|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() وسطية غذائنا في عصر العلم والوفرة .. والكوارث! د. غنية عبدالرحمن النحلاوي ومثالان عن غفلتنا: تفاهة الطعام، وفلورة المياه عبر خبرة امتدَّت آلاف السنين، تعلَّم الإنسان بفطرته السليمة ما هو الغذاء المناسب له، وكيف يطهوه ويتناوله، وكيف يستبعِد الفاسد ويستزيد من الصالح، وتستطيع أن تلمس إعجازًا إلهيًّا رحيمًا من خلال الإنجاز المدهش للمخلوقات في هذا المقام، وعلى رأسها الإنسان؛ قال تعالى: ﴿ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 35]. ولكن هذا الإعجاب صار يصطدم بأخطاء غفلنا عنها حتى بلغَتْ مداها في زمننا هذا: أخطاء كيِّفية؛ نوع الغذاء، وأخرى كميَّة؛ من حيث الإفراطُ والتفريط، وما تلاها مِن عِلَل مثل وهن العِظام وفقر الدم ونقص المناعة وغيرها. وهي أخطاء تتعلق بتصادم الآلة الاقتصادية الهادفة لزيادة الأرباح وإنقاص التَّكلِفة مع البيئة البِكر والفِطرة السليمة التي فطَرَنا الله عليها؛ كما ترتبط باستغلال حب الإنسان للتغيير وانبهاره بالإعلام المتناقِض مع المعرفة والخِبرة؛ ليترافقَ الضرر الناتج غالبًا بمُخالفة تعليماته - سبحانه وتعالى - في أنفسنا وفيمن حولنا، وبالإخلال بالبيئة التي سخَّرها لنا وتلويثها! ويَنطبِق على كل ما ذكر وصف سوء التغذية: فهي ليست حِكرًا على الفقراء والجهَّال كما كان يظن منذ عقود، فالغنيُّ يُصاب بسوء التغذية، والفقير يصاب بها، وكذلك المثقَّف والجاهل! ♦ ومِن أمثلة التفريط - لا سيما في الكوارث والحروب -: أمراض نقص التغذية؛ منها الخاصة: للبروتينات والفيتامينات والمعادن، ومنها العامة لجميع المُغذِّيات، والتي تكون خطرة لا سيما على طرفي العمر - عند الأطفال والمسنين - فيموتون من المخمصة في أنحاء من المَعمورة بينما تُرمى الأطعمة في القمامة في أنحاء أخرى! ومن أمثلة الإفراط: سوء التغذية المؤدّي للبدانة ونِسَبها العالية؛ حيث الوفرة الاقتصادية (زيادة الأكْل ونقْص الحركة)، وزيادة الفلور في طعامنا وشرابنا عن حدِّ السلامة. ♦ وبين الإفراط والتفريط من حيث الكم، نجد للخلل النوعي أو الكيفي دورًا كبيرًا، أما أبسط أمثلته وربما أشيعها فهي الوجبات السريعة التي تعرَّف بأنها: أطعمة مثقلة بكل شيء، إلا ما هو مغذٍّ ومُفيد (وكأنك تأكل: منكهات، مواد دسمة، عناصر كيميائية.. إلخ). ومع انتشار وسائل المعرفة بين الناس على نطاق واسع، صار التدخل في غذاء الإنسان يتلبس بالعلم والدراسات الإحصائية، ولكن هذا لم يُنقِذ المتلقّي بل زاده بلبلة في بعض الحالات؛ كالحالات التي يتمُّ التوصية فيها بأمر ما اليوم ثم يوصى بضدِّه بعد أيام! ناهيك عن التلقي من مجلات "المنوعات" ومواقع "النت"، والتي صار الحديث عن غذائنا فيها مُتاحًا لكل حاطب ليل. لذلك تزداد حاجتنا: لأسس وخطوط عامة، بما يتناسب مع الفطرة السليمة لكل إنسان، ومع الصبغة الإسلامية التي سأوجز بعضها من القرآن الكريم والسنَّة النبوية: 1- تبيين المحرَّمات من الأطعمة والأشربة، وكل ما سواها محلَّل "سورة المائدة وتفسيرها، وفقه ذلك في مظانِّه". 2- خطوط أساسية لكيفية إعداد الطعام وتناوله، مِن أهمها: الذبح الحلال، والتسمية، واليمين، وطهارة الأيدي، وقاعدة الأثلاث الثلاثة - عندما يملأ ابن آدم بطنه - (وعلى الهامش، فقد ثبت أن معظم اللحوم في الوجبات السريعة ليسَتْ ذبحًا حلالاً، وبعضها تعافُه الحيوانات كالقطط، من خلال تجارب حدَّثني عنها أصحابها)! 3- بيان بعض العناصر الغذائية التي تتميَّز بالفائدة ليس للشِّبَع وحسب؛ بل للنمو والوقاية من الأمراض أو علاجها: مثل العسل والعجوة وحبَّة البركة وماء زمزم...، وهي معلومات وردت مركزة بإيجاز في القرآن الكريم والسنة الشريفة فلم تحجِّر علينا واسعًا.. سبحان الله! إذ من فوائد ورودها بإيجاز أن تُترك للإنسان آفاق رحيبة للتوسُّع والاستزادة في العلم والتعلُّم حولها وحول غيرها، مثل كشفِ ودراسة المزيد من العناصر كالفيتامينات والمعادن ومعرفة حدود الضرر والفائدة كما سنرى! 4- قاعدة: ((لا ضرر ولا ضرار)) النبوية لمحرَّمات طارئة؛ كالتدخين، وبعض ما يؤكل أو يُشرَب (المشائم وجنون البقر)[1]. 5- عدم العبث بالتوازن البيئي الذي سخَّره الله تعالى لنا، سواء بيئتنا الداخلية (أبداننا) أو الخارجية (الكون من حولنا)، وبذل بعض الجهد للتحقق من مصداقية ما يقدم لنا نظريًّا وعمليًّا على أنه الغذاء الأفضل. مع تأكيدي اليقيني بأننا لا ندلِّل على صحة ودقة ما جاء به القرآن الكريم والحديث الشريف عندما تَخرُج علينا بحوث علمية فيها - لدهشة الجميع - إثبات للفوائد والمضار التي سبق لها الإسلام، بل النقيض تمامًا، فنحن نستنتج احتمال دقة البحث العلمي إذ يوافق صريح القرآن والسنة، كما أننا لا نلوي أعناق النصوص فنُحمِّلها ما لا تحتمل لنجعلها تطابق ما يبدو حقيقة علمية اليوم قد يَثبت خطؤها بعد حين.. سبحان الله وبحمده! وعندما نتجاوز تلك الأسس القويمة، وما أضيف لها من قواعد الصحة العامة التي أنتجتها خبرات البشر وعلومهم، ونتركها إلى ما لا ينفع وقد يضرُّ: يَنفتح باب المُنتجات الصناعية من دوائية وغذائية، بهدف تصحيح الأخطاء، وعلاج ما أدَّت له من أعراض وأدواء - أو الوقاية منها - (كما أشرنا في أبحاث سابقة عن البروبيوتيك.. وعن حليب الأم)[2]، وهكذا تُتابع الدوامة دورانها، وتظهر التحذيرات والتوصيات في العالم، وتقام على هامشها الدعاوى القضائية في بعض البلدان، وقد تُتَّخذ إجراءات على مستوى وزارات الصحة، (وربما تكون متأخرة)! ولقد اخترت مثالين من حياتنا اليومية عن الأغذية الضرورية.. وكيف تصبح ضارَّة: المثال الأول - الطعام السريع أو سقط الطعام: بدأ الأمر بتحرِّي السهولة في التحضير؛ لأن الجميع في العمل، ثم انقلب لمُحاولة التغيير وطرد الملل بحثًا عن الطعام الممتع واللذيذ، ثم رضينا بجعل تلك المتغيرات ثوابت لحياتنا العصرية؛ وما لبث أن امتلأ غذاؤنا بالملوَّنات والمنكهات والأسمدة الكيميائية الضارة، والمواد الحافظة، والهرمونات، وحتى الأمواج الكهرومغناطيسية الضارة (الميكرو ويف)! ونأى الإنسان عن الأطعمة الصحية الطازجة، أو هي نأت عنه، فقلَّ إنتاجُها وارتفعَت كلفتُها (حسب قانون العرض والطلَب). ولا بد في هذه العجالة من الإشارة إلى التسمية الأعم والأحدث من تسمية "الطعام السريع: fast food" في علم التغذية وطب الأطفال وهي الـ "junk food " وأترجمه: "الطعام التافه"، والمعنى اللغوي الحرفي: السقط - مثل سقط المتاع -: أي الذي يُسقطه المرء أو يتركه لأنه غير صالح، (ومن معانيها - لغير الطعام - في القواميس: الخردة..، ثم قرأت ترجمته بهذا المصطلح: "قمامة الطعام: أي أطعمة سريعة غير متوازنة "[3]! و: "الطعام التافه"junk food: تصفه القواميس بما ترجمته: "أي: شيء جذاب ولكن فائدته مهملة": ولاحظ أهمية أن يكون جذابًا، وكذلك يوصف بأنه "طعام لذيذ وفقير بالفائدة". مما يعكس استغلال من يصنعه ويروِّج له غفلة الإنسان العصري عن الضرر والنفع إذ يضع المتع أعلى سلم أولوياته، مع الأسف! أما التعريف الطبي الأدقُّ للطعام التافه أو السقط: فهو أيُّ طعام محضَّر وجاهز يَحوي كمية مفرطة مما يلي: الدسم، السكر، الصوديوم (الملح)، المضافات الكيميائية؛ ويحوي القليل من القيمة الغذائية! وهذا جعلهم يدخلون ضمن تلك التسمية المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ومنتجات البطاطا المصنَّعة (شيبس) والأطعمة المحلاة بشدة (كالمثلوجات والفطائر)، إضافة للبرغر والناغيت وما إليها (من الفاست فود) التقليدي؛ بمعنى أنه ليس فقط قليل الفائدة، بل هو مُؤذٍ للصحة. ومع الأسف نشأ جيل جديد اعتلَّت فطرته، فلا يستسيغ "الطيبات" الحقيقية بوجود هذه التي غفل عن ضررها لجاذبيتها! وجاءت النتائج: من خلال دراسات إحصائية، لتشمل الكثير من الأمراض خاصة عند الأطفال والمراهقين والتي تراوَحَت بين الأبسط كالاضطرابات الهضمية والأسوأ كالداء السكري، مرورًا بأمراض التحسُّس، وأمراض الغدد، والأعراض العصبية؛ كالصداع والأرق، وفرط الحركة، وشملت - مع كل ما سبق -: البدانة، أيضًا، البلاء العصري المستشري بين الأطفال والمراهقين! ذلك أن الوجبات السريعة تكاد تفوق النهم في إحداث البدانة، فكل وجبة منها تحوي 40% دهون مقابل 15% دهون في الطعام العادي، والمؤسف أنهم وجدوا أن نصف أطفال الصف الأول الابتدائي البدناء سيُعانون البدانة في الكبر، وأنها أدّت لانتشار النوع الثاني من الداء السكري بين الأطفال بعد أن كان مقتصرًا على الكبار! المثال الثاني: مادة الفلور بين الضرر والضرورة: ♦ تشترك عدة معادن وأشباه معادن في تمتين الشبكة العظمية، أو إضعافها، وعلى رأسها: الكالسيوم والفوسفور والمغنزيوم والتوتياء (أي الزنك)، وكذلك الفلور. ويوجد عنصر الفلور إضافة للأسنان، في العظام والدم والجلد والأظافر والشعر، وهو ضروري لعمليات الشفاء والترميم، والواقع أن الجسم يحتاج إليه ولكن بقدر زهيد، ويتركَّز معظمه في العظام والأسنان، ومثل كافة العناصر الضرورية الزهيدة (كما نسميها) كاليود والحديد والمغنزيوم، يوجد الفلور بكميات مناسبة في الماء والخضار كما نحصل عليه من الأطعمة كالدَّجاج والبيض والجبن والشاي، وإن الأسماك، بل والأطعمة البحرية كافة، هي أكثر الأطعمة الطبيعية غنىً به، فجميع الأطعمة البحرية تحوي شكله العُضوي (الفلورين) بنسبة جيدة! وتاريخيًّا: استعمل الفلور بشكل فلورايد الصوديوم فيما مضى كسمٍّ للفئران، ودرسه الكيميائيون الألمان في فترة الحرب العالمية الثانية كعنصر محتمَل للتحكُّم في تعداد السكان في أية منطقة من خلال معالجة ضخمة لمياه الشرب، وجرَّبه كلٌّ من الروس والألمان على سُجناء تلك الحرب لأثره في إخضاع إرادة الذين يُريدون الهيمنة عليهم بإضافة فلورايد الصوديوم إلى ماء الشرب المعطى لهم حيث اعتقد أنه جعلهم أغبياء وحمقى، وهو يعتبر بشكله الغازي من أكثر الغازات ضررًا على طبقة الأوزون، وبعض المصادر تضعه عندما يزيد في البيئة مع الزرنيخ والرصاص والزئبق! يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |