ليس منا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 260 - عددالزوار : 4717 )           »          الله الله في إسلامكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          وقفات مع حديث جامع لآفات النفس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          العدل في الرضا والغضب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          ليس منا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          بدع ومخالفات في المحرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الـعـفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حفظ اللسان وضوابط الكلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من قال إنك لا تكسب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 05:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,925
الدولة : Egypt
افتراضي ليس منا

لَيْسَ مِنَّا – الْجُزْءُ الأَوَّلُ

الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي


الْخُطْبَةُ الْأُولَى.
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْيَتَامَى، وَوَعَدَ عَلَى ذَلِكَ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ وَالْفَضْلَ الْجَزِيلَ، وَتَوَعَّدَ مَن ظَلَمَهُمْ أَوْ قَهَرَهُمْ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ حَذِرًا مِنْ أَيِّ عَمَلٍ يُبْعِدُهُ عَنِ اللهِ، وَعَن سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَرْضَاهُ اللهُ – عَزَّ وَجَلَّ – وَنَهَى عَنْهُ رَسُولُهُ ﷺ، فَكَيفَ إِذَا كَانَ التَّحْذِيرُ بِـ «لَيْسَ مِنَّا»، فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ لِلتَّنْفِيرِ، وَالتَّرْهِيبِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ، فَمَنْ هُوَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَمَعَ وَفْدِ الرَّحْمَنِ، فَكَيْفَ بِمَنْ تَبَرَّأَ مِنْهُ الرَّسُولُ ﷺ وَمِنْ فِعَالِهِ، وَبَيَّنَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَّا، وَهَلْ يَرْضَى مُسْلِمٌ أَنْ يَتَصِفَ بِصِفَاتٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ فَاعِلِهَا بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَّا، أَي لَيْسَ هُوَ عَلَى هُدَانَا وَلَا عَلَى مَنْهَجِنَا، وَلَا تُقَرُّ أَعْمَالُهُ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ، وَكَفَى بِهَذَا تَرْهِيبًا وَتَنْفِيرًا مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ، وَالْخِصَالِ الْمَذْمُومَةِ، وَمِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي بَيَّنَ الرَّسُولُ ﷺ، بِأَنَّ أَصْحَابَهَا لَيْسُوا مِنَّا، أُمُورٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَقِيدَةِ، وَأُمُورٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِغَيْرِهَا، وَسَوْفَ أُوَرِّدُهَا بِإِذْنِ اللهِ تَبَاعًا فِي خُطَبٍ مُتَوَالِيَةٍ بِإِذْنِ اللهِ، وَسَوْفَ أُوَرِّدُ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ مَا يَتَعَلَّقُ فِي مَسَائِلِ الْعَقِيدَةِ، الَّتِي بَيَّنَ الرَّسُولُ ﷺ أَنَّ مَنْ أَتَوْهَا لَيْسُوا مِنَّا.

وَمِنْ أُولَئِكَ:
أَوَّلًا: أَهْلُ التَّطَيُّرِ: فَالْمُتَطَيِّرُ مُشْرِكٌ بِاللهِ، يَتَأَرْجَحُ بَيْنَ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ:
1- لِقَوْلِهِ ﷺ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ، أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ، أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ، أَوْ سُحِرَ لَهُ". أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. فالتطير قَدْ يُسْتَخْدَمُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَكِنَّ أَغْلَبَهُ يَكُونُ فِي الشَّرِّ وَهُوَ التَّشَاؤُمِ، وَأَصْلُ التَّطَيُّرِ: إِطْلَاقُ الطَّيْرِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي عَمَلٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ زَوَاجٍ أو غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ طَارَ جِهَةَ الْيَمِينِ تَفَاءَلَ الجَاهِلُ وَمَضَى لإِكْمَالِ مَا بَدَأَهُ أَوْ نَوَاهُ، وَإِنْ طَارَ الطَّائِرُ جِهَةَ الشِّمَالِ تَشَاءَمَ مِنْهُ الْمَرْءُ وَكَفَّ عَنِ الْعَمَلِ، فَمَنْ فَعَلَ هَذَا بِنَفْسِهِ أَوْ كَلَّفَ مَنْ يَفْعَلُهُ لَهُ، وَاعْتَقَدَ صِحَّتَهُ؛ فَلَيْسَ عَلَى هُدًى الْإِسْلَامِ وَلَا سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأَنَّهُ يُخَالِفُ التَّوَكُّلَ عَلَى اللهِ، وَفِيهِ عَدَمُ إِيمَانِهِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ.

2- وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

3- وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، فَمَا قَدْ خُطَّ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ التَّشَاؤُمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ مِنَ الطُّيُورِ عَامَّةً، أَوِ الْحَيَوَانَاتِ، أَوْ أَصْحَابِ الْعَاهَاتِ، وَالْمَشْرُوعُ اجْتِنَابُ مَا وَرَدَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ؛ كَاتِّقَاءِ الْمَجْذُومِ، وَأَمَّا مَا خَفِيَ مِنْهَا فَلَا يُشْرَعُ اتِّقَاؤُهُ وَاجْتِنَابُهُ؛ فَإِنَّهُ مِنَ الطِّيَرَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا.

4- "أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكِهِّنَ لَهُ"، وَالتَّكَهُّنُ: هُوَ ادِّعَاءُ عِلْمِ الغَيْبِ وَمَا سَيَحْدُثُ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ بِاسْتِخْدَامِ النُّجُومِ وَمَا شَاكَلَهَا، وَلَا يَعْلَمُ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ وَقَعَ فِي الْمَحْظُورِ وَالشِّرْكِ بِاللهِ.

5- فَمَنْ جَاءَ إِلَى مَنْ يَزْعُمُونَ عِلْمَ الغَيْبِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللهُ بِهِ، "فَصَدَّقَهُم بِمَا قَالُوا". وَكَذَلِكَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى شَخْصٍ يَتَكَهَّنُ ظَانًّا أَنَّهُ يَنْفَعُهُ بِعِلْمِ الغَيْبِ، فَقَدْ وَقَعَ فِي الشِّرْكِ.

6- وَمِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ فِي نِهَايَةِ كُلِّ عَامٍ مِيلَادِي أَوْ هِجْرِيٍّ وَيَتَنَبَّأُونَ بِالأَحْدَاثِ الَّتِي سَتَقَعُ فِي الْعَامِ الْقَادِمِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. فَمَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ أَقْوَالِهِمْ، وَعِلْمَهُ لِلْغَيْبِ مَعَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، "فَقَدْ كَفَرَوا بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

7- وَالْبَعْضُ يَدْفَعُهُ لِذَلِكَ كَمَا يَدَّعِي حُبَّ الْفُضُولِ، وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، أَمَّا مَنْ صَدَّقَهُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى الرَّسُولِ ﷺ لِقَوْلِهِ ﷺ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً). رَوَاهُ مُسْلِم. وَيَشْمَلُ الْإِتْيَانُ مُتَابَعَةَ مَوَاقِعِهِمْ الإِلِكْتِرُونِيَّةِ، أَوْ بَرَامِجِهِمْ فِي أَيِّ وَسِيلَةٍ مِنْ وَسَائِلِ الإعْلَامِ، أَوِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ.



8- "أَوْ سَحَرَ"، أَي: تَعَلَّمَ السِّحْرَ وَمَارَسَهُ بِنَفْسِهِ، "أَوْ سُحِرَ لَهُ"، أَي: كَلَّفَ مَنْ يَعْمَلُ لَهُ سِحْرًا؛ لِيَنْفَعَهُ بِهِ أَوْ يَضُرَّ بِهِ أَحَدًا، "وَمَنْ عَقَدَ عُقْدَةً- أَوْ قَالَ: عَقَدَ عُقْدَةً-" وَذَلِكَ بِرَبْطِ الْخَيْطِ وَالسِّحْرِ عَلَيْهِ بِقِرَاءَةِ التَّعْوِيذَاتِ الْكُفْرِيَّةِ عَلَيْهِ وَالنَّفْثِ فِيهِ، فَمَنْ ارْتَكَبَ هَذِهِ الأَفْعَالَ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ؛ فَهَذِهِ الأَفْعَالُ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَتُفْضِي إِلَى الشِّرْكِ الْأَكْبَرُ، وَالْخُرُوجُ مِنَ الْمِلَّةِ.

ثَانِيًا: وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْلِفُ بِالْأَمَانَةِ، وَهَذَا مَلْحُوظٌ وَمَشْهُورٌ، فَتَجِدُ بَعْضَ النَّاسِ إِذَا بُلِّغَ بِخَبَرٍ أَوْ أَمْرٍ، يَقُولُ: المُخبِر لِلْمُبَلَّغِ أَمَانَةً، أَوْ أَمَانَةً عَلَيْكَ، أَوْ بِذِمَّتِكَ، فَهَذِهِ كُلُّهَا حَلِفٌ بِغَيْرِ اللهِ:
1- لِقَوْلِهِ ﷺ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ". أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. فَمنْ أُخْبِرَ بِشَيْءٍ وَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ الْمُخْبِرُ، بِقَوْلِهِ: أَمَانَةَ، أي هل مَا تَقُولُهُ حَقٌّ؟ أَوْ مَا شَابَهَ ذَلِكَ.



2- وَقَالَ ﷺ: "مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. فَهَذَا حَلِفٌ بِغَيْرِ اللهِ.



ثَالِثًا: وَمِنْهَا مَنْ يَعْمَلُ بِالْأَعْرَافِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرِيعَةِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ عَمِلَ بِسُنَّةِ غَيْرِنَا". أَخْرَجَهُ الطُّبْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ لَا يَقِلُّ عَنِ الْحَسَنِ. وَيَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ تَعَالِيمِ الْإِسْلَامِ، سَوَاءٌ فِي الْعِبَادَاتِ أَوِ الْمُعَامَلَاتِ أَوِ الْعَادَاتِ، وَالتَّشَبُّهُ بِأَهْلِ الْكُفْرِ وَالْفُجُورِ فِي أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَمَلَابِسِهِمْ.

رَابِعًا: وَمِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَشَبَّهُونَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: "لَيْسَ مِنَّا؛ مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى، فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْيَهُودِ الْإِشَارَةُ بِالْأَصَابِعِ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى - الْإِشَارَةُ بِالْأَكُفِّ". أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

خَامِسًا: وَمِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ، بِإِثَارَةِ النَّعْرَاتِ الْقَبَلِيَّةِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنَ النَّعْرَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، بِسَنَدٍ حَسَنٍ.



سَادِسًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ عَدَّهُمُ الرَّسُولُ ﷺ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا مَنْ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: يَا رَبِّ، وَمَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ؛ مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّي". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.



سَابِعًا: وَمِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَكْتَوُونَ أَوْ يَسْتَرْقُونَ، لِقَوْلِهِ ﷺ: "لَيْسَ مِنَّا؛ مَنْ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى". أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
1- "مَنْ اكْتَوَى"، أَيْ: عُولِجَ بِالْكَيِّ، وَالنَّهْيُ هُنَا لِمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الشِّفَاءَ مُنْحَصِرٌ فِيهِمَا لَا بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.



2- وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْكَيِّ فِي أَحَادِيثَ أُخْرَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاءَتِ الرُّخْصَةُ فِيهِ.



3- وَمِمَّا قِيلَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا: أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِمَنْ وُصِفَ لَهُ عِلَاجٌ غَيْرُ الْكَيِّ، وَلَكِنَّهُ أَثَرَ الْكَيِّ، وَخَالَفَ نُصْحَ مُحَمَّدٍ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: (الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِالنَّارِ، وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ). وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ لِمَنْ يَعْتَقِدُ فِي الْكَيِّ أَنَّهُ عِلَاجٌ شَافٍ، وَلَيْسَ سَبَبًا فِي التَّدَاوِي.



4- وَيَكُونُ وُرُودُ الرُّخْصَةِ لِمَنْ لَا يَجِدُ دَوَاءً غَيْرَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّمَا هُوَ سَبَبٌ لِلتَّدَاوِي.



5- "أَوِ اسْتَرْقَى"، أَيْ: طَلَبَ التَّدَاوِي بِالرُّقْيَةِ، وَالْمَرَادُ بِهَا هُنَا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، "فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ"، لِقَوْلِهِ ﷺ: (مَنْ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ). أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. أَيْ: سَقَطَ عَنْهُ التَّوَكُّلُ الَّذِي هُوَ مِنْ صَمِيمِ وَكَمالِ الإِيمَانِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ.



ثَامِنًا: وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْمِلُ السِّلَاحَ، وَيُخْرِجُ عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَوُلَاةِ الْأَمْرِ، وَهُمْ الْخَوَارِجُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَقَدْ حَذَّرَ الرَّسُولُ ﷺ غَايَةَ التَّحْذِيرِ، مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْخَارِجِيَّةِ: -
1- وقَالَ ﷺ: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

2- وَقَالَ ﷺ: "مَنْ سَلَّ عَلَيْنَا السَّيْفَ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

3- وَقَالَ ﷺ: "مَنْ رَمَانَا بِالنِّبْلِ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ بِسَنْدٍ حَسَنٍ.

4- وَقَالَ ﷺ: "مَنْ رَمَانَا بِاللَّيْلِ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَغَيْرُهُ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ. لأَنَّ مَنْ رَمَى بِالسِّهَامِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّيْلِ؛ فَقَدْ حَارَبَ أَهْلَ الإِيمَانِ، وَحَرْبُهُمْ آيَةُ الْكُفْرَانِ وَالضَّلالِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ بِالنَّهَارِ، وَلَكِنَّ الرَّمْيَ بِاللَّيْلِ أَشَدُّ قُبْحًا وَنِكَايَةً؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى غَفْلَةٍ، وَلِأَنَّهُ يُرَوِّعُ النَّائِمَ، وَيُقْلِقُ الْيَقْظَانَ.

5- وَمِنَ الَّذِينَ بَيَّنَ الرَّسُولُ ﷺ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا، مَنْ فَارَقُوا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَخَالَفُوا إِمَامَهُمْ، وَوَلِيَّ أَمْرِهِمْ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: (مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، ثُمَّ مَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ، وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ، فَلَيْسَ مِن أُمَّتِي، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، لَا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا، فَلَيْسَ مِنِّي). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَكُلُّ مَنْ خَرَجَ عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ، أَوْ نَقَضَ الْبَيْعَةَ، أَوْ لَمْ يُبَايِعْ، فَلَيْسَ عَلَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ عَلَى هُدَى خَيْرِ الْأَنْامِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ - عِبَادَ اللَّهِ - حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

أَوَّلًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ بَيَّنَ الرَّسُولُ ﷺ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَجْزَعُونَ عِنْدَ الْمَصَائِبِ، وَلَا يَرْضَوْنَ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، وَلَا يَصْبِرُونَ، وَيَقُومُونَ بِأَفْعَالٍ هِيَ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ ﷺ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ، وَلَا خَرَقَ، وَلَا سَلَقَ). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ بِسَنْدٍ صَحِيحٍ. وَمِنْ حَلَقَ، أَي: حَلَقَ شَعْرَهُ فِي الْمُصِيبَةِ، أَوْ قِطْعَةً مِنْهُ، وَسَلَقَ، أَي: رَفَعَ صَوْتَهُ فِي الْمُصِيبَةِ، وَخَرَقَ، أَي: جَزَّأَ أَوْ قَطَعَ ثَوْبَهُ؛ جَزَعًا عَلَى الْمَيْتِ.

ثَانِيًا: وَقَالَ ﷺ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

ثَالِثًا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ هَذَا مِنَّا، لَيْسَ - لِلصَّارِخِ - حَظٌّ، الْقَلْبُ يَحْزَنُ، وَالْعَيْنُ تَدْمَعُ، وَلَا نَقُولُ مَا يُغْضِبُ الرَّبَّ». أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ بِسَنْدٍ حَسَنٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ هَذَا مِنِّي، وَلَيْسَ بِصَائِحٍ، حَقُّ الْقَلْبِ يَحْزَنُ، وَالْعَيْنُ تَدْمَعُ، وَلَا نُغْضِبُ الرَّبَّ». أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ. فَإِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَجَاوَزُونَ الْمُصِيبَةَ مِمَّا أُمِرُوا بِهِ بِالصَّبْرِ أَوِ الْبُكاءِ إِلَى مَا لَا يُقْبَلُ كَالصَّرَاخِ، وَالْعَوِيلِ، وَتَمْزِيقِ الْمَلَابِسِ، وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَنَتْفِهِ، وَكَأَنَّ ذَلِكَ يُعِيدُ الْمَيْتَ أَوْ يُقْضِي عَلَى الْمُصِيبَةِ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَى وَمَنْ سَخِطَ فَعَلَيْهِ السُّخْطُ. اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتَيْهِمَا لِلْبَرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ وَأَحِطْهُم بِعِنَايَتِكَ، وَاجْعَلْهُم هُدَاةً مُهْتَدِينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ. وَأَصْلِحْ بِهِمَا الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ. اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا، وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا. اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ. اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَأَكْلَأْنَا بِرِعَايَتِكَ، وَاحْطِنَا بِعِنَايَتِكَ، اللَّهُمَّ يَسِّرْنَا لِلْيُسْرَى، وَجَنِّبْنَا الْعُسْرَى. وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَامْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُّرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ. «رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ، وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا». اللَّهُمَّ احْفَظِ الأَبْنَاءَ وَالْبَنَاتَ، وَاجْعَلْهُمْ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ وَأَحِطْهُمْ بِعِنَايَتِكَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا وَإِيَّاهُمْ مِنْ مُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمُؤَدِّي الزَّكَاةِ.

اللَّهُمَّ نَسْتَغْفِرُكَ وَنَتُوبُ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ فَأَرْسِلْ عَلَيْنَا السَّمَاءَ مِدْرَارًا، اللَّهُمَّ نَسْتَغْفِرُكَ وَنَتُوبُ إِلَيْكَ وَنَـجْأَرُ إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا عَامًّا طَبَقًا سَحًّا دَائِمًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ. اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، وَلا سُقْيَا عَذَابٍ وَلا بَلاءٍ وَلا هَدْمٍ وَلا غَرَقٍ، "اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللهم صيّبًا نافعًا، اللهم صيّبًا نافعًا، اللَّهُمَّ اِفْتَحْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ! اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِـمَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلَا تُعَامِلْنَا بِـمَا نَـحْنُ أَهْلُهُ، أَنْتَ أَهْلُ الْـجُودِ وَالْكَرَمِ، وَالْفَضْلِ والإِحْسَانِ، اللَّهُمَّ اِرْحَمْ بِلَادَكَ، وَعِبَادَكَ، اللَّهُمَّ اِرْحَمْ الشُّيُوخَ الرُّكَّعَ، وَالْبَهَائِمَ الرُّتَّعَ اللَّهُمَّ اِسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَـجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِيـنَ. اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، يَا ذَا الجـلَالِ، والإِكْرامِ، يَا ذَا الجـلَالِ، والإِكْرامِ، أَكْرِمْنَا وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. هَذَا فَصَلُّوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَلَى مَن أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَلَا وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكُمْ، يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم اليوم, 05:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,925
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ليس منا

لَيْسَ مِنَّا

الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

الْجُزْءُ الثَّانِي




الْخُطْبَةُ الأُولَى
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْيَتَامَى، وَوَعَدَ عَلَى ذَلِكَ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ وَالْفَضْلَ الْجَزِيلَ، وَتَوَعَّدَ مَن ظَلَمَهُمْ أَوْ قَهَرَهُمْ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.


أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


أَوَّلًا: قالَ صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ عَلَى امْرِئٍ زَوْجَتَهُ). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.


ثَانِيًا: وقالَ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا؛ مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.


ثَالِثًا: وقالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا؛ فَلَيْسَ مِنَّا». أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَيَشْمَلُ كَذَلِكَ الرَّجُلَ، إِذَا خَبَّبَ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَتِهِ، وَمَا أَكْثَرَهُمْ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، يُثِيرُونَ الزَّوْجَاتِ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، وَيُفْسِدُونَ الْعَلَاقَاتِ الأُسْرِيَّةَ، أَوَلَا يَرْدَعُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى نَهْجٍ مُخَالِفٍ لِنَهْجِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، بَلْ هُمْ عَلَى مَنْهَجِ إِبْلِيسَ الَّذِي يَفْرَحُ بِالطَّلَاقِ وَالْفِرَاقِ.


رَابِعًا: وقالَ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَةً فَلَيْسَ مِنَّا). أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَالْحَدِيثُ يَشْمَلُ مَنْ يُخَبِّبُ الْعَامِلِينَ وَالْعَامِلَاتِ عَلَى كُفَلَائِهِمْ. وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خَبَّبَ خَادِمًا عَلَى أَهْلِهِ فَلَيْسَ مِنَّا). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

خَامِسًا: وَمِنْهُمْ الَّذِينَ لَا يَرْحَمُونَ الصِّغَارَ، وَلَا يُوَقِّرُونَ الْكِبَارَ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا؛ مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا». أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

سَادِسًا: وَمَنْ هُمُ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنَّا: كُلُّ مَنْ مَالَ إِلَى التَّعَبُّدِ، وَزَهِدَ بِالنِّسَاءِ، وَقَرَّرَ أَنْ يَقْطَعَ شَهْوَتَهُ، وَذَلِكَ بِاخْتِصَائِهِ، وَإِزَالَةِ الشَّهْوَةِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا الْعَمَلُ الشَّنِيعُ مُخَالِفٌ لِمَا فَطَرَ اللهُ النَّاسَ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا؛ مَنْ خَصَى أَوِ اخْتَصَى". أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ. فَبِدُونِ الشَّهَوَاتِ، وَالزَّوَاجِ سَتَنْقَطِعُ الْأَنْسَالُ، فَحَرَّمَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُزِيلَ الإِنْسَانُ الشَّهْوَةَ عَنْ نَفْسِهِ، فَكَيْفَ بِأَصْلِ الإِنْجَابِ، فَإِنَّ الِاخْتِصَاءَ لَيْسَ فِي إِزَالَةِ الشَّهْوَةِ فَقَطْ، بَلِ الأَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُزِيلَ وَسِيلَةَ الإِنْجَابِ عِنْدَ الذُّكُورِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ يَشْمَلُ مَا تَفْعَلُهُ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنْ إِزَالَةٍ لِلرَّحِمِ، مِنْ أَجْلِ قَطْعِ النَّسْلِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.


سَابِعًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنَّا الَّذِينَ يَتَزَوَّجُونَ النِّسَاءَ فِي الْعِدَّةِ، وَمَنْ يُمَارِسُونَ الزِّنَا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا؛ مَنْ وَطِئَ حُبْلَى". أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ. فَكُلُّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً قَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّتُهَا، بِوَضْعِ حَمْلِهَا، فَلَيْسَ عَلَى مِلَّةِ الإِسْلَامِ، وَلَا نَهْجِهِ وَلَا طَرِيقَتِهِ. وَيَشْمَلُ الْحَدِيثُ كُلَّ مَنْ زَنَى، فَهُوَ مُرْتَكِبٌ جَرِيمَةً كُبْرَى، ثَالِثَ مَعْصِيَةٍ فِي الإِسْلَامِ، بَعْدَ الشِّرْكِ وَالْقَتْلِ، وَتَشْتَدُّ هَذِهِ الْجَرِيمَةُ، إِذَا كَانَ هَذَا الزِّنَا بِالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ، أَوِ الْجَارَةِ، أَوْ زَوْجَةِ الْقَرِيبِ.


ثَامِنًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ بَيَّنَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ لِغَيْرِ آبَائِهِمْ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُزَوِّرُونَ الأَوْرَاقَ، وَيَخْلِطُونَ بَيْنَ الأَنْسَابِ وَالْمَحَارِمِ، فَيَجْعَلُونَ مَا لَيْسَ بِمَحْرَمٍ مَحْرَمًا، وَمَنْ كَانَ مَحْرَمًا لَا يَكُونُ مَحْرَمًا، مِنْ أَجْلِ الْحُصُولِ عَلَى جِنْسِيَّاتٍ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". أَخْرَجَهُ اللَّالَكَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَهُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، بِاللَّفْظِ: "(لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ إِلَّا كَفَرَ)". فَتَحِلُّ بِسَبَبِ أَفْعَالِهِمُ الشَّنِيعَةِ مَصَائِبُ، وَمَشَاكِلُ فِي الْمَحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُمْ أَدْخَلُوا فِي وَرَثَةِ مَيِّتٍ مَنْ لَيْسُوا مِنْ وَرَثَتِهِ، وَيَحْرِمُونَ وَرَثَةً مِنَ الْمِيرَاثِ، فَهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ الْكَذِبِ وَالتَّزْوِيرِ، وَشَهَادَاتِ الزُّورِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْجَرَائِمِ، بِسَبَبِ الْحُصُولِ عَلَى عَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ. وَبَعْضُهُمْ يَكُونُ سَبَبُ انْتِسَابِهِ لِغَيْرِ أَبِيهِ بِسَبَبِ التَّفَاخُرِ بِالْأَنْسَابِ، فَيَنْسِبُ نَفْسَهُ إِلَى قَبِيلَةٍ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ، أَوْ أَهْلٍ غَيْرِ أَهْلِهِ.


تَاسِعًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم إِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا: مَنْ يُفَرِّقُ – عِنْدَ بَيْعِ الْمَمْلُوكِ – بَيْنَ الأُمِّ وَابْنِهَا، وَالأَبِ وَابْنِهِ، وَالإِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ فَرَّقَ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ يَشْمَلُ: كُلَّ مَنْ فَرَّقَ، سَوَاءٌ بِنَمِيمَةٍ، أَوْ وَشَايَةٍ. وَالأَشَدُّ: مَنْ فَرَّقَ بِكَذِبٍ وَافْتِرَاءٍ بَيْنَ الأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ، الَّذِينَ يَسْعَوْنَ لِلْإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ بِالتَّفْرِيقِ، وَالْحَدِيثُ عَامٌّ.


عاشِرًا: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ قالَ عَنْهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا، الَّذِينَ يَدَّعُونَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُمْ، سَوَاءٌ كانَ نَسَبًا أَوْ مالًا أَوْ حَقًّا أَوْ عَمَلًا أَوْ صِفَةً، فَهُمْ عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَسُنَّتِهِمْ. لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ ادَّعَى ما لَيْسَ لَهُ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ، قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَشَبَّعَ بِمَا لَمْ يُعْطَ، فَهُوَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.


الحادي عَشَر: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ قالَ عَنْهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا، الَّذِينَ لا يُجِيبُونَ السَّلَامَ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يُجِبِ السَّلَامَ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". أَخْرَجَهُ ابْنُ السُّنِّيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. لأَنَّ الَّذِي لا يُجِيبُ السَّلَامَ إِمَّا عَنْ كِبْرِيَاءِ، أَوْ عَنْ شَحْنَاءِ فَأَثَرَ الْهَوَى عَلَى أَوَامِرِ اللهِ، وَأَوَامِرِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: وَذُكِرَ مِنْهَا رَدُّ السَّلَامِ). رَوَاهُ الْبُخَارِيّ. فَهُوَ قَدَّمَ هَوَاهُ عَلَى أَوَامِرِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَحَقَّ أَلَّا يَكُونَ مِنَّا كَمَا قَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم.


الثَّانِي عَشَر: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ قالَ عَنْهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا، الَّذِينَ يَتَشَبَّهُونَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَمِنْ يَتَشَبَّهْنَ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا؛ مَنْ تَشَبَّهَ بِالرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ، وَلَا مَنْ تَشَبَّهَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ". أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَذَلِكَ سَوَاءً بِلبَاسِهِمْ، أَوْ أَصْوَاتِهِمْ، أَوْ أَيِّ شَيْءٍ مِنْ طِبَاعِهِمْ، وَمَا اخْتَصُّوا بِهِ، سَوَاءً كَانَ مِنْ بَابِ الْجِدِّ أَوِ الْمُزَاحِ، أَوْ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ وَأَشْنَعُ إِذَا اشْتَمَلَ عَلَى الشَّهَوَاتِ أَوِ التَّسْمِي بِأَسْمَاءِ الْجِنْسِ الآخَرِ.


الثَّالِثُ عَشَر: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ قالَ عَنْهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا، الَّذِينَ يَغْشُونَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَالْمُعَامَلَاتِ، وَالْعُقُودِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا؛ مَنْ غَشَّ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَشَّنَا؛ فَلَيْسَ مِنَّا". رَاوَهُ مُسْلِمٌ.


الرَّابِعُ عَشَر: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ قالَ عَنْهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا، الَّذِينَ يَصْرُخُونَ وَيُصِيحُونَ عَلَى خُيُولِهِمْ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُسْبِقُوا، فَهُمْ لَيْسُوا عَلَى هَدْيِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَسُنَّتِهِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَلَبَ عَلَى الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَالْجَلْبُ عَلَى الْخَيْلِ هُوَ: أَنْ يَأْتِيَ بِرَجُلٍ يَجْلِبُ عَلَى فَرَسِهِ، فَيُصِيحُ عَلَيْهِ حَتَّى يُسْبِقَ، وَفِي هَذَا جَوْرٌ عَلَى الْمُنَافَسَةِ، وَهُوَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الْغِشِّ، وَالْكَسْبِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ.


الخَامِسُ عَشَرَ: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ قالَ عَنْهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا، الَّذِينَ يَنْتَهِبُونَ أَوْ يَأْخُذُونَ مالَ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ عَنْ طَرِيقِ النَّهْبِ أَوِ الاِخْتِلَاسِ أَوِ السَّرِقَةِ، فَهُمْ لَيْسُوا عَلَى هَدْيِ المُسْلِمِينَ وَمَنْهَجِهِمْ، وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِمَنْ يَرْتَكِبُ هَذِهِ الفِعْلَةَ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ اِنْتَهَبَ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.


السَّادِسُ عَشَرَ: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ قالَ عَنْهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا، الَّذِينَ لَمْ يَتَغَنَّوْا بِالقُرْآنِ، وَالمَقْصُودُ هُوَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِهِ قَدْرَ الوُسْعِ وَالطَّاقَةِ، فَأَخْبَرَ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا وَطَرِيقَتِنَا وَلَيْسَ مُقْتَدِيًا بِنَا؛ مَنْ لَمْ يُحَسِّنْ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ وَيَجْهَرْ بِهِ رَافِعًا بِهِ صَوْتَهُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا؛ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْسِنَ التِّلَاوَةَ، وَلَيْسَ المَقْصُودُ أَنَّهُ كُلَّمَا قَرَأَ القُرْآنَ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ بِالتَّرْتِيلِ، بَلْ يَجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ.


السَّابِعُ عَشَرَ: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ قالَ عَنْهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَّا، الَّذِينَ لَا يَأْخُذُونَ مِنْ شَوَارِبِهِمْ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ؛ فَلَيْسَ مِنَّا". أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، بِسَنَدٍ حَسَنٍ. حَيْثُ حَثَّ الإِسْلَامُ عَلَى العِنَايَةِ بِهَيْئَةِ المُسْلِمِ وَنَظَافَةِ مَظْهَرِهِ عِنَايَةً بَالِغَةً؛ حَتَّى يَكُونَ مُتَمَيِّزًا عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الكُفَّارِ وَالمُشْرِكِينَ. وَالمَقْصُودُ: إِزَالَةُ مَا طَالَ مِنْ شَعْرٍ عَلَى الشَّفَتَيْنِ بِالقَصِّ، فَيَسْتَقْصِي فِي الأَخْذِ مِنْهُ؛ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا، وَلَيْسَ مُوَافِقًا لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ زَجْرًا وَتَهْدِيدًا لِتَرْكِ هَذِهِ السُّنَّةِ أَنْ يَمُوتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَشَبُّهًا بِالمَجُوسِ وَالكُفَّارِ، الَّذِينَ عُرِفُوا بِإِطَالَةِ شَوَارِبِهِمْ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


خُطْبَة: «لَيْسَ مِنا» – الْجُزْءُ الثَّانِي – الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ - عِبَادَ اللَّهِ - حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.


عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمْ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنا الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ الرَّمْيَ ثُمَّ يَتْرُكُونَهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ، ثُمَّ تَرَكَهُ؛ فَلَيْسَ مِنَّا؛ أَوْ قَدْ عَصَى». رَوَاهُ مُسْلِم. أَي: تَعَلَّمَهُ وَأَتْقَنَهُ وَصَارَ حَاذِقًا فِيهِ، وَالْمَرَادُ بِهِ الرَّمْيُ بِالسِّهَامِ وَالنَّبْلِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا ظَهَرَ مِنَ الْمُعَدَّاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ الْحَدِيثَةِ وَالْمُعَاصِرَةِ. «ثُمَّ تَرَكَهُ» بِلا عُذْرٍ؛ إِعْرَاضًا عَنْهُ وَإِهْمَالًا لَهُ حَتَّى نَسِيَهُ، «فَلَيْسَ مِنَّا»، وَلَيْسَ عَلَى هَدْيِنَا وَسُنَّتِنَا؛ لِأَنَّنَا لَا نَتْرُكُ الرَّمْيَ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ، لِأَنَّ فِي الرَّمْيِ مِنَ الْفَوَائِدِ الَّتِي مِنْهَا الظَّفَرُ عَلَى الْأَعْدَاءِ عِنْدَ مُلاقَاتِهِمْ، وَإِحْدَاثُ النِّكَايَةِ بِهِمْ.


وَوَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَرْكِ الرَّمْيِ بِأَنَّهُ قَدْ عَصَى، أَي: أَثِمَ وَأَذْنَبَ بِتَرْكِهِ مَا حَضَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُنَاضَلَةِ وَالرَّمْيِ، وَهُوَ تَشْدِيدٌ عَظِيمٌ عَلَى نِسْيَانِ الرَّمْيِ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 60]. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ». رَوَاهُ مُسْلِم. فَبَيَّنَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الرَّمْيَ هُوَ مِنَ الْقُوَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ فِي الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ وُصُولًا لِلْعَدُوِّ، وَأَكْثَرُ إِصَابَةً لَهُمْ مَعَ حِفْظِهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالدِّفَاعِ عَنْهُمْ مِنْ بَعِيدٍ، فَمَنْ تَرَكَهُ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ فَإِنَّ فِيهِ تَخَاذُلًا عَنْ نُصْرَةِ الدِّينِ، وَالدِّفَاعِ عَنِ الْوَطَنِ، وَحِمَايَةِ الْأَعْرَاضِ، وَالثُّغُورِ.


اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتَيْهِمَا لِلْبَرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ وَأَحِطْهُم بِعِنَايَتِكَ، وَاجْعَلْهُم هُدَاةً مُهْتَدِينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ. وَأَصْلِحْ بِهِمَا الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ. اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا، وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا. اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ المُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ. اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَأَكْلَأْنَا بِرِعَايَتِكَ، وَاحْطِنَا بِعِنَايَتِكَ، اللَّهُمَّ يَسِّرْنَا لِلْيُسْرَى، وَجَنِّبْنَا الْعُسْرَى. وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَامْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُّرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ. «رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ، وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا». اللَّهُمَّ احْفَظِ الأَبْنَاءَ وَالْبَنَاتَ، وَاجْعَلْهُمْ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ وَأَحِطْهُمْ بِعِنَايَتِكَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا وَإِيَّاهُمْ مِنْ مُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمُؤَدِّي الزَّكَاةِ.


اللَّهُمَّ نَسْتَغْفِرُكَ وَنَتُوبُ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ فَأَرْسِلْ عَلَيْنَا السَّمَاءَ مِدْرَارًا، اللَّهُمَّ نَسْتَغْفِرُكَ وَنَتُوبُ إِلَيْكَ وَنَـجْأَرُ إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا عَامًّا طَبَقًا سَحًّا دَائِمًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ. اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، وَلا سُقْيَا عَذَابٍ وَلا بَلاءٍ وَلا هَدْمٍ وَلا غَرَقٍ، "اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللهم صيّباً نافعاً، اللهم صيّباً نافعاً، اللَّهُمَّ اِفْتَحْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ! اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِـمَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلَا تُعَامِلْنَا بِـمَا نَـحْنُ أَهْلُهُ، أَنْتَ أَهْلُ الْـجُودِ وَالْكَرَمِ، وَالْفَضْلِ والإِحْسَانِ، اللَّهُمَّ اِرْحَمْ بِلَادَكَ، وَعِبَادَكَ، اللَّهُمَّ اِرْحَمْ الشُّيُوخَ الرُّكَّعَ، وَالْبَهَائِمَ الرُّتَّعَ اللَّهُمَّ اِسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَـجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِيـنَ. اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، يَا ذَا الجـلَالِ، والإِكْرامِ، يَا ذَا الجـلَالِ، والإِكْرامِ، أَكْرِمْنَا وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. هَذَا فَصَلُّوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَلَى مَن أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَلَا وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكُمْ، يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 92.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 90.41 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.31%)]