فضل القرآن وطرائق تفسيره - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 260 - عددالزوار : 4743 )           »          الله الله في إسلامكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وقفات مع حديث جامع لآفات النفس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          العدل في الرضا والغضب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          ليس منا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 18 )           »          بدع ومخالفات في المحرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الـعـفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حفظ اللسان وضوابط الكلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          من قال إنك لا تكسب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 04:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,925
الدولة : Egypt
افتراضي فضل القرآن وطرائق تفسيره

فضل القرآن وطرائق تفسيره

أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1].

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ مُحدَثة بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وكلَّ ضلالة في النار، أعاذنا الله جميعًا من النار.

أيها المؤمنون عباد الله، نقف اليوم مع المعجزة الخالدة التي اختصَّ الله سبحانه وتعالى بها المؤمنين من هذه الأمة؛ إنها معجزة القرآن الكريم: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44]، فهذا الذكر العظيم شرف لأمة محمد صلى الله عليه على آله وسلم، إن اتَّبَعَتْه وسارت عليه، وعملت بأحكامه، فقد وعدها الله بالرفعة والمكانة والسؤدد، وجعلها خير أمة أُخرجت للناس، وأنزل عليها أعظم كتاب، وأرسل إليها أعظم رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

القرآن الكريم يا أمة القرآن فيه فلاحنا ونجاحنا وعِزُّنا وكرامتنا.

القرآن الكريم مصدر عظيم لمعرفة العقيدة الصحيحة والأحكام الشرعية ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].

جاء القرآن تبيانًا لكل شيء، ﴿ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأحقاف: 30]، أخرج الله به الناس من ظلمات الجهل والشرك والضلال إلى نور الإيمان والمعرفة والعمل الصالح، فيه أخبار السابقين، وفيه نبأ ما سيكون، وهو حبل الله المتين، من حكم به عدل، ومن أخذ به نجا، ومن عمل به أجر في الدنيا والآخرة، وما حاربه أحد إلا قصمه الله، ولا وقف في طريقه أحد إلا أذلَّه الله، لقد جمع الله به العرب وكانوا قِلَّةً متفرِّقين متناحرين، فأصبحوا أمةً تقود البشرية كلها.

أيها المؤمنون عباد الله، إن الإنسان محتاج إلى منهج صحيح يسير عليه في هذه الحياة ليفوز وينعم في الآخرة، ولا أفضل ولا أضبط ولا أحسن من منهج القرآن الكريم الذي أنزله الله على سيد المرسلين- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين- هو الهدى الذي من اتَّبَعه رشد، ومن زاغ عنه هلك: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123، 124].

أيها المسلمون، بالقرآن الكريم تحيا النفوس وتشفى الأمراض الحسية والمعنوية: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]، فهو شفاء من الجهل والشرك، وشفاء من الأمراض الحسية، وشفاء من الأمراض المعنوية.

القرآن الكريم له أثر عظيم في حياة البشرية كلها وهو سبب لفلاحها ونجاحها إن عملت به، وإن تركته وابتعدت عن تحكيمه فهو سبب لهلاكها وانحرافها وفسادها.

أيها المؤمنون عباد الله، القرآن فيه بيان العقيدة الصحيحة في الله سبحانه وتعالى وفي ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقَدَر، وفيه تفاصيل الأحكام الشرعية لأركان الإسلام الخمسة الكبرى.

وفي القرآن الكريم بيان الأخلاق الحسنة التي مَنْ تخَلَّق بها فاز وأفلح في الدنيا والآخرة.

القرآن الكريم تاليه وقارئه تنضبط أخلاقه، ويصلح سلوكه، ويعيش إنسانًا معززًا مكرمًا.

القرآن الكريم يحث على العمل والإنتاج، ويدعو إلى عمارة الأرض.

القرآن الكريم يُدخِل على النفس السعادة والبهجة والطُّمَأْنينة.

القرآن الكريم يُورِث البركة في العمر وفي الرزق وفي الأولاد.

القرآن الكريم يعلم الإنسان الفصاحة والبلاغة وحسن البيان.

القرآن الكريم يجعل الإنسان يعيش في مرتبة عالية من الأخلاق والقيم ويرفع الله أهل القرآن، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين)).

القرآن الكريم يحصل به الإنسان على الرفعة في الدنيا وفي الآخرة، ويشفع لصاحبه في الآخرة ((اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه)).

بالقرآن الكريم يحصل العبد على المرتبة العظيمة والأجر والثواب بالقراءة له: ((لا أقول ﴿ الم ﴾ حرف، ولكن ألف حرف، وميم حرف، ولام حرف، وبكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها)).

بالقرآن يرتقي الإنسان في درجات الجنة ((يقال لصاحب القرآن يوم القيامة اقرأ وارتقِ ورتِّل؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها))، فطوبى لحُفَّاظ القرآن العاملين به؛ فإن منازلهم في الجنة عالية، ودرجاتهم عظيمة ورفيعة.

أيها المؤمنون عباد الله، ماذا نتحدث عن مكانة القرآن وفضله، فالكلام عنه يطول، وحسبكم أنه كلام الله، وفضل كلام الله على كلام غيره كفضل الله على خلقه سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن نحيط بجميع تفاصيل فضائل القرآن؛ لأنه كلام الله وصفة من صفاته سبحانه وتعالى.

أيها المؤمنون عباد الله، إن الإنسان عامة والمسلم خاصه لا يمكن أن يستغني عن القرآن الكريم، فهو قلبه الذي ينبض، وسمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يرى به وهو كل شيء في حياته.

إنه بدون القرآن أعمى أصم أبكم، إنه بدون القرآن ميت لا حياة له، إلا حياة الأنعام ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾ [الأنعام: 122].

القرآن الكريم به يرتفع حال المسلم، وبدونه يضيع حاله وعمره، بل ويضيع مستقبله ومصيره، ويسير في ظلمات الشرك والجهل والضلال؛ لأنه أعرض عن هذا الهدى العظيم فتخبَّطَتْه الشياطين هنا وهناك.

أيها المسلمون عباد الله، إن ما تعيشه البشرية اليوم مثال واضح لشقائها حين أعرضت عن القرآن وشرع الله جل وعلا، حيث تعيش البشرية اليوم في شقاء عظيم، ومن ضمن من يشقى أيضًا من ينتسب إلى الإسلام من أمة القرآن؛ لأنهم خالفوا القرآن، وابتعدوا عن العمل به، وساروا في طريق الضلال والفساد، وقد أنزل الله لهم هذا الكتاب المبين، وهذا النور العظيم، وهذا الروح الذي به تحيا قلوبهم ونفوسهم.

إن ما نشاهده اليوم من تعاسة للبشرية ومن ظلم وقهر وفرقة واختلاف وقتل ودماء وأشلاء وسائر المصائب والابتلاءات، هو أثر من آثار شرود الناس عن كتاب ربهم وهديه الذي أنزله إليهم ليسعدوا في الدنيا والآخرة ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9]، فلا خير إلا وهدى الناس إليه، ولا شر إلا وقد حذَّر منه.

لكن حين تنكَّبَت الأمة صراط القرآن، وهدي القرآن، ومنهج القرآن؛ ضلت وانحرفت وفسدت وعاشت في تعاسة الدنيا ومتوعدة بتعاسة الآخرة وشقائها، نعوذ بالله من الخذلان.

أيها المؤمنون عباد الله، لقد ترك الناس كلام ربهم الذي أنزله إليهم لهدايتهم وسعادتهم، وتشبَّثوا بأفكار البشر الناقصين الجاهلين، وأصبحوا يتنقلون من نظرية إلى نظرية، ومن منهج إلى منهج، ومن فكر إلى فكر، حتى فسدت أحوالهم، وضاقت حياتهم بالتعاسة والهلاك؛ كما قال الله: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طه: 124]، هذا الضنك الذي تعاني منه البشرية؛ لأنها تنكَّبَت الصراط، وعاشت في مناهج باطلة بعيدة عن منهج القرآن الصافي.

أيها المؤمنون، ولا يكفي للإنسان أن ينتسب إلى القرآن، أو يقرأ القرآن، أو يدعي أنه من أهل القرآن لكي يحصل على ثمرته وفضله، إنما يلزمه شروط وضوابط يجب أن يحققها ويعمل بها، فإن الله سبحانه وتعالى ربط أثر القرآن بشروط وأسباب من حققها حصل على الثمرة الطيبة، ومن لم يحققها لم يحصل على شيء من ذلك.

ومن ذلك أن تخلص النية، إذا قرأت القرآن فأخلص نيتك في القراءة والتعبُّد والتعظيم لهذا الكتاب العظيم الذي عظَّمَه الله في النفوس، وجعله مخرجًا لهم من الضلال والغي والفساد. أخلص نيَّتك واستعدَّ لقراءته بقلب حاضر، وتطهَّر وتأدَّب بآداب قراءة القرآن، واستحضر قلبك واقرأ بتمَهُّل وتدبُّر وتفكُّر، وارجع إلى بعض معاني الكلمات في كتب معاني غريب القرآن حتى لا تقرأ ألفاظًا لا تفهمها خاصة مع بُعْد الناس عن لغتهم الأصلية العربية، فربَّما يقرأ الإنسان كلمة لا يعرف معناها فيفهمها خطأ ويفسرها خطأ، فلا بد أن يعتني بهذا وأن يعرف التفسير الصحيح لتلك الكلمة، وأهم من هذا وذاك أن يعمل بتوجيهات القرآن، فالقرآن ينهاك عن الكذب فابتعد عنه، وينهاك عن الظن فابتعد عنه، ويأمرك بالبرِّ فاعمل به، ويأمرك بالتوحيد فكن من الموحِّدين وابتعد عن الشرك والنفاق، ويأمرك بأعمال وعبادات فنفِّذها وامتثل أمر الله فيها حتى تأتيك البركات، وتحصل على الأجر والثواب، فقد أنزله الله تعالى للعمل به لا لمجرد البركة؛ كما قال الله: ﴿ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [يس: 70].

فالقرآن نذارة للأحياء، فيه عظةٌ وعبرةٌ بالعمل بما فيه، فلا تجعل القرآن مجرد وسيلة للبركة، حين تضعه في دولابك أو على سيارتك أو في جيبك، ضعه في قلبك واعمل بأحكامه، وتدبَّر كلماته، وعِشْ مع القرآن، وستأتيك بركات القرآن، وثمرات القرآن، ويحصل لك السعادة والاطمئنان وانشراح الصدر، ويحصل لك تفريج الهموم وذهاب الغموم والبُعْد عن الضنك.

نعم أيها المؤمنون، ولعظمة القرآن ومكانته وقداسته، فإنه لا يصلح أن يتكلم في القرآن ولا يفسر القرآن إلا العلماء الراسخون في العلم. فالقرآن كلام الله، وله من القداسة والمكانة ما يجب أن يستعدَّ من يريد أن يتكلم في معانيه، أو أن يُفسِّر ألفاظه، وأن يترقَّى في منازل العلم الصحيح ومنازل العمل بأحكامه.

فإن القرآن نور لا يمنحه الله إلا للأتقياء الورعين الخائفين الصالحين العابدين، فلا يحق للإنسان الجاهل الفاجر أن ينبري ليتكلَّم في معاني القرآن؛ لأن القرآن لن يعطيه أنواره بسبب معاصيه وسيئاته، فالعلم نور، وأعظم علم هو علم القرآن وتفسيره.

قال الشافعي رحمه الله تعالى، وهو إمام في الورع والتقوى، لكنه يتهم نفسه بالتقصير، يقول في أبيات له في ديوانه:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور
ونور الله لا يعطاه عاصي


نور الله هو العلم والفهم الصحيح للقرآن الكريم لا يمنحه الله إلا للأتقياء، أصحاب الورع والعمل الصالح، ممن يقومون بالقرآن ويتلونه آناء الليل وأطراف النهار، ويوجلون من قراءته، ﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، والذين تلين قلوبهم وتخشع لسماع وقراءة الآيات، والذين تفيض أعينهم بالدمع حينما يرتلون كلام الله، هؤلاء هم من يُفتح لهم في فهم القرآن، وينالون من بركاته، وهم من يوفقون إلى المعنى الصحيح لتفسيره.

ومنهم الإمام ابن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد نام ذات ليلة عند خالته ميمونة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان طفلًا صغيرًا، وظل يرقب النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يفعل في الليل. فلما استيقظ رسول الله من نومه أسرع ابن عباس إلى دَلْو من الماء فقَدَّمه له ليتوضَّأ، فتوضَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا لابن عباس فقال: ((اللهم فَقِّهْهُ في الدِّين وعَلِّمْه التأويل))؛ أي: التفسير، فصار ابن عباس مدرسة من مدارس تفسير القرآن، فما من آية إلا وهو يعلم تفسيرها على الوجه الصحيح ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم له.

أيها المؤمنون، ولذلك مهم جدًّا أن يعتني المسلم بالطاعة والقربة والعبادة والاستقامة والورع والتقوى قبل أن يتعلَّم القرآن، حتى يحصل على بركاته، ويحصل على آثاره وثماره، وحتى يفتح الله له معاني وعلم وتدبُّر القرآن الكريم، فيقول فيه القول السليم.

نعم أيها المؤمنون، أما من لا يهتم بهذه الأمور ولا بهذه الشرائط ثم يتكلم في القرآن بغير علم، فقد وقع في ذنب عظيم قرنه الله تعالى بالشرك، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33]. فمن يقول في تفسير القرآن بدون علم، فقد قال على الله الباطل، وقد قرن الله القول عليه بغير علم بالشرك به.

أيها المؤمنون عباد الله: وقد ذكر العلماء الطرائق الصحيحة لتفسير القرآن لكي يتعلَّم المسلم كيف يفسر القرآن الكريم، فحصروها في طرائق متتالية مرتبة؛ وهي:
1. الطريقة الأولى، وهي أعظم طريق وأصوب طريق وأفضل طريق لتفسير الكتاب الكريم؛ هو تفسير القرآن بالقرآن؛ لأن المتكلم هو أدرى بمعنى كلامه، فلا يحتاج إلى أن يشرحه غيره ما دام شرحه بنفسه، فالله سبحانه وتعالى هو الذي تكلَّم بالقرآن وأنزله على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحيًا، فإذا فسَّر الله تعالى كلامه بكلامه فهو أجود وأفضل أنواع تفاسير القرآن؛ ومثال ذلك: لما قال الله سبحانه وتعالى في آية الفاتحة: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 6، 7]، فلا تحتاج إلى أن تبحث عن تفسير معنى ﴿ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ من غير كلام الله. لماذا؟ لأن الله فسَّر كلامه بكلامه، قال في آية النساء: ﴿ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]، فآية النساء فسَّرت آية الفاتحة، فإذا أردت أن تقول: ما معنى ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾؟ نقول لك: إن الذين أنعم عليهم قد فسَّرهم الله وبيَّنهم في سورة النساء، فقال: إنهم الأنبياء والصِّدِّيقون والشهداء والصالحون، أربعة أصناف من البشر وصفوا بأنهم هم الذين أنعم الله عليهم. فهذه هي الطريقة الأولى لتفسير القرآن. لا تسأل عن تفسير آية فسرها الله بنفسه عن تفسير غيره سبحانه.

2. الطريقة الثانية: أن يفسر القرآن من جاء بالقرآن وحمله إلى البشرية مُبلِّغًا، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أنزل الله عليه القرآن وحيًا، وفهمه معانيه.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الوحي من شدَّة حرصه على إتقان القرآن وحفظه حتى لا يضيع، كان جبريل يقرأ القرآن عليه وهو يردِّد وراءه مستعجلًا، فقال الله له: ﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 16، 17]، يعني: اطمئن سنحفظه لك فلا يضيع منك، ونوضح لك معناه فتفهمه وتبلغه لهم.

فتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم للقرآن إن وجد لآية، فلا تسأل أحدًا غير رسول الله أن يفسر لك معنى آية من القرآن، ومثال ذلك: قال صلى الله عليه وسلم، حين انزعج صحابته لما نزل قول الله: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]. وقالوا: يا رسول الله، ومن منا لا يظلم نفسه؟ قال: ((ليس كما تظنون، ألم تسمعوا ما قاله الله عن لقمان العبد الصالح: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]؟))، ففسر الظلم هنا بالشرك الأكبر، فلا تسأل عن تفسير غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفسَّر صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]، قال: ((ألا إن القوة الرمي)). وعشرات الآيات التي فسَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، إما بلسانه، وإما بتطبيقاته العملية، فآية الصلاة، وآية الزكاة، وآية الصوم فسَّرها لأصحابه بعمله، فصلَّى بهم وقال: ((صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي))، وحج بهم وقال: ((خذوا عني مناسككم)) وهكذا...

إذًا، لا مجال لفهم القرآن من غير تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن يريد أن يستغني بتفسير القرآن دون أن يعتمد على السُّنَّة العملية وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد وقع في انحراف عظيم. فلا بد أن تفسر القرآن إما بالقرآن وإما بسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، سواء كان بكلامه اللفظي أو بتفسيره العملي، فقد أرسله الله ليبين للناس، ما يحتاجون إليه من القرآن وأحكامه.

قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ ﴾ [النحل: 44]؛ أي: السُّنَّة، ﴿ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 44]؛ أي: القرآن. وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أوتيت القرآن ومثله معه))؛ أي: السُّنَّة. وقال الله: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]، وقد حصل في بداية كتابة الوحي أن بعض الناس رأى عبدالله بن عمرو بن العاص يكتب أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فنهاه، قال له: "كيف تكتب كلام بشر يغضب؟"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما لك تركت الكتابة؟)) فأخبره السبب، فقال له: ((اكتب، فوالذي نفسي بيده، ما خرج منه- وأشار إلى فمه- إلا الحق)).

فرسول الله مؤيد بالوحي، معصوم من الزيادة والنقص فيه، قال الله: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴾ [الحاقة: 44 - 46]. هذا تهديد له لو حرَّف أو زاد أو أنقص في الوحي، فلم يزد ولم ينقص، بل بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وبيَّن للناس ما أنزله الله إليهم من كتاب ربهم. فإذًا لا مناص من أن تكون السُّنَّة هي رديفة القرآن ومُفسِّرة للقرآن، ومُبيِّنة للقرآن، حتى يُضبط لفظ القرآن، ويتضح معنى القرآن الصحيح.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.

قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
عباد الله، استمعتم إلى الطريقتين الصحيحتين في تفسير القرآن: وهما تفسير القرآن بالقرآن الكريم، وتفسير القرآن بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وسُنَّته الصحيحة، وقلنا: "سُنَّته الصحيحة"؛ لأن الأحاديث الضعيفة والمكذوبة التي افتراها الزنادقة لا نقبلها ولا نفسر القرآن بها، بل نرفضها، وقد هيَّأ الله للسُّنَّة علماء أجلاء من القرن الأول وحتى اليوم يعرفون المكذوب والمضاف زورًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحيح الثابت عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

3. الطريقة الثالثة، لتفسير القرآن وهي: تفسير الصحابة الكرام رضي الله عنهم، فتفسير القرآن بكلام الصحابة أولى وأفضل وأحسن من تفسير من جاء بعدهم فضلًا عمَّن جاء متأخرًا في هذا العصر، بعد أكثر من ألف وأربعمائة سنة عن نزول القرآن، وقد تغير كثير من معاني الألفاظ وضعفت لغاتهم عن لغة القرآن، ثم من نحن بالنسبة إلى قدرهم ومكانتهم؟! فهم قوم اختارهم الله ليكونوا أصحابًا لرسوله صلى الله عليه وسلم. أيضًا هؤلاء الصحابة تتلمذوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم تلاميذ وأستاذهم وشيخهم ومعلمهم العظيم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فتخيل أن هذا ابن عباس كما قلنا تلميذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن مسعود رضي الله عنه يقول: "والله ما من آية نزلت إلا وأنا أعلم أين نزلت وما معناها، ولو أني أعلم أن أحدًا يعلم شيئًا عن تفسير القرآن أكثر مني لذهبت إليه"، هؤلاء تلاميذ النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من الأدب أن نطعن في تلاميذ المعلم العظيم إن كنا نحبه حقًّا. فاليوم لو أتيت إلى أستاذ يدرس أي مادة وقلت له: أنت لم تستطع أن تعلم طلابك، وطلابك قليلو العلم، ونحوها من العبارات، فهذا دليل على أنك تتهمه أنه ليس معلمًا حكيمًا، وإذا كان الواحد منا يتأذَّى حين يقال له: "تلميذك ضعيف ولم تقم بواجب تعليمه"، فكيف لا يتأذَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نقول إن أصحابه لا يفهمون تفسير القرآن؟!

ورسوله صلى الله عليه وسلم ما مات إلا وقد بيَّن لهم ما يحتاجون إليه من الدين، ونزلت الآية الكريمة في حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب في عرفة: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس: ((أيها الناس، هل بلغت؟)) قالوا: "نعم". قال: ((اللهم فاشهد)).

فإذن تفاسير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، انتبهوا، قلنا: الصحيحة؛ لأن هناك في تاريخ المسلمين من الكذب والدَّجَل وإضافة الأقوال الباطلة إلى ناس لم يقولوها، فقد أضافوا في التوراة كلامًا وفي الإنجيل كلامًا، وحاولوا أن يحرفوا القرآن، وحاولوا أن يكذبوا على رسول الله، فمن باب أولى أن يكذبوا على غيره من الخلق وأهل العلم. فلا بد أن يعتني الإنسان بتمييز الصحيح من الضعيف. وهذه مهمة العلماء الراسخين في العلم.

4. كذلك من طرائق تفسير القرآن الصحيحة: تفاسير التابعين، وهم الذين تربوا على يد الصحابة أفضل جيل بعد الرسل عليهم السلام، وخرجت على أيديهم مدارس متعددة في مكة والمدينة والكوفة والبصرة وغيرها من مدن الإسلام العظيمة، وخرجوا علماء في التفسير وفي الحديث وفي الفقه، وغيرها من الفنون ولا شك ولا ريب أنهم أكثر علمًا من علمائنا المعاصرين، فتفسيرهم أفضل من تفسير من جاء بعدهم.

ثم بعد ذلك يفتح الباب لكل عالم راسخ وُجِدت عنده أدوات العلم من: معرفة السُّنَّة، ومعرفة اللغة العربية، ومعرفة البلاغة، ومعرفة أصول الفقه، ومعرفة النحو والصرف، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، ومعرفة الإجماع ومواطن الخلاف، ومعرفة أسباب النزول، وغيرها من أدوات العلم وتخصصاته. فلا يصلح للإنسان أن يفسر آية وهو يجهل هذه العلوم؛ لأنه سيقع في الخطأ والانحراف في معناها، عياذًا بالله سبحانه وتعالى.

وقد أضاف العلماء إلى شرائط المفسر أن يكون لديه التقوى والورع، فلا يكفي أن يكون لديه أدوات العلم فقط، بل لا بد أن يكون تقيًّا ورعًا؛ لأن العلم بدون تقوى مصيبة، والتقوى بدون علم مصيبة. فالجاهل حتى لو كان تقيًّا فسيقول بغير علم. والعالم إذا لم يكن عنده تقوى وورع فإنه سيصبح مثل علماء أهل الكتاب، يبيع المعلومات بالدرهم والدينار، ويغير كلام الله، يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا.

أيها المؤمنون عباد الله، ولذلك مهم جدًّا أن نبحث في هذين الوصفين لكل من نستمع لتفسيره أو نقرأ تفسيره: هل هو من الراسخين في العلم؟ وهل عنده الأدوات العلمية في هذا الباب؟ وهل هو من الأتقياء الورعين الخائفين الصالحين المستقيمين العابدين الذين يعملون بعلمهم؟ أما شخص يقول لك معاني القرآن وهو بعيد عن العمل بها، فهذا والعياذ بالله حاله كحال اليهود، قال الله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾ [الجمعة: 5]، نسأل الله السلامة والعافية.

أيها المؤمنون عباد الله: القرآن كما قلنا كتاب هداية للبشرية، لكنه يحتاج إلى من يقوم به على أكمل وجه: علمًا وعملًا واتباعًا. واليوم أعداء الإسلام يعرفون مكانة القرآن عند المسلمين؛ ولذلك سعوا من أول يوم إلى محاربة القرآن، في مكة ثم في المدينة، ثم بعد ذلك في كل أزمان الإسلام يحاربون القرآن. والواجب على أمة القرآن أن تعتني بكتابها وتدافع عنه، وأن تدعو الناس إلى دعمه وإحيائه وتعليمه.

فأحيوا القرآن في نفوسكم، وأحيوا القرآن في بيوتكم، وأحيوا القرآن في مدارسكم، وأحيوا القرآن في أعمالكم اليومية، واهتموا بتنشئة الصغار على القرآن وتعَلُّمه وتعليمه، وافهموا القرآن وتدبَّروه واربطوه بالعمل، فإن العمل بالقرآن أعظم من مجرد العلم به، وادعموا وشجِّعوا معلمي القرآن ومُحفِّظي القرآن، واهتموا بهم، فإنهم أولى من لاعبي الكرة وأهل الفن، فاهتموا بالقرآن ففيه فلاحنا ونجاحنا.

اهتموا أيضًا في هذا العصر بالوسائل الحديثة التي هي نعمة ونقمة، العصر الحديث مليء بوسائل التقنية، فمن استخدمها في الفساد أفسد البشرية، ومن استخدمها في الخير نفع بها البشرية. وهناك تطبيقات للقرآن وتفسيره، ومنصات لتعليمه وتجويده، ولكن تأكدوا من المنصة الموثوق بها، فإن أعداء الإسلام أيضًا يدسُّون السُّمَّ في العسل.

وهكذا أيها المؤمنون نستطيع بإذن الله سبحانه وتعالى أن نحيي القرآن في نفوسنا، وأن نعمل به، وأن نحارب به أعداءنا، والكفار منذ جاء القرآن لليوم وهم يعرفون أنه سبب عز واجتماع وقوة المؤمنين؛ ولذلك يقولون: "إن وجود المصحف عند المؤمنين أخطر من وجود أي شيء آخر بأيديهم". فسعوا إلى محاربته بين المسلمين، وتجفيف ينابيع تعليمه، وتشويه معانيه، والكذب على من يدعو إليه، واتهامهم بالإرهاب وغير ذلك، حتى يبتعد الناس عن القرآن والعمل بالقرآن، فيضلوا، فيأتي العدو يقودهم كنعاج ضعيفة لا تعرف عزها ولا تمكينها.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعزنا وإياكم بالقرآن، وأن يجعلنا من أهل القرآن، وأن يجعلنا من الداعين إلى فهم القرآن الفهم الصحيح.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.07 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.40%)]