لماذا يكرهون حماس

[بشرى فلسطين]

لماذا يكرهون حماس ؟؟؟



إنقر هنا لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي




المقدمة

" لا يوجد احتلال بدون مقاومة " هذه المقولة هي من السنن البشرية الثابتة التي قل أن يوجد لها استثناء أو شذوذ

في نهاية القرن التاسع عشر كانت ثماني دول أوروبية هي : بريطانيا ، فرنسا ، ألمانيا ، إسبانيا ، البرتغال ، بلجيكا ، هولندا قد احتلت واستعمرت في فترة جيل واحد من الزمن مساحته 28 مليون وخمسمائة ألف كم مربع من الأراضي في مختلف أنحاء العالم .. وضمتها إلى أراضيها على نحو غير مسبوق في التاريخ العالمي

وفي مواجهة الإحتلال نشأت حروب " التحرير " و " الإستقلال " وتكونت فصائل المقاومة ضد الإستعمار .. وأثمر ذلك عقب عقود طويلة نيل أغلب الدول استقلالها بعد سنوات من التضحيات والحروب والمقاومة .. وتحول قادة المقاومة في كل بلد محرر إلى رموز وأبطال تتذاكرهم الأجيال جيلا في اثر جيل .. وكان من شروط الترشيح للرئاسة في الجزائر أن يكون المرشح قد شارك في حرب التحرير

وبقيت فلسطين .. دون تحرير ، بل تداولتها أيدي المحتلين في غيبة من العرب .. بتاريخ 15/05/1948 حيث انتقلت ( السيادة ) من المحتل البريطاني إلى المحتل الصهيوني .. ولا يزال

لم يحدث في تاريخ الاستعمار أن أسس المحتل دولة على الأراضي التي احتلها ثم أنكر حق أصحاب الأرض في تأسيس دولة لهم كما لم يحدث أن اعترف أقوام احتلت أراضيهم بكيان تأسس على أرضهم ثم تعطف عليهم ووعدهم – وعدا ليس كوعد بلفور – بأن يعطيهم مسخا مشوها يُطلق عليه ( دولة ) على سبيل المجاز .. وأخيرا اكتشف المحتل أن أصحاب الأرض لا يستحقون حتى هذه الدولة ( المسخ )

وعلى مدى التاريخ الإستعماري كُتبت دراسات وأُلفت كتب ونُشرت أبحاث تتكلم عن دوافع الإستعمار وأسبابه وأهدافه وخططه .. ولكن لم يبحث أحد عن دوافع لمقاومة الإحتلال .. لأنه لا يوجد دوافع للمقاومة سوى الإحتلال نفسه .. وبمجرد أن يتم التحرير يسقط عن المقاومة اسمها

ومع تتابع العقود وكر السنين نشأ خطاب عربي استطاع أن يتكيف مع وجود الاحتلال .. فلم يعده نشازا ولم ينظر إليه بوصفه فعلا يستوجب رد فعل .. وفي المقابل نظر إلى المقاومة لا بوصفه رد فعل على الاحتلال ولكن بوصفه فعلا ابتدائيا يحمل معنى الشذوذ و ( الإرهاب ) .. وهنا اختل التقويم .. وأصبحت المقاومة مطالبة بتقديم ذرائع لفعلها سوى ذريعة الاحتلال .. وانقلبت الموازين .. فأصبح عدوان الاحتلال ردا على أفعال المقاومة .. وحتى يتوقف العدوان يجب أن تتوقف المقاومة ويبقى الاحتلال !!!

هذا المنهج الذرائعي في النظر إلى العلاقة بين المقاومة والاحتلال هو نهج غير مسبوق في المعرفة الإنسانية .. وحتى الفكر الصهيوني الذي أسس دولة الكيان لم يكن ( ذرائعيا ) على هذا النحو " الذين أطلقوا الحركة الصهيونية وأعطوها دفعا إلى الأمام لم يكونوا من المعتدلين الذين ينشدون التعايش السلمي مع العرب .. ولكنهم كانوا قادة من ذوي المقاربات العدائية والمتشددة .. لو أنه تم تبني مقاربة أكثر لطفا ومسالمة لما وصلت الدولة إلى ما هي عليه اليوم .. كان العنف الذي نشهده اليوم في مواجهات الضفة الغربية وغزة متوقعا منذ البداية " هذا ما قاله البروفيسور كولن تشابمان في كتابه : أرض الميعاد لمن ؟؟

لم يكن اسحاق رابين يفكر في ذرائع عندما دمر وحرق قرى عربية أثناء حرب 1948 دون أن يفعل أهلها شيء .. ثم قال : " كان لابد من ذلك من أجل ضمان عدم استخدامها قواعد لمهاجمة القوافل اليهودية " .. ولم يكن هيرتزل يشغل نفسه بـ ( الذرائع ) عندما قال : " إذا حصلت يوما على مدينة القدس وكنت ما أزال حيا فلن أتوان لحظة عن إزالة كل شيء ليس مقدسا لدى اليهود فيها ، وسوف أدمر كل الآثار التي مرت عليها القرون "

إن التدمير والحرق والإهانة والإذلال هي سمات لازمه لا ينفك عنها كل استعمار واحتلال .. والعامل المشترك بين أغلب قوى الإستعمار هو ايقاع أكبر قدر من الأذى والإهانة بالشعوب المحتلة حتى تفقد قدرتها على الصمود .. وفي عام 1843 في الجزائر كتب الضابط الفرنسي مونتانياك يقول : " يجب إبادة كل من لا يأتي متذللا تحت أقدامنا كالكلب " ، ثم أحرق الجنرال بيلسييه عام 1845 آلاف العرب خنقا بالدخان في جبال الضهرة لأنهم لم يأتوا متذللين كـ ( الكلاب ) .. وأمام الكنيست وقف مناحيم بيجن رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق قائلا : " ما الفلسطينيون إلا حيوانات وبهائم متوحشة تمشي على قدمين "

إن قصة المقاومة في فلسطين لم تبدأ من الإنتفاضة الأولى أو الإنتفاضة الثانية أو تنفيذ عمليات استشهادية أو إطلاق الصواريخ أو رفض تجديد التهدئة .. بل تبدأ قبل كل ذلك بقليل .. لقد بكى العرب طويلا على محمد الدرة ولكنهم لم يلاحظوا أكثر من 1200 طفلا آخر قتلوا من بعده وحتى حرب غزه 2009 .. كل طفل منهم يقدم ذريعة لعمل المقاومة

إنهم يتهمون حماس بأنها جاءت بحكومة يمينية متشددة في الكيان ، فهل كانت حماس موجودة عندما خسر حزب العمل لأول مرة في تاريخه أمام الليكود اليميني بزعامة مناحيم بيجن عام 1977 ؟؟ وهل كانت حماس السبب عندما شكل بيجن حكومته الثانية عام 1981 ؟؟ وعندما شكل اسحاق شامير الحكومة أعوام : 1983 و 1986 و 1988 و 1990 ؟؟ أو عندما شكل نتنياهو حكومته الأولى عام 1996 ؟؟

ألا يقدم الحصار المفروض على غزة ذريعة للمقاومة لتقاوم من أجل رفعه ؟؟ هذا الحصار الذي يعده دوف ويسغلاس مستشار رئيس الوزراء الصهيوني ( نظاما غذائيا ) على سبيل السخرية ( هو – الحصار – كموعد مع خبير في التغذية ، سيغدو الفلسطينيون أكثر نحولا ولكنهم لن يموتوا )

إذا كانت القاعدة تقول : إنه ( لا يوجد احتلال بدون مقاومة ) فإن القاعدة الثانية تقول : ( لا يوجد تنازلات بدون مقاومة ) .. وعبر تاريخ الصراع العربي – الصهيوني لم يحصل العرب على مكاسب سياسية – بغض النظر عن قيمتها الحقيقية – إلا في اثر عمل عسكري ، بدءا من كامب ديقيد وانتهاء باتفاق أوسلو ، وبدون المقاومة لن يجد المفاوض الفلسطيني أو العربي ما يفاوض عليه .. وسيكون حوارا من طرف واحد

إن كراهية الصهاينة لحماس مرتبطة بالمقاومة إلى حد كبير .. وهذا أمر مفهوم ، ولكن غير المفهوم هو رفض أطراف عربية للمقاومة وعدها معوقا وليس دافعا ومحفزا للحصول على الحقوق الفلسطينية

تهدف هذه الدراسة إلى البحث عن المحددات التي ترسم العلاقة بين حماس والكيان الصهيوني .. ثم المحددات التي تحكم العلاقة بين حماس وبعض الدول العربية




والله أسأل أن يوفق في القول والعمل
ويهدينا إلى سبيل الرشاد

أحمد فهمي
28/02/1430
23/02/2009
عاشق الأقصى
شبكة فلسطين للحوار