توريث النساء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سماحة النفس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حدث في الرابع والعشرين من شعبان 1143 وفاة إمام الشام الفقيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الأمانة أمانة... حتى في الأشياء الصغيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الأقدار الحزينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 485 )           »          نظرات نفسية في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 438 )           »          مفارقات بين الخلق والخالق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 13 )           »          نحن والوقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          صديقي رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          موسى عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3135 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-02-2025, 04:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,275
الدولة : Egypt
افتراضي توريث النساء

توريث النساء

سالم بن محمد الغيلي

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه ما تعاقبت النيران، وما دار الزمان.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70]؛ أما بعد:
عباد الله:
ما أعدل الله وما أرحمه، وما أعلمه وما أحلمه! ما فرَّط في كتابه من شيء، رسم لنا طريق الحق، ووضَّح لنا مسالك الهدى، ونظم شؤون حياتنا كلها، فلم يدَعها لأهواء عبَّاد الهوى ولا دعاة الضلال، وإن من الأمور العظيمة والمسائل الجليلة التي بيَّنها الله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم - ميراثَ المرأة؛ بيَّنها بيانًا شافيًا، وفصَّلها تفصيلًا كافيًا، لا نحتاج معه إلى زيادة، وليس فيه نقص ولا ظلم ولا جَور، الله الذي وضعه، والله الذي شرعه، والله الذي ألزمنا به، لم يدَعه الله تعالى لحاكم يُبينه، ولا لقاضٍ يحكم به، ولا لأعداء الإسلام حتى يتكلموا فيه، إنما بيَّنه تعالى بنفسه، وفصَّله في كتابه تفصيلًا يعجز عنه البشر، ويحتار فيه الغجر، وينبهر منه أعداء الإسلام والمسلمين.

إن نظام الميراث في الإسلام، نظام توريث المرأة لا يوجد في أي نظام عالمي، ولا دستور أرضيٍّ، ولا دولة من دول العالم قديمًا ولا حديثًا، بل إن من يدَّعي الحضارة من أُمَمِ الكفر والإلحاد والغواية، هؤلاء الملحدين الكَفَرَة الذين لا يُحسن أحدهم أن يستبرئ من البول، الذين ينتقدون الإسلام، ويشوِّهون صورته في وسائل إعلامهم المجرم، هم الذين ظلموا المرأة، هم الذين أهدروا حقوقها، هم الذين جعلوها لعبة بين أيديهم، هم الذين جعلوها سلعةً تُباع وتُشترى، وفي النهاية تُمتهن وتُداس، فاليهود لعنهم الله المرأة عندهم لا ترِث، سواء كانت أمًّا أو أختًا أو ابنة، أو غير ذلك، لا ترث إلا في حالة عدم وجود الابن.

والروم: المرأة عندهم تساوي الرجل في الميراث، والزوجة لا ترث، والأم لو ماتت يرجع إرثها إلى إخوتها، وليس لأبنائها وزوجها.

وبعض الأمم السابقة خاصة الشرقية منها: الميراث عندهم أن يقوم الابن الأكبر مكان أبيه، والمرأة لا شيء لها.

وعند المصريين القدماء: يتقاسمون التركة دون تمييز بين أمٍّ أو أخت، ولا ذكر أو أنثى.

وعند العرب الجاهلية: وتأملوا وتمعَّنوا بين إرث المرأة عند العرب في الجاهلية، وعند بعض الناس بعد الإسلام، فالميراث عندهم – في الجاهلية قبل الإسلام - الميزان عندهم خاصٌّ بالذكور القادرين على حمل السلاح، بحجة أن حاملي السلاح يدافعون عن النساء والصغار والكبار، فهم يستحقون الإرث وحدهم، بل عندهم أسوأ من ذلك؛ حيث كانوا يرثون النساء كرهًا، بأن يأتي الوارث ويُلقِيَ ثوبه على أرملة أبيه، ثم يقول: ورثتُها كما ورثت مال أبي.

فلما جاء الإسلام، وأشرقت أنواره، وظهر أمره، وتجلَّى فضله، حرَّمَ ذلك الإرث المشين؛ فقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ﴾ [النساء: 19]، جاء الإسلام فألغى الظلم؛ ظلمَ المرأة في ميراثها وفي سائر حقوقها، جاء الإسلام فألغاه وأبطله، وشنَّعه وأنكره، وحذر منه ونهى عنه، جاء الإسلام فأبطل جهل اليهود، وظلم الطورانيين والآشوريين، وجور المصريين، وجاهلية العرب، أبطلها كلها، وقسمه بنفسه؛ فالخلق خلقه، والأمر أمره، والنهي نهيه، والعبيد عبيده، جاء الإسلام فقدَّر المرأة، وعزَّ المرأة، وصان المرأة، بل ساوى بينها وبين الرجل في كثير من أمور الدين؛ ألم نسمع قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، وقال عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124]، الصيام واحد، والحج واحد، والصلاة واحدة، والصدقة واحدة، والذِّكر واحد، لا فرق في كيفيتها ولا مشروعيتها بين المرأة والرجل، إلا ما كان من بعض الأحكام للنساء.

إن إرث المرأة - أيها الناس أيها المؤمنون - شرع الله، دين الله، أمر الله، حكم الله؛ قال الله تعالى: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴾ [النساء: 7]، اسمعوا - أيها المسلمون أيها المؤمنون أيها العادلون - اسمعوا رب الأرض والسماء، ماذا يقول: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11]، واسمعوا - أيها الناس - قول الله: ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾ [النساء: 12]، واسمعوا - أيها الناس - قول الله تبارك وتعالى: ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النساء: 176].

أيها الناس، أتدرون ماذا قال الله بعد هذا البيان، وبعد هذه التفاصيل، وبعد هذه الحقوق؟ قال سبحانه: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 13، 14]، الأمر جِدٌّ، الأمر هامٌّ، الأمر يقين، أنقِذْ نفسك، فُكَّ رقبتك من عذاب الله، الله يحصي مثاقيل الذَّرِّ فلا تتهاون، وسنسمع - أيها الناس - بعد قليل أن كثيرًا منا مخالف لكتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

اللهم فقِّهنا في الدين، وقنِّعنا بالحلال، واصرفنا عن الظلم، وأبعِد عنا الجَور والجهالة.

أقول ما تسمعون...

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وخليل رب العالمين، وعلى آله وصحبه الغر الميامين؛ أما بعد عباد الله، أيها الآباء، أيها الأجداد، أيها الأزواج:
فإن في مجتمعنا ظلمًا للمرأة، تُظلم المرأة في ميراثها والحديث حول الميراث، نحن الذين ظلمنا وليس الدين وليس الإسلام، ليست الشريعة كما يدَّعي المنافقون، كما يدَّعي عبَّاد الشهوة المغضوب عليهم والضالون، أو المنافقون هم الذين ظلموا المرأة، وليس الدين، وليس الإسلام، ظلموها جعلوها سلعة تُباع وتُشترى، أخرجوها للشواطئ والسواحل، والمراقص والمسارح، والمسابح والقنوات، والاختلاط والشقق والفنادق.

نحن ظلمناها في ميراثها إلا من رحم الله، فعلنا عجيب وتصرفنا غريب، نعرف الإسلام ونعرف الأحكام، ولكن نطبق ما نحتاجه، وما فيه أنانيتنا، وأما فائدة الغير وأحكام الغير، فكأننا في الجاهلية الأولى، كثير من الأُسَرِ، وكثير من البيوتات، وكثير من المجتمعات لا يُعطون المرأة ورثها وحقوقها، التي أمر بها الله التي قسمها الله من فوق عرشه، التي حذر الله من إهدارها وإضاعتها، لا يُعطونها حقها، يقولون: عيب، الله يقول: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ ﴾ [النساء: 11]، ﴿ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ ﴾ [النساء: 12]، ونحن نقول: عيب عيب، وإذا أصرت وأخذت حقها، ماذا يحصل؟ تُقطَع، تُقطَع من السلام ومن الكلام، ومن الزيارة ومن العطية، تعتبر أنها ارتكبت إثمًا عظيمًا، يعاملونها وكأنها زنت، لا سلام ولا كلام ولا صلة، يجعلونها مجرمة، الله تعالى يقول: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ ﴾ [النساء: 11]، يوصيكم ونحن نجعلها مجرمة، إن طالبت بحقها وورثها، وما شاء الله وتبارك الله، نجد هذا المانع هذا الظالم، هذا القاطع هذا المخالف، يصلي في الصف الأول، ويصوم ويحج كل سنة، ويتصدق ويدَّعي خوف الله، وهو مُضيِّع لحدود الله، وظالم لعباد الله، ومخالف لكتاب الله: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾ [إبراهيم: 42، 43]، وعن أبي سلمة بن عبدالرحمن، وكانت بينه وبين أناس خصومة في أرض، فدخل على عائشة فذكر لها ذلك، فقالت: يا أبا سلمة، اجتنب الأرض؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من ظَلَمَ قِيدَ شبرٍ طُوِّقه من سبع أرضين))؛ [أخرجه البخاري واللفظ له، ومسلم]، شبر ونحن نأخذها مزارع وأراضيَ وبيوتًا، نأخذها على النساء الضعيفات، يقول: عيب أن تطالب بحقها وهو العائب بنفسه يقطعها والله سيقطعه، يأخذه بسيف الحياء والنخوة، فتراه يعطي الهدايا، ويُكثر الزيارات ويعزم، وبعضها ليس لله، إنما حتى لا تطالب بحقها، فيجعلها تستحي منه من أجل معروفه وصلته التي قد لا تكون لله، وبعضهم يقول: فلانة تلحق فلانًا، خاصة في المزارع، ومات فلان، وأخذها وارثون جدد، والمرأة لا قليل ولا كثير.

وبعضهم لا يستحي من الله ولا يعرف شرع الله، يقول: دَعُوا النساء حتى يطالبن بحقوقهن، وبعضهن يستحين، بعضهن تنتظر مبادرتك أيها الظالم، تنتظرك أنت الرجل وأنت القيم، تنتظر شهامتك ورجولتك، تنتظر خوفك من الله وأنت تجبرها أن تطالب، لم ينفع فيك الحياء، ولم ينفع فيك السكوت، وإذا طالبت غضبت، وقطعت، وهجرت، بعضهم يقول: تعطي أولاد فلان أي أولادها، تدخل علينا آل فلان، ستأتي بالغريب؟ أساليب الظلمة، أساليب الشياطين، جاهلية جهلاء.

ما دخلك؟ وما شأنك؟ أليست أختك؟ أليست قريبتك لها الحق أن تفعل في إرثها ما تشاء مثلك تمامًا إلا في حالة البيع فأنت أولى بالشراء من غيرك؟ وبعضهم يجبرها أن تبيعه، تبيعه عليه بثمن بخس لا يساوي ربع قيمته، ويوقعها على أوراق، ويكتب عليها مستندات، وهي توافق إجبارًا من أجل ألَّا يقطعها أو يتكلم عليها أو يسبها، لكن قلبها يبقى مكلومًا مظلومًا مقهورًا، يشتكيه إلى الله عز وجل، الذي يعلم السرائر وما تخفيه الضمائر.

ألا فلْنَتَّقِ الله - أيها الأحبة - نتقِ الله في النساء، ولنعطِهن حقوقهن التي أوصى بها الله، ولنتذكر أنها دنيا ستزول وستتبعثر، طال الزمان أو قصر، ولنتذكر أنه لا يبقى إلا الجميل والعمل الصالح، والصلة وتقوى الله تعالى.

المواريث فيها تفاصيل وفيها تقاسيم، وفيها دقة وحساسية، يجب أن يتولاها أهل الخبرة وأهل العلم، لا تقسمها على مزاجك، فتحمل الوزر وتكون من الظالمين.

وصلوا وسلموا...

والله أعلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.44 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]