الحياء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 10 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 9 )           »          صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 150 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 32 - عددالزوار : 2306 )           »          بدعة رد السنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          خَواطر حَول أزمة الخُلق المسلم المعاصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 52 )           »          الأمير سيف الدين المشطوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          فصول من التآمر اليهودي على النصرانية والإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من يحرم على النار، ومن يحرم على الجنة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الحق والقوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 28-08-2025, 02:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي الحياء

الحياء

د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي


الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله الذي لا يدوم غيره، ولا يُرجى إلا خيرُه، ولا يُخشى إلا ضيرُه، ولا يُعوَّل إلا عليه،﴿ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [البروج: 13 - 16].

نَحمَده تعالى ونشكُره على كلِّ حالٍ، ونستعين به ونذكُره وهو الكبير المتعال، ونتوب إليه ونستغفره، ونسأله السلامة والعافية والستر والجلال، ومَن تابَ تابَ الله عليه، ومن تولَّى فإن الله هو الغني الحميد.

وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يضل من يشاء ويهدي من يشاء، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، سبحانه ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23]، وأشهد أن محمدًا سيدنا عبده ورسوله الأمين، والموحى إليه بقوله تعالى: ﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ﴾ [الزخرف: 83]، اللهم فصلِّ وسلم على سيدنا محمد القائل: ((الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ))، ومن لا إيمان له لا حياء له، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الكرام، وعلى التابعين لهم بإحسان في صالح الأعمال والأمر الرشيد؛ أما بعد:
فيا أيها الناس، اتَّقوا الله تبارك وتعالى، واشكُروه على ما هداكم للإسلام، وجعلكم من أمةِ خير الأنام عليه الصلاة والسلام، راقِبوه ولا تَعصوه، واعلموا أنكم لديه مُحضرون، وعلى أعمالكم محاسبون، وعلى تَفريطكم نادمون.

عباد الله، الآداب والأخلاق عنوان صلاح الأمم والمجتمعات، ومعيار فلاح الشعوب والأفراد، ولها الصلة العُظمى بعقيدة الأمة ومبادئها، وعنوان تمسُّكها بعقيدتها، ودليل التزامها بالمنهج السليم والصراط المستقيم، ولا يتم التحلي بالأخلاق العالية والآداب السامية، إلا بترويض النفوس على نبيل الصفات وكريم السجايا والعادات، تعليمًا وتهذيبًا واقتداءً وتقويمًا.

ومن شمولية هذا الدين وعظمته أنه دينُ الأخلاق الفاضلة والسجايا الحميدة والصفات النبيلة، جاءت تعاليمه وقِيَمه بالأمر بالمحافظة على الأخلاق الحسنة في كل أحوال المسلمين، صغيرها وكبيرها، دقيقها وجليلها، أفرادًا ومجتمعات، وأسرًا وجماعات، ويكفي لبيان ذلك أن حصَرَ النبي صلى الله عليه وسلم مهمة بَعثته، وهدف رسالته في إصلاح الأخلاق وتهذيبها بقوله: ((إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ))؛ رواه أحمد وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وإنما الأممُ الأخلاقُ ما بقِيت
فإن هُمو ذهَبت أخلاقُهم ذهَبُوا




فللأخلاق منزلةٌ عظيمة في ديننا، ولقد عُني الإسلام بها عناية جليلة وفريدة، وما ذلك عباد الله إلا لأن الآداب والأخلاق لها صلة وثيقة وقوية بعقيدة الأمة ومبادئها، فكمال الأمة بكمال أخلاقها، وصلاح الأمة بصلاح آدابها وأخلاقها.

أيها المؤمنون، إخوة الدين، إن الإيمان صلة بين العبد وربه، ومن حق هذه الصلة وثمرتها، تزكية النفس وتقويم الأخلاق وتهذيب الأعمال، ولم يتمَّ ذلك إلا إذا تأسَّس في النفس عاطفة حية ترتفع بها أبدًا عن الخطايا.

وإن الولوج في ظلمات الخطيئة صغيرها وكبيرها دون تورُّع واكتراث، فذلك دليلٌ على فقد النفس لحيائها ومن ثَم لإيمانها، قال صلى الله عليه وسلم: ((الحياء والإيمان قرنا جميعُا، فإذا رُفع أحدهما رُفع الآخر))؛ رواه الحاكم وغيره من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وصححه الألباني.

والسبب عباد الله أن المرء حينما يفقد حياءه يتدرَّج في المعاصي من سيئ إلى أسوأ، من رذيلة إلى أرذل، ولا يزال يهوي حتى ينحدر إلى الدرك الأسفل والعياذ بالله.

تأمل كيف كان شأن الحياء قبل الإسلام، فهذا أبو سفيان حينما كان في تجارة بالشام، دعاهم هرقل وسأل عن أقربهم نسبًا للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سفيان: أنا، فحينما دنا منه وجعل أصحابه خلف ظهره، ثم قال هرقل لترجمانه: قل له: إني سائل هذا الرجل، فإن كذَّبني فكذِّبوه، فقال أبو سفيان: فوالله لولا الحياء من أن يؤثروا عليَّ كذبًا لكذَبت عليه.

وهذا موقف يبيِّن حياء امرأة جاهلية وهي امرأة النعمان، حين سقط نصيفها وهي مارة في طريق به رجال، فسترة وجهها بيديها، وانحنَت على الأرض ترفع نصيفها، فقال النابغة مادحًا:
سقط النصيف ولم تُرد إسقاطَه
فتناوَلتْه واتقتنا باليد




أما الإسلام فقد رفع شأن الحياء، وذلك في سورة القصص؛ حيث موقف ابنتي الرجل الصالح اللتين تربَّتا على العفة والطهارة؛ قال تعالى: ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾ [القصص: 25]، فقال عمر رضي الله عنه: (( ليست بسلفع من النساء خرَّاجة ولَّاجة، ولكن أتت مستترة، قد وضعت كُمَّ درعها على وجهها استحياءً))، ويُقصد بـ(سلفع ) يعني ليست جريئة سليطة قليلة الحياء، بل بلغ من قدر الحياء في الإسلام أن بنى على اعتباره حكمًا شرعيًّا، وذلك في نكاح الجارية بقوله صلى الله عليه وسلم ((فَذَلِكَ إِذْنُهَا إِذَا هِيَ سَكَتَتْ))؛ متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.

ما الحياء عباد الله؟ هو خُلق الإسلام الفاضل الذي يحمل على ترك القبيح من الصفات والأفعال والأقوال، ويَمنع من التقصير في حق ذي الحق سبحانه وتعالى، وذلك عندما يرى العبد آلاء الله ونعمه عليه، ويرى تقصيره في شكرها والقيام بحقِّها، وعبودية الله تعالى على الوجه الذي شرعه سبحانه دون تفريط أو إفراطٍ.

الحياء هو امتناع النفس عن فعل ما يُعاب، وانقباضها من فعل شيء أو ترْكه؛ مَخافة ما يعقبه من ذم ولومٍ، والدعوة إلى التخلق بالحياء وملازمته، إنما هي دعوةٌ إلى الامتناع عن كل معصية وشرٍّ، فالحياء خَلَّة من خلال الخير، وشُعبة من شعب الإيمان، وعليه مدارُ كثير من أحكام الإسلام؛ قال الفضيل بن عياض رحمه الله: من علامات الشقوة القسوة في القلب، وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا، وطول الأمد.

عباد الله، الحياء أصل الخير والعقل، وتركه أصلُ الشر والجهل، فالحياء يدل على كمال عقل صاحبه، فمتى وُجِد في الإنسان الحياء وُجد فيه الخيرُ كله، ومتى فارقه الحياء قادَته نفسه وشيطانه إلى الهلاك المحتوم، وأرداه موارد الفساد.
إذا قلَّ ماء الوجه قل حياؤه
فلا خير في وجه إذا قل ماؤه
حياؤك فاحفَظه عليك فإنما
يدل على وجه الكريم حياؤه


إن مكانة الحياء في الإسلام يا عباد الله عظيمة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ))؛ متفق عليه من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، وعنه أيضًا قال صلى الله عليه وسلم: ((الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ))؛ أخرجه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: ((الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّار))؛ رواه الترمذي، وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وصحَّحه الألباني، وقال صلوات ربي وسلامه عليه: ((مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ، وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ))؛ رواه الترمذي، وغيره من حديث أنس رضي الله عنه وصححه الألباني.

بالهيبة والحياء - عباد الله - تُعمر القلوب، وتزكو النفوس، فإذا ذهبا من القلب لم يبقَ فيه خيرٌ، وعلى قدر حياة القلب تكون قوة الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح.
إذا لَم تَخش عاقبة الليالِي
ولَم تستحِ فاصنَع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خيرٌ
ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرءُ ما استحيا بخيرٍ
ويبقى العود ما بقي اللِّحاء


مَن قَوِيَ حياؤه صان عرضَه، ودفَن مساوئه، ونشَر محاسنه، وكان ذكره عند الناس محمودًا وعند الله مرفوعًا، ومن ذهب حياؤه ذهب سروره، وظهَرت مساوئه، ودُفنت محاسنه، وكان عند الناس مهانًا وعند الله ممقوتًا.

الحياء والإيمان قُرنا جميعًا، فإذا رُفع أحدهما رفع الآخر، وإن الله تعالى إذا أبغض عبدًا نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تَلقه إلا بغيضًا مبغضًا.

فالمرء حينما يفقد حياءه يتدرَّج في المعاصي من سيئ إلى أسوأ، من رذيلة إلى أرذل، ولا يزال يهوي حتى ينحدر إلى الدرك الأسفل، وكذلك المرء إذا لم يكن له حياء جهَر بالمعاصي أمام الناس ولا يبالي، فالمجاهرون بالمعاصي والمعلنون بها أمام الناس ولا يبالون بما يفعلون، هؤلاء لا يستحيون من الله، ولا يستحيون من الناس، ولهذا استحقوا الوعيد الشديد الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ))، أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وإن الاستحياء من الله هو أسمى وأعظم مرتبة للحياء، وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ))، قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: ((لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ))؛ حسَّنه الألباني.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 85.27 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (1.93%)]