إمامة المرأة الرجل في الصلاة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 872 - عددالزوار : 204370 )           »          من أسباب الثراء الخفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          قبسات من علوم القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          تفسير سورة يونس (الحلقة الحادية عشرة) مسيرة بني إسرائيل عظة لأمة الإسلام فهل تتعظ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: الغني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الدرس التاسع والعشرون فضل ذكر الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          دعاء الاستخارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 19-09-2021, 07:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,979
الدولة : Egypt
افتراضي إمامة المرأة الرجل في الصلاة

إمامة المرأة الرجل في الصلاة
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني






تعريف الإمامة:
الإمامة لغة:مصدرٌ من قولك «أمَّ»، وهي تعني القصد[1]، وتأتي بمعنى التقدم، ومنه قولك: أَمَّ القوم، وأَمَّ بهم، أي تقدمهم، وصار لهم إماما يتبعونه، وهي الإمامة[2].


ويُطلق الإمام على مَن يُؤتم به في الصلاة، ويطلق على الذكر والأنثى، وربما أُنِّث بالهاء، فقيل: امرأة إمامة[3].


والإمام: هو كل من ائتم به قوم من رئيس أو غيره، سواء كانوا على الصراط المستقيم، أو كانوا ضالين[4].
وفي التنزيل: ﵟ‌وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا ﵞ [الفرقان: 74].

وقوله: ﴿ يَوۡمَ نَدۡعُواْ ‌كُلَّ ‌أُنَاسِۭ بِإِمَٰمِهِمۡۖ ﴾ [الإسراء: 71]،أي بالذي يقتدون به[5] سواء كان إمام هدى، أو إمام ضلالة[6].


وإمام كل شيء: قيِّمه والمصلح له، والقرآنُ إمام المسلمين، وسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلمإمام الأئمة، والخليفة إمام الرعية، وإمام الجند قائدهم، ويقال: إمامنا هذا حسن الإِمَّة، أي حسن القيام بإمامته إذا صلى بنا، وأممتُ القوم في الصلاة إمامة، وأتمَّ به أي اقتدى به[7].
وخلاصة ذلك أن الإمامة في اللغة تعني القصد، والقيادة، والتقدُّم.


الإمامة شرعا: هي صفة شرعية توجب لموصوفها كونه متبوعا لا تابعا[8].


وهي نوعان:
أحدهما: إمامة كبرى: هي استحقاق تصرف عام على الناس، يتبعونه في أوامره ونواهيه، وتسمى بالرياسة.


الآخر: إمامة صغرى: هي ربط صلاة المؤتم بالإمام، فيتبعونه في صلاته أو جزء منها، ولا يصير الإمام إماما إلا إذا ربط المقتدي صلاته بصلاته، فنفس هذا الارتباط هو حقيقة الإمامة،وهو غاية الاقتداء[9]، وهذه هي المرادة هنا.


تحرير محل النزاع:
اختلف أهل العلم في إمامة المرأة الرجل في الصلاة على ثلاثة أقوال.


سبب اختلافهم:
أنه لم تأت آية، ولا سنة صريحة صحيحة في تولي المرأة إمامة الرجل في الصلاة، بل الأحاديث التي احتج بها أصحاب كل قول كلها محتملة في ألفاظها، ومختلف في صحتها[10].


أقوال العلماء في حكم إمامة المرأة الرجل في الصلاة:
القول الأول: لا يجوز للمرأة أن تؤم الرجل مطلقا.
القائلون به: فقهاء المدينة السبعة[11]،والتابعون[12]، والمالكية[13]، والحنفية[14]،..................... والشافعية[15]، والحنابلة[16]، وسفيان الثوري[17]، والظاهرية[18]، وعامة الفقهاء من السلف والخلف[19]، والشوكاني[20]، والصنعاني[21].


الأدلة التي استدلوا بها:
أولا: السنة النبوية:
1- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمفَقَالَ: «أَلَا لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا»[22].
أجيب بأنه ضعيف[23].


نوقشَ بأنه يؤيده في الحكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»[24]، ومن ائتم بالمرأة فقد ولَّاها أمر صلاته[25].


2- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَخِّرُوهُنَّ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ»[26].
وجه الدلالة: إذا وجب تأخيرهن حرم تقديمهن[27]، ولو قدمناهن فعلنا ما نهينا عنه[28].
أجيب بأنه لا أصل له مرفوعا، وإنما هو من قول ابن مسعود رضي الله عنهكما في المصنف لعبد الرزاق[29].


3- عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمقَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»[30].
وجه الدلالة: هذا الحديث عام، يفيد منع النساء من أن يكون لهن منصب الإمامة في الصلاة للرجال[31].


4- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا»[32].


وجه الدلالة: قد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوف النساء بعد صفوف الرجال وذلك؛ لأنهن عورات، وائتمام الرجل بالمرأة خلاف ما يفيده هذا[33].


وفي هذا الحديث أن خير صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال آخرها، فإذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن أولها، وشرها آخرها، وإنما فُضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال؛ لبعدهن من مخالطة الرجال، ورؤيتهم، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم، وسماعكلامهم، ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك[34].


5- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: «قُومُوا فَلِأُصَلِّ لَكُمْ»، قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا، قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَصَفَفْتُ وَاليَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ[35].
وجه الدلالة: أن المرأة لا تساوي الرجال في مرتبة الاصطفاف، فكيف تقدمهم في الإمامة؟[36].


6-عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ»[37].


وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلمكان يتأخَّر في الانصراف عن الصلاة؛ لأجل أن ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال، فكيف لو كانت هي الإمامة؟![38].


7- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ»[39].


وجه الدلالة: أن إمامة المرأة الرجال في الصلاة لا تصح؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة رضي الله عنهم أن امرأة أمَّت الرجال في الصلاة[40].


8- لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن المرأة تقطع صلاة الرجل[41]، وأن موقفها في الصلاة خلف الرجال[42]، والإمامُ لا بد له من التقدم أمام المأمومين، أو من الوقوف عن يسار المأموم إذا لم يكن معه غيره، فلو تقدمتِ المرأة أمام الرجل لقطعت صلاته، وصلاتها،وكذلك لو صلَّت إلى جنبه؛ لتعديها المكان الذي أُمرت به، فقد صلت بخلاف ما أُمرت[43].


ثانيا: المعقول:
1- لأن الله تبارك وتعالىجعل الرجال قوامين على النساء، وقَصَرَهُنَّ عن أن يَكُنَّ أولياء[44].


2- لأن المرأة عورة، وفي إمامتها افتنان بها، وقد جعل النبيصلى الله عليه وسلمالتصفيق لها بدلا من التسبيح للرجل[45] في نوائب الصلاة خوفا من الافتتان بصوتها، وكذلك في الائتمام بها[46].


3- لأنه لما كانت سُنَّتهنَّ في الصلاة التأخير عن الرجال عُلم أنه لم يجز لهن التقدم عليهم[47].


4- لأن الإمامة ولاية، وموضع فضيلة، وليست المرأة من أهل الولايات، ألا تراها لا تلي الإمامة العظمى، ولا القضاء، ولا عقد النكاح؟ فكذلك إمامة الصلاة[48].


5- لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في جواز إمامة المرأة الرجل أو الرجال شيء، ولا وقع في عصره، ولا في عصر الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين من ذلك شيء، لو كان جائزا لنُقِل ذلك عنهم، ولا يقال: الأصل الصحة؛ لأنا نقول: قد ورد ما يدل على أنهن لا يصلحن لتولي شيء من الأمور، منها الإمامة، بل هي أعلاها وأشرفها[49].


6- لأنها لا تؤذن للرجال، فلم يجز أن تؤمهم[50].


7- لأن المرأة ليست من أهل إمامة الرجال، فكانت صلاتها عدما في حق الرجل، فانعدم معنى الاقتداء[51].


8- لأن المرأةَ وُصِفَت في الشرعِ بنقصانِ العقل والدِّين، فلا تصح إمامتها، كالكافر[52].


9- حكى بعض أهل العلم الإجماع على عدم جواز أن تؤم المرأة الرجل، ولا الرجال مطلقا[53].
وحكى بعضهم أنه لا خلاف في أن المرأة لا تؤم الرجال في الفرائض[54].


قال ابن حزم رحمه الله: «واتفقوا أن المرأة لا تؤم الرجال وهم يعلمون أنها امرأة، فإن فعلوا فصلاتهم فاسدة بإجماع»[55].


أجيب بأنه ثبت الخلاف كما تقدم، وقد نقد ابن تيميةَ رحمه اللهذلك، فقال: «ائتمام الرجال الأميين بالمرأة القارئة في قيام رمضان يجوز في المشهور عن أحمد، وفي سائر التطوع روايتان»[56].


القول الثاني: يجوز للمرأة أن تؤم الرجل مطلقا.
القائلون به: أبو ثور[57]، والمزني[58]، والطبري[59]، وداود[60].


وقد نقل بعض أهل العلم هذا القول مقيدًا بصلاة التراويح إذا لم يكن قارئ غيرها[61]، وتقف خلف الرجال[62].


الأدلة التي استدلوا بها:
أولا: السنة النبوية:
1- عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم«كَانَ يَزُورُهَا فِي بَيْتِهَا، وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا»،قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: «فَأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا»[63].
وجه الدلالة: هذا عام في الرجال، والنساء[64].


أجيب عنه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه ضعيف، في إسناده عبد الرحمن بن خلاد، وفيه جهالة[65]، لذلك لا يجب أن يُعول على هذا الحديث[66].


الثاني: على فرض صحته، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أذِن لها أن تؤم نساء أهل دارها، كذلك أخْرجَهُ الدارقطنيُّ[67]، وهذه زيادة يجب قبولها، ولو لم يُذكر ذلك لتعين حمل الخبر عليه؛ لأنه أَذِن لها أن تؤم في الفرائض، بدليل أنه جعل لها مؤذنا، والأذان إنما يشرع في الفرائض، ولا خلاف في أنها لا تؤمهم في الفرائض، ولأن تخصيص ذلك بالتراويح، واشتراط تأخرها خلف الرجال تحكُّمٌ يخالف الأصول بغير دليل، فلا يجوز المصير إليه[68].


الثالث: لو قُدِّرَ ثبوت ذلك لأم ورقة، لكان خاصا بها بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء أذان ولا إقامة، فتختص بالإمامة؛ لاختصاصها بالأذان، والإقامة[69].


2- عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ»[70].


أجيب بأن لفظ القوم يُطلق على الرجال دون النساء، قال الله سبحانه وتعالى: يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ‌لَا ‌يَسۡخَرۡ ‌قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ ﵞ [الحجرات: 11].


فلو دخل النساء في القوم لم يُعِد ذِكرهن فيما بَعد، وقد قال الشاعر:
وما أدري وسوفَ إخالُ أدري*** أقومٌ آلُ حصن أم نساءُ[71]

ثانيا: المعقول:
1- لأن من يصح أن يأتم بالرجال صح أن يكون إماما للرجال كالرجال[72].


أجيب بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الرجل من أهل الولايات، وممن لا يخشى الافتتان بصوته بخلاف المرأة، وقد قال تعالى: ﵟ‌ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖﵞ [النساء: 34] [73].


2- لأن نقص الرق أشد من نقص الأنوثة بدلالة أن العبد يُقتل بالمرأة الحرة، ولا يجوز أن تُقتل المرأة الحرة بالعبد، فلما جاز أن يكون العبد إماما للأحرار كانت المرأة أولى بإمامتهم[74].


أجيب بأنه قياس مع الفارق؛ لأن نقص الرق في العبد دون نقص الأنوثة؛ لأنه عارضٌ يزول، والأنوثة نقص ذاتي لا يزول على أن المعنى في العبد أنه ممن لا يخشى الافتتان به، وقد قال تعالى:ﵟ‌ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ [النساء: ٣٤][75].


القول الثالث: يجوز للمرأة أن تؤم الرجال في التراويح إذا كانت قارئة وهم أُمِّيُّون، وتقف خلفهم، ويقتدون بها.
القائلون به: رواية عن أحمد[76]، وأكثر الحنابلة[77].


الأدلة التي استدلوا بها:
حديث أم ورقة رضي الله عنها المتقدم، وحملوه على صلاة التراويح[78].


أجيب عنه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه ضعيف لا تقوم به حجة كما تقدَّم.


الثاني: على فرض صحته فإن تخصيصه بالتراويح، واشتراط تأخرها خلف الرجال تَحكُّم يخالف الأصول بغير دليل، فلا يجوز المصير إليه[79].


الثالث: على فرض صحته أيضا؛ فأنها كانت تؤم في الفرائض؛ لذلك جعل لها مؤذنا، والأذان إنما يشرع في الفرائض[80].


يتضح مما سبق عدة أمور:
أحدها: أن العلماء كافة قالوا بعدم جواز إمامة المرأة الرجال في الصلاة إلا من شذَّ كالطبري، وأبي ثور، والمزني.


الثاني: حديث أم ورقة الذي استدل به القائلون بالجواز مختلف في صحته، وبعضهم قيده بإمامة نساء بيتها.


الثالث: الناقلون لقول القائلين بجواز إمامة المرأة اختلفوا، فمنهم من أطلقه، ومنهم من قيده بثلاثة شروط:
1- أن يكون في صلاة التراويح فقط.
2- إذا لم يكن قارئ غيرها.
3- أن تقف خلف الرجال.


الترجيح: أرى أن الراجح في إمامة المرأة الرجال في الصلاة أنه لا يجوز، وهو قول المذاهب الثمانية[81]، وفقهاء المدينة السبعة، وذلك لخمسة أمور:
أحدها: عدم وجود دليل صحيح صريح يدل على الجواز، والعبادات توقيفية لا يجوز فيها شيء إلا بنص شرعي.


الثاني: قوة أدلة القائلين بعدم الجواز.


الثالث: اختلاف النقل عن القائلين بالجواز ما بين مقيِّد، ومطلِق.


الرابع: إجماع الأمة سلفا وخلفا، قولا وعملا، فلم يعرف تاريخ المسلمين خلال أربعة عشر قرنا أن امرأة خطبت الجمعة، وأمَّت الرجال، ولا تجتمع أمة المسلمين على ضلالة أبدا[82].


الخامس: منع النساء من إمامة الرجال من باب التكريم لا من باب الإهانة والانتقاص، وليس نوعا من أنواع الحطِّ من كرامتهن بل ذلك إعلاء لشأنهن، ومراعاة للأدب العالي، وللحياء، وللتعاون على امتثال الأمر بغض البصر، وقد أمر الإسلام بالعفة والعفاف، وأمر بغض البصر، وستر العورة، ولا يتحقق ذلك إذا أمَّت المرأة الرجال في الصلاة لا سيما عند السجود الذي به قد يتحدد جسد المرأة ويتكشف[83].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 171.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 169.32 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (0.98%)]