|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في التحذير من المطالبة باشتراك المرأة في عمل الرجل الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمد لله نحمدُه، ونستعينُه ونستهدِيه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، الحكيم في خلقه، والعالم بما يُصلِح البشرية وما يصلح لها، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، الذي بلَّغ رسالة ربه، ونصَح لأمَّته، وبيَّن لها طريقَ الرشاد، وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغُ عنها إلا هالك، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته الذين سارُوا على سنَّته، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله، اتَّقوا الله -تعالى- فبِتَقواه تحصل لكم السعادة في الدنيا والآخرة، واعلموا أنَّ الكثير من المسلمين اليوم قد أُعجِب بتقاليد أعداء الإسلام، وأصبح داعيةً لذلك؛ وما ذاك إلا لضَعف العقل، ونقص الإيمان، وقلَّة الإدراك، من ذلك أنَّ الكثير ممَّن قلَّ نصيبه من الإيمان، وخفيت عليه أسرار الشريعة الغرَّاء، أخذ يتشدَّق ويطالب بظهور المرأة في مجتمع الرجال، ومشاركتها للرجل في أعماله، وخلعها لجلباب الحشمة والوقار، وتعطيلها من زينتها وحليتها التي زيَّنها الله بها، وجعلها قطعة خزف مُبتَذَلة بعد أنْ كانت جوهرة مُصانة عن العيون الحاسدة، والأيدي العابثة، والنفوس الشرسة، والشهوات الحيوانيَّة الممقوتة، وقال: إنَّها نصف المجتمع، ولا ينبغي أنْ يُهدَر هذا النصف، وتضيع جهوده. هكذا أظهر للمجتمع أنَّه يريد نفعه، وزعَم أنَّه ينتصر للمرأة، ويأخُذ حقَّها المسلوب - على حد تعبيره - خداعًا ومكرًا وقلبًا للحقائق، وما يدري - ضعيف العقل أو الماكر الخدَّاع في الحقيقة - أنَّ المرأة تقومُ بما لم يقم به الرجل من مهام، ولها فضلٌ في المجتمع لا يمكن أنْ ينال عن طريق الرجل، فهل تُركت المرأة في دائرة اختِصاصاتها؟! وهل فرغت لأداء مهامها؟! وهل صِينَت لتُحافِظ على جمالها الطبعي؟! ويجد الرجل عندها السكون والاطمئنان كما خلقها الله، وحتى يسعد المجتمع كلُّه رجالاً ونساءً وأطفالاً وشبابًا، هل ترك كل على اختصاصاته، وما خلق له وما يتلاءَم مع طبائعه؟ إنَّ مطالبة الرجل بمشاركة المرأة في عمله ظلمٌ وعدوان على المرأة، وخورٌ وضعف من الرجل حين لم يَقُمْ بعمله، وخرابٌ ودَمار للأسر، وهدمٌ وقضاء على المجتمعات، فقُلْ لي أيها المطالب باشتراك المرأة لك في عملك لو أمكن هذا وشاطرَتْك نصفَ عملك، هل يمكن أنْ تشاطرها نصف عملها حتى تكون قد أنصفتها، وتُبرز للمجتمع أنَّك صادق في دعوتك وادعائك؟ إنَّ المرأة تحمل، ويصيبها الطلق، وتلد، وتبقى أربعين يومًا نُفَساء، ترضع الولد حولين كاملين، فهل يمكن أنْ يكون ذلك من قِبَلِ الرجل أو شيء منه؟! المرأة تقوم بتربية الأطفال، وملاحظة شؤونهم التي يندر أنْ يقوم البعض من الرجال بالجزء اليسير منها، وفي حالة الاضطرارِ المرأةُ تقوم بتدبير البيت، وتنظيم شؤونه؛ من غسيل، وكنس، وطبخ، وإعداد للأكل، وغير ذلك ممَّا يتطلَّبه المنزل من إدارة. ويمكن أنْ تقول - مقلدًا لأعداء الإسلام -: تجعل الزوجة أولادها عند الحاضنة، وتذهب في الصباح وقت ذهابك - أيها الرجل - للعمل، فيشتغل كلُّ واحدٍ منكما في العمل إلى انتهاء الدَّوام، وقد تكون الزوجة في أحد المصانع أو المتاجر أو المكاتب بين ذِئابها، فمَن يأمن الذئب على الشاة ولا سيَّما إذا خلا الأسد بفريسته، والشيطان ثالثهما كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - صلوات الله وسلامُه عليه - حيث قال: ((ما خلا رجلٌ بامرأةٍ إلا والشيطان ثالثهما))[1]؟! فهل يمكن أنْ تعرف ما يحدث ويجري؟! وأظنُّك لو علمت رضيت؛ لأنَّك أهملت بل دعوت وشجَّعت على ذلك، فأين غيرة الرجال على المحارم مع أنَّ بعض ذكور الحيوانات تَغارُ على إناثها ولا تقبل أنْ يُعتدى عليها من ذكور الحيوانات المجانسة لها؟! ثم إذا رضيت بهذا الانحِطاط الخلقي، ورجعتما إلى البيت معًا فَمَن المختصُّ منكما بإعداد الطعام، وغسل الأواني، وكنس البيت الذي تركتماه في الصباح على حالته؟! قد يحدُث شجارٌ ونزاع في القَسَمِ، وقد يختلف عمل البيت من يومٍ ليومٍ - حسب ما يطرأ عليه من تغيرات وازدياد في العمل - فتَسُوء العشرة وتتعقَّد الحياة، ويختلُّ التوازن، ثم مَن يحضر الأولاد المودعين لدى الحاضنة كجُزءٍ من مَتاع المنزل؟ ثم أين حنان الأم وعطفها وشفقتها التي يجد الطفل لدى والدته طوال طفولته الذي في بيت والديه اللذين يحنوان ويشفقان عليه في ذلك المنزل الذي يعتزُّ به ويذكره؟! هل يذكر حنان المربية - على ما يقولون - ويتذكَّر منزلها؟ فما الذي يستشعره؟ لا شكَّ أنَّه سيَشعُر بالذلة والمهانة، وتعقد الحياة أمامه، فلا يذكر منزلًا تربَّى فيه، ولا حنانًا غرس في نفسه المحبة والشوق، فماذا يُرجَى من هذا البر والصلة والمحبة والحنان؟ وما أكثر المتمرِّدين من الأولاد على آبائهم، وأقطعهم لأرحامهم، وما ذاك إلا لسوء التربية، والإهمال، وتقليد الأعداء في شُؤون الحياة، فما أحوجنا إلى الرجوع إلى الله، والتخلُّق بأخلاق الإسلام، والتأدُّب بآدابه، وتربية الأسر على منهاجه، وصيانة المرأة عمَّا يشينها ويدنسها. فدعوا المرأة تُؤدِّي واجبها - وما أكثره وأنفعه - ولا تخرجوها من دائرة اختِصاصاتها وتُحمِّلوها ما لا تطيق، ولا تعرضوها للابتذال فتَضِيع كرامتها وتهبط منزلتها، فالله - سبحانه وتعالى - هو خالق البشر، والعالم بمصالح ذكَرِه وأُنثاه، وما يصلح له وما يُلائِمه، والرجل والمرأة في الأعمال الصالحة سَواء، فتدبَّروا كتاب الله، وانظروا في حكمه وأحكامه، فإنَّ السعادة في الدنيا والآخِرة في امتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله العظيم: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34]. بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، وتاب عليَّ وعليكم إنه هو التوَّاب الرحيم. أقول هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. [1] أخرجه الإمام أحمد في مسنده: (1/26، 222 - 3/446)، بنحوه.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |