الضابط الفقهي, والضابط الأصولي ؟

[ابوالوليد المسلم]

الضابط الفقهي, والضابط الأصولي ؟


د. أريج الجابري

هذا نقل نقلته من رسالة ضوابط حمل المطلق على المقيد عند الأصوليين وأثر ذلك على الأحكام الشرعية) إعداد: عديلة علي خليل عيسى.
جامعة النجاح الوطنية.
فيه مايفيد في الموضوع ص: 37- 39.
المطلب الثاني: مفهوم الضوابط اﻷصولية:
الضوابط في اللغة: جمع ضابط، من ضبَطَ والضَبْط: لزوم الشيء وحبسـه، والضبْط الحفـظ بالحزم، ورجل ضابط أي حازم، قوي شديد البطش، ورجل أضبط: يعمل بيديه جميعـا، وأسـدأضبط: يعمل بيساره كعمله بيمينه(1)
الضوابط في اﻻصطﻼح: للعلماء في بيان حقيقة الضوابط اﻷصولية اتجاهات مختلفة، وهي كمـا
يلي:
اﻻتجاه اﻷول: التسوية بين القاعدة اﻷصولية والضابط اﻷصولي، قال الفيومي: " والقاعـدة فـي
اﻻصطﻼح بمعنى الضابط"، وعرفه بأنه:" اﻷمر الكلي المنطبق على جميع جزئياته "
(2).
ومن أصحاب هذا اﻻتجاه ابن الهمام، وقد قال في بيان معنى القاعدة :" ومعناها كالضـابط والقـانون
واﻷصل والحرف"(3)
، وأيده ابن أمير الحاج(4)، فقال في شرحه لقول ابن الهمام في التحرير: " فهي ألفاظ مترادفة اصطﻼ حاً " (5)
اﻻتجاه الثاني: الضابط قسم من أقسام القاعدة اﻷصولية، قال المرداوي(6)في تعريف القاعدة : "فمنها ما ﻻ يختص بباب، كقولنا: اليقين ﻻ يرفع بالشك، ومنها ما يختص، كقولنا: كـل كفﱠـارة سببها معصية فهي على الفور، والغالب فيما يختص بباب، وقصد به نظم صور متشابهة ويسمى ضابطاً، وإن شئت قلت: ما عمﱠ صوراً " (1)، فالقاعدة أعم من الضابط في هذا اﻻتجاه.
اﻻتجاه الثالث: الضابط أعم من القاعدة، فعرف الحموي الضابط بأنه: " صورة كلية يتعرف منها أحكام جميع جزئياتها " (2)
فالقاعدة في اصطﻼح العلماء تجمع العدد الكبير من الجزئيات والمسائل، وإذا خرج عنها مسألة، كانت من قبيل المستثنيات عن القاعدة، وﻻ يخرجها اﻻستثناء عن كونها قاعـدة، فهـي تطلق على اﻷغلبية.
أما الضابط فعمله تجزئة المسائل الفقهية المنطوية تحت القاعدة، وحصرها تحت قاعـدة أخرى تسمى ضابطاً، والهدف من هذه الضوابط هو تحديد الجزئيات المندرجة تحت القاعدة.
المطلب الثالث: الفرق بين القاعدة اﻷصولية والضابط اﻷصولي:
ذهب فريق من العلماء إلى أن ثمة فروقاً بين القاعدة اﻷصولية والضابط اﻷصولي،
وفرقوا بينهما من عدة نواح(3):
أوﻻً: القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى، والضابط يجمعها من باب واحد(4)، وإذا كانت القاعدة اﻷصولية تختص بباب واحد من أبواب أصول الفقه، فإن ذلك يجعلها ضابطاً أصولياً.

ثانياً: من حيث العموم والخصوص، فالتفريق بين القاعدة اﻷصولية والضابط اﻷصولي أمر نسبي، بالنظر إلى القاعدة التي تقول: إنه ما من عام إﻻ وثمة أعم منه، وما من خاص إﻻ وثمة أخص منه، توصلنا إلى هذا الفرق؛ فإذا وصلنا بالقاعدة إلى مرتبة اﻷخص الذي ﻻ أخص منه سميت القاعدة ضابطاً، وإن كان باﻹمكان استخراج قواعد من قاعدة أعم منها سميت قاعدة، وإذا وصلنا بالقاعدة إلى مرتبة اﻷعم الذي ﻻ أعم منه، سميت قاعدة أصولية كبرى، وبالتالي فإنه يكون بين القاعدة اﻷصولية الكبرى والضابط اﻷصولي مجموعة من القواعد، فالتمييز بين القاعدة اﻷصولية والضابط اﻷصولي يحتاج إلى ملكة أصولية لدى المتخصصين في أصول الفقه.
ثالثاً: من حيث الهدف، فهدف القاعدة اﻷصولية ضبط أصول الفقه، وهدف الضابط اﻷصولي هو ضبط القاعدة اﻷصولية.
رابعاً: من حيث الموضوع، فموضوع القاعدة اﻷصولية هو علم أصول الفقه من حيث ضـبطه وصياغته، أما الضابط اﻷصولي فموضوعه القاعدة اﻷصولية من حيث ضبطها.
خامساً: من حيث العدد؛ فالقاعدة اﻷصولية أقل عدداً من الضوابط، إذ القاعدة الواحـدة تجمـع تحتها فر وعاً ومسائل من أبواب متفرقة في الفقه اﻹسﻼمي، وكل المسائل المتشابهة فـي البـاب الواحد تجمع تحت قاعدة واحدة تسمى ضابطاً، وتجمع الضوابط في اﻷبواب المتفرقة تحت قاعدة واحدة وتسمى قاعدة، فتكون الضوابط أضعاف القواعد اﻷصولية.
************************************************** *****************
1) ابن منظور: لسان العرب، ج 7/ ص 340 ، الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، ت 721 ه: مختار الصحاح، تحقيق : محمود خاطر، طبعة جديدة ، مكتبة لبنان بيروت، 1415 ه/ 1995 م، ج 1/ ص 158
. 2) الفيومي: المصباح المنير،ج 2/ ص 510 )
. 3) أمير بادشاه: تيسير التحرير،ج 1/ص 15 )
4) شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن الحسن، المعروف بابن أمير الحاج، الحلبي الحنفي، ولد سنة 825 ه، عالم )
الحنفية بحلب، أخذ عن الحافظ بن حجر وابن الهمام، وتوفي بحلب سنة 879 ه، ترجم له: الشوكاني ، محمد بن علي ،
ت 1250 ه: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، دار المعرفة بيروت ،ج 2/ص 254 ، العكري : شذر ات
. الذهب،ج 7/ص 328
5) أمير بادشاه: المرجع السابق. )
6) علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد المرداوي السعدي ثم الصالحي الحنبلي، ولد سنة 817 ه، من بلده )
مردا، صنف كتبًا كثيرة منها: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، التنقيح المشبع في تحريم المقنع وهو مختصر
الإنصاف، والتحرير في أصول الفقه، والتحبير في شرح التحرير، توفي سنة 885 ه، ترجم له: الشوكاني: البدر الطالع،
ج 1/ص 446 ، والعكري، عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي، ت 1089 ه: شذرات الذهب في أخبار من ذهب ،ج 7/ ص 340
1) المرداوي: التحبير شرح التحرير، ج 1/ص 125 ، ابن النجار: شرح الكوكب المنير،ج 1/ ص 30 )
2) الحموي، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحنفي، ت 1098 ه: غمز عيون البصائر شرح كتاب )
الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري)، ط 1، دار الكتب العلمية بيروت، 1405 ه/ 1985 م ،ج 2/ص 5
3) البدارين: نظرية التقعيد الأصولي، ص 170 ، مشعل: محمود إسماعيل محمد: أثر الخلاف الفقهي في القواعد المختلف )
. فيها، ط 1، دار السلام الإسكندرية، 1428 ه / 2007 م، ص 215 ، الروكي، محمد، قواعد الفقه الإسلامي، ص 112
4) المرداوي: التحبير شرح التحرير، ج 1/ص 125 ، ابن النجار: شرح الكوكب المنير،ج 1/ ص 30 ، أبو البقاء الكفوي: )
. الكليات، ج 1/ص728