ملحمة العيد .. قصيدة مؤثرة في ذكرى يوم الأسير !!

[مجد العزة]

ملحمة العيد

يا عيد ...!!

اسمح لشعري واصفاً ليقولا *** قبلَ الرحيل إذا عزمت رحيلا

اسمح لشعري والقوافي والحشا *** أن يُسمعوك مع النشيد هديلا
حتى تبلِّغ بالحنان وبالوفا *** خلفَ الحديد أحبة وتقولا
فتكون للأسرىبريدَ قلوبِهم *** وتكون باسم الثائرين رسولا
عبر الأثير تطير تحمل همنا *** يا عيد رفقا بالقلوب قليلا
هلا رحمت قلوبنا فأجبتنا *** وخرجت عن صمت طواك طويلا
فإذا دموع العيدبلَّت خدَّه *** ورأيتَه مثلُ السقيم عليلا

يا أيها الحر الأسير رجوتني *** وطلبت باسمك أن أكون رسولا

فذهبت للأهل الذين تحبهم *** فرحا أرتل شوقكم ترتيلا

وظننت أني سوف أفرح قلبهم *** أولست عيدا بالسرور كفيلا ؟

ولكني وجدت وما وجدت أهالني *** أردى الفؤاد كما تراه قتيلا

يا عيد مالك قدفطرت قلوبنا *** تكفي القيود بحالنا تنكيلا

حدِّث بربك ماوجدت وصِفْ لنا *** حالَ الأحبة مسرعاًً وعَجُولا

حسناً سأفعل فاستمع لحكايتي *** مع من تحب أقصها تمثيلا

وامسك بقلبك أن يذوب من الأسى *** وتول عن دنيا الحياة قليلا
لما ذهبتُ إلىالذين تحبُّهم *** وتركتهم يتلمسون دليلا
قد هالني الطفلالذي شاهدتُه *** بالفكر يسبح شاردا وجفولا
والدمع بلل خده وثيابه *** يحكي لكل العالمين فصولا
يا طفل مالك قد فطرت حشاشتي *** وتركت قلبي دامياً وقتيلا
ها قد أتيتك بالسرور محمِّلاً *** أوَلستُ عيداً بالسرور كفيلا
لا زلت طفلاًوالهموم كبيرة *** ما بالها وَجَدَتْ إليك سبيلا
فأجابني ودموعه قد ردَّها *** وأَبَى لدمعة مقلتيه مسيلا
أوَهل فقدت أباًحنوناً حانياً *** يا عيد مثلي ... أو حُرِمتَ مُعِيلا
كان الشفاء لما أُحِسُّ وأشتكي *** وإذا رآني ضمَّني تقبيلا
وإذا مرضت فما تنام جفونُه *** وعليَّ يسهر بكرة وأصيلا
كل الصغار اليومفي أفراحها *** يتضاحكون ويمزحون طويلا
كُلٌّ يعانقه أبوه مداعباً *** إلاَّيَ كبلني الأسى تكبيلا
ويضمه – ويلي أبوه مقبِّلاً *** إلاَّيَ أرقبُ باكياً وجفولا
آه أبي ... آه أبي ... آه أبي *** ومتى تعودُ فقد صبرت طويلا
إن يفرح الأطفال في أعيادهم *** أو يلبسون من الثياب جميلا
فلقد لبست من الأسود فراءَها *** ورحلتُ عن دنيا الصغار رحيلا
هم يحملون مع الدمى ألعابهم *** وأنا حملت الصارم المصقولا
قدري بأن أحيا الرجولة باكرا *** رجلا يحاكي في الزمان فحولا
أولست إنسانا يفيض مشاعرا ؟ *** أم صرت عن هذا الكلام غفولا
أماه قولي للذي حملت لنا *** أفراحه حزنا وكان بخيلا
لا العيد أنت ولا السعادة ترتدي *** أبداٌ أراك منغصا وثقيلا
ولدي الحبيب أبوك قام مجاهدا *** بطلا بدنيا الثائرين رسولا
ضحى لتحيا رافعا رأسا على *** هام الزمان وكي تعيش نبيلا
ولدي الحبيب أبوك في زنزانة *** عشقته مثلك وارتضته خليلا
هذا أنا يدمي فؤادي بعده *** لكن صبرت وما قبلت ذبولا
القلب يكتم والنوى مفتاحه *** لكن يظل على الهوى مقفولا
حتى يعود الى الكريمة زوجها *** حفظته وانتظرت لقاه طويلا
صبرا بني فقد رأيت لقاءنا *** مع من نحب محتما مأمولا
لا لن يطول فراقه وغيابه *** فالشمس تأبى أن تطيل أفولا
عَلِمت بأن الليل طال معربدا *** فتقدمت بضيائها ليزولا
والليل مهما يعتريك ظلامه *** فالصبح يبزغ باسما وجميلا
يا عيد بلغ بالوفاء أسيرنا *** وارجع بحب قلوبنا محمولا
لا القيد يبقى لا السجون تدوم لا *** لن يستمر الغاصبون طويلا
هذي رسالتنا لمن أغلالهم *** كانت باسم الفدا اكليلا
يا عيد فاحملها متجملا *** فينا وعيدا خيرا وفضيلا
يا أيها المأسور تلك حكايتي *** ها قد أتيت بها اليك عجولا
يا عيد حركت الأسى وشجوننا *** وتركت قلبا داميا وقتيلا
لكن سنصبر والجراح كثيرة *** أبدا وان كان المصاب جليلا
نحن الذين الى الجهاد تسابقوا *** جيلا على درب الفداء فجيلا
لا ننحني لمنافق أو غاصب *** هاماتنا لا لن تطيق نزولا
فالحق يرجع بالدماء وآية *** قدسية قد رتلت ترتيلا
رشاشنا بيد الكتائب ناطق *** يروي لكل العالمين فصولا
لا طعم للدنيا ولا لحياتنا *** حتى تصول كتائب وتجولا
كي تطرد المحتل من أوطاننا *** أسدا تطارد لليهود فلولا
يا عيد شكراً إذ حملت حديثهم *** قد كنت يا عيد الوفاء أصيلا
بلِّغ أحبتَنا السلام وقُلْ لهم *** صبراً على كيد العدو جميلا
لن يَهزمَ القيدُ الغشومُ صمودَنا *** منها سنصنع سيفنا المصقولا
إن يقذفونا في البحار قوافلاً *** سنعود جيلاً مبحراً ... أسطولا
أو يسفكوا دمنا المُحِبَّ لأرضنا *** دمُنا سيغدو في الطريق دليلا
لتجيء أجيالٌ تُحِيلُ دماءَنا *** طوفان ثأرٍ فوقهم وسيولا
إن أبعدونا في العوالم والدنا *** أو ضاعفوا التعذيب والتنكيلا
سنعود جيلاً زاحفاً وكتائباً *** لا ترتضي غير الجهاد سبيلا
ونحطِّمَ السجَّان مع أغلاله *** حتى نُبيدَ كيانَهم ونُزِيلا
أبطالنا نحو الفداء تتابعوا *** جيلاً على درب الجهاد فجيلا
يا أيها الأهل الكرام ألا اصبروا *** ليلُ العِدَا لن يستمر طويلا
وغداً تُحرَّرأرضنا وديارنا *** ليصير عيد الثائرين جميلا
يا عيد تلك رسالتي وحكايتي *** يا عيدُ مثلك ما رأيت مثيلا
يا عيد أهلا إذ قدمت ومرحبا *** فاقدم على (أنصارنا) لتزولا
غادر وسافر بالسلام محملا *** قبل الرحيل إذا عزمت رحيلا

مهداة الى اسرى سجن النقب (أنصار 3) وكل الأسرى الأحرار
كتبت في نيسان 1995 عشية عيد الأضحى ويوم الأسير