر في الجنة، والحوض في الأرض يوم القيامة يصبُّ فيه من نهر الكوثر، أخرج مسلم عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ النَّاسَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ، أَضْرِبُ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ عَلَيْهِمْ". فَسُئِلَ عَنْ عَرْضِهِ فَقَالَ: "مِنْ مَقَامِي إِلَى عَمَّانَ" وَسُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ فَقَالَ: "أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، أَحَدُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ، وَالْآخَرُ مِنْ وَرِقٍ". وقيل: الكوثر الخير الكثير، وأخرج البخاري بسنده إلى أَبي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: "فِي الكَوْثَرِ: هُوَ الخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ"، قَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الجَنَّةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِي فِي الجَنَّةِ مِنَ الخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ". وورد عَنْ عِكْرَمَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الْكَوْثَرُ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْخَيْرِ وَالْقُرْآنِ [2]، وعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْكَوْثَرُ الْقُرْآنُ [3]. تفسير قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾؛ أي: صلِّ صلاة الصبح، ثم اذبح الهدي والنُّسُك في الحج، أو صَلِّ صلاة عيد الأضحى، ثم اذبح أضحيتك إن كنت غير حاج، عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرَمَةَ قوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ قَالُوا: صَلاةُ الصُّبْحِ بِجَمْعٍ وَنَحْرُ الْبُدْنِ بِمِنًى [4]. وعَنْ عَطَاءٍ ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ قال: صلاه العيد، وعن سعيد بن جُبَيْرٍ قَوْلُهُ: ﴿وَانْحَرْ﴾ قَالَ: الْبُدْنَ. ويشهد لذلك ما أخرجه البخاري ومسلم حديث البراء بن عازب- رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَومِنَا هَذَا نُصَلِّي، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ". وذكر العبادة لله تنبيه على وجوب الإخلاص فيها لله تعالى، أخرج البخاري ومسلم من حديث علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ"، وأن يسمي باسم الله عند الذبح، قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: 121]. وفي الآية التنبيه على فضل صلاة العيد، وعلى فضل الأضحية، للأمر الوارد في السورة الكريمة. ومما يستفاد من الآية أن وقت الأضحية يكون بعد الصلاة عند مالك: بعد الصَّلاة والخطبة، وعند الشَّافعيِّ: وقتها إذا طلعت الشَّمْس يوم النَّحر، ثمَّ مضى قدرُ ركعتين وخطبتين خفيفتين، وعند أحمد: يوم العيد بعد الصَّلاة أو قدرها، وأيام النَّحْر عند الشَّافعيِّ: يوم النَّحْر، وأيام التَّشريق الثَّلاثة، وعند الأئمة الثَّلاثة: يوم النَّحْر، ويومان من أيَّام التَّشْريق. وقيل: ﴿وَانْحَرْ﴾ هُوَ وضع الْيَمين على الشمَال فِي الصَّلَاة على النَّحْر [5]. والمعنى الأول وهو القول بنَحْر البدن وبهيمة الأنعام أصح. تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ ﴿شَانِئَكَ﴾ مُبْغِضك، قال تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: 8]، ﴿شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ بُغْضُ قَوْمٍ، أخرج البخاري معلقًا (6/ 178): قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿شَانِئَكَ﴾: "عَدُوَّكَ". ﴿هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ الأقلُّ الأذلُّ. وأَكثر الْمُفَسِّرين أَن المُرَاد بِهِ هُوَ الْعَاص بن وَائِل السَّهْمِي، كَانَ إِذا ذكر لَهُ رَسُول الله قَالَ: دعوا ذكره، فَإِنَّهُ أَبْتَر؛ يَعْنِي: أَنه لَا ولد لَهُ، فَإِذا مَاتَ انْقَطع ذكره، وفي الآية بشارة لرسول اللَّه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بالغلبة عليهم، والقهر لهم، وإظهار دين اللَّه تعالى في البلاد والآفاق؛ إذ أخبر أن الذي عاداه وباغضه هو المنقطع والأبْتَر لا هو، واللَّه المستعان. وقال ابن جرير في تفسيره (24/ 700): حدثنا أبو كُرَيب قال: حدثنا وكيع عن بدر بن عثمان عن عكرمة قال: "لَمَّا أُوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم"، قالت قريش: بُتِر محمد منا، فنزلت: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾، قال: الذي رماك بالبتر هو الأبتر. وهذا إسناد صحيح إلى عكرمة، رواته كلهم ثقات. انتهى تفسير سورة الكوثر وصلى الله وسلم على النبي محمد وآله وصحبه. [1] قال أبو بكر الجزائري في تفسيره "أيسر التفاسير" في هامش (5/ 621): لا مانع من نزولها مرتين: مرة بمكة، وأخرى بالمدينة". [2] تفسير ابن أبي حاتم (10 / 3470). [3] تفسير ابن أبي حاتم (10 / 3470). [4] السابق. [5] نسبه السمعاني في تفسيره (6/ 292) إلى علي رضي الله عنه.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |