|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الاحتساب لكي يؤتي أكله بندر بن عبدالله الثبيتي لا يزال موقف كثير من المحتسبين - الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكَر - في بلادنا يتمثَّل في دفاعهم الحثيث عن الحق، وردِّهم للشبهات والمنكرات بالوسائل الشرعية الممكنة، ويُمكن القول: إن السنوات الخمس الأخيرة بالذات تراجَع الميدان الاحتسابي والدعَوي كثيرًا في بلادنا؛ حتى لكأنك تراه في موقف الدفاع والوقوف على الحدود في كثيرٍ مِن القضايا، وتمكَّن أهل الإفساد بسبب هذا من مكاسب لا يُمكن إنكارها في السنوات الماضية؛ نتيجة التراجع الذي أصابَ كثيرًا مِن ميادين الدعوة والاحتساب، فاستشرى المنكرُ في صورٍ كثيرة، وتوغَّل الباطلُ في معظم شؤون الحياة، والقادمُ مؤهَّلٌ لأن يخسر أهل الحق معركتهم مع أعداء الدين، إذا لم يَنتقلوا لميدان الأمر بالمعروف والتركيز عليه بدلاً مِن المكوث في ميدان إنكار المنكر، فسنَّة التغيير لازمة، ولسْنا بدعًا مِن الزمن كي يبقى الدِّين ومظاهره في جميع شؤون الحياة وأهلُه نائمون! إننا نعيش هذه الأيام وفي القلب ألمٌ يحدوه أمل، وحزنٌ يعقبه فلاح وفرَح، ولعل ما نعيشه هذه الأيام مِن سطوة المنكرِ وجرأة أهل الباطل لهو دليلٌ واضحٌ وصريحٌ على تخلِّي الكثير عن واجبه؛ بل كم انسحب العامل في سبيل الله مِن موقعه وأحدَث جراحاتٍ في جسد هذه الأمة بسبب يأسِه وقنوطه واستعجاله الثمار قبل قطافها، وكلها أمورٌ تستلزم الوقوف حيالَها والتواصي على علاجها. إنّ ميدان الأمر بالمعروف يعني أن يعلم الناسُ حقيقة هذا الدين، وأن يعلموا علمًا لا يخالطه شك بأن هذه البلاد قائمةٌ على شرعِ الله، وأن أنظمتها تستَمدُّ من كتاب الله وسنةِ نبيِّه، وكل ما خالف شرع الله فهو باطلٌ مردود، إنها والله لَقيمة تزرع في نفوس الناس العزة بالحق، والاطمئنانَ بالعدل، وإلا - للأسف - ما تجرأ أهل الباطل على مخالفة تعاليم هذه البلاد إلا بتراجُع كثيرٍ مِن الناس عن فَهْم هذا الأمر والاعتزاز به والدعوة إليه، فاستغلوا ذلك وتقدَّموا في كثير من مشاريعهم. إننا نعيش اليوم بين كماشتَين اثنتَين: أولاهما: عسكرُ منافقينَ. وثانيتها: عسكرُ غلاةٍ، وكلاهما مع الزمن كفيلتان لأن تُقوِّض أهل الحق إن بقوا في ميدان إنكار المنكر! ومن هنا يمكن أن نلخص نقاطًا سريعةً؛ لعلها كفيلة لأن توصل المقصود، وتُحقِّق المنشود من أن نرى أهل الحق في مواطن التقدُّم بدلاً من التراجع الذي أصابهم. 1- تفعيل دور الدعوة، والذي يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وأن يَنبري الدعاة لبيان القضايا الكبرى التي تُهدِّد بلادنا مِن غزو فكريٍّ وعقَدي. 2- التركيز على الأهداف سبيلٌ لدحر كثيرٍ من المشروعات الإفسادية، وعلى العقلاء أن لا يَنجرُّوا لتفاهات التافهين الذين يُشاغبون ولا يصلحون، وأن يجعلوا الهدف تلْو الهدف نصْب أعينهم، لا تراجع عن تحقيقه وتنفيذه. 3- آن للاحتسابِ وأهله أن يكونوا في موقعهم الحقيقي؛ فهم دعاة إصلاحٍ ودعاة خيرٍ لا بدَّ أن يظهر للناس جليًّا عملهم، وأن يُشاعَ في كلِّ مجالٍ دورهم، وعلى أهلهِ العزة بالحق وعدم الخوف مما يُسمى بالملاحقات والمضايقات؛ فهم مكفولون مِن ربِّ العالمين، ومكفولون بشرعه القويم الذي تقوم عليه هذه البلاد؛ فلا جرمَ عليهم إن هم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر. 4- الاستفادة من الإعلام الجديد مُهم للغاية، ومواقع التواصل الاجتماعي لا بدَّ أن يكون للمصلحين دورٌ فيها، وأمرٌ بالمعروفِ وتحذيرٌ من الباطل من خلالها؛ فهي جبهةٌ وثغرٌ ينبغي أن لا يؤتى مِن قِبَله. 5- على المشايخ وطلبة العلم دورٌ مُهمٌّ للغاية في التأصيل لكثيرٍ من القضايا الحالية، وهم المتاعُ والزاد، وبهم يَخرس أهل الفجور، ومنهم يَستضيء أهل الثغور؛ فالفتوى مِن أهلها تُطفئ مشاريع قائمة، والرد بالحجَّة يُخرس ألسنًا ناهقة، والتعليم يُقوِّي أصولاً ثابتة، فلا غِنى عنهم، ولا حظَّ لقومٍ بدنيا أو دينٍ دونهم. 6- ضرورة تحصين أفكار المجتمع من أراجيف أهل النفاق، وتوثيقها بالفتاوى المرعية في هذه البلاد، فإن مجتمعًا يعلم ما يُحاك له حريٌّ أن يكون سدًّا منيعًا ضد أي مدٍّ إفسادي، وعلى المكاتب التعاونية والدعوية أن تتبنى مشاريع تتخصَّص في تحصين الأسرة مِن الأفكار الهادمة. 7- على المصلحين من الآن البَدء بهجومهم ضدَّ مَن يريدُ ببلادنا سوءًا، فكما هم شغلونا بمشاريعهم الباطلة، والتي أقضَّت مضاجع المحبِّين، وأخَّرت مشاريع المصلحين، فجاء الدور عليهم الآن لأن يشغلوا الطرف الآخَر بمشروعاتهم البنّاءة، والتي تتطلب العمل بجهد لتحقيقها. 8- على المخلصين والحريصين إنشاء مراكز بحثية تختص بآثار التغريب التي يتعرَّض لها البلد، تستقطب العقلاء وتُقيم الدورات تلو الدورات، وتستهدف النساء خصوصًا، وتُخرِّج لنا جيلاً قادرًا على ردع كل شبهة، وقمع كل بدعة، كما أن مثل هذه المراكز لها دور كبير لأن تكون وثيقة هدم لكل مشروع تغريبي؛ لما تُقدِّمه مِن بيانات وإحصائيات وأرقام تؤكد فساد مشاريعهم. في الختام يحدونا كمسلمين ومعتزِّين بهذا الشرع القويم أن نرى الاحتساب اليوم يتقدَّم نحو الأمام، لا بد أن نرى مطالباتنا ومشاريعنا واقعًا حيًّا يلامس احتياجات الناس. أين هي مشاريع المستشفيات النسائية الخاصة؟ أين هي مشاريع مكافآت الأرامل والمطلَّقات وربات البيوت؟ وأين هي مشاريع العمل عن بعد؟ وأين وأين... أسئلة مطروحة تبيِّن وتؤكد بأن هناك قصورًا في الطرح في مقابل جهد كبير يَستنزِفه الدفع! والله مِن وراء القصد، والحمد لله رب العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |