|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من صفات الرسل عليهم السلام الشيخ عادل يوسف العزازي غالى كثير من الناس في الرسل حتى أعطوهم فوق صفاتهم التي خلقوا عليها، ومنهم من يعتقد فيهم أو في بعضهم الألوهية، وهذا قول باطل يعارض الأدلة التي تثبت أنهم بشر اصطفاهم الله وفضلهم؛ ولذلك أذكر هنا صفاتهم الخَلقية. أولًا: البشرية: قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ [الكهف: 110]؛ ولذلك لما أنكر المشركون على المرسلين دعوتهم بأنهم بشر يريدون بهم الإضلال، أجابتهم الرسل بالإقرار أنهم بشر، لكنهم فُضِّلوا بالوحي؛ قال تعالى: ﴿ قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [إبراهيم: 10، 11]. وقد استكبر كثير من المشركين على رسلهم، وكفروا بهم، وكان حجتهم في ذلك أنهم - يعني الرسل - بشرٌ، واقترحوا أن يرسل الله ملائكة، وقد جاء ذكر ذلك مصرحًا به في غير موضع من القرآن؛ فمن ذلك: ﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 7]، وقال تعالى: ﴿ فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ﴾ [القمر: 24]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 94]. • ولكن عندما نتأمل الأمر نجد أن الحكمة من إرسال الرسل بشرًا وأنهم لم يكونوا ملائكة تتلخص فيما يلي: (1) أن الناس لا يقدرون على رؤية الملك في صورته الحقيقة؛ فهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم - على ما أعطاه الله من القوة الجسمية والنفسية وهيأه لهذه المهمة - كان يعالج من التنزيل شدة، ولما جاءه الوحي بغار حراء أول مرة، عاد إلى بيته يرجف وهو يقول: ((زمِّلوني زمِّلوني))؛ فرؤية الملائكة ليست بالأمر الهين؛ ولذلك إذا جاءهم ملك فإنه سيكون في صورة رجل، ولا يأتيهم في صورته الملائكية؛ حتى يتمكنوا من رؤيته والحديث معه، وعندئذ لا يتحقق مرادهم؛ لأن الذي يخاطبهم في صورة رجل؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ ﴾ [الأنعام: 9]. (2) أنه إذا جاءهم الرسول ملكًا في صورته البشرية، فإنهم لا يعرفونه من قبل، ومن الممكن أن ينكروا عليه؛ فهو غريب عنهم لم يعلموا شيئًا عن صدقه، وأمانته؛ ولذلك كانت رحمة الله بعباده أن أرسل الرسل من قومهم وبلسانهم؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [آل عمران: 164]. (3) أن الرسل عندما يكونون من الملائكة لا يملكون معنى القدوة؛ لأن الناس سيجدون لأنفسهم مبررًا في انحرافهم عن دعوة هؤلاء الملائكة؛ وذلك لأنهم - أي: الملائكة - مفطورون على العبادة، وليس فيهم هذه الشهوة التي أودعها الله في البشر، فكانت الحكمة أن يكون هؤلاء الرسل من طبيعة البشر؛ ليكون ذلك أمكن في التوجيه، ثم في القدوة لهذا التوجيه. تنبيه: لا بد أن نفهم ونعتقد أن الرسول يختاره الله في أكمل الصفات الخلقية والخلقية، وهم خير الناس نسبًا؛ فقد اصطفاهم الله؛ ولذلك ذكر العلماء من صفاتهم: تمام الذكاء والفطنة: فهم أعقل الناس وأرجحهم عقلًا. الصدق: فهم أصدق الناس لهجة، فلا يكذبون أبدًا. الأمانة: فهم أمناء الله على وحيه، وغير ذلك من الصفات التي تدل على نبل معدنهم. ثانيًا: الرجولة: قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾ [الأنبياء: 7]. وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ﴾ [يوسف: 109]. ويتفرع مما سبق - أي: من كونهم بشرًا - ما يلي: أ - الأنبياء لا يعلمون الغيب؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [النمل: 65]. وقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 188]. ب* - مقتضى بشرية الرسل أنهم يتصفون بصفات البشر، فمن ذلك: • أنهم يُولَدون، وأنهم يتزوجون ويولد لهم؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرعد: 38]. • أنهم يأكلون ويشربون؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ﴾ [الفرقان: 7]. • أنهم يموتون؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ﴾ [آل عمران: 144]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]. • أنهم يتعرضون للبلاء، بل هم أشد الناس بلاء؛ كما ورد في الحديث عن سعد رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاءً؟ قال: ((الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر دينه، فإن كان دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة، ابتُلِي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة))[1]. • وأنهم يعملون بأعمال البشر؛ فقد عملوا برعي الغنم، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أكنت ترعى الغنم؟ فقال: ((وهل من نبيٍّ إلا وقد رعاها))[2]. وعمل النبي صلى الله عليه وسلم بالتجارة. وكان داود حدادًا؛ قال تعالى: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ ﴾ [الأنبياء: 80]. وكان زكريًّا نجارًا؛ كما ثبت ذلك في صحيح مسلم. ثالثًا: تميزهم عن بقية الخلق: ومع ذلك فإنهم قد تميزوا عن بقية البشر بأمور، منها:* • تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث الإسراء: ((والنبي نائمة عيناه، ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم))[3]. • الأنبياء يخيرون عند الموت؛ فعن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من نبي يمرض إلا خُيِّر بين الدنيا والآخرة))[4]. وثبت عنها: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في مرضه الأخير: ((مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين))، قالت: فعلمت أنه خُيِّر[5]. • الأنبياء يدفنون حيث يموتون؛ روى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لم يقبر نبي إلا حيث يموت))[6]، ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم دفن في حجرة عائشة حيث مات عليه الصلاة والسلام. • الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وقد ثبت ذلك صريحًا في الحديث: ((إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء))[7]. • الأنبياء أحياءٌ في قبورهم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا قال: ((الأنبياء أحياء في قبورهم يصلُّون))[8]، وهذه حياة برزخية، لا يعلم كيفيتها إلا رب العالمين، فلا نخوض في معرفة ذلك بآرائنا وأوهامنا. • الأنبياء يفضلون على غيرهم بالوحي؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾ [الكهف: 110]، وقال تعالى على ألسنة الرسل: ﴿ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [إبراهيم: 11]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾ [الأنبياء: 7]. وقد بيَّن الله كيفية الوحي إلى رسله، فقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الشورى: 51]، فدل ذلك على أن الوحي ثلاثة أقسام: الأول: أن يوحي الله إليه، وقد فسر العلماء ذلك إما بالمنام، وقد ثبت في الحديث: ((رؤيا الأنبياء وحي))، وفسره بعضُهم بالإلقاء في القلب؛ كما ثبت في الحديث: ((إن روح القدس نفَث في رُوعِي - أي: قلبي -: أن نفسًا لن تموت حتى تستكملَ رزقَها وأجلها؛ فاتقوا اللهَ وأجمِلوا في الطلب))[9]. الثاني: تكليم الله لرسله؛ قال تعالى: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164]، وهذه خاصة لموسى، كما أن الله اتخذ إبراهيم خليلًا، وقد نال النبي محمد صلى الله عليه وسلم منزلة تكليم الله في ليلة المعراج فقط. الثالث: إرسال الملك جبريل، إما في صورته الحقيقة، أو أن يتمثل له بشرًا، وهو الغالب، أو يأتيه في مثل صلصلة الجرس؛ فقد ثبت في صحيح البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: ((أحيانًا يأتيني مِثل صلصلة الجرس، وهو أشدُّه عليَّ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلًا فيكلمني، فأَعِي ما يقول))[10]. ومما يتميز به الرسل: العصمة: إجماع الأمة على أن الأنبياء معصومون في تحمُّل الرسالة وفي تبليغها؛ قال تعالى: ﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى * إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾ [الأعلى: 6، 7]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17، 18]، هذه الآيات تثبت العصمة بالنسبة للتحمُّل. وأما بالنسبة للبلاغ فقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]. وهل هم معصومون من الذنوب كبيرها وصغيرها؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (القول بأن الأنبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام)[11]. [1] رواه الترمذي (2398)، وقال: حسن صحيح، ورواه أحمد (1/ 172)، وابن ماجه (4023)، وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة (143). [2] رواه البخاري (2262)، وابن ماجه (2149)، ومسلم نحوه (2050) من حديث جابر. [3] رواه البخاري (3570). [4] رواه البخاري (4586). [5] البخاري (4435)، ومسلم (2444). [6] صحيح: رواه أحمد (1/ 7)، وعبدالرزاق (3/ 516)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (5201). [7] صحيح: رواه أبو داود (1531)، والنسائي (3/ 91)، وابن ماجه (1085). [8] أبو يعلى (6/ 147)، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (621). [9] صحيح: رواه ابن ماجه (2144)، وابن حبان (3239)، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (2742). [10] البخاري (2) (3215). [11] مجموع الفتاوى (4/ 319).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |