شفاء الأحزان في سورة آل عمران - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قواعد في الدعوة إلى الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 2588 )           »          العدل في علاقات المسلمين بغيرهم.. واجب شرعي! من مظاهر الوسطية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 127 - عددالزوار : 64108 )           »          الحق المبين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          العاطفة عاصفة مالم يحكمها العقل!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          10 أسباب تدفعك للتطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الأقلية المسلمة في بولندا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          إثبات توحيد الربوبية والرد على الملاحدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1374 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 10971 )           »          الوجود الإسرائيلي في إفريقيا دوافعه وأدواته- نظرة تاريخية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 1071 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-10-2020, 05:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,221
الدولة : Egypt
افتراضي شفاء الأحزان في سورة آل عمران

شفاء الأحزان في سورة آل عمران


عبدالله بن عبده نعمان العواضي





إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾[آل عمران: 102]،﴿ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾[الأحزاب: 71-72].




أما بعد:

فإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي نبيه محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.




أيها الناس، لا يسلم الإنسان في دنياه من غم يؤلم قلبه، وكآبة تظلل وجهه، وضيق يسجن نفسه، وزائر معنوي غير مرغوب يُذهِب فرحه وسروره.




هذه الحال التي تُلمّ بالإنسان تسمى: الحزن الذي يستدعيه فراق محبوب، أو امتناع مرغوب.




ولم يكن الحزن من العبادات التي يطلب من المسلم أن يسعى إلى تحصيلها؛ لأن الحياة بالسرور والسعادة مطلب حياتي، ومطلب شرعي، ولكن إذا نزل الحزن بالمسلم فصبر عنده أجر عليه كأجره على بلية من البلايا.




فلهذا فإن العبد يؤجر على سبب الحزن ومصدره الداعي إليه ، ولا يؤجر على الحزن ذاته، بل المطلوب منه إزالة أسبابه الممكنة، والبعد عن طرقه وموارده.




والسبب في هذا: أن الحزن إذا استمر فإنه يلد آثاراً نفسية وجسدية سيئة؛ فيعقوب عليه السلام ابيضت عيناه من تواتر حزنه وبكائه على يوسف عليه السلام، كما قال تعالى: ﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 84].




قال ابن القيم رحمه الله: " اعلم أن الحزن من عوارض الطريق، وليس من مقامات الإيمان، ولا من منازل السائرين؛ ولهذا لم يأمر الله به في موضع قط ولا أثنى عليه، ولا رتب عليه جزاء ولا ثوابًا، بل نهى عنه في غير موضع؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النمل: 70]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [المائدة: 26]، وقال: ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]. فالحزن هو بلية من البلايا التي نسأل الله دفعها وكشفها؛ ولهذا يقول أهل الجنة: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ﴾ [فاطر: 34]، فحمدوه على أن أذهب عنهم تلك البلية ونجاهم منها، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعائه: ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن...). والمقصود: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الحزن مما يستعاذ منه؛ وذلك لأن الحزن يضعف القلب، ويوهن العزم، ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [المجادلة: 10]، فالحزن مرض من أمراض القلب يمنعه من نهوضه وسيره وتشميره، والثواب عليه ثواب المصائب التي يبتلى العبد بها بغير اختياره؛ كالمرض والألم ونحوهما، وأما أن يكون عبادة مأموراً بتحصيلها وطلبها فلا، ففرق بين ما يثاب عليه العبد من المأمورات، وما يثاب عليه من البليات، ولكن يحمد في الحزن سببه ومصدره ولازمه لا ذاته[2].




أيها المسلمون، إن من الخير للمسلم أن يبقى سعيداً؛ لكي يكون طريقه إلى الله تعالى مشرقًا؛ فإذا أظلم بدجى الأحزان كان عليه أن يسعى إلى إزالة تلك الظلمات ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.




ومع تتابع الأحزان الخاصة والعامة وتواردها على قلب المسلم في أيامنا هذه حتى صارت كعقد منظوم انفرطت حباته واحدة تولى الأخرى، فكلما تولى حزن ولِد مكانه حزن آخر أشد منه؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: (وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرَها بلاءٌ وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه)[3].




ففي هذا الجو الملبد بغيوم الأحزان أقول: إذا لم يسعَ المسلم في معالجة أحزانه أو التخفيف من آثارها السيئة فإنها قد تمرضه أو تسلمه إلى أَسر الأمراض العقلية أو النفسية أو الموت، إلا أن يشاء الله.




فالعاقل يبحث عن الدواء قبل استفحال الداء.

وأعظم العلاج في هذا الباب هو: العودة إلى القرآن الكريم: تلاوة وتدبراً، وعملاً وتحاكمًا.




عباد الله، فمن هذا المنطلق سنكون اليوم - بعون الله تعالى - مع سورة كريمة من سور القرآن العظيم زخرت بأدوية نافعة لأهل الإيمان يخففون بتدبر بعض آياتها ما قد يعتريهم من الأحزان والغموم، هذه السورة الكريمة هي سورة آل عمران التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة بُعيدَ الهجرة. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضلها عدة أحاديث.




إن هذه السورة الكريمة إذا قرأها الحزين آية آية قراءة متدبرة تحت مِظلة الإيمان فإنها ستجعله يشعر بالسكينة والطمأنينة، وهو يتنقل بين تلك الآيات التي عرضت بعض الأحزان وبينت الأدوية الشافية منها.




أيها الأحبة الكرام، إن المسلم ليحزن حينما يرى أو يسمع أعداء الإسلام يقتلون المسلمين، بل يقتلون العلماء والناصحين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.




وليس في يديه شيء لدفع ذلك الظلم عنهم، فيجيئه نص قرآني في هذه السورة الكريمة يخفف حزنه مضمونه: أن تلك الدماء الطاهرة لن تذهب عند الله هدراً؛ فإن الله تعالى قد أعد للمعتدين عليها-إذا لم يتوبوا- عذابًا أليمًا لا ينصرهم منه أحد، يقول تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾[آل عمران: 21-22].




فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن سب الديك؛ لكونه يعين على طاعة واحدة وهي القيام للصلاة فقال: (لا تسبوا الديك؛ فإنه يوقظ للصلاة)[4]. فكيف بقتل من يدعو إلى الله، ويعلّم الناس الخير - وليس هناك موجب شرعي لقتله؟!




معشر المسلمين، يظن بعض الناس أن تصريف بعض الأمور بيد الخلق: يؤتون الملك من يشاؤون، وينزعونه ممن يشاؤون، ويعزون من يريدون، ويذلون من يشتهون، فيولّد ذلك الظن الخاطئ في نفوس أولئك الظانين حزنًا وحنقًا إذا صاروا إلى نقمة بعد نعمة: إلى فقر بعد غنى، وذل بعد عز، وضيق بعد سعة، وغربة بعد إقامة. غير أن المؤمن عندما يقرأ قوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[آل عمران: 26]. حين يقرأ هذه الآية بتدبر ينجلي حزنه بيقينه بتقلبات الدنيا، وعلمه بأن ما جرى هو بقدر الله لا بقدرة أحد، وأن قضاء الله لعبده المؤمن خير كله لا شر فيه مطلقًا. فكم من عطية خرج من رحم بلية فكانت خيراً للمؤمن من بقائه فيما كان يظنه نعمة، وصرفه عنه نقمة، قال تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة: 216].




أيها الإخوة الفضلاء، قد يصيب المسلمَ الحزنُ عندما يجد الكافرين يحاربون المسلمين بعدد وعُدّة أكثر وأقوى مما لدى المسلمين، لكن ذلك الحزن يتبدد حينما يوقن بأن النصر على أولئك الأعداء لا يكون بالعدد والعدة - وإن كان ذلك مطلوبًا- لكنه ليس السبب الوحيد للنصر، وإنما السبب الحقيقي هو: قوة الإيمان والتقوى ومصابرة العدو، وبذلك تنزل معونة الله تعالى، فمتى تم هذا السبب انتصر جند الرحمن على جند الشيطان؛ كما انتصر صحابة رسول الله المؤمنون المتقون الصابرون يوم الفرقان يوم التقى الجمعان عند مياه بدر.




قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾[آل عمران: 123-126].




أيها المسلمون، إذا انتصر أهل الباطل على أهل الحق وألحقوا بذوي الحق الهزيمة والخسارة؛ فإن ذلك يحزنهم، وبل ويشكك بعض الضعفاء منهم في سلامة المنهج وصحة الطريق.




ولو فكر أولئك الحُزنَاء في الأسباب التي آلت إلى تلك النتائج المؤلمة، وفي العواقب الحميدة التي نتجت وستنتج عن تلك المصائب الموجعة؛ لهان عليهم الخطب، واستمروا على الطريق سائرين، وأعادوا ترتيب الأوراق المبعثرة لمرحلة جديدة من مراحل الكفاح والنجاح، فربما صحت الأجسام بالعلل.




ففي غزوة أحد لما أصاب الصحابةَ الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم ما أصابهم من القتل والجراح والأحزان في الشوط الثاني من المعركة؛ نزلت الآيات القرآنية في سورة آل عمران بعد ذلك تعالج الموقف، وتضمّد الجراح، وتأسو الأحزان، وتبين أسباب النكبة، وتسلّي المؤمنين بما لذلك المصاب من الفوائد والمصالح.




فقد جاءت الآيات الكريمة تنهى الفئة المؤمنة عن الضعف عن قتال عدوهم، وتنهاهم عن الحزن لما أصابهم، وتكشف بجلاء أن الغلبة والعاقبة لهم ما داموا ثابتين على الإيمان، فقال: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[آل عمران: 139].




وجاءت تسلّيهم - رضي الله عنهم - بما فعلوا بكفار قريش يوم بدر من القتل والقروح حتى أصاب مشركي قريش من المأساة والحزن شيء كثير، وبينت لهم سنة كونية من سنن الصراع بين الحق والباطل ألا وهي: سنة التداول من نصر وهزيمة، فلو كان المؤمنون ينتصرون دائمًا لَدخلَ فيهم من ليس منهم.




وتلك الهزيمة التي ذاقوها بسبب معصية الرسول كان من حِكمها: تمييز المؤمن الصادق من غيره، وإكرام بعض المؤمنين بالشهادة، وتصفية صف المؤمنين من المنافقين المندسين بينهم.




فقال تعالى: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴾[آل عمران: 140-141].

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-10-2020, 05:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,221
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شفاء الأحزان في سورة آل عمران

وقال: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾[آل عمران: 165-167]. وقال: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾[آل عمران: 179].




ثم بين سبحانه وتعالى أن دخول الجنة لن يكون إلا بعد الابتلاء بالمكاره والشدائد، وظهور المجاهدين الصادقين في سبيله، والصابرين في لقاء أعدائه. فقال: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 142].




فما أعظم هذه الآيات في إذهاب سحائب الأحزان من آفاق أهل الإيمان.

عباد الله، إن القائد المؤمن العظيم له أثر كبير في ثبات المؤمنين، وبث روح القوة في نفوسهم، فإذا قتل هذا القائد أو مات أحدث انصداعًا في جدار القوة المؤمنة، وصار موته أو قتله جرحًا غائراً في صدور المؤمنين، فحدث بذلك الحزن الكبير.




ففي غزوة أحد وفي أوج اضطراب الصف المسلم، وإمعانًا من المشركين في خلخلة ما تبقى من صفوف المسلمين عن طريق الحرب الإعلامية؛ أشاع المشركون خبراً يقول: إن محمداً قد قتل!، كذبًا منهم وزوراً.




فأثر ذلك على بعض المسلمين حتى قعد عن مواصلة القتال، حتى جاء أنس بن النضر رضي الله عنه فقال: "ما يجلسكم ؟ قالوا : قُتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فماذا تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل"[5].




فجاءت الآيات الكريمة تعلق على هذا الحدث لتذهب عن المسلمين غياية الحزن بموت القائد العظيم أو قتله لو حصل، مبيِّنةً أن على أتباع الحق أن لا يفتروا عن مواصلة الطريق بسبب قتل قائدهم أو موته، بل عليهم استلام الراية والمضي على دربه حتى الوصول إلى الهدف الذي كان ينشده.




ذاكرةً لهم - رضي الله عنهم - أن رسول الله محمداً عليه الصلاة والسلام كغيره من الرسل عليه إبلاغ رسالة ربه، فإن مات بانقضاء أجله أو قتل - كما أُشيع - فإن ذلك لا يدعو إلى الرجوع عن طريقه، وكل إنسان لن يموت إلا بإذن الله تعالى.




فلا حزن إذاً يثني عن الهدف المنشود للمؤمنين ولو مات القائد؛ لأن كل إنسان سيموت

من لم يمت بالسيف مات بغيره ♦♦♦ تعددت الأسباب والموت واحد

وأن هذا الطريق هو طريق الأنبياء قبل محمد على الجميع الصلاة والسلام، الذين قاتل معهم جماعات من الصالحين والعلماء من أتباعهم فما ضعفوا عن قتال عدوهم بسبب القتل والجراح، ولا خضعوا لهم، بل ثبتوا واستمروا.




قال تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ * وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[آل عمران: 144-148].




أيها الأحبة، إن فراق الإنسان لأحبابه من أب أو ابن أو أخ أو قريب أو صديق؛ شيء يحزن النفس، أولئك الأصفياء الذين قاسمهم السرور والأُنس في حياتهم، فجاء الموت فأنهى تلك الأوقات السعيدة، فأعقب الحزن بعد تلك الأيام السارة، فكيف إذا كان الفراق لهم قتلاً من قبل أعداء الإسلام والمسلمين؟




فالإنسان قد يحزن في ذلك المصاب حزنين: حزن الفراق للحبيب الراحل، وحزن الضعف عن القصاص من الكافر القاتل.




ففي هذه السورة الكريمة سورة آل عمران جاءت الآيات تسلي ذوي الحزن في موت أحبابهم فتقول لهم: إن كل نفس لابد أن تموت، وإن خير ضروب الموت: الموتُ في سبيل الله، الذي ينتقل به الشهيد إلى حياة برزخية سعيدة عند الله تعالى، يجد فيها النعيم والسعادة بإكرام الله له حينما نال الشهادة في سبيله.




فمن كان من الشهداء في سبيل الله فلا ينبغي الحزن عليهم؛ لأنهم صاروا إلى خير جوار، وظفروا بما كانوا يتمنون، فمن حُبهم: حب الخير لهم.




قال تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ[آل عمران: 185]، وقال: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ[آل عمران: 169-171].




أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدّر فهدى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه أهل التقى والنُهى، أما بعد:

أيها المسلمون، من المعلوم أنه لم يصل أهل الكفر المحاربون للإسلام والمسلمين في القوة العسكرية وما يساعدها إلى مثل ما وصلوا إليه في عصرنا؛ ولهذا فإن غرورهم بهذه القوة يدفعهم إلى استمرار حربهم للمسلمين، وتجدد تهديدهم ووعيدهم بين الحين والآخر لأهل الإسلام بالأسلحة الفتاكة والقوات الجبارة التي يمتلكونها.




ومع توالي التهديدات للمسلمين يصاب بعض المسلمين بالغم لرؤيته عجز المسلمين عن مواجهة تلك القوى الظالمة.




لكن جاءت الآيات الكريمة في هذه السورة العظيمة تحكي موقفًا مشابهاً-مع تباين الفوارق- لمشركي قريش الذين زهت بهم نشوةُ ما فعلوا بالمسلمين في أحد، حتى أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يخبره بأنهم قد جمعوا للمسلمين جموعًا، وإنهم آتون بها لاستئصال شأفتهم وإبادة خضرائهم، مع ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الجراح الحسية والمعنوية عقب أحد.




فلما وصل ذلك الوعيد إلى رسول الله والمسلمين واجه قلوبًا تمكّن فيها التوكل والإيمان، وفارقها الخوف والأحزان، فاستعد المسلمون وخرجوا لمقابلة جمع المشركين في حمراء الأسد، فلما علم المشركون بخروج المسلمين للقائهم قُذف في قلوب المشركين الرعب فما جرأوا على اللقاء، مكتفين بما حققوه من مكاسب في غزوة أحد، وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويًا عزيزاً.




قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ[آل عمران: 173-174].




وكذلك المسلمون اليوم لو بلغوا درجة الإيمان البلوغَ الجمعي، وتوكلوا على الله حق توكله لما أحزنهم وعيد الكافرين المحاربين، ولا أغمهم تهديد الظالمين؛ لكونهم غيرَ ضعفاء ولا عاجزين ما داموا مؤمنين متوكلين.




عباد الله، قد يعجب الإنسان من إصرار الكافرين على كفرهم، وشدة جَلَدهم في حرب الإسلام والمسلمين، بل ومسارعتهم إلى حرب الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام، مع أن دلائل الحق تلوح لهم في الآفاق ببطلان ما هم عليه. فهذا الأحوال قد تجعل بعض المسلمين يحزن، فجاء الخطاب من الله في هذه السورة سورة آل عمران للنبي صلى الله عليه وسلم -والخطاب له ولأمته- بأن لا يحزن؛ فإن الكافرين لن يضروا الله شيئًا، وإن تمتعوا بمتاع الدنيا القليل فسيعقبه عذاب الآخرة الطويل، فقال تعالى: ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[آل عمران: 176].




أيها الأحبة الكرام، إن المسلم ليحزن حينما يرى الكفار المحاربين مازالوا يرتكبون في المسلمين المجازر تلو المجازر، ومازال حلم الله تعالى مسبلاً عليهم، وما أنزل بهم غضبه وعقوبته العاجلة، فيتسائل: متى نصر الله للمظلومين؟




فنقول: رويداً رويداً: إنه ليس هناك قوة وقدرة تقف أمام قوة الله وقدرته، وليس هناك أحد أرحم من الله تعالى بالمظلومين، وليس هناك أحد أعلم من الله بعواقب الأمور ومآلاتها، وليس هناك حاكم أعدل من الله تبارك وتعالى.




فليذهب حزنك أيها الحزين بعلمك بأن الله أقوى من كل قوي، وأقدر من كل قادر، وأرحم من كل راحم، وأعلم من كل عالم، وأعدل من كل حاكم.




فإمهاله لأولئك الكافرين، أو الظالمين السفّاكين شر لهم لا خير لهم فيه؛ بسبب تماديهم في جبروتهم، فدع أمر الخلق إلى الخالق فهو أعلم بما يجري في خلقه تعالى؛ لهذا قال عز وجل في هذه السورة: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ[آل عمران: 178].




أيها المسلمون، وهناك من المسلمين من يصيبه الحزن عندما يشاهد بلاد الكفار وهي تنعم بالرخاء المعيشي، والترف الحياتي، والاستقرار الأمني، والتقدم الاقتصادي والعلمي، فيقارن ذلك بما عليه أكثر المسلمين فيغتم لذلك ويحزن.




وهذه النظرة الدنيوية التي أوصلته إلى الحزن نظرة قاصرة، ورؤية خاطئة؛ أفلا ينظر إلى حياتهم الدينية والأخلاقية وما هم عليه فيها من الانحراف والفساد، أو لا يعلم كذلك أن أولئك القوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، وأن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، وأن الدار الحقيقية هي الدار الآخرة، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور!




فإذا تفكر المسلم العاقل في هذا وأمثاله انقشعت عنه سحابة حزنه، ورضي بقدر الله وقَسمه.




لهذا قال تعالى في هذه السورة المباركة: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ[آل عمران: 196-198].




هذا وصلوا وسلموا على النبي الهادي...





[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 9/ 11/ 1437هـ، 12/ 8/ 2016م.




[2] طريق الهجرتين ص: 418-419.



[3] رواه مسلم.



[4] رواه أبو داود وابن حبان، وهو صحيح.



[5] الروض الأنف 3/ 267.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 91.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 89.37 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.33%)]