|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ضعف الإنسان سالم بن محمد الغيلي إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، ما أزهرتِ النجوم وما أمطرتِ الغيوم. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70]؛ أما بعد: عباد الله: يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28]، ويقول سبحانه: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54]، فالإنسان مهما بلغت قوته وماله، وجاهُهُ وفصاحته، وأولاده وأعوانه - ضعيف؛ ضعيف يصيبه العطب، تعطبه شوكة، يقتله فيروس لا يرى بالعين؛ قال ابن القيم في طريق الهجرتين حول قول الله تعالى: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴾ قال: "ضعيف البنية، ضعيف القوة، ضعيف الإرادة، ضعيف العلم، ضعيف الصبر، والآفات إليه مع هذا الضعف أسرع من السيل في الحدور"، فكلُّ واحد منا ضعيف. لو انقطع النَّفَس عنا دقيقة أو دقيقتين، لَماتت أدمغتنا أولًا ثم تموت أبداننا، لو انقطع عنا الماء والطعام يومًا وليلة أو قريبًا منها لفقدنا الحياة، لو تعطل فينا عِرْق أو انسدت شُعيرة دموية، لأُصبنا بالسكتات والجلطات وتعطلت حركتنا وحياتنا. والعاقل لا تغيب عنه هذه المعاني وهذه العِبَر مهما بلغ من الدنيا، لا يغيب عنه أنه ضعيف، وإذا عاش هذا التصور وهذا الشعور، فإن عقله يدلُّه على من يكون له سند وظهير ومقوٍّ ومعزٌّ، فلا يجد في الكون إلا الله، الله وحده؛ لأن البشر كلهم ضعيف وابن ضعيف، ضعفاء مثله، فيلجأ إلى الله، ويلوذ بحماه، ويستعين به، وينطرح عند بابه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [فاطر: 15 - 17]. هذا هو الحل الوحيد للتغلب على ضعفنا ونقصنا، وقلة حيلتنا وعجزنا، أن نلجأ إلى الله، فلا ملجأ من الله إلا إليه، افتقرنا نلجأ إليه؛ فهو الغني، أصابنا الهم والغم والنكد نلجأ إليه؛ فلا فارج للهمِّ إلا هو، مرضنا وأصابتنا الفيروسات والمكروبات والآفات نلجأ إليه؛ فالشفاء بيده والعافية من عنده: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80]، إذا أذنبنا وعصينا وتجاوزنا نهرب إليه؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا هو: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135]، لا نستغني عن الله طرفة عين، فلنكن مع الله، نتقرب إليه بما يحب الله، يحب التوابين ويحب المتطهرين، يحب المتقين، يحب المتوكلين، يحب المصلين، يحب المتواضعين، يحب الطيبين، يحب المتصدقين، يحب الواصلين: قل للطبيب تخطفته يد الردى ![]() يا شافيَ الأمراض من أرداكا؟ ![]() قل للمريض نجا وعُوفي بعد ما ![]() عجزت فنون الطب من عافاكا؟ ![]() قل للصحيح يموت لا من علةٍ ![]() من بالمنايا يا صحيحُ دهاكا؟ ![]() قل للبصير وكان يحذر حفرةً ![]() فهوى بها من ذا الذي أهواكا؟ ![]() قل للجنين يعيش معزولًا بلا ![]() راعٍ ومرعى ما الذي يرعاكا؟ ![]() ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]. اللهم ارحم ضعفنا، وقوِّ عزائمنا، وأعنَّا ولا تُعِنْ علينا، اللهم لا تَكِلْنا إلى أعمالنا، ولا إلى أنفسنا طرفة عين، يا أرحم الراحمين. أقول ما تسمعون... الخطبة الثانية الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يُحب ربُّنا ويرضى؛ أما بعد: عباد الله: من لجأ إلى الله وانطرح ببابه ولاذ بجنابه، يُبشَّر بالقوة والسعادة والتمكين والنجاة، ومن ابتعد عن الله واستغنى عنه، وَكَلَهُ إلى نفسه وإلى ضعفه وإلى قلة حيلته؛ ولذلك انظروا إلى من عصى الله، إلى من ترك شرعه ومنهجه، كيف سلب الله سعادتهم وراحتهم، وأمنهم وطمأنينتهم، فهم في قلق وكَبَدٍ وعُسْرٍ، ولو كانوا يملكون من الدنيا ما يملكون: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 124 - 126]. إن الله دلَّنا وبيَّن لنا كيف نحمي أنفسنا من المخاطر، ومن الآفات والمهلكات: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]؛ أمرٌ من الله أن نقِيَ أنفسنا من النار؛ حتى لا ندخلها، وذلك بفعل الطاعات واجتناب المحرمات: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴾ [المزمل: 9]؛ أمرٌ من الله أن نتوكل عليه؛ حتى يدلَّنا ويرشدنا ويحمينا. بلَّغنا نبيه صلى الله عليه وسلم كيف نحمي أنفسنا من الأوبئة والجوائح، كيف نحترز من الوباء، كيف أن المريض لا يأتي إلى الصحيح، والصحيح لا يَرِدُ إلى المريض في حال الوباء؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يُورِدُ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ...؛ الحديث))؛ [صحيح مسلم]، بلَّغنا صلى الله عليه وسلم أن نفرَّ من المجذوم؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((وفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كما تَفِرُّ مِنَ الأسَدِ...؛ الحديث))؛ [صحيح البخاري]، علَّمنا صلى الله عليه وسلم كيف نقي ونحمي جهازنا التنفسي من مخاطر الوباء؛ فأمرنا أن نبالغ في الاستنشاق، ونخلِّلَ الأصابع؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((أسبِغِ الوُضوءَ، وخلِّل بينَ الأَصابعِ، وبالِغ في الاستِنشاقِ، إلَّا أَن تَكونَ صائمًا))؛ [صحيح الترمذي للألباني، صحيح]. احترازات نبوية للحفاظ على الأنفس الضعيفة التي تهلك بأقل الاسباب، نسأل الله أن يرحم ضعفنا، وألَّا يَكِلَنا إلى أنفسنا طرفة عين. وإن مما يحافظ على الأنفس ويحميها بإذن الله تعالى ما وجَّهت إليه الدولة ومسؤولوها وفقهم الله بالحفاظ على الأنفس، ووقايتها من العدوى خاصة في ظل هذا الوباء؛ من التباعد، ولبس الكمامات، وعدم التصافح، والوضوء في المنزل، واصطحاب السجادات في المساجد، والتقليل من الاجتماعات والمناسبات والاختلاطات. ولقد أُنفق الكثير والكثير من الأموال في سبيل حماية الناس بإذن الله وعلاجهم، واتُّخذت تدابير طائلة في المطارات والوزارات، وأماكن الزحام والاجتماعات، نسأل الله تعالى أن يجزيَ خيرًا القائمين عليها والباذلين لها، بداية من ولي أمرنا ونائبه والوزارات المَعْنِيَّةِ وأفرادها. فالواجب - أيها الأحبة - أن نحافظ ونحترز ونتقيد؛ لتسلم أنفسنا وأهلينا ومجتمعنا، يجب أن نلجأ إلى الله تعالى في كشف الوباء، وصرفه عنا وعن أهلينا وبلادنا. اللهم ارحم ضعفنا، وقلة حيلتنا؛ فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بك. وصلوا وسلموا على البشير النذير.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |