|
|||||||
| الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
بوصلة الوعي في حياة المسلمين ..خطبة الجمعة منبر الوعظ وأداة التوجيه التربوي
تُعَدّ خطبةُ الجمعة من أبرز الشعائر التعبدية التي اختصَّ الله -تعالى- بها الأمة الإسلامية؛ فهي منبر الوعظ والبيان، ووسيلة توجيهٍ أسبوعية تلامس واقع المسلمين وتُجَدِّد صلتهم بالقرآن والسُنَّة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (الجمعة: 9). ومن هنا اكتسبت الخطبة مكانتها الشرعية والتربوية؛ إذ صارت مدرسةً تربط الناس بالهداية الربانية، وتوجّه سلوكهم، وتؤثر في وعيهم الجمعي، ولقد كان منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - محطةً جامعةً يبثّ منها الهدي والوعظ، ويعالج قضايا المجتمع، ويُثبِّت المبادئ، ويوحّد الصفوف، وبقي المنبر عبر العصور صوتًا للموعظة والإصلاح، ووسيلةً لإحياء روح الإيمان، وترسيخ القيم، ومعالجة المشكلات الحياتية التي يواجهها الناس. أولاً: فضل يوم الجمعة ومكانته يوم الجمعة منحة الله لأُمَّةِ الإسلام، وهو ميدان فسيح للتنافس في الأعمال الصالحة، وكما أن الله -سبحانه- قد اصطفى من عباده ما شاء من أنبياءَ ورسلٍ وعبادٍ صالحين، فإنه اصطفى يومًا ذكره في كتابه، وسُمِّيت سورة باسمه دون غيره من الأيام؛ فهو أشرفها وأكرمها؛ قال - صلى الله عليه وسلم - عنه: «خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعة»، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خُلِقَ آدم، وفيه قُبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكْثِروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ، قال: قالوا: يا رسول الله، وكيف تُعرَض صلاتنا عليك وقد أرِمْتَ - يقولون: بَلِيت - فقال: إن الله عزوجل حرَّم على الأرض أجساد الأنبياء»، وفيه ساعة لا تُرَدُّ فيها دعوة؛ وهي آخر ساعة بعد العصر؛ قال -صلى الله عليه وسلم -: «يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعةً، لا يوجد فيها عبدٌ مسلم يسأل الله -عز وجل- شيئًا إلا آتاه إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد صلاة العصر»، والنصوص كثيرة في ذلك. ![]() ثانيًا: مكانة خطبة الجمعة وأهميتها تعدّ خطبة الجمعة إطارًا تربويا يقوم على الوعظ والتذكير، امتثالًا لقوله -تعالى-: {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى}، وقد اعتنى النبي -صلى الله عليه وسلم - بالخطبة وجعلها وسيلة لتعليم الناس، ومن أهمّ المقاصد العظيمة التي شرعت الخطبة لها تذكير النّاس بربّهم، وتعليمهم أمر دينهم، والتحذير من السلبيات التي قد يقع فيها نتيجة الجهل أو الخطأ، وإنّ تأمل بعض هذه المقاصد العظيمة، لشعيرة الجمعة كفيل بأن يجعلنا ندرك تلك المكانة التي تبوأتها من بين سائر العبادات، ويمكن إيجاز أهم الأمور التي اكتسبت بها خطبة الجمعة مكانتها وأهميتها في الآتي:
![]() ثالثًا: مقومات خطبة الجمعة وخصائصها بيّن ابن القيم - رحمه الله- أن خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تدور حول حمد الله والثناء عليه، وتعليم أصول الإسلام، وذِكر الجنة والنار، والدعوة إلى التقوى، وبيان أسباب رضوان الله وسخطه؛ وهو منهج جامع يجمع بين العقيدة والتربية والإصلاح. ومن أهم مقومات الخطبة المؤثرة:
رابعًا: أهمية وجود الخطيب المؤهّل تقوم الخطابة على إعداد علمي وذهني يسبق صعود المنبر؛ إذ يحتاج الخطيب إلى مطالعةٍ وبحثٍ وتفكير، وترتيب عناصر خطبته وتركيز رسالتها، فإذا وُجد الخطيب المؤهَّل كان أقدر على فهم حاجات مجتمعه ومعالجة مشكلاته، وكانت خطبته أبلغ أثرًا في الإصلاح وتوجيه الرأي العام في إطار القرآن والسنة، وبمنهج يجمع التأصيل الشرعي وفقه الواقع، ومن أهم مقومات الخطيب المؤهَّل ما يلي:
خامسًا: من أسباب ضعف الخطبة رغم الدور المهم لخطبة الجمعة، إلا أن الواقع يشهد تفاوتًا في مستوى الخطباء والخطب المعروضة، ومن أهم أسباب ضعف الخطبة ونفور الناس من الخطباء ما يلي: (1) غياب الإعداد الجيّد كثير من الخطباء لا يُعِدّون خطبهم إلا في ليلة الجمعة أو صبيحتها، فيكون الجهد العلمي المبذول يسيرًا، والنتيجة ضعيفة الفائدة؛ ويرجع ذلك غالبًا إلى غياب التدريب المنهجي في الكليات الشرعية؛ إذ يتخرج الطالب بعد سنوات طويلة من الدراسة دون ممارسة فعلية للخطابة، فيُفاجأ بها بعد تعيينه إمامًا، فيتعلم بالتجربة، ويندر أن يبرع دون اجتهاد ذاتي وممارسة طويلة. (2) ضعف الوعي بأثر الخطبة يدرك الخطباء قيمة منبر الجمعة، لكن كثيرًا منهم لا يقدّر حجم تأثيره الواسع؛ فقد أظهرت دراسة في إحدى الدول الإسلامية أن 78% من المصلين يتأثرون بما يسمعون، وأن 71% يلتزمون بتوجيهات الخطيب، ما يدل على مكانة الخطبة وخطورة التفريط في رسالتها. (3) انفصال الخطبة عن واقع الأمة كثير من الخطب مكررة وجامدة، لا تعالج قضايا الساعة ولا تنـزّل النصوص الشرعية على واقع الناس. وحين تنتشر البلبلة حول قضية ما ينتظر الناس كلمة الحق من الخطيب، فإذا به يتحدّث فيما لا يمسّ حاجاتهم، فينقطع أثر الخطبة عن مقصدها الشرعي في بيان الحق، امتثالًا لقوله -تعالى-: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}. (4) الإطالة المفرطة من المنفّرات أن يطيل بعض الخطباء الخطبة حتى ترهق المصلين، ولاسيما في الحرّ والمساجد الضيقة، مع تكرار المعاني والاستطراد غير المفيد، حتى يمكن تلخيص خطبة طويلة في دقائق معدودة؛ وهذا يدفع بعض المصلين إلى تأخير حضورهم والاكتفاء بالخطبة الثانية. (5) ضعف الأسلوب بعض الخطباء لا يراعون في خطبهم أو كلماتهم قواعد اللغة العربية؛ فيقعون في أخطاء نحوية، أو يقدمون كلامًا بلا قيمة علمية أو أدبية، ومن الواجب تنمية المهارات اللغوية، واعتماد العربية الفصحى الميسّرة، وتطعيم الخطبة بالشواهد والشعر والحكم التي تزين مضمونها وترفع مستوى تأثيرها. (6) الارتجال بلا كفاءة الخطابة الارتجالية تحتاج إلى موهبة وخبرة وثقافة واسعة، وإلا تحولت إلى أفكار متنافرة وتكرار بلا فائدة، ولا ينتقص من الخطيب أن يحمل ورقة ينتظم بها طرحه؛ فالخطبة مسؤولية وليست مجالًا للتجربة. (7) عدم مراعاة تنوع الجمهور جمهور الجمعة متنوع يشمل المتعلم والأمي، والشاب والشيخ، والغني والفقير، والخطبة التي تُلقى بلغة معقدة أو طرح فلسفي عميق قد لا يصل أثرها إلى معظم المستمعين، والخطيب البارع هو من يعرف جمهوره ويختار مستوى الخطاب المناسب له. مواصفات خطيب الجمعة قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: من أهم شروط الخطيب أن يكون ذا علم، وبصيرة، وينبغي أن يُولى أهل العدل، وأهل الخير والفضل، والواجب على المسؤولين أن يتحَروا في ذلك، وأن يجتهدوا في تولية الأخيار، وألا يولّوا على أمور المسلمين لا في الإمامة، ولا في الأذان، ولا في الخطابة؛ إلا من عرف بالخير والاستقامة والأهلية للخطابة؛ لأنه ذو علم وبصيرة وصالح للإمامة. منبر رباني متجدد خلاصة القول: تمثّل خطبة الجمعة منبرًا ربانيًا متجددًا، يجمع بين العبادة والهداية، ويقوم بدور محوري في بناء وعي الأمة وتوجيهها، وقد كشف المقال عن المكانة الشرعية الرفيعة التي تبوأتها الخطبة منذ عهد النبوة، كما أظهر أهميتها التربوية والاجتماعية والفكرية، وقدرتها على معالجة واقع الناس وتثبيت القيم، وأثبت أن واقع الخطابة اليوم يبرز تفاوتًا ملحوظًا في مستوى الخطباء وفاعلية الخطبة؛ ما يستدعي تطوير الأداء الخطابي، وتأهيل الخطباء علميا ومهاريا، وربط المنبر بقضايا المجتمع واحتياجاته. ولما كانت الخطبة رسالة عظيمة، فإن الارتقاء بها ضرورة شرعية ومجتمعية، وإذا نجح الخطيب في الجمع بين العلم والإخلاص، وحسن الإعداد وفقه الواقع، أمكن للمنبر أن يستعيد دوره في الإصلاح والتربية، وأن يسهم في بناء وعي إسلامي راشد يحفظ للأمة هويتها ويسدد مسيرتها. من أهم شروط خطبة الجمعة قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: أهم الشروط في خطبة الجمعة أن تكون مؤثّرة، وأن تُليّن القلوب وتوقظها وتهدي الخلق إلى الحق؛ وينبغي أن يكون إلقاؤه للخطبة مناسبًا للموضوع، فإذا كان الموضوع موضوع وعظ وتذكير وتخويف فليكُن بأسلوب قوي مؤثّر كما كان يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وينبغي أيضًا أن يختار الخطيب من المواضيع ما يكون الناس إليه أحْوج وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأوقات. أهم الخلاصات
اعداد: عمرو علي
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |