|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في التحذير من نقل الكلام على جهة الإفساد الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمدُ لله نحمدُه، ونستَعِينُه ونستهدِيه، ونستَغفِره ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، حذَّر من قول السوءِ وما يُوغِرُ الصدور ومن التباغُضِ والتدابر، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله، اتَّقوا الله - تعالى - واحذَروا عَواقِب الغِيبة والنميمة، وما يُحدث التفرقة وتَشتِيت المسلمين، ومن ذلك نقلُ الكلام على جهة الإفساد، فإنَّكم مسؤولون ومُحاسَبون على ما يصدر منكم، وكم من كلمةٍ فرَّقتْ بين جماعةٍ، وأحدثت فَجوَةً ووحشةً! ودِينُنا حثَّ على التآلُف والتآخِي، ونهى عن التقاطع والتدابر، والعبد قد يُخرِج الكلمة لا يُلقِي لها بالًا تزلُّ بها قدمه، وما يدري أنَّ ما قال محصًى عليه. يقول - جلَّ وعلا -: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]. وعن معاذ بن جبل - رضِي الله عنه - قال: كنت مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في سفرٍ، فأصبحت يومًا قريبًا منه ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعملٍ يُدخلني الجنة ويُباعِدني من النار، قال: ((لقد سألت عن عظيمٍ، وإنَّه ليسيرٌ على مَن يسَّرَه الله عليه: تعبُدُ الله ولا تُشرِك به شيئًا، وتقيمُ الصلاةَ وتُؤتي الزكاة، وتصومُ رمضان، وتحجُّ البيت))، ثم قال: ((ألا أدلُّك على أبواب الخير؟))، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((الصومُ جُنَّةٌ، والصَّدَقة تُطفِئُ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل شعار الصالحين))، ثم تلا قوله - تعالى -:﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16]، حتى بلغ: ﴿ يَعْمَلُون ﴾ [السجدة: 17]، ثم قال: ((ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذِروة سِنامِه؟))، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((رأس الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاة، وذروة سِنامِه الجهاد))، ثم قال: ((ألا أُخبِرك بملاك ذلك كله؟))، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((كُفَّ عليك هذا))، وأشار إلى لسانه، قلت: يا نبي الله، وإنَّا لمؤاخَذون بما نتكلَّم به؟ قال: ((ثَكِلتكَ أمُّكَ، وهل يكبُّ الناس في النار على وُجوههم - أو قال: على مناخِرهم - إلا حَصائدُ ألسنتهم))[1]. ثم إنَّ البعض يا عبادَ الله قد يُقدِم على الكلام بمجرَّد الظنِّ، والله - سبحانه وتعالى - يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]. ويقول نبيُّنا - صلوات الله وسلامه عليه -: ((إيَّاكم والظنَّ؛ فإنَّ الظن أكذب الحديث، ولا تحسَّسُوا، ولا تجسَّسُوا، ولا تحاسَدوا، ولا تدابَروا، ولا تباغَضُوا، وكُونُوا عباد الله إخوانًا)). فيا عباد الله: إنَّ الأمر عظيم، وخطَر اللسان جسيم، فلا بُدَّ من حِفظه عمَّا يضرُّ واستعماله فيما ينفع. في حديثٍ أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلَّا أمرٌ بمعروفٍ أو نهْي عن منكرٍ، أو ذكر الله))[2]. وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن يَضمَنُ لي ما بين لحيَيْه وما بين رِجليه أضمَن له الجنَّة))[3]. فكم من كلمةٍ سيِّئة أو خاطئة أحدثَتْ بين قبيلةٍ أو جماعةٍ مُتَآلِفة أعظمَ ممَّا تُحدثه النار في الحطب اليابس في الرِّياح الشَّديدة، فينبغي للعبد ألاَّ يُطلِق العنان للسانه، ولا ينقل الكلام بمجرَّد سماعه، وعلى مَن بلغه فيه كلام من أحدٍ ورأى من المصلحة أنْ يتفاهَم مع ذلك الشخص المنقول عنه الكلام فليفعل، فلربَّما كان ذلك سببًا في إزالة الوحشة، وتصحيح الأخطاء، والإبقاء على المودَّة، والتعاون والتلاحم، كما أرشدنا لذلك دِينُنا الحنيف. فما أحوَجَنا إلى التمسُّك بتعاليمه وآدابه؛ حتى يصفو الجوُّ بيننا، وتَزُول الأحقاد والبغضاء، ونكون أمَّة متحابَّة مُتفاهِمة يسعى كلُّ فرد منها لمصلحة الفرد الآخَر والجماعة، وبذلك يسعَدُ الجميع ويزول التعب والنكد، وتحلو الحياة ويطمئن الجميع. وفَّقنا الله جميعًا لما يحبُّه ويَرضاه، وجنَّبَنا مَساخطه ومَعاصيه، إنَّه سميع مجيب. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله العظيم: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكِيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِرُوه إنَّه هو الغفور الرحيم. واعلَموا أنَّ هناك شياطينَ أنسٍ وجنٍّ همُّ أحدهم التفرقة بين الناس وإحداث البغضاء والشحناء بينهم، كما أنَّ البعض لا ينصف من نفسه ولا يحاسبها، ويرى أنَّ له حقًّا أعظم ممَّا هو في الحقيقة، فيتمسَّك برأيه ويُصمِّم على مطلبه، ولا يرضى إلا بما يهوى، وهذا من أسباب طُول النِّزاع وإحداث الفُرقة. فينبغي للعبد أنْ يحرص على سَلامة قلبه، والإنصاف من نفسه، ويتحمَّل ما يستطيع تحمُّله في سبيل المصلحة حتى يحصل التقارُب والتآلُف، ولن يتمَّ إلا بالتمسُّك بتعاليم الإسلام وآدابه والتأسِّي برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتخلُّق بأخلاقه، فاتَّقوا الله يا عبادَ الله في أنفُسكم وفي مجتمعِكم. [1] أخرجه الترمذي 2616، وقال: هذا حديث حسن صحيح، قال الأرناؤوط: وهو حديث صحيح بطرقه، انظر: جامع الأصول (9/534). [2] أخرجه الترمذي 2412، وهو حديث صحيح، انظر: جامع الأصول (11/731). [3] أخرجه البخاري رقم (6474)- الفتح: 11/308.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |