بوصلة الوعي في حياة المسلمين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5094 - عددالزوار : 2340045 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4679 - عددالزوار : 1637346 )           »          تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 199 - عددالزوار : 4126 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 75 - عددالزوار : 67200 )           »          برّ الوالدين بعد الوفاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          حُكم التائب من التهاون في الصلاة والصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          كيفية التغلب على الغضب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          لا يلزم مِن الزهد ترك البيع والشراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          النهي عن الفُحش في القول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          زكاة أموال القُصّر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 05:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,805
الدولة : Egypt
افتراضي بوصلة الوعي في حياة المسلمين

بوصلة الوعي في حياة المسلمين ..خطبة الجمعة منبر الوعظ وأداة التوجيه التربوي


  • الشيخ ابن باز: الواجب على المسؤولين أن يجتهدوا في تولية الأخيار وألا يولوا على أمور المسلمين لا في الإمامة ولا في الأذان ولا في الخطابة إلا من عرف بالخير والاستقامة والأهلية للخطابة
  • الشيخ ابن عثيمين: من أهم شروط خطبة الجمعة أن تكون مؤثّرة وأن تُليّن القلوب وتوقظها وتهدي الخلق إلى الحق وينبغي أن يكون الخطيب إلقاؤه للخطبة مناسبًا للموضوع
  • تمثّل خطبة الجمعة منبرًا ربانيا متجددًا، يجمع بين العبادة والهداية، ويقوم بدور محوري في بناء وعي الأمة وتوجيهها
  • الخطيب الصادق أعمق تأثيرًا من كثير من الوسائل الأخرى فهو كالمصباح الذي يهتدي به الناس والغيث الذي ينفع حيثما نزل
  • جمهور الجمعة متنوع يشمل المتعلم والأمي، والشاب والشيخ، والغني والفقير، والخطبة التي تُلقى بلغة معقدة أو طرح فلسفي عميق لا تؤتي ثمارها
  • من أهمّ المقاصد العظيمة التي شرعت الخطبة لها تذكير النّاس بربّهم وتعليمهم أمر دينهم والتحذير من السلبيات التي قد يقع فيها نتيجة الجهل أو الخطأ
  • خطبة الجمعة مسؤولية عظيمة لما لها من أثر كبير في بناء وعي الأمة وتوجيهها والخطيب الواعي هو الذي يجمع بين العلم والحكمة ومراعاة حال الناس
  • تُعدّ خطبة الجمعة من أبرز وسائل الدعوة العامة وبناء الوعي إذ تخاطب جمهورًا واسعًا يجتمع فيه العالم والأمي والشاب والشيخ والغني والفقير
  • كان منبر النبي صلى الله عليه وسلم محطةً جامعةً يبثّ منها الهدي والوعظ ويعالج قضايا المجتمع ويُثبِّت المبادئ ويوحّد الصفوف
تُعَدّ خطبةُ الجمعة من أبرز الشعائر التعبدية التي اختصَّ الله -تعالى- بها الأمة الإسلامية؛ فهي منبر الوعظ والبيان، ووسيلة توجيهٍ أسبوعية تلامس واقع المسلمين وتُجَدِّد صلتهم بالقرآن والسُنَّة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (الجمعة: 9). ومن هنا اكتسبت الخطبة مكانتها الشرعية والتربوية؛ إذ صارت مدرسةً تربط الناس بالهداية الربانية، وتوجّه سلوكهم، وتؤثر في وعيهم الجمعي، ولقد كان منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - محطةً جامعةً يبثّ منها الهدي والوعظ، ويعالج قضايا المجتمع، ويُثبِّت المبادئ، ويوحّد الصفوف، وبقي المنبر عبر العصور صوتًا للموعظة والإصلاح، ووسيلةً لإحياء روح الإيمان، وترسيخ القيم، ومعالجة المشكلات الحياتية التي يواجهها الناس.
أولاً: فضل يوم الجمعة ومكانته
يوم الجمعة منحة الله لأُمَّةِ الإسلام، وهو ميدان فسيح للتنافس في الأعمال الصالحة، وكما أن الله -سبحانه- قد اصطفى من عباده ما شاء من أنبياءَ ورسلٍ وعبادٍ صالحين، فإنه اصطفى يومًا ذكره في كتابه، وسُمِّيت سورة باسمه دون غيره من الأيام؛ فهو أشرفها وأكرمها؛ قال - صلى الله عليه وسلم - عنه: «خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعة»، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خُلِقَ آدم، وفيه قُبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكْثِروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ، قال: قالوا: يا رسول الله، وكيف تُعرَض صلاتنا عليك وقد أرِمْتَ - يقولون: بَلِيت - فقال: إن الله عزوجل حرَّم على الأرض أجساد الأنبياء»، وفيه ساعة لا تُرَدُّ فيها دعوة؛ وهي آخر ساعة بعد العصر؛ قال -صلى الله عليه وسلم -: «يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعةً، لا يوجد فيها عبدٌ مسلم يسأل الله -عز وجل- شيئًا إلا آتاه إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد صلاة العصر»، والنصوص كثيرة في ذلك.
ثانيًا: مكانة خطبة الجمعة وأهميتها
تعدّ خطبة الجمعة إطارًا تربويا يقوم على الوعظ والتذكير، امتثالًا لقوله -تعالى-: {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى}، وقد اعتنى النبي -صلى الله عليه وسلم - بالخطبة وجعلها وسيلة لتعليم الناس، ومن أهمّ المقاصد العظيمة التي شرعت الخطبة لها تذكير النّاس بربّهم، وتعليمهم أمر دينهم، والتحذير من السلبيات التي قد يقع فيها نتيجة الجهل أو الخطأ، وإنّ تأمل بعض هذه المقاصد العظيمة، لشعيرة الجمعة كفيل بأن يجعلنا ندرك تلك المكانة التي تبوأتها من بين سائر العبادات، ويمكن إيجاز أهم الأمور التي اكتسبت بها خطبة الجمعة مكانتها وأهميتها في الآتي:
  1. الأمر بالسعي إليها
جاء الأمر بالسعي إلى الجمعة والإنصات للخطيب، والنهي عن اللغو أثناء الخطبة، والدعوة إلى التبكير وبيان فضله؛ وكل ذلك يدل على مكانة خطبة الجمعة في الإسلام. ومن حكم التبكير ألا يفوت المسلم سماع شيء من الذكر؛ إذ يحضرها عامة المسلمين استجابة لقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ}، كما حذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من التهاون منها بقوله: «من ترك ثلاث جُمع تهاونًا طبع الله على قلبه».
  1. من أهم وسائل الدعوة وصياغة الوعي
تُعدّ خطبة الجمعة من أبرز وسائل الدعوة العامة وبناء الوعي؛ إذ تخاطب جمهورًا واسعًا يجتمع فيه العالم والأمي، والشاب والشيخ، والغني والفقير، وهي مجال مؤثر لعرض القضايا الدينية والاجتماعية والتربوية بانتظام؛ بما يسهم في الإصلاح وتوجيه المجتمع إذا أحسن إعدادها وتوظيفها.
  1. الاستعداد المبكّر لحضورها
الجمعة يوم عظيم، ورغب الشرع في الإعداد له مبكرًا؛ لما يترتب على الاستماع والإنصات من الأجر العظيم، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غُفر له ما بين الجمعتين وزيادة ثلاثة أيام»، وفي الحديث بيان فضل التهيؤ لصلاة الجمعة، والإتيان على أكمل هيئة، والإنصات للخطيب لتحقيق ثمرة الخطبة والعبادة.
  1. استعداد الحضور لسماع الذكر
يمتاز يوم الجمعة بأن الناس يتهيؤون لسماع الخطبة بالاغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب، فيقبلون على المسجد بقلوب حاضرة؛ ما يخلق جوًّا خاشعًا يساعد على تلقي الموعظة وانتفاع السامعين بها، ويشعر الجميع أنهم في عبادة جامعة.
  1. تكرارها أسبوعيًا
إن تكرار خطبة الجمعة كل أسبوع يجعلها منهجًا تربويا مستمرا، تُبنى عبره معارف المسلمين وتُعالَج شؤون حياتهم؛ فهي من أهم أدوات التعليم والدعوة، أمر الله بالسعي إليها؛ لأنها تذكير دائم بالله، وهداية لما يصلح أحوال الناس ويعينهم على عبادة ربهم واستقامة حياتهم.
  1. الأمر بالإنصات حال الخطبة
أكّد النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهمية خطبة الجمعة بالأمر بالإنصات والنهي عن العبث والكلام والانشغال بالدنيا، حتى نهى عن مسّ الحصى لما فيه من إضاعة الأجر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «من مس الحصى فقد لغا»، وفي ذلك بيان أن تمام انتفاع المسلم بالخطبة إنما يكون بحسن الاستماع، والترفع عن كل ما يشغل القلب أو يقطع التدبر.
ثالثًا: مقومات خطبة الجمعة وخصائصها
بيّن ابن القيم - رحمه الله- أن خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تدور حول حمد الله والثناء عليه، وتعليم أصول الإسلام، وذِكر الجنة والنار، والدعوة إلى التقوى، وبيان أسباب رضوان الله وسخطه؛ وهو منهج جامع يجمع بين العقيدة والتربية والإصلاح. ومن أهم مقومات الخطبة المؤثرة:
  • مراعاة مقتضى الحال
ينبغي للخطيب أن يلاحظ أحوال السامعين واحتياجاتهم، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يراعي حال المخاطَبين؛ فاستجاب لحاجة الناس إلى الإذخر فقال: «إلا الإذخر»، وأمر بكتابة الخطبة لأبي شاه عندما طلبها. ومن هنا يجب اختيار موضوعات تمسّ واقع الناس وتعالج مشكلاتهم، بعيدًا عن الموضوعات التي لا تسهم في إصلاح المجتمع.
  • التفاعل الصادق أثناء الخطابة
الإخلاص والتفاعل الوجداني من أهم ما يجذب السامعين ويؤثر في قلوبهم. وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب في ذكر الآخرة احمرّ وجهه وارتفع صوته، كأنه منذر جيش، كما ورد في صحيح مسلم؛ فصدق المشاعر ونبرة التحذير والإشفاق يعمّق أثر الخطبة ويقوّي رسالتها.
  • الوضوح وحسن البيان
يتطلّب نجاح الخطبة وضوح الألفاظ وسهولة العبارات، ومراعاة تفاوت مستويات الحاضرين، مع استخدام وسائل الإيضاح كالتكرار، والتأني، وحسن النطق؛ فالبيان الجيد يضمن وصول المعنى إلى الجميع، ويزيد من نفع الخطبة وتأثيرها.
  • تنبيه العقول وإثارة الاهتمام
من الوسائل المؤثرة في الخطابة استخدام الأسئلة التي توقظ الذهن وتشد الانتباه، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سأل قريشًا: «ما تَرَون أنّي فاعلٌ بكم؟»، فمثل هذه الأساليب تهيئ النفوس للتلقي وتزيد من فاعلية الخطاب.
رابعًا: أهمية وجود الخطيب المؤهّل
تقوم الخطابة على إعداد علمي وذهني يسبق صعود المنبر؛ إذ يحتاج الخطيب إلى مطالعةٍ وبحثٍ وتفكير، وترتيب عناصر خطبته وتركيز رسالتها، فإذا وُجد الخطيب المؤهَّل كان أقدر على فهم حاجات مجتمعه ومعالجة مشكلاته، وكانت خطبته أبلغ أثرًا في الإصلاح وتوجيه الرأي العام في إطار القرآن والسنة، وبمنهج يجمع التأصيل الشرعي وفقه الواقع، ومن أهم مقومات الخطيب المؤهَّل ما يلي:
  • حمل همّ الدعوة: الخطيب المؤثر هو من يحمل همّ دينه وهمّ إصلاح الناس؛ فينطلق بكلمة صادقة تُوقظ القلوب وتزيل دوافع الشر، وتربي النفوس على خشية الله، والالتزام بشرعه، واستشعار مسؤولية الأمة.
  • الفصاحة وحسن الإلقاء: من صفات الخطيب الجيد فصاحة اللسان وسلامة مخارج الحروف، مع أداء متوازن يجمع القوة واللين، ويتجنب الرتابة والسجع المتكلّف؛ لأن ذلك يصرف السامع عن المعنى ويضعف أثر الخطبة.
  • القناعة بما يدعو إليه: لا يؤثر الخطيب في الناس ما لم يكن مؤمنًا برسالته؛ فالقناعة الراسخة تمنحه قدرة على الإقناع والدفاع عن الحق بثبات ووضوح.
  • الوعي بقضايا المجتمع: الخطيب الواعي يحمِل هموم مجتمعه وقضايا أمته، ويتفاعل معها دعوةً إلى الحق، وتدعيمًا للخير، وتحذيرًا من الشر، ليكون عنصرًا فاعلًا في توجيه المجتمع وإصلاحه.
  • الابتعاد عن التقليد: من تمام شخصيته أن يتجنب تقليد الآخرين وتقمص أساليبهم؛ فإن التقليد يضعف حضور الخطيب ويسلبه صدق التأثير.
  • استلهام مقاصد الشريعة: الخطيب المتبصّر بمقاصد الشريعة يستمد منها رؤيةً للإصلاح الاجتماعي، وينشر معناها بين الناس، مقتديًا بقوله -تعالى-: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ}.
  • ربط الناس بقضايا الأمة: من واجبه أن يربط المصلين بقضايا المسلمين ربطًا إيمانيا، ويعينهم على فهم الأحداث في ضوء القرآن والسنة، خصوصًا من قلّ تفاعلهم مع قضايا الأمة أو ضعف إحساسهم بها.
خامسًا: من أسباب ضعف الخطبة
رغم الدور المهم لخطبة الجمعة، إلا أن الواقع يشهد تفاوتًا في مستوى الخطباء والخطب المعروضة، ومن أهم أسباب ضعف الخطبة ونفور الناس من الخطباء ما يلي:
(1) غياب الإعداد الجيّد
كثير من الخطباء لا يُعِدّون خطبهم إلا في ليلة الجمعة أو صبيحتها، فيكون الجهد العلمي المبذول يسيرًا، والنتيجة ضعيفة الفائدة؛ ويرجع ذلك غالبًا إلى غياب التدريب المنهجي في الكليات الشرعية؛ إذ يتخرج الطالب بعد سنوات طويلة من الدراسة دون ممارسة فعلية للخطابة، فيُفاجأ بها بعد تعيينه إمامًا، فيتعلم بالتجربة، ويندر أن يبرع دون اجتهاد ذاتي وممارسة طويلة.
(2) ضعف الوعي بأثر الخطبة
يدرك الخطباء قيمة منبر الجمعة، لكن كثيرًا منهم لا يقدّر حجم تأثيره الواسع؛ فقد أظهرت دراسة في إحدى الدول الإسلامية أن 78% من المصلين يتأثرون بما يسمعون، وأن 71% يلتزمون بتوجيهات الخطيب، ما يدل على مكانة الخطبة وخطورة التفريط في رسالتها.
(3) انفصال الخطبة عن واقع الأمة
كثير من الخطب مكررة وجامدة، لا تعالج قضايا الساعة ولا تنـزّل النصوص الشرعية على واقع الناس. وحين تنتشر البلبلة حول قضية ما ينتظر الناس كلمة الحق من الخطيب، فإذا به يتحدّث فيما لا يمسّ حاجاتهم، فينقطع أثر الخطبة عن مقصدها الشرعي في بيان الحق، امتثالًا لقوله -تعالى-: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}.
(4) الإطالة المفرطة
من المنفّرات أن يطيل بعض الخطباء الخطبة حتى ترهق المصلين، ولاسيما في الحرّ والمساجد الضيقة، مع تكرار المعاني والاستطراد غير المفيد، حتى يمكن تلخيص خطبة طويلة في دقائق معدودة؛ وهذا يدفع بعض المصلين إلى تأخير حضورهم والاكتفاء بالخطبة الثانية.
(5) ضعف الأسلوب
بعض الخطباء لا يراعون في خطبهم أو كلماتهم قواعد اللغة العربية؛ فيقعون في أخطاء نحوية، أو يقدمون كلامًا بلا قيمة علمية أو أدبية، ومن الواجب تنمية المهارات اللغوية، واعتماد العربية الفصحى الميسّرة، وتطعيم الخطبة بالشواهد والشعر والحكم التي تزين مضمونها وترفع مستوى تأثيرها.
(6) الارتجال بلا كفاءة
الخطابة الارتجالية تحتاج إلى موهبة وخبرة وثقافة واسعة، وإلا تحولت إلى أفكار متنافرة وتكرار بلا فائدة، ولا ينتقص من الخطيب أن يحمل ورقة ينتظم بها طرحه؛ فالخطبة مسؤولية وليست مجالًا للتجربة.
(7) عدم مراعاة تنوع الجمهور
جمهور الجمعة متنوع يشمل المتعلم والأمي، والشاب والشيخ، والغني والفقير، والخطبة التي تُلقى بلغة معقدة أو طرح فلسفي عميق قد لا يصل أثرها إلى معظم المستمعين، والخطيب البارع هو من يعرف جمهوره ويختار مستوى الخطاب المناسب له.
مواصفات خطيب الجمعة
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: من أهم شروط الخطيب أن يكون ذا علم، وبصيرة، وينبغي أن يُولى أهل العدل، وأهل الخير والفضل، والواجب على المسؤولين أن يتحَروا في ذلك، وأن يجتهدوا في تولية الأخيار، وألا يولّوا على أمور المسلمين لا في الإمامة، ولا في الأذان، ولا في الخطابة؛ إلا من عرف بالخير والاستقامة والأهلية للخطابة؛ لأنه ذو علم وبصيرة وصالح للإمامة.
منبر رباني متجدد
خلاصة القول: تمثّل خطبة الجمعة منبرًا ربانيًا متجددًا، يجمع بين العبادة والهداية، ويقوم بدور محوري في بناء وعي الأمة وتوجيهها، وقد كشف المقال عن المكانة الشرعية الرفيعة التي تبوأتها الخطبة منذ عهد النبوة، كما أظهر أهميتها التربوية والاجتماعية والفكرية، وقدرتها على معالجة واقع الناس وتثبيت القيم، وأثبت أن واقع الخطابة اليوم يبرز تفاوتًا ملحوظًا في مستوى الخطباء وفاعلية الخطبة؛ ما يستدعي تطوير الأداء الخطابي، وتأهيل الخطباء علميا ومهاريا، وربط المنبر بقضايا المجتمع واحتياجاته. ولما كانت الخطبة رسالة عظيمة، فإن الارتقاء بها ضرورة شرعية ومجتمعية، وإذا نجح الخطيب في الجمع بين العلم والإخلاص، وحسن الإعداد وفقه الواقع، أمكن للمنبر أن يستعيد دوره في الإصلاح والتربية، وأن يسهم في بناء وعي إسلامي راشد يحفظ للأمة هويتها ويسدد مسيرتها.
من أهم شروط خطبة الجمعة
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: أهم الشروط في خطبة الجمعة أن تكون مؤثّرة، وأن تُليّن القلوب وتوقظها وتهدي الخلق إلى الحق؛ وينبغي أن يكون إلقاؤه للخطبة مناسبًا للموضوع، فإذا كان الموضوع موضوع وعظ وتذكير وتخويف فليكُن بأسلوب قوي مؤثّر كما كان يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وينبغي أيضًا أن يختار الخطيب من المواضيع ما يكون الناس إليه أحْوج وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأوقات.
أهم الخلاصات
  • خطبة الجمعة شعيرة مركزية في الإسلام تجمع بين العبادة والتعليم والتوجيه، ولها تأثير واسع يتجاوز حدود الوعظ الفردي إلى صياغة الوعي الجمعي.
  • الخطيب المؤهّل هو الركن الأساس في نجاح الخطبة؛ فالعلم والبصيرة والإخلاص والقدرة على إيصال المعاني عوامل لا غنى عنها لنجاح الخطاب الديني.
  • تكرار الخطبة أسبوعيًا يمنحها قوة تربوية متراكمة تجعلها أداة مهمة في إصلاح المجتمع وتعزيز القيم الإسلامية.
  • الخطبة المؤثرة تتسم بالوضوح، ومراعاة فقه الواقع، ومعالجة حاجات الناس، وتجنّب الموضوعات المعزولة عن قضاياهم اليومية.
  • هناك جوانب ضعف شائعة مثل: قلة الإعداد، وضعف الوعي بآثار الخطبة، وعدم ربط الخطاب بقضايا الأمة، والإطالة، والأخطاء اللغوية، والارتجال غير المدروس.
  • جمهور الجمعة جمهور متنوع، يفرض على الخطيب تبسيط الخطاب، وتقديمه بلغة واضحة تراعي مستويات الفهم المختلفة.
  • المنبر أحد أهم أدوات الدعوة العامة وأكثرها قدرة على التأثير المباشر، وهو مسؤولية عظيمة ينبغي اختيار أهلها بعناية كما نصت أقوال العلماء.



اعداد: عمرو علي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.51 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.64%)]