|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() النقد العلمي أ. د. علي بن إبراهيم النملة أضحى نقد الاستشراق اليوم يخضع للمنهجية العلمية، التي تقتضي قدرًا من التخصص، أو على أقل مطلب علمي، تقتضي الشموليةَ في الاطِّلاع على مشارب الاستشراق وفئاته ومدارسه وأطواره؛ إذ إنه يعد الآن من أوسع الموضوعات الثقافية والفكرية التي تتعرض للنقد العام، كما أنه يكثر منتقدوه نقدًا فكريًّا عامًّا، بدوافع لا يشك في مقاصدها وإخلاصها، إلا أنه مع سلامة المقصد والإخلاص فيه لا بد من الصواب في النقد[1]. ولا تكفي النظرةُ التبسيطية الاتهامية؛ يقول الكاتب سمير عطا الله: "وللأسف فإن النظرة إلى هؤلاء ظلت تشكيكية حذرة، وغالبًا تبسيطية اتهامية، لا تصدق أن لها في الغرب أصدقاء، بل أعداء دائمين، أعتقد أن هذا الموقف من الاستشراق ألحق ضررًا واضحًا بعمليةٍ لا تخفى بعضُ فوائدها في الأعمال البحثية، فقد تراجع كثيرون عن الانخراط في هذا العلم، الذي لا غنى لنا عنه، وتوقفت جامعات كثيرة عن متابعة دراستها العلمية في التاريخ والتراث، وحتى الآداب؛ خوفًا من التهم"[2]. لسنا نحن - العرب والمسلمين - مَن نريد للاستشراق أن يتوقف بهذه الصورة العازفة عن خدمة الثقافة الإسلامية، ولا يظهر أنه سيتوقف بصورة حادة، ولكنه كما هو الآن طفِق يبحث عن مساراتٍ يُسهِم من خلالها في دراسةِ الشرق، فيستمر في خدمة أغراضه التي لم تُستنفد بعد، بل هي في نموٍّ، بنموِّ ما تمر به المنطقة العربية والإسلامية من أحداث متتالية ذات عَلاقة متنوعةِ المشارب بالمصالح الغربية. يقول فاضل الربيعي: "لقد انتهت الوظائف التاريخية للاستشراق القديم مع نهاية الاستعمار وبزوغ فجر الاستقلالات الوطنية في العالم الثالث، ولنَقُلْ بكلام أنسب: إن هذه الوظائف استنفدَتْ أغراضها الأصلية، بعد أن تراخت أهداف الاستشراق مع زوال العصر الذي وُلد فيه، ثم إن حلوله وأفكاره فقدت أية قيمة علمية لها، وربما تكون علميتها قد تلاشت كليًّا مع تلاشي الأسس التي قام عليها الاستعمار القديم في الشرق. ومع ذلك، فمن المؤكد أن الحلول والتصورات الزائفة والمرائية التي ابتكرها الاستشراق الماضي (للشرق العظيم) قد تبددت هي الأخرى، ولكن مع عودة الاستعمار القديم - أو ما بات يعرف اليوم بالاستعمار الجديد - بدأ علمٌ زائف وجديد يطل برأسه على الوطن العربي"[3]. نقد الاستشراق بهذه الصورة الموضوعية أدى ويؤدي إلى إعادة نظرِ بعض المستشرقين في مواقف أسلافهم من الإسلام، وأن يعيدوا تقويم أعمالهم، فنزع جمع منهم إلى التخفيف من اللهجة العدائية للإسلام والمسلمين، بتوظيف الموضوعية أكثرَ من ذي قبل، مما يعين على تجسير الفجوة بين الشرق والغرب، التي أسهم في صنعها رهطٌ من المستشرقين الأوائل، ومن ثم السعي إلى تجسير الفجوة في مشروع صناعة الكراهية بين الثقافات[4]. لن يستغني الغرب عن الشرق، ولن يستغني الشرق عن الغرب، ومن ثم ستزداد الدراسات الاستشراقية، وإِنْ بمصطلحاتٍ مختلفة، وسيزداد منتقدو الاستشراق كثرةً؛ من منطلقات مختلفة، منها العلمي ومنها الفكري، ومنها ذو المنطلق الديني، ومنها ذو المنطلق القومي، ومنها ذو المنطلق اليساري، على الرغم من خفوت النظرة اليسارية على المستوى السياسي، وهكذا. [1] انظر: علي إبراهيم النملة: مراجعات في نقد الاستشراق: الاستشراق والإسلام، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: العلوم الإنسانية والاجتماعية، ع3 (ربيع الآخر 1428هـ)، ص 13 - 44. [2] انظر: سمير عطا الله: الشرق الأوسط، (28/ 1/ 1428هـ - 9/ 1/ 2007م)، الصفحة الأخيرة. [3] انظر: فاضل الربيعي: ما بعد الاستشراق: الغزو الأمريكي للعراق وعودة الكولونياليات البيضاء، مرجع سابق، ص 9 - 10. [4] انظر: صلاح عبدالرزاق: المفكِّرون الغربيون المسلمون: دوافع اعتناقهم الإسلام، مرجع سابق، 2: 272.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |