|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#591
|
||||
|
||||
![]() وهذه الآيات الثلاث: آية في المهاجرين، وآية في الأنصار، وآية في الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار ممن يستغفر لهم ويسأل الله عز وجل ألا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، أي: أن قلوبهم وألسنتهم سليمة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاء عن مالك بن أنس رحمة الله عليه أنه قال: إن هذه الآية تدل على أن الرافضة لا نصيب لهم في الفيء؛ لأنهم ليسوا من الأصناف الثلاثة؛ لأن الآية التي جاءت بعد ذكر المهاجرين والأنصار وصف الله عز وجل أهلها المستحقين للفيء أنهم يستغفرون للذين سبقوهم بالإيمان من المهاجرين والأنصار، ويسألون الله ألا يجعل في قلوبهم غلاً لهم. قوله: [ إلا بعض من تملكون من أرقائكم ] قيل: إن المقصود بالتبعيض الكل، أي: الذين تملكون من أرقائكم، وقيل: المقصود أن بعض الأرقاء أعطوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذا التبعيض يراد به أن منهم من أعطي ومنهم من لم يعط. تراجم رجال إسناد حديث: (هذه لرسول الله خاصة قرى عرينة) قوله: [حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ]. إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أيوب ]. أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري عن عمر ]. والزهري مر ذكره، و عمر أيضاً مر ذكره، والزهري من صغار التابعين لم يدرك عمر رضي الله عنه، ولكن الحديث صححه الألباني للشواهد، وإلا ففيه انقطاع. شرح حديث: (كانت لرسول الله ثلاث صفايا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هشام بن عمار حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: ح وحدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني عبد العزيز بن محمد ح وحدثنا نصر بن علي قال: حدثنا صفوان بن عيسى ، وهذا لفظ حديثه؛ كلهم عن أسامة بن زيد عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان رضي الله عنه قال: (كان فيما احتج به عمر رضي الله عنه أنه قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث صفايا: بنو النضير وخيبر وفدك، فأما بنو النضير فكانت حبساً لنوائبه، وأما فدك فكانت حبساً لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أجزاء: جزأين بين المسلمين، وجزء نفقة لأهله فما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين) ] . أورد أبو داود حديث مالك بن أوس بن الحدثان قال: [ (كان فيما احتج به عمر رضي الله عنه أنه قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا) ]. يعني: كان فيما احتج به عمر في كون الرسول صلى الله عليه وسلم خلف شيئاً وأبقاه، وأنه يصرف في سبيل الله عز وجل إلا ما كان يأخذ منه لأهله نفقة سنة. قوله: [ (فأما بنو النضير فكانت حبساً لنوائبه) ] يعني: ما ينوبه من المناسبات التي تحتاج إلى بذل وعطاء، فإنه ينفق منها في سبيل الله عز وجل، يعني: للجهاد وللسلاح وللكراع ولإعطاء المحتاجين. قوله: [ (وأما فدك فكانت حبساً لأبناء السبيل) ]. يعني: ينفق على أبناء السبيل منها. قوله: [ (وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء: جزأين بين المسلمين، وجزء نفقة لأهله، فما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين)]. يعني: وما حصل من خيبر جزأه ثلاثة أجزاء: جزءان للمسلمين، وجزء ينفق على نفسه وأهله منه، وما بقي فإنه يجعله في المهاجرين في سبيل الله، الذين هاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت التي كانت فيه الهجرة قبل أن تفتح مكة، فكان يعطيهم منه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، والمقصود أنهم أشد حاجة من غيرهم في الإعطاء، وإلا فإنه كان يعطي المهاجرين والأنصار جميعاً. تراجم رجال إسناد حديث ![]() قوله: [حدثنا هشام بن عمار ] . هشام بن عمار صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [حدثنا حاتم بن إسماعيل ] . حاتم بن إسماعيل صدوق يهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: ح وحدثنا سليمان بن داود المهري ]. سليمان بن داود المهري المصري ثقة، أخرج أبو داود و النسائي . [أخبرنا ابن وهب ]. عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرني عبد العزيز بن محمد ]. عبد العزيز بن محمد الدراوردي وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: ح وحدثنا نصر بن علي ]. نصر بن علي الجهضمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا صفوان بن عيسى ]. صفوان بن عيسى وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [وهذا لفظ حديثه]. أي: لفظ حديث صفوان ؛ لأنه ذكره من عدة طرق، ولكنه ساقه على الطريق الأخيرة من هذه الطرق. [ كلهم عن أسامة بن زيد ]. أسامة بن زيد الليثي وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن الزهري عن مالك بن أوس الحدثان ]. مر ذكرهما. شرح حديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني قال: حدثنا الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها أخبرته أن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أرسلت إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال ، وإني والله لا أغير شيئاً من صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأبى أبو بكر رضي الله عنه أن يدفع إلى فاطمة رضي الله عنها منها شيئاً) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر رضي الله عنه تطلب ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم من فدك وما بقي من خمس خيبر وما كان في المدينة من أموال بني النضير، وسبق أن مر أن علياً رضي الله عنه جاء يطلب ميراث زوجته، فلعل المقصود أنها طلبت من علي أن يطلب ذلك؛ فأبو بكر رضي الله عنه قال: إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة)، وقال: إنما يأكل آل محمد من هذا المال يعني: أنهم ينفق عليهم من هذا المال الذي هو الخمس والفيء الذي يفيء الله عز وجل، ثم ذكر أنه لا يغير شيئاً كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ينفق على آل محمد من هذا المال والباقي يصرفه في سبيل الله كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، وقد قال: (ما تركناه صدقة). وأبى أن يدفع لها المال على أساس أنه ميراث، ولكنه يعطيها ويعطي غيرها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي أهل بيته، فكان آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم يأكلون من هذا لمال ويعطون من هذا المال، ولا تحل لهم الصدقة اكتفاءً بما كانوا يعطون من الأموال التي هي غنيمة وفيء. تراجم رجال إسناد حديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها) قوله: [حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ]. يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الليث بن سعد ]. الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عقيل بن خالد ]. عقيل بن خالد بن عقيل المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير ]. ابن شهاب مر ذكره، وعروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة ]. هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. طريق أخرى لحديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي حدثنا أبي قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال: حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته بهذا الحديث قال: (و فاطمة رضي الله عنها حينئذ تطلب صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، قالت عائشة رضي الله عنها: فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة، وإنما يأكل آل محمد في هذا المال -يعني: مال الله-، ليس لهم أن يزيدوا على المآكل أو على المأكل) ]. أورد أبو داود حديث عائشة من طريق أخرى وهو مثل الذي تقدم. تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها) قوله: [حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ]. عمرو بن عثمان الحمصي صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [حدثنا أبي]. وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا شعيب بن أبي حمزة ]. شعيب بن أبي حمزة الحمصي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري حدثني عروة عن عائشة ]. مر ذكر الثلاثة. طريق ثالثة لحديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حجاج بن أبي يعقوب حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته بهذا الحديث قال فيه: (فأبى أبو بكر رضي الله عنه عليها ذلك، وقال: لست تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ، فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي و عباس رضي الله عنهم فغلبه علي عليها، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال: هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر، قال: فهما على ذلك إلى اليوم) ] . أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى وفيه أن علياً و العباس دفع إليهما عمر ما يتعلق بالمدينة، وأن ما كان من مال خيبر وفدك فإنه بقي بيده رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ومعلوم أن كلاً من الثلاثة مصيرها واحد، ولكن هذا هو الذي جعله بأيدي علي و العباس رضي الله تعالى عنهما، والباقي بقي في يد الخليفة والوالي يصرفه في مصالح المسلمين. قوله: إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ. يعني: أن أزيغ عن الحق؛ لأنه ما أخذ بما أخذ به رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولم يسلك المنهج الذي كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام، إذا فعل خلاف ما كان عليه رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تراجم رجال إسناد الطريق الثالثة لحديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها) قوله: [حدثنا حجاج بن أبي يعقوب ]. حجاج بن أبي يعقوب ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ]. يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبي]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صالح ]. صالح بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب أخبرني عروة عن عائشة ]. مر ذكر الثلاثة. تابع صفايا رسول الله من الأموال شرح حديث: (صالح رسول الله أهل فدك...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري في قوله: ((( فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ ))[الحشر:6] قال: صالح النبي صلى الله عليه وآله وسلم أهل فدك وقرى قد سماها لا أحفظها، وهو محاصر قوماً آخرين، فأرسلوا إليه بالصلح، قال: (( فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ ))[الحشر:6] يقول: بغير قتال). قال الزهري : وكانت بنو النضير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خالصاً لم يفتحوها عنوة، افتتحوها على صلح، فقسمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين لم يعط الأنصار منها شيئاً إلا رجلين كانت بهما حاجة ]. سبق أن مرت جملة من الأحاديث تحت هذا الباب: باب صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، وعرفنا أن المقصود من ذلك: ما يتعلق بالأراضي والنخيل وغير ذلك من الأشياء الثابتة التي لم تقسم وتوزع على الناس، وإنما بقيت أصولها ثابتة محبسة، وثمرتها وغلتها تصرف في المصارف التي يراها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أورد أبو داود هذا الحديث الذي هو مرسل عن الزهري في قوله: فما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ [الحشر:6] قال: (صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل فدك وقرى وقد سماها لا أحفظها) يعني: قرى أخرى مع فدك. قوله: [ (وهو محاصر قوماً آخرين) ]. قيل: إنها خيبر أو بعض خيبر. قوله: [ (فأرسلوا إليه بالصلح) ]. يعني: يطلبون منه أن يصالحوه. قوله: [ (قال: فما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ [الحشر:6] يقول: بغير قتال) ]. هذا تفسير لقوله: (فما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) يعني: من غير قتال، وإنما حصلت بالرعب والخوف الذي جعل الأعداء يستسلمون ويصالحون. قوله: [ قال الزهري : وكانت بنو النضير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خالصاً لم يفتحوها عنوة، افتتحوها على صلح ]. يعني: صارت فيئاً يصرف في مصالح المسلمين ولا تخمس؛ لأنها ليست من الغنائم. قوله: [ فقسمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين، لم يعط الأنصار منها شيئاً إلا رجلين كانت بهما حاجة ]. قسمها بين المهاجرين؛ لأنهم أصحاب حاجة، ولأنهم تركوا أموالهم وبلادهم وخرجوا منها لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما الأنصار فكان عندهم أموال، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار أول ما قدموا المدينة. وقوله: (ولم يعط الأنصار إلا اثنين كانت بهما حاجة) ومعنى هذا أنها ليست للمهاجرين خاصة، وإنما هي للمهاجرين والأنصار. والحديث مرسل؛ لأن الزهري من صغار التابعين. تراجم رجال إسناد حديث: (صالح رسول الله أهل فدك...) قوله: [حدثنا محمد بن عبيد حدثنا ابن ثور ]. يحتمل أن يكون ابن حساب أو يكون المحاربي ، و ابن حساب ثقة، و المحاربي صدوق، وقد مر ذكرهما قريباً في هذا الباب. وابن ثور هو محمد بن ثور ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث: (إن رسول الله كانت له فدك) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن الجراح حدثنا جرير عن المغيرة قال: جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت له فدك، فكان ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أيمهم، وإن فاطمة رضي الله عنها سألته أن يجعلها لها فأبى، فكانت كذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى مضى لسبيله، فلما أن ولي أبو بكر رضي الله عنه عمل فيها بما عمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته، حتى مضى لسبيله، فلما أن ولي عمر رضي الله عنه عمل فيها بمثل ما عمل لسبيله، ثم أقطعها مروان ثم صارت لعمر بن عبد العزيز ، قال عمر -يعني ابن عبد العزيز -: رأيت أمراً منعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة رضي الله عنها ليس لي بحق، وأنا أشهدكم أني قد رددتها على ما كانت يعني: على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال أبو داود : ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وغلته أربعون ألف دينار، وتوفي وغلته أربعمائة دينار ولو بقي لكان أقل ]. أورد أبو داود هذا الحديث، وهو مرسل، وفيه: [ جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له فدك، فكان ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أيمهم ]. يعود منها على صغير بني هاشم، يعني: اليتامى، ويزوج أيمهم أي: من لم يكن ذا زوج سواء كان رجلاً أو أنثى. قوله: [ وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبى ]. أي: فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيها إياها. قوله: [ فكانت كذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى مضى لسبيله ]. يعني كانت كذلك على النحو الذي ذكر أنه ينفق على صغيرهم ويزوج أيمهم، ثم بعد ذلك ولي الخلافة أبو بكر ، وقام بالأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقي صرف ذلك على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كذلك في زمن عمر رضي الله عنه، ثم أقطعها مروان بن الحكم ، قالوا: والذي أقطعها له عثمان بن عفان ، قالوا: وهذا مما عابوه عليه، وتكلموا فيه، لكن هذا الحديث غير ثابت؛ لأنه مرسل، فالإقطاع المذكور في هذا الحديث لا يكون ثابتاً. قوله: [ ثم صارت لعمر بن عبد العزيز ]. لأنه حفيد مروان . قوله: [ قال عمر -يعني ابن عبد العزيز -: فرأيت أمراً منعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة رضي الله عنها ليس لي بحق ]. يعني: أن فاطمة طلبت أن تكون فدك لها، فأبى ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال: فهو ليس لي بحق، فأعاده على ما كان عليه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: أنه صار ينفق منه على صغير بني هاشم، ويزوج أيمهم، ويصرف في المصارف التي كان يصرف فيها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وغلته أربعون ألف دينار، وتوفي وغلته أربعمائة دينار، ولو بقي لكان أقل ] . يعني: أنه كان يصرف على نفسه من ماله ومن غلته التي كانت عنده قبل أن يتولى الخلافة، وأنه مات وغلته أربعمائة، ولو بقي لكان أقل، يعني: أنها كانت تتناقص؛ لأنه كان ينفق على نفسه منها، وهذا ليس متعلقاً بفدك، وإنما متعلق بماله هو، وأنه كان ينقص لأنه كان ينفق على نفسه منه. تراجم رجال إسناد حديث: (إن رسول الله كانت له فدك) قوله: [حدثنا عبد الله بن الجراح ]. عبد الله بن الجراح صدوق، يخطئ أخرج له أبو داود و النسائي في مسند مالك و ابن ماجة . [حدثنا جرير ]. جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المغيرة ]. المغيرة بن مقسم الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمر بن عبد العزيز ]. عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، الخليفة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وقد توفي وعمره أربعون سنة، ولم يكن من المعمرين، ولكن له الشهرة العظيمة والمنزلة الرفيعة والمحبة في نفوس المسلمين. شرح حديث: (إن الله إذا أطعم نبياً طعمة فهي للذي يقوم من بعده) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن الفضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: (جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى أبي بكر رضي الله عنه تطلب ميراثها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: فقال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله عز وجل إذا أطعم نبياً طعمة فهي للذي يقوم من بعده) ]. أورد أبو داود حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنه قال: (جاءت فاطمة إلى أبي بكر تطلب ميراثها منه، فقال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل إذا أطعم نبياً طعمة فهي للذي يقوم من بعده) يعني: أنه هو الذي يقوم بها كما كان يقوم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: أنه ينفق على نفسه منها، وكذلك ينفق منها على أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين. تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله إذا أطعم نبياً طعمة فهي للذي يقوم من بعده) قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [حدثنا محمد بن الفضيل ]. محمد بن الفضيل بن غزوان صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الوليد بن جميع ]. الوليد بن جميع وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي. [ عن أبي الطفيل ]. أبو الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخر الصحابة موتاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وقد جاء أن أبا بكر رضي الله عنه ذهب إلى فاطمة واسترضاها، وأنها رضيت، وما يذكر أن علياً غضب لغضبها، ولم يبايع إلا بعد موتها بستة أشهر، فغير صحيح، بل هو بايع كما بايع الناس من البداية، وما ذكر من مبايعته بعد ذلك تجديد للبيعة، وليس أصل البيعة. شرح حديث: (لا تقتسم ورثتي ديناراً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا تقتسم ورثتي ديناراً، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة). قال أبو داود : مؤنة عاملي يعني أكرة الأرض ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقتسم ورثتي ديناراً)، وهذا إشارة إلى الحد الأدنى، يعني: لا يرثون شيئاً، ديناراً فما فوقه. قوله: [ (ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة) ] يعني: الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق منه على نسائه وينفق منه على العمال الذين يحرثون الأرض أو الولاة الذين يلون الأمر من بعده، فما سوى ذلك فإنه صدقة يصرف في مصارف المسلمين وفي المصارف العامة، كما تقدم أنه كان ينفق على نفسه وعلى أهله قوت سنة، وما فضل عن ذلك فإنه يصرفه في سبيل الله. [قال أبو داود : مؤنة عاملي يعني: أكرة الأرض ]. أكرة الأرض هم من الذين يشتغلون في الأرض ويحرثون فيها، فإنهم يعطون أجرتهم من ريعها، وقيل: إن المقصود بذلك الخليفة ومن يلون الأمر، فإنه ينفق عليهم من الفيء الذي هو في بيت المال أو يئول إلى بيت المال. تراجم رجال إسناد حديث: (لا تقتسم ورثتي ديناراً) قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزناد ]. أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعرج ]. الأعرج هو عبد الله بن هرمز المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق. شرح حديث: (كل مال النبي صدقة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال: (سمعت حديثاً من رجل فأعجبني، فقلت: اكتبه لي، فأتى به مكتوباً مذبراً: دخل العباس و علي على عمر رضي الله عنهم -وعنده طلحة و الزبير و عبد الرحمن و سعد رضي الله عنهم- وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة و الزبير و عبد الرحمن و سعد : ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: كل مال النبي صلى الله عليه وآله وسلم صدقة إلا ما أطعمه أهله وكساهم، إنا لا نورث؟ قالوا: بلى، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينفق من ماله على أهله ويتصدق بفضله، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوليها أبو بكر سنتين فكان يصنع الذي كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم ذكر شيئاً من حديث مالك بن أوس ]. أورد أبو داود حديث أبي البختري عن رجل، وهذا الرجل قيل: هو مالك بن أوس بن الحدثان الذي سبق أن مر في أول الباب، والقصة هي نفس القصة السابقة، وذكر المصنف الحديث هنا مختصراً وأحال عليه فقال: بمثل حديث مالك بن أوس أي: الذي تقدم في أول الباب، والحافظ ابن حجر قال: لعله مالك بن أوس بن الحدثان . قوله: [ (سمعت حديثاً من رجل فأعجبني، فقلت: اكتبه لي فأتى به مكتوباً مذبراً) ] يعني: معتناً بكتابته بخط واضح. قوله: [ (دخل العباس و علي على عمر -وعنده طلحة و الزبير و عبد الرحمن و سعد - وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة و الزبير و عبد الرحمن و سعد : ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: كل مال النبي صلى الله عليه وآله وسلم صدقة إلا ما أطعمه أهله وكساهم، إنا لا نورث؟ قالوا: بلى) ]. وهذا كما تقدم في أول الباب في حديث مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر رضي الله تعالى عنه، وفيه التفصيل لما جرى في مجلس عمر بحضور هؤلاء الرهط الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الاختلاف بين العباس و علي حول التولية التي ولاهما عمر مجتمعين، ثم إنه حصل اختصامهما، وسبق أن مر أن المقصود من وراء الاختصام هو أن تقسم النظارة بينهما، وأن يكون كل واحد منهما مسئولاً عن نصف ذلك الذي ولي بينهما جميعاً، وأن عمر رضي الله عنه وأرضاه قال: إنه لا يفعل ذلك، بل يستمر الأمر على ما كان عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن قاما بها مجتمعين وإلا رداها إليه ليقوم بتصريفها كما كان يصرفها قبل أن يعطيهما إياها؛ وذلك وفقاً لما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان يفعله أبو بكر رضي الله تعالى عنه. تراجم رجال إسناد حديث: (كل مال النبي صدقة) قوله: [حدثنا عمرو بن مرزوق ]. عمرو بن مرزوق ثقة له أوهام، أخرج له البخاري و أبو داود . [ أخبرنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن مرة ]. عمرو بن مرة الهمداني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي البختري ]. أبو البختري هو سعيد بن فيروز ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت حديثاً من رجل ]. قيل: هو مالك بن أوس بن الحدثان . [ عن عمر ]. عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. شرح حديث: (لا نورث ما تركنا فهو صدقة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما فيسألنه ثمنهن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت لهن عائشة : أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة؟!) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته أردن أن يرسلن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه إلى أبي بكر رضي الله عنه؛ ليطلبن ثمنهن من ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا لا نورث ما تركناه صدقة)؟ فيحتمل أنهن لم يعلمن ولكن أرادت هي أن تخبرهن بالذي قال ويحتمل أن يكن قد علمن ذلك، ولكنهن نسين، فذكرتهن بذلك عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها. تراجم رجال إسناد حديث: (لا نورث ما تركنا فهو صدقة) قوله: [حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة ]. عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. طريق أخرى لحديث: (لا نورث ما تركنا فهو صدقة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب بإسناده نحوه، (قلت: ألا تتقين الله؟! ألم تسمعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا نورث ما تركنا فهو صدقة، وإنما هذا المال لآل محمد لنائبتهم ولضيفهم، فإذا مت فهو إلى ولي الأمر من بعدي؟) ]. أورد أبو داود حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وأن هذا المال الذي كان بيده صلى الله عليه وسلم ليس موروثاً عنه، وإنما ينفق على نفسه منه فيما ينوبه ويعروه، وأنه إذا توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام فإن الأمر فيه يئول إلى من يلي الأمر من بعده، ليصرفه وفقاً لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرفه، وهذا هو الذي حصل من أبي بكر رضي الله عنه، فإنه لما ولي الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بصرفه وفقاً لما كان يصرفه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن أبي بكر . وولي الأمر له أن ينفق على نفسه منه، وقد سبق في الحديث: (ومؤنة عاملي) قيل: المقصود به الخليفة والولاة الذين يلون الأمر، والفيء عام لا يصرف في مصارف الخمس فقط، وإنما يصرف في مصارف المسلمين عموماً، ويأخذ منه الوالي. تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث: (لا نورث ما تركنا فهو صدقة) قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا إبراهيم بن حمزة ]. إبراهيم بن حمزة صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا حاتم بن إسماعيل ]. حاتم بن إسماعيل وهو صدوق يهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أسامة بن زيد ]. أسامة بن زيد الليثي ، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن شهاب بإسناده ]. وقد مر."
__________________
|
#592
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [350] الحلقة (382) شرح سنن أبي داود [350] الفيء يصرف في مصالح المسلمين، ومن مصارفه ذوو القربى، وهم قرابة النبي عليه الصلاة والسلام من بني هاشم وبني المطلب، فلهم حق في الفيء، لا سيما وهم لا يأخذون من الزكاة، وإعطاؤهم حقهم من الفيء واجب، وهو داخل في تذكير النبي عليه الصلاة والسلام أمته بأهل بيته رضي الله عنهم. مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى شرح حديث (إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى. حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب قال: أخبرني جبير بن مطعم رضي الله عنه (أنه جاء هو و عثمان بن عفان رضي الله عنه يكلمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما قسم من الخمس بين بني هاشم وبني المطلب، فقلت: يا رسول الله! قسمت لإخواننا بني المطلب ولم تعطنا شيئاً، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة؟! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، قال جبير : ولم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس كما قسم لبني هاشم وبني المطلب قال: وكان أبو بكر رضي الله عنه يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعطيهم، قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطيهم منه و عثمان بعده) ] . أورد أبو داود هذه الترجمة وهي (باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى)، مواضع قسم الخمس أي: خمس الغنيمة؛ لأن الغنيمة -وهي ما يحصل في الجهاد- يقسم أخماساً: أربعة أخماس للغانمين والخمس الخامس يكون في المصارف التي ذكرها الله في آية الأنفال: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال:41]، فهذه مصارف الخمس، وفيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم له في ذلك نصيب، وذوي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم فيها نصيب، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (جعل رزقي تحت ظل رمحي) يعني: أن رزقه يكون من الغنيمة ومن الفيء الذي يفيئه الله عز وجل على المسلمين، ولهذا كان هذا أفضل المكاسب وأجل المكاسب، وهو الذي منه رزق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذوو القربى هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم بنو هاشم وبنو المطلب من أبناء عبد مناف ؛ لأن عبد مناف هو الأب الرابع للرسول صلى الله عليه وسلم، وأولاده أربعة هم: هاشم و المطلب و نوفل و عبد شمس ، هؤلاء هم أولاد عبد مناف ، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعطي بني هاشم وبني المطلب، وما كان يعطي بني عبد شمس وبني نوفل شيئاً من الخمس، فجاء عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه -وهو من بني عبد شمس- و جبير بن مطعم -وهو من بني نوفل- يسألان النبي صلى الله عليه وسلم عن كونه أعطى بني المطلب ولم يعط بني عبد شمس ولا بني نوفل مع أن الكل في القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء؛ لأن الجميع أولاد عبد مناف ، أما بنو هاشم فالأمر فيهم واضح؛ لأنهم الذين منهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الشيء الذي راجعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه هو كون بني المطلب مثل بني عبد شمس وبني نوفل، وليس بينهم وبينهم فرق، فكلهم يلتقون مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف . فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إنا وبنو المطلب شيء واحد)، ومعنى ذلك أنه أعطاهم كما أعطى بني هاشم من الخمس، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام لهم السبب في إعطاء بني المطلب تبعاً لبني هاشم؛ وذلك لأنهم تحالفوا معهم، وناصروهم، وكانوا معهم في الجاهلية وفي الإسلام؛ فأعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم كما أعطى بني هاشم، ولم يعط هؤلاء؛ لأنهم ما كانوا مثلهم. وفي هذا الحديث بيان لذوي القربى، وأن العموم الذي جاء في القرآن في قوله: وَلِذِي الْقُرْبَى [الأنفال:41]، قد بينت السنة أن المقصود به بنو هاشم وبنو المطلب، و هاشم نسله محصورون في نسل ابنه عبد المطلب، والمطلب هو أخو هاشم ، وقد أعطى بني المطلب تبعاً لبني هاشم. إذاًَ: ذو القربى لفظ مطلق يشمل بني هاشم وبني المطلب وغيرهم، بل قد جاء في صحيح البخاري في تفسير قول الله عز وجل: قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23] أن المقصود منها -كما جاء عن ابن عباس - قرابة قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام يطلب منهم أنهم إن لم يساعدوه ويعينوه فلا يؤذوه؛ لما بينه وبينهم من القرابة، وإنما يخلون بينه وبين الناس. وذوو القربى بينهم الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وأن المراد بهم في الآية بنو هاشم وبنو المطلب، وبنو هاشم هم الأصل، وبنو المطلب ألحقوا بهم؛ لأنهم آزروهم وناصروهم، وكانوا معهم في الجاهلية والإسلام. ثم ذكر أن أبا بكر رضي الله عنه قام بالأمر بعده، ولم يكن يعطي بني هاشم ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطيهم، ولعل السبب في ذلك -والله أعلم- أن الغلة لم تكن مثلما كانت أولاً، وأنها نقصت فنقص الإعطاء على حسب النقص الذي قد حصل، ولما كانت الغلة كثيرة كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم شيئاً كثيراً، ولما قلت الغلة فإن كلاً ينقص نصيبه منها على حسب النقص وعلى حسب السهام التي تعطى للناس. قوله: [وكان عمر بن الخطاب يعطيهم منه و عثمان بعده ] . يعني: يعطي بني هاشم وبني المطلب من الخمس، ومن أجل ذلك لم تحل لهم الزكاة اكتفاء بما يعطون من خمس الغنائم، فمنعوا من الزكاة؛ لأنه وجد ما يغنيهم، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب له في فضل آل البيت وحقوقهم أنه إذا لم يعطوا من الخمس ومن بيت المال، فإنه يجوز أن يعطوا من الزكاة؛ لأن المانع من ذلك أنهم يعطون من غيرها أي: من الغنائم والفيء، فإذا لم يعط لهم هذا الحق فيجوز أن يعطوا من الزكاة. تراجم رجال إسناد حديث (إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة ]. عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ، ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ]. عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الله بن المبارك ]. عبد الله بن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يونس بن يزيد ]. يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب ]. الزهري مر ذكره، و سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني جبير ]. جبير بن مطعم النوفلي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (لم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من الخمس شيئاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا عثمان بن عمر قال: أخبرني يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: حدثنا جبير بن مطعم رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من الخمس شيئاً كما قسم لبني هاشم وبني المطلب) قال: وكان أبو بكر رضي الله عنه يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما كان يعطيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده منه ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله. تراجم رجال إسناد حديث (لم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من الخمس شيئاً) قوله: [حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا عثمان بن عمر ]. عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير ]. قد مر ذكرهم جميعاً. شرح حديث (إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا هشيم عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: أخبرني جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: (لما كان يوم خيبر وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب، وترك بني نوفل وبني عبد شمس، فانطلقت أنا و عثمان بن عفان حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله! هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وقرابتنا واحدة؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شيء واحد، وشبك بين أصابعه صلى الله عليه وآله وسلم) ]. أورد أبو داود حديث جبير بن مطعم من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم. تراجم رجال إسناد حديث (إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام) قوله: [حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا هشيم ]. هشيم بن بشير الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إسحاق ]. محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: أخبرني جبير بن مطعم ]. قد مر ذكر الثلاثة. تفسير السدي لذي القربى وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حسين بن علي العجلي حدثنا وكيع عن الحسن بن صالح عن السدي في ذي القربى قال: هو بنو عبد المطلب ]. أورد أبو داود هذا الأثر عن السدي في تفسير ذوي القربى، وأنهم بنو عبد المطلب، وبنو عبد المطلب هم بنو هاشم؛ لأن هاشم بن عبد مناف ليس له نسل إلا من جهة ابنه عبد المطلب ، فقوله: بنو عبد المطلب يعني: بنو هاشم، وهذا فيه عدم ذكر بني عبد المطلب ، وحديث جبير بن مطعم الذي تقدم بين أن ذوي القربى الذين يعطون هم بنو هاشم وبنو المطلب؛ لأنهم كانوا معهم في الجاهلية والإسلام، ولم يفارقوهم في جاهلية ولا إسلام، فيكون هذا التفسير بياناً لقرابة الرسول صلى الله عليه وسلم القريبة، وأما من يعطون فقد بينهم الحديث الذي مر عن جبير بن مطعم رضي الله عنه. قوله: [ حدثنا حسين بن علي العجلي ]. حسين بن علي العجلي ، صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ حدثنا وكيع ]. وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن بن صالح ]. الحسن بن صالح بن حي وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن السدي ]. السدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن ، وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. شرح أثر عمر في سهم ذوي القربى قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة قال: حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني يزيد بن هرمز أن نجدة الحروري حين حج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن سهم ذي القربى ويقول: لمن تراه؟ قال ابن عباس : لقربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كان عمر رضي الله عنه عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقنا فرددناه عليه، وأبينا أن نقبله ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن نجدة الحروري سأل ابن عباس عن سهم ذوي القربى، قال: لمن تراه؟ قال: لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر في حديث جبير أنه قسمه بين بني هاشم وبني المطلب. قوله: [وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقنا فرددناه عليه، وأبينا أن نقبله]. ولعل السبب -كما ذكرت سابقاً- أن هذا النقص بسبب نقص الغلة. تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس في سهم ذوي القربى قوله: [حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عنبسة ]. عنبسة بن خالد الأيلي ، وهو صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود . [حدثنا يونس عن ابن شهاب أخبرني يزيد بن هرمز ]. مر ذكرهما، و يزيد بن هرمز هو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ أن نجدة الحروري حين حج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس ]. الحروري يعني: أنه من الخوارج، نسبة إلى الحرورية الذين كانوا في حروراء عندما خرجوا على علي رضي الله عنه وقاتلهم، وكان ابن عباس هو الذي أرسله علي لمناقشتهم ولبيان ضلالهم. شرح أثر علي (ولاني رسول الله خمس الخمس) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا أبو جعفر الرازي عن مطرف عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: (ولاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحياة أبي بكر وحياة عمر رضي الله عنهما، فأتي بمال فدعاني فقال: خذه فقلت: لا أريده، قال: خذه فأنتم أحق به، قلت: قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال) ]. أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه أنه قال: (ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك في زمن أبي بكر ، وفي زمن عمر ، فأتي بمال فدعاني فقال: خذه، فقلت: لا أريده، قال: خذه فأنتم أحق به، قلت قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال). تراجم رجال إسناد أثر علي (ولاني رسول الله خمس الخمس) قوله: [حدثنا عباس بن عبد العظيم ]. عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا يحيى بن أبي بكير ]. يحيى بن أبي بكير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو جعفر الرازي ]. أبو جعفر الرازي ، وهو صدوق سيئ الحفظ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن مطرف ]. مطرف بن طريف وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ]. عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي ]. علي رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. هذا الحديث فيه أبو جعفر الرازي ، قال عنه الحافظ : صدوق سيئ الحفظ، وقد ضعفه الألباني ، ولعله من أجل أبي جعفر الرازي هذا. شرح أثر علي (اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير حدثنا هاشم بن البريد قال: حدثنا حسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (سمعت علياً رضي الله عنه يقول: اجتمعت أنا و العباس و فاطمة و زيد بن حارثة رضي الله عنهم عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله! إن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس في كتاب الله عز وجل فأقسمه حياتك كي لا ينازعني أحد بعدك، قال: ففعل ذلك، قال: فقسمته حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ولانيه أبو بكر رضي الله عنه حتى إذا كانت آخر سنة من سني عمر رضي الله عنه فإنه أتاه مال كثير فعزل حقنا ثم أرسل إلي فقلت: بنا عنه العام غنى، وبالمسلمين إليه حاجة؛ فاردده عليهم، فرده عليهم ثم لم يدعنا إليه أحد بعد عمر ، فلقيت العباس بعدما خرجت من عند عمر فقال: يا علي ! حرمتنا الغداة شيئاً لا يرد علينا أبداً، وكان رجلاً داهياً) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، مع زيادة تفصيل وتوضيح. وقوله: وكان رجلاً داهياً، أي: عنده فطنة وحذق ودهاء.
__________________
|
#593
|
||||
|
||||
![]() تراجم رجال إسناد أثر علي (اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة) قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير ]. ابن أبي شيبة مر ذكره، و ابن نمير هو عبد الله، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هاشم بن البريد ]. هاشم بن البريد وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [حدثنا حسين بن ميمون ]. حسين بن ميمون لين الحديث، أخرج له أبو داود و النسائي في مسند علي . [ عن عبد الله بن عبد الله ]. عبد الله بن عبد الله صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي ]. مر ذكرهما. الأسئلة معنى قوله (فغلبه علي على الصدقة) السؤال: ما معنى قوله: فدفعها عمر إلى علي و عباس رضي الله عنهم فغلبه علي عليها؟ الجواب: كأن علياً رضي الله عنه كان يتصرف في ذلك الذي جعل إليهما، فأنكر عليه العباس بأنه يتصرف بلا موافقته، فجاء يشتكيه، وليس معنى ذلك أنه غلبه عليها بمعنى أنه انتزعها منه، ولم يعد له فيها نصيب، وقد جعل ذلك عمر إليهما جميعاً، ولكن لعله رأى أنه يتصرف في بعض الأشياء أو يعطي في بعض الأشياء دون أن يرجع إلى العباس ، لا أنه انتزعها من العباس ، و العباس ما بقي بيده شيء، ولا بقي متصرفاً. معنى قوله (فرأيت أمراً منعه رسول الله فاطمة ليس لي بحق) السؤال: ما معنى قول عمر بن عبد العزيز قوله: (فرأيت أمراً منعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة رضي الله عنها ليس لي بحق) ؟ الجواب: جاء في أول الحديث: أن فاطمة طلبته أن يعطيها فدك، فالرسول صلى الله عليه وسلم أبى أن يعطيها، ثم جاء في الآخر: أن مروان أقطع ذلك الشيء، و مروان هو جد عمر بن عبد العزيز ، فآل الأمر إليه، فأعاده إلى ما كان عليه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن الحديث غير ثابت؛ لأنه مرسل. إرضاء أبي بكر لفاطمة السؤال: هل هناك دليل على إرضاء أبي بكر رضي الله عنه لفاطمة رضي الله عنها؟ الجواب: ورد أنه استأذن عليها، فقالت لعلي : هل تأذن؟ فقال: نعم؛ فدخل واسترضاها بكلام جميل ورضيت. جواز نسخ برامج الكمبيوتر لغير التجارة السؤال: نقل عنكم أنكم أجزتم نسخ برامج الحاسب الآلي لمن يستخدمها لنفسه لا للتجارة فهل هذا صحيح؟ الجواب: الذي يبدو -والله أعلم- أنه إذا كان فيها غلاء فاحش، وصاحبها طلب فيها أشياء فيها مغالاة، فلا بأس بذلك إذا كان الإنسان يريد أن يستفيد منها فقط، لا أن يتجر؛ لأن المحذور هو التجارة. لكن ليس له أن يقسم وهو كاذب، لكن إذا كانت المسألة ما فيها قسم، فيمكنه أن يستنسخ بسبب المغالاة، فمثلاً: أول ما ظهر كتاب معجم ألفاظ الحديث النبوي كان يباع بخمسة آلاف، وبعد ذلك صور وصار يباع بثلاثمائة ريال فقط. حكم تخصيص علي بالدعاء بلفظ (عليه السلام) السؤال: يمر معنا في المتون عند ذكر علي عليه السلام أو فاطمة عليها السلام، فما تعليقكم؟ الجواب: هذا من عمل النساخ، وليس من عمل المؤلفين، وقد ذكر هذا ابن كثير رحمه الله عند تفسير قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فقال: إن هذا من عمل بعض نساخ الكتب عندما يمر عليه علي يقول: عليه السلام، قال ابن كثير : وإلا فالأصل أن يعامل جميع الصحابة معاملة واحدة، وهو الترضي عنهم، فيقال: رضي الله عنه. شرح حديث (إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث و عباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما قالا لعبد المطلب بن ربيعة و للفضل بن العباس رضي الله عنهم أجمعين: (ائتيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقولا له: يا رسول الله! قد بلغنا من السن ما ترى وأحببنا أن نتزوج، وأنت -يا رسول الله- أبر الناس وأوصلهم، وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا، فاستعملنا -يا رسول الله- على الصدقات فلنؤدي إليك ما يؤدي العمال، ولنصب ما كان فيها من مرفق، قال: فأتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونحن على تلك الحال فقال لنا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا والله لا يستعمل منكم أحداً على الصدقة، فقال له ربيعة : هذا من أمرك، قد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم نحسدك عليه، فألقى علي رداءه ثم اضطجع عليه فقال: أنا أبو حسن القرم، والله لا أريم حتى يرجع إليكم ابناكما بجواب ما بعثتما به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال عبد المطلب : فانطلقت أنا والفضل إلى باب حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى نوافق صلاة الظهر قد قامت، فصلينا مع الناس ثم أسرعت أنا و الفضل إلى باب حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يومئذ عند زينب بنت جحش رضي الله عنها، فقمنا بالباب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بأذني وأذن الفضل ثم قال: أخرجا ما تصرران، ثم دخل فأذن لي و للفضل فدخلنا فتواكلنا الكلام قليلاً ثم كلمته أو كلمه الفضل -قد شك في ذلك عبد الله - قال: كلمه بالأمر الذي أمرنا به أبوانا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ساعة ورفع بصره قبل سقف البيت حتى طال علينا أنه لا يرجع إلينا شيئاً حتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها تريد ألا تعجلا، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمرنا، ثم خفض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسه فقال لنا: إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، ادعوا لي نوفل بن الحارث ، فدعي له نوفل بن الحارث فقال: يا نوفل أنكح عبد المطلب ، فأنكحني نوفل ، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ادع لي محمية بن جزء ، وهو رجل من بني زبيد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعمله على الأخماس، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمحمية : أنكح الفضل ، فأنكحه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قم فأصدق عنهما من الخمس كذا وكذا)، لم يسمه لي عبد الله بن الحارث ] . سبق أن مر معنا جملة من الأحاديث تحت باب مواضع قسم الفيء وسهم ذي القربى، وهذا الحديث الذي أورده المصنف عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب هو من جملة هذه الأحاديث التي تتعلق ببيان مصرف الخمس، وفيه أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر محمية بن جزء أن يدفع صداقاً لكل من الفضل بن العباس و لعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب من الخمس، وقد كان هذا الذي دعاه ليمهرهما وليدفع الصداق عنهما هو المسئول عن ذلك. والحديث في أوله أن العباس بن عبد المطلب و ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وأحدهما عم النبي صلى الله عليه وسلم والثاني ابن عمه؛ أرسلا ولديهما عبد المطلب بن ربيعة و الفضل بن العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليطلبا منه أن يوليهما على عمل من أعمال الصدقات؛ حتى يحصلا عمالة مقابل عملهما على الصدقة ليتزوجا، فذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك بعد الصلاة، فسبقوه إلى باب حجرته، وكان عند زينب رضي الله عنها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم واستأذناه ودخلا عليه وأخبراه بقصدهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) وطلب من نوفل بن الحارث أن يزوج عبد المطلب ، وطلب من محمية أن يزوج الفضل . ثم طلب من محمية وهو المسئول عن الأخماس أن يدفع المهر والصداق عن كل منهما من الخمس، وهذا هو محل الشاهد من الترجمة، ففيه بيان مصرف الخمس، قيل: إن هذا من الخمس الخاص به صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه من سهم ذوي القربى الذي هو خمس الخمس، فإن الفضل بن العباس و عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث من ذوي القربى. وابن ربيعة بن الحارث اسمه عبد المطلب ، وقد كان هذا الاسم في الإسلام، وهو صحابي، والرسول صلى الله عليه وسلم ما غير اسمه، وقد غير أسماء كثيرة معبدة لغير الله، ولم يغير اسم عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ؛ ولهذا قال ابن حزم في كتابه مراتب الإجماع: أجمعوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله حاشا عبد المطلب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغير اسم عبد المطلب بن ربيعة الذي معنا في هذا الإسناد، فدل على أن التسمية بعبد المطلب جائزة، ولكن الأولى عدم ذلك، وأن يسمى الطفل بالأسماء الكثيرة التي لا شبهة فيها، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم أقر هذه التسمية دال على الجواز. وفي الحديث دلالة على كون الإنسان يسعى لتحصيل الرزق ولتحصيل المال والاكتساب من أجل الزواج وغير الزواج؛ لأن هذين الرجلين جاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلبان منه العمل، وأن يوليهم على الصدقات -يعني: على جبايتها وللسعاية فيها- من أجل أن يحصلا مالاً يتزوجان به؛ لأنهما بلغا سن الزواج. وفي قولهما: (وليس لأبوينا ما يصدقاننا) دليل على أن الأب عليه أن يزوج ابنه، وذلك أنهما أخبرا بأنه ليس عندهما شيئ يزوجانهما به، ولو كان عندهما شيء لحصل التزويج، ولم يكونا بحاجة إلى أن يسعيا هذا المسعى ويطلبا هذا المطلب، فدل على أن الإنسان يزوج من بلغ حد الزواج من أولاده إذا تمكن من ذلك، وهذا من قبيل النفقة، ولا يقال: إنه من قبيل الهبة والعطية، وأنه إذا أعطاه ما يتزوج به يرصد لكل واحد من الأولاد الصغار والكبار مثل ذلك، بل هذا من قبيل النفقة، وكل شيء يكون في وقته، فإذا بلغ هذا زوجه، وإذا بلغ الذي بعده حد الزواج زوجه، وإذا بلغ الثالث بعده حد الزواج زوجه، وهكذا..، ولا يرصد لكل واحد منهم مبلغاًَ من المال يعادل ذلك المال الذي زوج به أحدهم، بل إن المهور قد تختلف من وقت إلى وقت، وقد يزوج هذا بمقدار معين، ويزوج هذا بمقدار معين، وهذا يعتبر من قبيل النفقة، وليس من قبيل الهبة والعطية التي يلزم فيها التسوية بين الأولاد، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة النعمان بن بشير أنه قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم). قوله: [ (وأنت يا رسول الله أبر الناس وأوصلهم) ]. يعني: أوصلهم للرحم، ونحن من قرابتك. قوله: [ (وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا، فاستعملنا يا رسول الله على الصدقات، فلنؤد إليك ما يؤدي العمال، ولنصب ما كان فيها من مرفق) ]. يعني: من الشيء الذي نرتفق به، ونستعين به على الزواج. قوله: [ (فأتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونحن على تلك الحال فقال لنا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا والله لا يستعمل منكم أحداً على الصدقة)]. حضر علي رضي الله تعالى عنه المحاورة التي جرت بين العباس و ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وبين ابنيهما، وإرسالهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يجعلهما من السعاة ومن العاملين على الصدقات ليحصلا مالاً يتزوجان به، وعلي رضي الله عنه عنده علم بأن آل البيت لا يولون على الصدقة، فقال: إن النبي لا يفعل ذلك؛ لأن أهل البيت ليس لهم نصيب في الصدقة، لا من ناحية صرفها عليهم، ولا من ناحية توليتهم عليها لجبايتها؛ لأن العامل على الزكاة يأخذ من الصدقة، والصدقة أوساخ الناس، وهي لا تصلح لمحمد ولا لآل محمد، وإنما يعطون من خمس الغنيمة، ويعطون من الفيء، وأما الصدقات فإنهم لا يعطون منها، لا من أجل قضاء حوائجهم وفقرهم، ولا من أجل سعايتهم؛ لأن العاملين عليها من مصارف الزكاة، والزكاة أوساخ الناس، والرسول صلى الله عليه وسلم جعل آل بيته لا يكون لهم نصيب فيها، ولا تحل لهم الصدقة. قوله: [ (فقال له ربيعة : هذا من أمرك، قد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم نحسدك عليه) ]. يعني: هذا شيء منك وأنت ظفرت بشيء لم يظفر به غيرك، ونحن لم نحسدك عليه. قوله: [ (فألقى علي رداءه ثم اضطجع عليه فقال: أنا أبو حسن القرم) ]. يعني: هذا الكلام الذي قلته لكم عن علم، وأنا سأنتظر الجواب الذي يأتيان به من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم أن الجواب سيكون أنهما من آل البيت، وآل البيت لا تحل لهم الصدقة. وقوله: أنا أبو حسن القرم، الأصل في (القرم) الفحل من الحيوان، ويراد به من يكون سيداً، ومن يكون له رأي ومعرفة، وكانت النتيجة أن كان الجواب م تراجم رجال إسناد حديث (إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس) قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عنبسة ]. عنبسة بن خالد الأيلي وهو صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود . [ حدثنا يونس ]. يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي ]. عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي ، له رؤية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ]. عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وهو صحابي، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي . تابع شرح حديث (إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس) قسم علي رضي الله عنه أنه سيبقى حتى يرجعا بالجواب، لا يدل على أنهم كانوا حول المسجد قريبين من المسجد، ولعله قال ذلك قبل الظهر بوقت طويل، وكان يتوقع أنهما سيذهبان سريعاً قبل إقامة الصلاة. وقوله: (حتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها) هذا لا يدل على أن اليدين ليستا بعورة، ولا يلزم من ذلك أنها مكشوفة، فالأصل أن تكون يدها مغطاة. قوله: [ (قد بلغنا من السن ما ترى) ]. يعني: أنهما بلغا سن الزواج. وتزويج الأب لأبنائه إذا كان موسراً الظاهر أنه على الوجوب إذا كانوا لا يقدرون على الزواج، والواجب زوجة واحدة، لأن المقصود أن يعفهم ويحصل لهم الإعفاف، وتزويجهم من باب النفقة لا العطية؛ لأنه لو كان من قبيل العطية للزم التسوية بين الصغير والكبير، فيرصد للصغار مبالغ بمقدار ما زوج الكبير، ولكن الزواج من باب النفقة وهي تختلف، فمثلاً الولد الذي في الابتدائي ليس مثل الذي في الثانوي في النفقة، ولا ينفق على هذا مثلما ينفق على هذا، وقد يحتاج الولد إلى سيارة فيعطيه سيارة، وإذا كبر الثاني يعطيه سيارة، وهكذا، وهذا من قبيل النفقة."
__________________
|
#594
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [351] الحلقة (383) شرح سنن أبي داود [351] لقد بين الله تبارك وتعالى حقارة هذه الدنيا ومتاعها، وبين النبي صلى الله عليه وسلم كذلك هذا المعنى وجعله واقعاً ملموساً في حياته صلى الله عليه وسلم، فما ادخر شيئاً لنفسه، بل كان يقسم الفيء والغنائم وحتى خمسه للفقراء والمساكين، وقد ربى النبي أصحابه وكذا ابنته فاطمة على هذا المعنى، وأوصاهم بما هو خير لهم من هذه الدنيا الزائلة، وقد كان صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة، لا يرد أحداً سأله، ولا يمنع عطائه ممن منعه، ولا يداهن في الحق أحداً، فهو القرآن الذي يمشي على الأرض. تابع مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى شرح حديث قصة قتل حمزة لشارفي علي قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره: (أن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاني شارفاً من الخمس يومئذ، فلما أردت أن أبني بـ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنها واعدت رجلاً صواغاً من بني قينقاع أن يرتحل معي، فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي، فبينا أنا أجمع لشارفي متاعاً من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار؛ أقبلت حين جمعت ما جمعت فإذا بشارفي قد اجتبت أسنمتهما، وبقرت خواصرهما، وأخذ من أكبادهما؛ فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر، فقلت: من فعل هذا؟! قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار، غنته قينة وأصحابه فقالت في غنائها: ألا يا حمز للشرف النواء، فوثب إلى السيف فاجتب أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، قال علي: فانطلقت حتى أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده زيد بن حارثة رضي الله عنه، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لقيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك؟ قال: قلت: يا رسول الله! ما رأيت كاليوم، عدا حمزة على ناقتي فاجتب أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت معه شرب، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه فارتداه ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة، فاستأذن فأذن له، فإذا هم شرب، فطفق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم صعد النظر فنظر إلى ركبتيه، ثم صعد النظر فنظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟ فعرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه ثمل، فنكص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عقبه القهقرى فخرج وخرجنا معه) ] . أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه الذي فيه أنه عند استعداده للزواج بـ فاطمة رضي الله تعالى عنها كان عنده شارف حصل عليه يوم بدر من الغنائم، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم شارفاً من الخمس، والشارف: هو المسن من الإبل الذي يحمل عليه، ومحل الشاهد من إيراد هذا الحديث في باب مواضع قسم الفيء وسهم ذي القربى هو كونه أعطاه شارفاً من الخمس. وكان يستعد للزواج بـ فاطمة رضي الله عنهما فأناخهما عند باب رجل من الأنصار، وكان يستعد للذهاب ليأتي بإذخر عليهما؛ من أجل أن يبيع ذلك على الصواغين، ويكون ما يحصله من القيمة وليمة لزواجه من فاطمة رضي الله تعالى عنها. ولما جمع واستعد وتهيأ ولم يبق إلا أن يذهب على هذين البعيرين، جاء وإذا أسنمتهما قد جبت، وخواصرهما قد بقرت، وأخرجت أكبادهما، فرأى منظراً هاله، فتألم وتأثر من سوء المنظر، وهذان الشارفان كان سيعمل عليهما لتحصيل المال الذي يجعله وليمة ثم وجدهما قد صارا على هذه الحال، فقال: من فعل هذا؟ قالوا: حمزة، وهو شرب مع جماعة، يعني: قد شربوا الخمر، وهذا قبل أن تحرم الخمر. فذهب إلى رسول صلى الله عليه وسلم، فرأى رسول الله وجهه قد تغير متأثراً فسأله فقال: قد حصل كذا وكذا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه وذهب ومعه زيد بن حارثة حتى جاءوا إلى ذلك البيت، فاستأذن فأذن له، فوجد حمزة، وظن أنه صاح، فجعل يلومه، وحمزة قد ثمل وقد سكر، فنظر إلى ركبته ثم إلى سرته ثم إلى وجهه ثم قال: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟ قال هذا لكون عقله غير موجود، وهذا من مفاسد ومساوئ الخمر، فهي تجعل الإنسان بدون عقل، فكيف يسعى من أعطاه الله تعالى عقلاً إلى إذهابه وإزالته بشربه الخمر! ولهذا قيل لها: أم الخبائث؛ لأنها تؤدي إلى كل الخبائث، إلى القتل وإلى الزنا، بل قد يكون الزنا في المحارم والأقارب؛ لأن العقل قد فقد، وهذا من مساوئ الخمر، وابن الوردي له قصيدة لامية جميلة في الأخلاق والآداب، ومن جملة ما يقول فيها: واترك الخمرة إن كنت فتى كيف يسعى في جنون من عقل فالرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى حمزة كذلك رجع القهقرى؛ لأنه ما دام سكران فقد يحصل منه تصرف يسوء، كأن يفتك بهم أو يؤذيهم؛ فرجع القهقرى لكون الخطاب ليس له مجال مع فاقد العقل. قوله: [(فلما أردت أن أبني بـ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واعدت رجلاً صواغاً من بني قينقاع يرتحل معي فنأتي بإذخر)] . يبني بها يعني: يدخل عليها، بأن تزف إليه ويكون الدخول والالتقاء بين الزوج والزوجة. والصواغ هو الذي يصوغ الذهب أو الفضة أو يعمل في الأشياء التي يتجمل بها، وقد كان هذا الصواغ من اليهود. والإذخر نبت طيب الرائحة، وكان الصواغون يتخذونه للوقود، وكان يستعمل أيضاً في سقف البيوت، ويستعمل أيضاً في المقابر حيث يكون بين اللبنات. قوله: [(أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي)] . أي: أبيعه على الصواغين، وهذا فيه مشروعية الوليمة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال لـ عبد الرحمن بن عوف لما تزوج: (أولم ولو بشاة) . قوله: [(فبينا أنا أجمع لشارفي متاعاً من الأقتاب والغرائر والحبال)] . الأقتاب جمع قتب، وهو ما يوضع على ظهر البعير بحيث يربط به الحمل أو يكون عليه الراكب، والحبال من أجل أن يحزم بها الإذخر الذي يريد أن يجمعه، ويأتي به محمولاً على هذين الشارفين. والغرائر جمع غرارة، وهي الوعاء الذي يكون فيه الزاد الذي يتزوده الراكب. قوله: [(فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر)] . يعني أن هذا المنظر ساءه، فهو منظر مهول مفزع ومفجع. قوله: [(قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار)] . يعني: السبب الذي جعله يفعل هذا الفعل أنه سكران فاقد عقله، وكان أيضاً سبب ذلك القينة التي كانت تغنيهم، وذكرت الشارفين، وحرضت عليهما في غنائها، فبادر حمزة إلى نحرهما وإلى بقر بطونهما وإلى جب أسنمتهما. قوله: [(غنته قينة وأصحابه فقالت في غنائها: ألا يا حمز للشرف النوى)] . يعني: يا حمزة أو يا حمز من باب الترخيم، للشرف، أي: هذه الإبل، النوى: السمينة، وتتمة البيت قولها: وهن معقلات في الفناء يعني: تحثه على أن يأتي بشيء يأكلونه من هذه الشرف، فبادر وفعل هذا الفعل في حال سكره، وكان ذلك قبل أن تحرم الخمر. وفيه أن الغناء له أثر مثل الخمر فقد يهيج ويؤثر، ولعله يؤثر على السكران أكثر، ولعل هذا أيضاً قبل تحريم الغناء. والسكران يضمن، كما أن البهيمة إذا تركت وأتلفت شيئاً يضمن صاحبها، وكذلك المجنون والصغير، وليس في الحديث ذكر تضمين حمزة، فلعله حصل التسامح معه. تراجم رجال إسناد حديث قصة قتل حمزة لشارفي علي قوله: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد حدثنا يونس حدثنا ابن شهاب أخبرني علي بن حسين] . علي بن حسين هو زين العابدين علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وأبوه هو الحسين بن علي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن علي] . علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو رابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (سبقكن يتامى بدر) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب حدثني عياش بن عقبة الحضرمي عن الفضل بن الحسن الضمري أن أم الحكم أو ضباعة ابنتي الزبير بن عبد المطلب حدثته عن إحداهما أنها قالت: (أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبياً فذهبت أنا وأختي وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فشكونا إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمر لنا بشيء من السبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سبقكن يتامى بدر، ولكن سأدلكن على ما هو خير لكن من ذلك: تكبرن الله على إثر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين تكبيرة، وثلاثاً وثلاثين تسبيحة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) . قال عياش: وهما ابنتا عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم] . أورد أبو داود رحمه الله حديث ضباعة أو أم الحكم ابنتا الزبير بن عبد المطلب، وهما ابنتا عم النبي صلى الله عليه وسلم الزبير بن عبد المطلب، أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه سبي، وذهبت هاتان المرأتان مع ابنته فاطمة رضي الله تعالى عن الجميع يطلبن منه أن يعطيهن من يخدمهن، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (سبقكن يتامى بدر) يعني: اليتامى أولى منكم، وأرشدهن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذكر يكون فيه عون لهن بإذن الله، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحقق لهن ما كن يردن من إعطائهن الخدم؛ لكون إعطاء اليتامى والمستحقين ممن هو مقدم في العطاء أولى، ولكنه صلى الله عليه وسلم أرشدهن إلى هذا الذكر الذي يكون فيه عون بإذن الله على القوة والنشاط، وبه يحصل الاستغناء عن الخادم. تراجم رجال إسناد حديث (سبقكن يتامى بدر) قوله: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب] . أحمد بن صالح مر ذكره، وعبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثني عياش بن عقبة الحضرمي] . عياش بن عقبة الحضرمي وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي. [عن الفضل بن حسن الضمري] . الفضل بن حسن الضمري، وهو صدوق، أخرج له أبو داود. [عن أم الحكم أو ضباعة] . أم الحكم صحابية، أخرج لها أبو داود، وأختها ضباعة هي صاحبة حديث الاشتراط في الحج، الذي فيه: (أن محلي حيث حبستني) وهي ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وهي صحابية أخرج لها أبو داود والنسائي وابن ماجة. [عن إحداهما] . يعني: واحدة منهما تروي عن الأخرى. شرح حديث (اتقي الله يا فاطمة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن خلف حدثنا عبد الأعلى عن سعيد -يعني الجريري - عن أبي الورد عن ابن أعبد قال: (قال لي علي رضي الله عنه: ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنها وكانت من أحب أهله إليه؟ قلت: بلى، قال: إنها جرت بالرحى حتى أثر في يدها، واستقت بالقربة حتى أثر في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم خدم فقلت: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً، فأتته فوجدت حداثاً، فرجعت، فأتاها من الغد فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت فقلت: أنا أحدثك يا رسول الله جرت بالرحى حتى أثرت في يدها، وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادماً يقيها حر ما هي فيه قال: اتق الله يا فاطمة، وأدي فريضة ربك، واعملي عمل أهلك، فإذا أخذت مضجعك فسبحي ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبري أربعاً وثلاثين، فتلك مائة فهي خير لك من خادم قالت: رضيت عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم) ] . أورد المصنف رحمه الله حديث علي رضي الله عنه وأرضاه أن فاطمة رضي الله عنها حصل لها شيء من التعب والنصب في عملها في البيت، حيث قد حصل ليديها التأثر من الطحن بلرحى، ولنحرها من الاستقاء بالقربة، واغبرت ثيابها من الكنس، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه سبي، فأمر فاطمة أن تذهب لتطلب منه أن يعطيها خادماً، فذهبت ووجدت عنده حداثاً -أي: أناساً يتحدثون- فرجعت، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليها في منزلها، وسألها عن حاجتها التي جاءت من أجلها، فاستحيت وسكتت، فأخبره علي رضي الله عنه بخبرها، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشدها عند نومها أن تحمد الله عز وجل ثلاثاً وثلاثين، وتسبح الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبر أربعاً وثلاثين، فذلك خير لها من خادم، فرضيت بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث في إسناده من هو متكلم فيه، ولكن ما يتعلق بالأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير عند النوم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (وكانت من أحب أهله إليه) . أي: إلى رسول صلى الله عليه وسلم. تراجم رجال إسناد حديث (اتقي الله يا فاطمة) قوله: [حدثنا يحيى بن خلف] . يحيى بن خلف صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة. [حدثنا عبد الأعلى] . عبد الأعلى بن عبد الأعلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن سعيد -يعني الجريري -] . سعيد الجريري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي الورد] . وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي. [عن ابن أعبد] . هو علي بن أعبد وهو مجهول، أخرج له أبو داود، والنسائي في مسند علي. [عن علي رضي الله عنه] . علي أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادي المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. تابع شرح حديث (اتقي الله يا فاطمة) يقول الخطابي: فيه من الفقه أن المرأة ليس لها أن تطالب زوجها بخادم كما لها أن تطالبه بالنفقة والكسوة، وإنما لها عليه أن يكفيها الخدمة، وقوله الأخير غير واضح، فالخدمة في البيت تقوم بها المرأة، وهذا هو الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة في هذا الحديث، والنساء في البيوت يقمن بما يتعلق بالبيوت من إعداد الطعام وتربية الأولاد، وإذا كانت هناك حاجة وضرورة تلجئ إلى خادم فينبغي له أن يحقق لها ما تريد، والقيام بشئون البيت هو من الأمور اللازمة على المرأة، والتي يتعين عليها أن تقوم بها. والشاهد من الحديث للترجمة كونها طلبت من هذا السبي خادماً، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يعطها لقوله في الحديث المتقدم: (سبقكن يتامى بدر) فهو يقدم من يكون أشد حاجة، وقد أرشدها إلى شيء يحقق لها ما تريد، ويحصل لها بذلك العون والإعانة من الله عز وجل. وقد تكون طلبت من الحق أكثر مما لها من الفيء. طريق أخرى لحديث (اتقي الله يا فاطمة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن الحسين بهذه القصة قال: (ولم يخدمها) ] . أورد المصنف طريقاً آخر للحديث المتقدم، وفيه: (ولم يخدمها) يعني: ما حقق رغبتها، ولكنه علمها شيئاً يكون به قوة لها، وذلك خير لها من خادم، والحديث رجاله ثقات، ولكنه فيه انقطاع بين علي بن الحسين وعلي؛ لأن روايته عنه مرسلة. تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث (اتقي الله يا فاطمة) قوله: [حدثنا أحمد بن محمد المروزي] . أحمد بن محمد المروزي ثقة، أخرج له أبو داود. [حدثنا عبد الرزاق] . عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا معمر] . معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الزهري] . محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن علي بن الحسين] . علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [بهذه القصة] . يعني: بالقصة التي تقدمت في إسناد الحديث السابق، وهذا الإسناد لا يقوي الذي قبله؛ لانقطاعه، ولكن قضية التكبير والتحميد والتسبيح ثابتة. شرح حديث (لو كنت جاعلاً لمشرك دية جعلت لأخيك) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى حدثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي قال: أبو جعفر -يعني ابن عيسى: - كنا نقول: إنه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي قال: حدثني الدخيل بن إياس بن نوح بن مجاعة عن هلال بن سراج بن مجاعة عن أبيه عن جده مجاعة رضي الله عنه: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يطلب دية أخيه قتلته بنو سدوس من بني ذهل، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لو كنت جاعلاً لمشرك دية جعلت لأخيك، ولكن سأعطيك منه عقبى، فكتب له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل، فأخذ طائفة منها وأسلمت بنو ذهل، فطلبها بعد مجاعة إلى أبي بكر رضي الله عنه، وأتاه بكتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكتب له أبو بكر باثني عشر ألف صاع من صدقة اليمامة: أربعة آلاف براً، وأربعة آلاف شعيراً، وأربعة آلاف تمراً، وكان في كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـ مجاعة: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي لـ مجاعة بن مرارة من بني سلمى: إني أعطيته مائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل عقبة من أخيه) ] . أورد أبو داود هذا الحديث عن مجاعة بن مرارة رضي الله تعالى عنه: (أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب دية أخيه قتلته بنو ذهل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت جاعلاً لمشرك دية لجعلتها لأخيك، ولكن سأعطيك عقبى) أي: يعوضه عن هذه الدية من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل، وهم هؤلاء الذين قتلوا أخاه، وهذا محل الشاهد من إيراد الحديث للترجمة: أنه أعطاه من الخمس ما يقابل دية أخيه عقبى، أي: عوضاً عن الدية، فأراد أن يعطيه هذا تأليفاً له ولقومه، والخمس يصرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يراه. فأخذ طائفة منها ثم إنها أسلمت تلك القبيلة التي وعده بأن يعطيه من خمسها، فجاء إلى أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه اثني عشر ألف صاع من صدقة اليمامة مجزأة: أربعة آلاف بر، وأربعة آلاف شعير، وأربعة آلاف تمر. والحديث غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيه من هم مقبولون، يعني: لا تصح روايتهم إلا عند المتابعة، ولم يرو لهم إلا أبو داود، ولا توجد متابعة لهم، فالحديث غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. تراجم رجال إسناد حديث (لو كنت جاعلاً لمشرك دية جعلت لأخيك) قوله: [حدثنا محمد بن عيسى] . محمد بن عيسى الطباع، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة. [حدثنا عنبسة بن عبد الواحد] . عنبسة بن عبد الواحد، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود. قال محمد بن عيسى تلميذه: كنا نعده من الأبدال قبل أن نعلم أن الأبدال من الموالي. الأبدال وردت فيهم أحاديث ضعيفة غير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: هم ثلاثون أو أربعون من الموالي، وكل هذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما الذي ثبت: (إن الله تعالى يبعث في كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد دينها) ، وأما ذكر الأبدال فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: كنا نعده من الأبدال قبل أن نعلم أنه من الموالي قيل: إن المقصود بالموالي هنا الأسياد والمقدمون، يعني كنا نعده من الموالي قبل أن نعلم أنه من الموالي، أي: قبل أن نعرف نسبه وأنه من قريش، وأنه ذو نسب رفيع. وقيل: المقصود بالموالي: غير العرب، وهذا كما في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه: أنه كان له أمير على مكة، فجاء الأمير إلى عمر فقال له: من وليت على أهل مكة؟ قال: وليت عليهم ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: رجل من الموالي، قال: وليت عليهم مولى؟! قال: يا أمير المؤمنين! إنه عالم بكتاب الله، عارف بالفرائض، فقال رضي لله تعالى عنه: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين) . [حدثني الدخيل بن إياس بن نوح بن مجاعة] . هو مستور بمعنى: مجهول الحال، أخرج له أبو داود. [عن هلال بن سراج بن مجاعة] . هلال بن سراج بن مجاعة مقبول، أخرج له أبو داود. [عن أبيه] . قيل: له رؤية، أخرج له أبو داود. [عن جده مجاعة] . مجاعة صحابي، أخرج له أبو داود. فهؤلاء الأربعة كلهم أخرج لهم أبو داود، وأحدهم مستور، والثاني مقبول، والمستور هو مجهول الحال، وعلى هذا فالحديث غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. الأسئلة التسبيح بعد الفريضة السؤال قوله صلى الله عليه وسلم: (على إثر كل صلاة) هل المراد الفرض أو النفل؟ الجواب هذا الذكر يؤتى به بعد الفرائض وليس بعد النوافل. جواز التسمي بعبد المطلب السؤال لماذا استثني عبد المطلب من تحريم التعبيد لغير الله؟ الجواب الذي يظهر -والله أعلم- أن الأسماء التي غيرها النبي صلى الله عليه وسلم كانت غالباً معبدة للأصنام، مثل عبد العزى، فغيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما هذا فما غيره؛ لأنه ليس فيه تعبيد لصنم، ولكن الأولى عدم التسمية به، وإن كانت التسمية به جائزة. التعفف عن الزكاة مع الحاجة إليها الجواب إذا كان محتاجاً إليها وليست محرمة عليه فله أن يأخذها، ولكن آل البيت الله تعالى شرفهم، وجعل لهم هذه المنزلة، وقد عوضوا عنها بشيء يخصهم وهو إعطاؤهم من الخمس سهم ذي القربى؛ ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا لم يعطوا من الخمس، وكانوا بحاجة إلى الصدقة؛ فإن لهم أن يأخذوها؛ لأن الشيء الذي منعوا منها بسببه غير موجود فلهم أن يأخذوها عند الضرورة أو الحاجة. حكم بيع العطور النسائية في بلد أكثر نسائه متبرجات السؤال ما حكم بيع عطور النساء في بلد النساء فيه أكثرهن متبرجات؟ الجواب بيع الطيب سائغ، وكون المرأة تفعله على وجه محرم فإن هذا شيء آخر، والإنسان له أن يبيع الشيء الذي يجوز بيعه، ولا يمنع من بيع الشيء الذي أحل الله تعالى بيعه. حكم من زوج أولاده واعتبر ذلك ديناً عليهم السؤال أب زوج بعض أبنائه، وكان يعتبر ما أعطاهم من مال دين عليهم، فهل له أن يسامح بعضهم، علماً بأن بعضهم قد سدد ما عليه من دين؟ الجواب كان ينبغي له ألا يجعل ذلك ديناً، وإنما يجعل ذلك إحساناً منه عليهم. حكم الزواج بفتاة لا يرغب فيها الأب السؤال أريد امرأة للزواج، ولكن أبي رفض ذلك؛ لأنه لا يحب هذه المرأة، فما قولكم؟ الجواب اجتهد في تحسين العلاقة بينك وبين أبيك، وإذا كانت هذه المرأة دينة ومستقيمة وهي صالحة لك فاحرص على إقناعه وإرضائه.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |