كل هذا تتحملينه من أجلي

[قاصرة الطرف]

طفل يعيش في فلسطين ... ذهب في الصباح الباكر...ودع أمه... ودع أباه .. ليذهب الى مدرسته...
على أصوات القنابل والمدافع والرشاشات ...لكن الدراسة لا بد منها...يا بني انتبه لنفسك ..يا بني اخرج مع جيرانك...
لا تذهب لوحدك ....ولا ترجع لوحدك.....يا بني كن دائم الذكر .. يا بني أحبك .. فاحرص على نفسك ...ارجع إلينا سالما يا بني .. لا تخافي علي ... يا أمي ..أنا بطل ... أنا شجاع ..أنا قوي..أنا مجاهد في سبيل الله ... لا أخاف من طائراتهم ولا دباباتهم ...لا عليك يا أمي الله يحفظني..نعم الله يحفظك... ادع الله عز وجل ..وارجع إلينا سالما... قبلته الأم ... وذهب ..مشى ... ومشى...أين الجيران ..خرج الجيران ليذهب معهم .. التفت... لا زالت أمه تنظر إليه ... ابتعد ...لا ما زالت أمه واقفة ...يا أماه...مالك كل هذا تتحملينه من أجلي ..ادخلي إلى البيت يا أماه... ذهب الطفل إلى مدرسته ... ذهب ... ودرس... يسمعون صوت الدبابات والمدافع ولكنهم يتحملون ... ساعة خوف!! ... وساعة دراسة!! ... ساعة رعب!!... وساعة دراسة!! ... لكنهم تحملوا... وتعودوا على هذه الأوضاع !!!!!



سمعتم بالخبر ... ما الخبر ؟؟!!

انتهت المدرسة ... خرج الأطفال من المدرسة ... يتوجهون إلى بيوتهم .... جاءكم الخبر ... ما الخبر ؟؟؟!!!
المنطقة الفلانية ... هدمت فيها بيوت ومات كثير من إخواننا المسلمين ... أي منطقة ؟؟... المنطقة الفلانية ...الشارع الفلاني ..شارع فلان ... نعم .... وقع فيها قصف ... خاف الطفل المسكين!!!
هذا الشارع فيه بيتنا! .. أخذ يركض الطفل ... يركض مع أصحابه وجيرانه ... يسرع إلى بيته .. ربما أمي فزعت من أصوات القنابل!! ... ربما أبي خاف من هذه الأصوات!! ... ويركض الطفل المسكين ... فلما وصل ... أين بيتنا ؟؟؟...لما الناس متجمعون ..لما هذه السيارات .. سيارات الإسعاف .... ولما كل الناس متجمعون؟؟؟.... أين بيتنا ؟؟؟... لعلي أخطأت الطريق؟؟؟... أين بيتنا ؟؟؟... وصل الطفل ... نظر ... البيت قد هدم ... دمعت عيناه ... سأل من حوله !؟.
قال له أين الذين يعيشون في البيت؟؟!!... قال: إنا لله وإنا إليه راجعون ..
قصف البيت ... ومات كل من فيه ... صاح الطفل .. .. بكى .. أراد أن يدخل يبحث بين الأنقاض .... مسكه الناس ... منعوه .. يا بني ... ماذا تريد أن تفعل ... ماذا تريد أن تصنع ؟؟ ... البيت لازال خطرا .. ربما يسقط منه شئ .. يا بني ربما فيه متفجرات !!!!...
أبي مات!!... أمي ماتت!!!... أخواني ... لم يبق منهم أحد... أسرتي كلها ذهبت... لا يتذكر إلا نظرات أو دمعات أمه في الصباح ...وهي تقول الله يحفظك يابني عد إلينا ... عد إلينا سالما .. أين أمي هذه جثتها ... أين أخواني ...أين أسرتي ؟؟... يبكي الطفل ...أين سأنام؟؟؟ ... أين سأذهب ؟؟!..
أخذ وألحق في بعض المخيمات ... مخيمات أناس هدمت بيوتهم ... جلس في هذه المخيمات ... ولسان حاله ... لسان حال كل طفل في فلسطين ... قتلت أسرته... أوهدم بيته ... أو ضاعت أسرته ... وهو يعيش لوحده ... يسأل نفسه .. فيقول :

وحيدا أسائل أين أنا...

وأين الحديقة في ظلها.....
بجسمي النحيل أجوب الدنا...
وأين حبيبي.. وأين أخي..
وأين التي لملمت شملنا...
أفتش أسأل كل العيون...
ترا ما الذي قد ألم بنا..
تجيب العيون بدمع الشجون...
وتبكي الغصون على المنحنى...
أسير وأنظر بين البيوت...
دمار هناك ... خراب هنا.....
شريدا أعيش بلا مسكن...
وقوتي دموعي... ودمعي ضنا...
أنادي وأصرخ يا أمتي....
ألا من يخفف عني العنا...
ويرتد صوتي حزينا إلى ..
أقول تمهل عسى علنا..
فيدنو ويهمس في مسمعي ..
وهل من مجيب سواه لنا
فافتح كفي وأعلو به ..
وأغمض عيني فيهمي السنا...
وارفع طرفي نحو السماء...
وأدعو وأدعو أيا ربنا...
يتيم أتاك ويرجو الرضا..
ويبغي حماك له مأمنا...
وصلت الغيوم وزرت النجوم...
غرست اشتياقي وقلبي جنا...
فشع الضياء وفاض العطاء...
وهذا مناي وأي منى...
وحيدا أسائل أين أنا...
وأين الطريق إلى حينا...


من شريط روائع القصص _ للشيخ نبيل العوضي _ حفظه الله ورعاه





_ وطني ويحميك نار ولظى ..... وليس يحميك أغاريد وفن _