|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من درر العلامة ابن القيم عن النفس - 1 فهد بن عبد العزيز الشويرخ الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن المواضيع التي تحدث عنها العلامة ابن القيم رحمه الله في بعض مصنفاته: موضوع " النفس ", وقد يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً من أقواله, أسأل الله أن ينفع بها الجميع كتاب: روضة المحبين ونزهة المشتاقين
وكثير من الأجود يعشق الجود أعظم عِشق, فلا يصبر عنه مع حاجته إلى ما يجود به, ولا يقبلُ فيه عذل عاذلٍ, ولا تأخذه لومة لائم, وأما عشّاق العلم فأعظمُ شغفاً به وعشقاً له من كل عاشقٍ بمعشوقه, وكثير منهم لا يشغلُهُ عنه أجمل صورة من البشر. قيل لامرأة الزبير بن بكار – أو غيره – هنيئاً لك, إذ ليست لك ضرَّة, فقالت: والله لهذه الكتبُ أضرُّ عليَّ من عدَّة ضرائر. فعشقُ صفاتِ الكمال من أنفع العشق وأعلاه وإنما يكون بالمناسبة التي بين الروح وتلك الصفات.
ونفس سبعية غضبية, فمحبتها منصرفة إلى القهر, والغي, والعلو في الأرض, والتكبر, والرئاسة على الناس بالباطل, فلذتها في ذلك, وشغفُها به. ونفس حيوانية شهوانية, فمحبتها منصرفة إلى المأكل, والمشرب, والمنكح, وربما جمعت بين الأمرين, فانصرفت محبَّتُها إلى العلو في الأرض, والفساد.
الشياطين أولياء لأصحاب النفوس السبعية الغضبية: الشياطين أولياء النوع الثاني قال تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ} [النحل:63] وقال تعالى: {وإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف:50] فهذا النوع بين نفوسهم وبين الشياطين مناسبة طبيعية, بها مالت أوصافهم, وأخلاقهم, وأعمالهم, فالشياطين تتولاهم بضدِّ ما تتولى به الملائكة من ناسبهم, فتؤزُّهم إلى المعاصي أزّاً, وتزعجهم إليها إزعاجاً, ويزينون لهم القبائح, ويخففونها على قلوبهم, ويحلونهم في نفوسهم, ويثقلون عليهم الطاعات ويُثبطونهم عنها, ويقبحُونها في أعينهم, ويلقون على ألسنتهم أنواع القبيح من الكلام, وما لا يفيد, ويزينونه في أسماع من يسمعه منهم, يبيتون معهم حيث باتوا, ويقيلون معهم حيث قالوا, ويشاركونهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم, يأكلون معهم ويشربون معهم وينامون معهم. قال تعالى: {وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء:38] كتاب: بدائع الفوائد
كتاب: الروح
وقالت طائفة: اللفظة مأخوذة من اللوم...فإن كل أحد يلوم نفسه, براً كان أو فاجراً, فالسعيد يلومها على ارتكاب معصية الله وترك طاعته, والشقي لا يلومها إلا على فوات حظها وهواها...وقالت فرقة أخرى: هذا اللومُ يوم القيامة, فإن كل أحد يلوم نفسه: إن كان مسيئاً على إساءته, وإن كان محسناً على تقصيره. وهذه الأقوال كلها حق ولا تنافي بينها فإن النفس موصوفة بهذا كلِّه, وباعتباره سميت لوامة, ولكن اللوامة نوعان: لوَّامة ملُومة: وهي النفس الجاهلة الظالمة, التي يلومها الله وملائكته. ولوَّامة غيرُ ملومة: وهي التي لا تزال تلومُ صاحبها على تقصيره في طاعة الله مع بذله جهده, فهذه غير ملومة. وأشرف النفوس من لامت نفسها في طاعة الله, واحتملت ملائم اللائمين في مرضاته فلا تأخذها فيه لومة لائم فهذه قد تخلصت من لوم الله لها, وأما من رضيت بأعمالها...ولم تحتمل في الله ملام اللُّوام, فهي التي يلومها الله عز وجل.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم خطبة الحاجة: ( إن الحمد لله, نحمده, ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له) فالشر كامن في النفس, وهو موجب سيئات الأعمال, فإن خلى الله بين العبد وبين نفسه هلك بين شرها وما تقتضيه من سيئات الأعمال, وإن وفقه وأعانه نجاه من ذلك كله. فنسأل الله العظيم أن يعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
تأثير النفس في غيرها: تأثيرات النفوس بعضها في بعض أمر لا ينكره ذو حسٍّ سليم ولا عقل مستقيم. ولاسيما عند تجردها نوع تجرد عن العلائق والعوائق البدنية, فإن قواها تتضاعف وتتزايد بحسب ذلك, ولاسيما عند مخالفة هواها وحملها على الأخلاق العالية...وتجنبها سفساف الأخلاق ورذائلها وسافلها, فإن تأثيرها في العالم يقوي جداً تأثيراً يعجز عنه البدن, وأعراضه: أن تنظر إلى حجر عظيم فتشُقَّه, أو حيوان كبير فتتُلفه, أو نعمة فتزيلها, وهذا أمر قد شاهده الأمم على اختلاف أجنساها وأديانها, وهو الذي يسمى: إصابة العين, فيضيفون الأثر إلى العين, وليس لها في الحقيقة وإنما هو للنفس المتكيفية بكيفية رديَّة سُمِّيَّة, وقد يكون بواسطة العين, وقد لا يكون, بل يوصف له الشيء من بعيد, فتتكيف عليه نفسه بتلك الكيفية فتفسده.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |