مراقبة الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 641 - عددالزوار : 74727 )           »          الحج والعمرة فضلهما ومنافعهما (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 57 )           »          ٣٧ حديث صحيح في الصلاة علي النبي ﷺ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          قوق الآباء للأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          حقوق الأخوّة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          دفن البذور عند الشيخ ابن باديس -رحمه الله- (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          الاغتراب عن القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          آخر ساعة من يوم الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          هاجر… يقين في وادٍ غير ذي زرع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          الغش ... آفة تهدم العلم والتعليم والمجتمعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-12-2021, 03:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,734
الدولة : Egypt
افتراضي مراقبة الله

مراقبة الله
د. عطية بن عبدالله الباحوث




المقدمة
الحمد لله المتفضل بقبول الطاعات وإن صغُرت، المنان بالعفو عن المعاصي وإن كثُرت، القائم على كل نفس بما كسَبت، الرقيب على كل جارحة بما اجترَحت، لا يعزُب عن علمه مثقال ذرة في السماوات والأرض تحركت أو سكَنت، والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ما تعاقب الليل والنهار، وعلى آله وصحبه الطاهرين ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فالخطبة الأولى
فأعلم أيها المؤمن أن هذ الدين لا يكمل في قلب المرء إلا إذا جمع بين العلم والعمل، فالعلم ينير ويوضح المنهج الرباني الذي يريده الله ويرضاه، والعمل ترجمة واقعية وسلوك وقدوات تمشي على الأرض معلقة قلوبها بمن يعلم السر وأخفى، بهذين الأمرين تعتدل الكِفتان، ويعيش المسلم التوازن النفسي والخلقي والاجتماعي، وهذا متحقق بإذن الله عندما يستشعر المؤمن بأن الله يراه، ويعلم منه الظاهر كما يعلم الباطن سواء، ولذا عندما جلس جبريل في محضر من الصحابة يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مراتب الإسلام، قال له: ما الإحسان؟ فقال له: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

مرتبة عظيمة لن ينالها إلا من داوَم بعلم ويقين بأن الله مطلع على ظاهره وباطنه، مستشعرًا قوله تعالى: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].

إذًا هي عبودية الصلاة والزكاة والحج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورعاية الأبناء، وإنجاز أعمال الناس، والتعليم والصحة وقطاع الأعمال، أن تفعل ذلك وأنت مؤمن موقن بأن الله يراك، يعلم ما تقول وما تكتب، وما تضمر وما تريد.

وإن من المع علامات المراقبة في الرجل ما قاله ذو النون المصري: (إيثار ما أنزل الله وتعظيم من عظم الله وتصغير من صغر الله).

فإن حفظت هذه وراقبتَ الله في خواطرك، عصمك الله في أفعال جوارحك، وإن أعظم المراقبة تطلب في مواطن الخلوات، فمن خادع فيها خدعه الله؛ عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا)، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَلاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ، قَالَ: (أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا)[1].

سبحان الله غفلوا عن الله في الخلوات، فعاقبهم بذهاب الحسنات، فما حال من بارز الله بالمعاصي؟ وما حال مَن ترك مراقبة الله في ظاهره وباطنه، وتجرأ على المعاصي؟ إن من لم يستحي من الله يفضحه.

قال أبو الدرداء: (إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالى، فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين؛ من حيث لا يشعر)).

هذا عقاب الله في الدنيا يكسب العاصي ظلمة في الوجه، وتعلوه ذلة المعصية، فلا يجد له قبولًا في الأرض، لكن أهل الطاعة أجاب عنهم الحسن البصري، فقد قيل له: ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوهًا؟ فقال: (لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورًا من نوره).

وقد أعطانا المصطفى صلى الله عليه وسلم الميزان العملي للمراقبة، فقال: (ما كرهتَ أن يراهُ الناسُ فلا تفعلهُ إذا خلوتَ)[2]، هذا لمن كان له قلب سليم وفطرة سليمة ويستحيي من الله.

إن المجتمع المسلم هو الحصن الحصين والسد المنيع من الفساد، لو شاع فيه المراقبة لله، انظر إلى هذا الموقف الرائع وهو أن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قابل راعي غنم، فقال: يا غلام! بعني شاة من الغنم، فقال: ليست لي، فقال: بعني شاة وقل: أكلها الذئب، فقال الغلام: وأين الله؟! فبكى ابن عمر وجعل يردد: وأين الله؟! وأين الله؟! ثم قال: يا غلام! وافني وسيدك غدًا في هذا الموضع، فلما كان من الغد جاء الرجل والغلام، فاشترى الغلام والغنم من مالكها، ثم أعتق الغلام ووهب له الغنم)[3].


أين الله يا من تغش في السلع؟
أين الله يا من تسرق من بيت مال المسلمين؟
أين الله يا من ترتشي؟
أين الله يا من تأكل الربا؟
أين الله يا من أغلقت الأبواب لترى ما حرم الله عبر القنوات.
نقول لهم خطاب الله لعصاته: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [العلق: 14].

إن المراقبة درجة إحسان وقد قال تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].

يقول ابن القيم: (الجزاء من جنس العمل، فكما أحسَنوا بأعمالهم أحسن إليهم برحمته، فمن تباعد عن الإحسان تباعد الله عنه ومنعه رحمته).

وقد جعل الله للمسلم موقظات توقظه من رقدة الغفلة، وتحثه وتسوقه إلى مراقبة الله، لكن تحتاج لنيل ثمرتها إلى فطنة وإرادة وعزم، فهذا حبيب أبو محمد أحد عباد السلف كان تاجرًا لا يتورع عن الربا، فمر ذات يوم بصبيان وهم يلعبون، فقال بعضهم لبعض: قد جاء آكل الربا فنكس رأسه، وقال: يا رب أفشيت سري إلى الصِّبيان، فرجع فجمع ماله وقال: يا رب إني أسير وإني قد اشتريت نفسي منك بهذا المال، فاعتقني فتصدق بماله، ثم أخذ في العبادة، فمر ذات يوم بصبيان فقال بعضهم لبعض: اسكنوا فقد جاء حبيب العابد).

من أنطق الصبية وما أعلمهم بالربا؟ وكيف تجرَّؤوا على الرجل؟ إنه الله عز وجل يعاقب عبده ليعود ويبتليه ليرجع، ويجري له الأمور لعله يتذكر أو يخشى.

اللهم أيقِظ قلوبنا بالإيمان، واجعلنا ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتُلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا، فاستغفروا الله إن الله غفور رحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن المراقبة لها من الثمرات ما يجعل في تركها أساس فساد المجتمع وخرابه، ولعلنا نوجز لنقطف أينع ثمارها، فنقول:
أولًا: المراقبة مانعة للجريمة، بل قد كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لتقوم مقام الأمن الداخلي، حتى إن ماعزًا رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (زنيت فطهِّرني)، فتعاليم الإسلام من عظمتها أن الفرد يسعى في تنفيذها، والمجتمع يسعى في حراستها حتى من الفئة التي زلَّت بهم القدم، فلتسمع قوانين البشر البائدة.

ثانيًا: المراقبة تجعل الناس يحرصون على أكل المال الحلال، فيضعف ويضمحل الفساد المالي، فيعيش الناس في أمان من نكبات الاقتصاد الفاسد.

ثالثًا: المراقبة تشيع العدل الذي يعد العمود الفقري لقيام الدولة والمجتمع، فهذا شريح القاضي يحكم ليهودي سرق درع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لعدم البيِّنة، فما كان من اليهودي إلا أن أسلم وزاد علي بكرمه أن أعطاه الدرع.

رابعًا: المراقبة تجعلك لا تنسى ضَعَفَةَ المجتمع وفقراءَهم، وأقاربك وجيرانك، عائشة رضي الله عنه يأتيها ثمانين ألف درهم وهي صائمة، فتنفقها للفقراء والمعوزين، ولم تدَّخر ما تُفطر به.

أخيرًا المراقبة وفي كلمة موجزة للحارث المحاسبي: (المراقبة علمُ القلب بقُرب الرب).

الدعاء:
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعًا مباركًا مرحومًا، وتفرَّقنا من بعده تفرقًا معصومًا، ربنا لا تدَع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا طالبًا أمرًا من أمور الخير إلا سهَّلته له ويسرته.

اللهم تقبَّل توبتنا واغسِل حوبتنا، وأجِب دعوتنا، وثبِّت حجتنا، واهدِ قلوبنا، وسدِّد ألسنتنا، واسلُل سخيمةَ قلوبنا.

اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة والنجاة من النار، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث.

اللهم أصلِح لنا شأننا كله، ولا تَكِلنا إلى أنفسنا طرفةَ عين ولا أقل من ذلك.

اللهم إنا نسألك لولاة أمورنا الصلاح والسداد، اللهم كن لهم عونًا، وخذ بأيديهم إلى الحق والصواب والسداد والرشاد، ووفِّقهم للعمل لِما فيه رضاك، وما فيه صالح العباد والبلاد.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين.

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

سبحان ربِّنا رب العزَّة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


[1] رواه ابن ماجه (4245)، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه ".

[2] رواه ابن حبان وحسنه الألباني في السلسلة.

[3] (روى الإمام أبو داود في كتاب الزهد بسند صحيح:







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.08 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]