|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() شكر النعمة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي الحمد لله الذي أرسل محمدًا بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين، أنزل عليه القرآن فيه الهدى والنور للمتعظين به والعاملين، أمر الله المسلمين بالأخذ بما فيه وحذرهم من أقوال الملحدين والمكذبين، قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153] أحمده سبحانه على ما وهب من العقول لتعي وتفهم وتعقل ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المرجو والمسئول، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المؤيد بالقول، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ما ترددت شمس وقمر بين الطلوع والأفول. أما بعد: أيها الناس.. أوصيكم وإياي بتقوى الله تعالى والتمسك بهذا الدين الذي أكمله الله ورضيه لكم دينًا فإن الله لم يخلقكم عبثًا، ولم يرسل لكم رسوله ليقص عليكم القصص وتعرفوا التاريخ والأزمان!، بل خلقكم لتعبدوه وأرسل إليكم الرسول لتطيعوه، وأنزل عليكم القرآن لتتبعوه، وركب فيكم العقول لتعرفوه وتخافوه، وأسبغ عليكم نعمه لتحمدوه وتشكروه، فإنه أعلن في كتابه المبين وأقسم ليزيدن الشاكرين وليعذبن الكافرين بنعمه قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، وقال تعالى في الذين لم ينتفعوا بعقولهم ولا بأبصارهم ولا بقلوبهم ولا بأسماعهم، أي لم ينتفعوا بها فيما خلقت لأجله، لا أنها لا تسمع ولا تبصر ولا تفقه شيئًا، بل إنها تسمع وتفقه في بيعها وشرائها وإصلاح دنياها وتبصر الأشياء، ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]، أي أضل من الأنعام، قال ابن كثير - رحمه الله - عند تفسير هذه الآية: "يعني ليس ينتفعون بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله سببًا لهدايتهم ولم يكونوا صمًا ولا بكمًا ولا عميًا إلا عن الهدى يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [فاطر: 15، 16]، فاحذروا عباد الله أن تتصفوا بصفات من ذرأهم الله لنار جهنم، فأنتقم مفتقرون إليه ومحتاجون إليه في حركاتكم وسكناتكم وهو غني عنكم، فلم هذا التساهل في طاعته تعالى وهو الذي أوجدكم من العدم وفضلكم على أكثر مخلوقاته، وقادر على إهلاككم واذهابكم إذا عصيتموه واستبدالكم بقوم يحافظون على أوامره ويبتعدون عن مناهيه؟. عباد الله: راجعوا عقولكم التي فضلكم الله بها على سائر الحيوانات وحاسبوا أنفسكم عما أنتم فيه من النعم ورغد العيش والصحة والأمن بينما هي مفقودة في كثير من دول العالم، تسمعون بذلك وتقرأون الأخبار، أفلا يكون ذلك لكم واعظًا وتخشون أن يحل بكم ما حل بالآخرين من الفوضى واستباحة الأموال والدماء والأعراض، وإن الله لم يك مغيرًا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، قال ابن كثير - رحمه الله -: "من تمام عدله وقسطه في حكمه بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على قوم إلا بسبب ذنب ارتكبوه كما صنع بمن عصاه من آل فرعون وغيرهم بسبب ذنوبهم فسلبهم تلك النعم التي أسداها عليهم من جنات وعيون وزروع وكنوز ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين، وما ظلمهم الله ولكن كانوا هم الظالمين". عباد الله: كلنا منغمس في هذه النعم وراكن إليها ومطمئنة بها نفسه، ولكننا مقصرون في شكرها ولا نخاف من زوالها، وذلك لأننا غافلون عن تدبر الآيات مثل قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44] أي يائسون من كل خير. عباد الله.. أعوذ بالله أن نكون قد نسينا ما ذكرنا به فإن الله قد فتح علينا أبواب كل شيء من متاع الحياة وزخرفها وزينتها وقد فرحنا به أشد الفرح، ربنا لا تؤاخذنا بغتة، ربنا ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا فاغفر لنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. عباد الله: ما أكثرنا في الأسواق وفي الأعمال والنوادي والحفلات، وما أقلنا في المساجد!! وما أكثر ما نقرأ ونطالع في الصحف والمجلات وما أقل قراءتنا ومطالعتنا للقرآن!! نهتم بما يضرنا أكثر مما ينفعنا، ما أكمل ما نبذل الأموال فيما ضرره أكثر من نفعه من آلات اللهو والطرب الصادة عن ذكر الله وعن الصلاة، وما أقل ما نبذله في تعلم وتعليم كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ﴾ [هود: 15، 16]، ونعوذ بالله أن نكون منهم، قال قتادة عند تفسير هذه الآية: من كانت الدنيا همه ونيته وطلبته جازاه الله بحسناته في الدنيا ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنة يعطى بها جزاء. عباد الله.. خلقنا الله لعبادته لا للتفاخر في الدنيا والتكاثر فيها بالأموال والأولاد، وأعظم شعائر العبادة الصلاة ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة ﴾ [البينة: 5]، فأشارت الآية إلى أن التوحيد وإقام الصلاة والزكاة هو الدين القيم، ويا للأسف قد خف ميزان الصلاة عند الكثير منا فلا يعبأ ولا يكترث بتخلفه عن جماعة المسلمين ولا يقوم على من تحت يده ويأمره بها ويساعده على نفسه حتى خلت المساجد من شبابنا وأكثر كهولنا ولم نر ذلك منكرًا يلزمنا تغييره يقول الله تعالى ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]، ويقول نبينا -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)[1]. ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (أول ما ينظر فيه من عمل العبد يوم القيامة صلاته فإن صلحت صلح بقية عمله وأن فسدت فسد بقية عمله)[2]. ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (لا دين لمن لا أمانة له ولا صلاة له)[3] فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، اللهم اهد ضال المسلمين وألهمهم رشدهم وأقمهم على صراطك المستقيم. عباد الله: إنكم في نعم من الله متوافرة تحتاج إلى شكر مسديها وموليها فلو قيل لأحدكم قبل أربعين سنة تمن ما تريد في حياتك لعجزت أمانيه عن تمني ما هو فيه اليوم من نعم الله التي لا تحصى، صحة في الأبدان وأمن في الأوطان، أنطق الله لكم الحديد حتى إن أحدكم يكلم من يريد مكالمته وهو جالس في بيته حال كونه قريبًا أم بعيدًا، وسيره لكم حتى كنتم تقطعون عليه المسافات البعيدة في الأوقات القصيرة، فالله تعالى لما سخر لداود الجبال والطير وألان له الحديد أمره أن يعمل صالحًا، ولما سخر لسليمان الريح وكانت تحمله على بساطه إلي حيث يريد كما قال تعالى: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ﴾ [سبأ: 12] قال تعالى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13] أي اشكروا الله على ما أعطاكم من نعمه وقابلوها بطاعته، وأنتم اليوم أعطاكم الله من النعمة ما لم يعطه أحدًا قبلكم من وفرة الأموال التي تكيفونها على ما تريدون تدفعون بها شدة البرد وحرارة القيظ تفتح أزرار المروحة والمكيف وتجدون الماء حيث شئتم باردًا وساخنًا، فما أعظمها من نعمة وما أجلها من منحة لم تقابل بحقها من شكر الله تعالى. تذكروا حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر رسول رب العالمين إلى جميع الثقلين، عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت لعروة ابن أختها "إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نار، فقلت: يا خالة ما كان يعيشكم قالت: الأسودان التمر والماء"[4]. وفي حديث آخر عن أنس - رضي الله عنه - قال: "لم يأكل النبي -صلى الله عليه وسلم- على خوان حتى مات وما أكل خبزًا مرققًا حتى مات"[5]. وأنتم اليوم تصبحون على سفرة فيها ما تشتهون من أنواع الطعام وتشربون ما تريدون من المشروبات الطيبة وتهجّرون على مثلها أي في وسط النهار ما يسمى بالغداء، وقي العشاء كذلك، وتستخدمون الأحرار في حاجاتكم الصغيرة والكبيرة حتى في طبخ طعامكم، إنكم والله ومحاسبون على هذه النعمة التي لم تقوموا بشكرها حقًا وذلك بالقيام بما أمركم الله به من الطاعة والتعاون على البر والتقوى كما أمركم الله بذلك. لما نزل قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8] قال الزبير - رضي الله عنه -: وأي نعيم نسأل عنه وإنما هو الأسودان التمر والماء قال: أما إنه سيكون[6]، فانتبهوا رحمكم الله وأعدوا جوابًا مناسبًا لهذا السؤال فإنكم لابد مسؤولون عن هذه النعم التي خولكم الله فيها وهل استعملتموها فيما يريد وفيما يرضيه عنكم أو كفرتم بها وصرفتموها في معصيته واستوجبتم عذابه الشديد الذي توعد به من كفر نعمته. والحمد لله رب العالمين [1] صحيح ابن حبان ح (1454) وأصله في الصحيحين بلفظ آخر. [2] سنن الترمذي ح (413) وصححه الألباني. [3] منذ البزارح (819) (3/ 61) وقاد الهيتمي في المجمع (10/ 292): رواه البزار وفيه أبو الجنوب وهو ضعيف. [4] صحيح البخاري (2428). [5] صحيح البخاري (6085). [6] سنن ابن ماجه (4158).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |