|
|||||||
| ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
بين «العلل الصغير» و«العلل الكبير» للإمام التِّرمذي د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر الحمد لله، للإمام أبو عيسى التِّرمذي (ت 279هـ) كتابان اثنان في «العِلَل»: «العلل الصغير» وهو ملحقٌ منهجيٌّ بآخر «الجامع»، و«العلل الكبير» وهو كتابٌ تطبيقيٌّ يجمع سؤالاتٍ وتعليلاتٍ لأحاديث بأعيانها، ويَكثُر فيه نقله عن شيخه البخاري بصيغة «سألتُ محمَّدًا»، يهدف هذا المقال إلى تحرير الفروق المنهجية بين الكتابين: في المقصد، والبنية، ونوع المادَّة، ومجال الإفادة لطالب العلم، مع الإشارة إلى مسالك القراءة. تمهيد: تعريف «العِلَّة» في اصطلاح المحدِّثين: «العِلَّة» هي سببٌ خفيٌّ قادح في الحديث مع أن ظاهر الإسناد السلامة، ولذلك كان الكشف عنها من أدقِّ أبواب النقد، ولا يَخوضُها إلا جهابذةُ هذا الفن، هذا الضبط الاصطلاحي هو المشهور في كتب المصطلح. أولًا: «العلل الصغير»: ملحقٌ منهجيٌّ بآخر «الجامع»: 1. موضع الكتاب وطبيعته: جعل التِّرمذي «العلل الصغير» في آخر «الجامع»؛ فهو أقرب إلى «مقدمةٍ منهجيَّةٍ متأخرة»، يُصرِّح فيها بمقاصده في التصنيف، ويعرض جملةً من مسائل التحمُّل والأداء واصطلاحاته في الكتاب، وتدلُّ فهارسُ النسخ المحقَّقة على أبوابٍ صريحة؛ مثل: «سند أقوال مالك»، «سند أقوال الشافعي»، «الرواية بالمعنى»، «القراءة على العالم»، «المناولة»، «الإجازة»، «الفرق بين أخبرنا وحدثنا»، «الحديث المرسل»… إلخ. 2. تصريح مقاصد المؤلِّف: ينصُّ التِّرمذي في صدر هذا الملحق على أن جميع ما في «الجامع» معمولٌ به عند أهل العلم - إلا حديثين، وبيَّن علَّتهما في موضعهما، وهذا نصٌّ أساس في فَهْم اختياراته وتأليفه. 3. تعيين أسانيده إلى الأئمَّة الذين ينقل مذاهبهم: ذكر التِّرمذي أسانيده إلى مَن يُكثر النقلَ عنهم (مالك، الشافعي، أحمد، إسحاق…)، ليُحرِّر طريقه إلى أقوالهم التي يوردها في «الجامع»، بدلَ إطالة العزو داخل كل باب، وتُثبته عناوين الأبواب وفقرات «سند أقوال…». 4. مباحث منهجيَّة مختصرة مع أمثلة تطبيقية: يعرض التِّرمذي قواعد كـالرواية بالمعنى وشروطها، وفروق الصيغ (حدثنا/أخبرنا)، وما يتعلَّق بالقراءة على الشيخ، والمناولة، والإجازة، ونحوها، مع شواهد جزئية على الأحاديث والرجال، فهي مباحث منهج لا «معجم عللٍ» للأحاديث أفرادًا. والخلاصة: «العلل الصغير» مدخلٌ منهجيٌّ يشرح مقاصد «الجامع»، وقواعد العمل فيه، ويُسند المؤلف من خلاله نقوله عن الأئمَّة، ويضع لطالب العلم إطارًا لفَهْم أحكامه وتعليقاته داخل «الجامع». ثانيًا: «العلل الكبير»: كتابٌ تطبيقي في تعليل الأحاديث أفرادًا: 1. مادَّته ومنهجه: «العلل الكبير» يجمع جملةً واسعة من السؤالات والتعليلات لأحاديث بأعيانها، ويكثر فيه قول التِّرمذي: «سألتُ محمدًا»، والمراد البخاري مع عرضٍ لأقوال أئمةٍ آخرين، فيرجِّح ويصحِّح ويعلُّ، ويجمع الطُّرق ويفاضل بينها، وتظهر هذه الصيغة المتكرِّرة جليًّا في أوائل الأبواب. 2. الترتيب والتدوين: أصله غير مرتَّبٍ على الأبواب، لذلك رتَّبه أبو طالب القاضي عَقيل بن عطية القضاعي (ت 608هـ) على نسق أبواب «الجامع»، وهو الضبط الذي استقرَّ في الطبعات المتداولة. والخلاصة: «العلل الكبير» كتاب تطبيقي في نقد الأحاديث أفرادًا، مادَّته الأساسية تعليلات النقَّاد، وعلى رأسهم البخاري، بخلاف «الصغير» الذي يغلب عليه تقريرُ قواعد العمل وبيانُ منهج المؤلف. مقارنةٌ مركَّزة بين الكتابين: المحور العلل الصغير العلل الكبير الوظيفة مدخلٌ منهجيٌّ ملحق بآخر «الجامع»تطبيقاتٌ نقدية (سؤالات/تعليلات) على أحاديثٍ بأعيانها المادَّة الغالبة مقاصد المؤلف، اصطلاحاته، قواعد التحمُّل والأداء، تعيين أسانيده إلى الأئمَّةأحكام النقَّاد على الأحاديث والطرق، مع كثرة النقل عن البخاري بصيغة «سألتُ محمَّدًا» موضعه في التأليف جزءٌ من «جامع الترمذي» (ملحق في آخره)مصنَّفٌ مفرد؛ رُتِّب لاحقًا على أبواب «الجامع» نمط الاستفادة فهم منهج «الجامع» واصطلاح المؤلف وأُطُر حكمهدراسة علل حديثٍ بعينه، وجمع أقوال النقَّاد وطرائق الترجيح كيف يقرأه طالبُ الحديث؟ 1. ابدأ بـ«العلل الصغير»: اضبط به مقاصد التِّرمذي واصطلاحاته، (خاصةً باب «معاني الاصطلاح للترمذي»، وأبواب التحمل والأداء)، واستوعب نصَّه الجامع: «جميع ما في هذا الكتاب معمولٌ به…»؛ لتمييز روح الاختيار عند المؤلف. 2. انتقل إلى «العلل الكبير»: عند تعقُّب حديثٍ معيَّن أو بابٍ، وخصوصًا ما كثُرت فيه أقوال البخاري والأئمة، لتقف على وجه الإعلال والمقارنة بين الروايات، وعلائق الطرق، صيغة «سألتُ محمَّدًا» مفتاحٌ لفَهْم مدرسة البخاري في العلل من خلال تلميذه. 3. لا تخلط بين «القواعد» و«الأمثلة»: إن رأيتَ في «الصغير» أمثلةً تطبيقية، فغايتها شرح القاعدة لا بناء «معجم علل»، بينما «الكبير» معقودٌ للأمثلة ابتداءً. تنبيهاتٌ منهجية: إطلاق القول بأن «الصغير» لا يتناول أحاديث بأعيانها غير محرَّر، ففيه أمثلةٌ وشواهد، لكنها تابعةٌ للمسائل لا مقصودةٌ بالاستقصاء كما في «الكبير». لا يصحُّ تحويل بحث «الصيغ» (حدثنا / أخبرنا) و«الرواية بالمعنى» إلى أحكامٍ قطعية على جميع الأمثلة؛ فالنقول فيه مدارسُ واجتهادات، ويُبنى الترجيح على مجموع الأدلَّة والنظر في صنيع الأئمَّة. خاتمة: «العلل الصغير»: إطار المنهج والاصطلاح والمقاصد داخل «الجامع». «العلل الكبير»: المعمل التطبيقي لمدرسة النقَّاد، وعلى رأسهم البخاري في تعليل الأحاديث أفرادًا. من وعى هذا التفريق أحسنَ الاستفادة من «جامع الترمذي» نفسِه، ومن تراث نقد العلل عند المتقدِّمين. والحمد لله رب العالمين.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |