علامات الساعة التي لم تظهر بعد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 551 - عددالزوار : 304329 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 197 )           »          5 أفكار لدمج ورق الحائط فى ديكور البيت.. موضة 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          لنوم هادئ ومريح.. 8 نباتات احرص على شرائها فى غرفة نومك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          طريقة عمل سلطة البطاطس المقلية بالصوص والأعشاب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          لو عندك برطمانات زجاجية.. اعرفى إزاى تنضفيها فى 5 خطوات سهلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وصفات طبيعية لتفتيح البشرة بخطوات بسيطة.. من الكركم للعرقسوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          5 طرق فعالة تخلى غسيلك الأبيض مزهزه.. بعضها مكونات طبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          8 عادات مسائية ابعد عنها لو نفسك تكون ناجح.. السهر العشوائى الأسوأ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          7 حيل لمكياج ثابت فى الحر.. حضرى بشرتك صح وما تنسيش بودرة التثبيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-11-2020, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,061
الدولة : Egypt
افتراضي علامات الساعة التي لم تظهر بعد

علامات الساعة التي لم تظهر بعد
الشيخ محمد طه شعبان






مِنَ العَلَامَاِت الَّتِي لَمْ تَظْهَرْ إِلَى الآنِ:
عَوْدَةُ أَرْضِ العَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا.
عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ المَالُ وَيَفِيضَ، وَحَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بِزَكَاةِ مَالِهِ فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهَا مِنْهُ، وَحَتَّى تَعُودَ أَرْضُ العَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا"[1].

قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله:
"قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "حَتَّى تَعُودَ أَرْضُ العَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا" مَعْنَاهُ - وَاللهُ أَعْلَمُ -: أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَهَا وَيُعْرِضُونَ عَنْهَا، فَتَبْقَى مُهْمَلَةً، لَا تُزْرَعُ وَلَا تُسْقَى مِنْ مِيَاهِهَا، وَذَلِكَ لِقِلَّةِ الرِّجَالِ، وَكَثْرَةِ الحُرُوبِ، وَتَرَاكُمِ الفِتَنِ، وَقُرْبِ السَّاعَةِ، وَقِلَّةِ الآمَالِ، وَعَدَمِ الفَرَاغِ لِذَلِكَ وَالاهْتِمَامِ بِهِ" اهـ[2].
وَفِي الحَدِيثِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَرْضَ العَرَبِ كَانَتْ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا، وَأَنَّهَا سَتَعُودُ كَمَا كَانَتْ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا.

وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِيهِ نَظَرُ؛ فَإِنَّ أَرْضَ العَرَبِ أَرْضٌ قَاحِلَةٌ شَحِيحَةُ المِيَاهِ، قَلِيلَةُ النَّبَاتِ، غَالِبُ مِيَاهِهَا مِنَ الآبَارِ وَالأَمْطَارِ، فَإِذَا تُرِكَتْ وَاشْتَغَلَ عَنْهَا أَهْلُهَا، مَاتَ زَرْعُهَا وَلَمْ تَعُدْ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا، وَظَاهِرُ الحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بِلَادَ العَرَبِ سَتَكْثُرُ فِيهَا المِيَاهُ، حَتَّى تَكُونَ أَنْهَارًا، فَتَنْبُتُ بِهَا النَّبَاتَاتُ فَتَكُونُ مُرُوجًا وَحَدَائِقَ وَغَابَاتٍ[3].

وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: "إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ عَيْنَ تَبُوكَ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فَمَنْ جَاءَهَا مِنْكُمْ فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ"، فَجِئْنَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلَانِ، وَالعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ.. ثُمَّ غَرَفُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ العَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا، حَتَّى اجْتَمَعَ فِيهِ شَيْءٌ، قَالَ: وَغَسَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتِ العَيْنُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ - أَوْ قَالَ: غَزِيزٍ - حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ ثُمَّ قَالَ: "يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى مَا هَاهُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا"[4].

حَسْرُ الفُرَاتِ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ.
عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَيَقُولُ كُلُ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو"[5].
وَفِي لَفْظٍ: "يُوشِكُ الفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا"[6].
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ: لَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا، قُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُوشِكُ الفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ، فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ: لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنَّ بِهِ كُلَّهُ، قَالَ: فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ"[7].

وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ - وَهُوَ مُحَمَّدُ فَهِيمٍ أَبُو عَبْيَةَ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى "النِّهَايَةِ فِي الفِتَنِ وَالمَلَاحِمِ" لِابْنِ كَثِيرٍ - أَنَّ المُرَادَ بِجَبَلِ الذَّهَبِ هُنَا هُوَ البِتْرُولُ، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ أَهْلُ العِلْمِ مِنْ وُجُوهٍ، مِنْهَا:
أ- أَنَّ البِتْرُولَ لَيْسَ بِذَهَبٍ، وَلَا يَكُونُ عَلَى هَيْئَةِ الجَبَلِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ.
ب- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَصَّ الفُرَاتَ بِهَذَا دُونَ غَيْرِهِ، وَالبِتُرولُ يُسْتَخْرَجُ مِنْ أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الأَرْضِ وَالبِحَارِ.
جـ- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الأَخْذِ مِنْهُ، وَلَمْ نَسْمَعْ أَحَدًا مِنَ العُلَمَاءِ قَالَ بِالنَّهْيِ عَنِ الأَخْذِ مِنَ البِتْرُولِ[8].
وَقَدْ رَجَّحَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رضي الله عنه أَنَّ سَبَبَ المَنْعِ مِنَ الأَخْذِ مِنَ هَذَا الذَّهَبِ؛ لِمَا يَنْشَأُ عَنْ أَخْذِهِ مِنَ الفِتْنَةِ وَالقِتَالِ عَلَيْهِ[9].

كَثْرَةُ الرُّومِ، وَقِتَالُهُمْ لِلمُسْلِمِينَ بَعْدَ الهُدْنَةِ، ثُمَّ هَزِيمَتُهُمْ وَفَتْحُ القُسْطَنْطِينِيَّةِ[10].
عَنِ المُسْتَوْرِدِ القُرَشِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ"[11].
وَفِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه - وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ -: "اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ:... ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةٍ[12]، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ الفًا"[13].
وَيَكُونُ هَذَا قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ مُبَاشَرَةً.
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُّهُنَّ فِي يَدِي قَالَ: "تَغْزُونَ جَزِيرَةَ العَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ" قَالَ: فَقَالَ نَافِعٌ: يَا جَابِرُ، لَا نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ[14].

وَقَدْ جَاءَ فِي الأَحَادِيثِ وَصْفُ القِتَالِ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَالرُّومِ، فَعَنْ يَسِيرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالكُوفَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلَّا: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ جَاءَتِ السَّاعَةُ، قَالَ: فَقَعَدَ -وَكَانَ مُتَّكِئًا- فَقَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ - فَقَالَ: عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لأَهْلِ الإِسْلَامِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الإِسْلَامِ، قُلْتُ: الرُّومَ تَعْنِى؟ قَالَ: نَعَمْ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ القِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَيَشْتَرِطُ المُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ المُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ المُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَيَجْعَلُ اللهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ، فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً - إِمَّا قَالَ: لاَ يُرَى مِثْلُهَا، وَإِمَّا قَالَ: لَمْ يُرَ مِثْلُهَا - حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا، فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُوا مِائَةً، فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ الوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَالوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ"[15].

وَسَتَكُونُ الحَرْبُ بِأَرْضِ الشَّامِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ[16] أَوْ بِدَابِقَ[17]، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ المَدِينَةِ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ المُسْلِمُونَ: لَا، وَاللهِ، لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ: إِنَّ المَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَعُدُّونَ لِلقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلْحُ فِي المَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ"[18].
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ فُسْطَاطَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ المَلْحَمَةِ بِالغُوطَةِ[19] فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ، مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ"[20].

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رضي الله عنه:
"قَالَ ابْنُ المُنِيّرِ: أَمَّا قِصَّةُ الرُّومِ فَلَمْ تَجْتَمِعْ إِلَى الآنِ، وَلَا بَلَغَنَا أَنَّهُمْ غَزَوْا فِي البَرِّ فِي هَذَا العَدَدِ، فَهِيَ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي لَمْ تَقَعْ بَعْدُ، وَفِيهِ بِشَارَةٌ وَنِذَارَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ العَاقِبَةَ لِلمُؤْمِنِينَ"اهـ[21].

خُرُوجُ القَحْطَانِيِّ.
وَهُوَ مِنْ قَحْطَانَ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَيَدِينُونَ لَهُ بِالطَّاعَةِ.
عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ"[22].
وَهُوَ غَيْرُ الجَهْجَاهِ الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَذْهَبُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الجَهْجَاهُ"[23]؛ لِأَنَّ الجَهْجَاهَ هَذَا مِنَ المَوَالِي كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ: "رَجُلٌ مِنَ المَوَالِي يُقَالُ لَهُ: الجَهْجَاهُ"[24].
وَأَمَّا القَحْطَانِيُّ فَمِنَ الأَحْرَارِ؛ لِأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى قَحْطَانَ الَّذِي تَنْتَهِي إِلَيْهِا أَنْسَابُ أَهْلِ اليَمَنِ، مِنْ حِمْيَرَ، وَكَنَدَةَ، وَهَمْدَانَ وَغَيْرِهِمْ[25].
وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ القَحْطَانِيَّ هَذَا سَيَكُونُ رَجُلًا صَالِحًا[26].

قِتَالُ اليَهُودِ.
عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ اليَهُودِ"[27].
وَاليَهُودُ حِينَهَا يَكُونُونَ مِنْ جُنْدِ الدَّجَّالِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "... يَقُولُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ: افْتَحُوا البَابَ، فَيُفْتَحُ وَوَراءَهُ الدَّجَّالُ مَعَهُ سَبْعُونَ الفَ يَهُودِيٍّ، كُلُّهُمْ ذُو سَيْفٍ مُحَلًّى وَسَاجٍ... فَيَهْزِمُ اللهُ اليَهُودَ، فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ مِمَّا خَلَقَ اللهُ تعالى يَتَوَارَى بِهِ اليَهُودِيُّ إِلَّا أَنْطَقَ اللهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ، لَا حَجَرَ وَلَا شَجَرَ وَلَا حَائِطَ وَلَا دَابَّةَ - إِلَّا الغَرْقَدَ؛ فَإِنَّهَا مِنْ شَجَرِهِمْ لَا تَنْطِقُ - إِلَّا قَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ المُسْلِمَ، هَذَا يَهُودِيٌّ فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ"[28].

نَفْيُ المَدِينَةِ لِشِرَارِاهَا، ثُمَّ خَرَابُهَا آخِرَ الزَّمَانِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابنَ عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ: هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ، هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ فِيهَا خَيْرًا مِنْهُ، ألَا إِنَّ المَدِينَةَ كَالكِيرِ تُخْرِجُ الخَبَثَ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ المَدِينَةُ شِرَارَهَا، كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ"[29].
وَعَنْ أَنِسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إِلَّا مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا إِلَّا عَلَيْهِ المَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ المَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجْفَاتٍ، فَيُخْرِجُ اللهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ"[30].
وَيَدُلُّ الحَدِيثُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الرَّجَفَاتِ سَتَكُونُ بَعْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَعَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَتْرُكُونَ المَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لَا يَغْشَاهَا إِلَّا العَوَافِ - يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ - وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ المَدِينَةَ، يَنْعِقَانِ بَغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الوَدَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا"[31].
وَقَوْلُهُ: "وَحْشًا" أَيْ: خَالِيَةً مِنَ النَّاسِ.

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رضي الله عنه:
"وَالمَقْصُودُ أَنَّ المَدِينَةَ تَكُونُ بَاقِيَةً عَامِرَةً أَيَّامَ الدَّجَّالِ، ثُمَّ تَكُونُ كَذَلِكَ فِي زَمَانِ عِيسِى ابْنِ مَرْيَمَ رَسُولِ اللهِ، حَتَّى تَكُونَ وَفَاتُهُ بِهَا، وَدَفْنُهُ بِهَا، ثُمَّ تَخْرَبُ بَعْدَ ذَلِكَ"[32].
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيَسِيرَنَّ الرَّاكِبُ بِجَنَبَاتِ المَدِينَةِ، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ: لَقَدْ كَانَ فِي هَذَا حَاضِرٌ مِنَ المُسْلِمِينَ كَثِيرٌ"[33].

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ رضي الله عنه:
"رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَسْجِدَ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ: "أَمَا وَاللهِ لَيَدَعُهَا أَهْلُهُ مُذَلَّلَةً أَرْبَعِينَ عَامًا لِلعَوَافِي، أَتَدْرُونَ مَا العَوَافِي؟ الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ". ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: "وَهَذَا لَمْ يَقَعْ قَطْعًا"اهـ[34].

بَعْثُ رِيحٍ طَيِّبَةٍ لِقَبْضِ أَرْوَاحِ المُؤْمِنِينَ.
وَهَذِهِ الرِّيحُ سَتَكُونُ بَعْدَ نُزُولِ عِيسَى عليه السلام، وَقَتْلِهِ لِلدَّجَّالِ، وَهَلَاكِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ.
وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ ظُهُورَهَا سَيَكُونُ قَرِيبًا جِدًّا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ، بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَبَعْدَ خُرُوجِ الدَّابَّةِ، وَسَائِرِ الآيَاتِ العِظَامِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الأَحَادِيثِ[35].
فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه فِي قِصَّةِ الدَّجَّالِ وَنُزُولِ عِيسَى عليه السلام، وَخُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ: "إِذْ بَعَثَ اللهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ"[36].

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ -لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا- فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّامِ، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا، قَالَ: وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ، قَالَ: فَيَصْعَقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ..."[37] الحَدِيثَ.
وَعَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ رِيحًا مِنَ اليَمَنِ أَلْيَنُ مِنَ الحَرِيرِ، فَلَا تَدَعُ أَحَدًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ"[38].
فَفِي هَذَا الحَدِيثِ أَنَّ الرِّيحَ سَتَأْتِي مِنْ قِبَلِ اليَمَنِ، وَفِي الحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهَا مِنْ قِبَلِ الشَّامِ.

وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِجَوَابَيْنِ:
الأَوَّلُ: أَنَّهُمَا رِيحَانِ: شَامِيَّةٌ، وَيَمَانِيَّةٌ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَبْدَؤُهَا مِنَ أَحَدِ الإِقْلِيمَيْنِ، ثُمَّ تَصِلُ الآخَرَ، وَتَنْتَشِرُ عِنْدَهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ[39].
وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ أَحَادِيثِ ظُهُورِ الرِّيحِ وَحَدِيثِ: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"[40]، وَفِي رِوَايَةٍ: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ"[41].
فَإِنَّ المَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ عَلَى الحَقِّ إِلَى قُرْبِ القِيَامَةِ، حَيْثُ تَأْتِي هَذِهِ الرِّيحُ، وَيَكُونُ المُرَادُ بِـ"أَمْرِ اللهِ" هُوَ هُبُوبُ الرِّيحِ[42].

اسْتِحْلَالُ البَيْتِ الحَرَامِ، وَهَدْمُ الكَعْبَةِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ"[43].
وَلُقِّبَ بِذِي السُّوَيْقَتَيْنِ - وَهِيَ تَصْغِيرُ السَّاقَيْنِ - لِدِقَّةِ سَاقَيْهِ وَصِغَرِهِمَا.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا"[44].
وَالفَحَجُ هُوَ: تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ الفَخِذَيْنِ[45].
وَعَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُبَايَعُ لِرَجُلٍ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، وَلَنْ يَسْتَحِلَّ البَيْتَ إِلَّا أَهْلُهُ، فَإِذَا اسْتَحَلُّوه فَلَا يُسْأَلُ عَنْ هَلَكَةِ العَرَبِ، ثُمَّ تَأْتِي الحَبَشَةُ فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَابًا لَا يَعْمُرُ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَهُمُ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَهُ"[46].
وَمَعْنَى "لَنْ يَسْتَحِلَّ البَيْتَ إِلَّا أَهْلُهُ" أَيْ: مِنَ المُسْلِمِينَ[47].
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ، وَيَسْلُبُهَا حِلْيَتَهَا، وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا، وَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ: أُصَيْلَعَ، أُفَيْدَعَ، يَضْرِبُ بِمِسْحَاتِهِ وَمِعْوَلِهِ"[48].
وَ"أُصَيْلِعُ" تَصْغِيرُ أَصْلَعَ، وَهُوَ الَّذِي انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْ رَأْسِهِ[49].
وَ"أُفَيْدِعُ" تَصْغِيرُ أَفْدَعَ، وَهُوَ زَيْغٌ بَيْنَ القَدَمِ، وَبَيْنَ عَظْمِ السَّاقِ[50].


[1] أخرجه مسلم (157).
والمروج: جمع مرج، وهو الفضاء الواسع، ويقال للأرض ذات الكلأ: مرج، ومنه قولهم: مرج الدابة يمرجها: إذا أرسلها ترعى في المرج. انظر "لسان العرب" (2/ 364).

[2] "شرح مسلم" (7/ 97) ط دار الفكر بيروت.

[3] انظر "أشراط الساعة" للوابل (202).

[4] أخرجه مسلم (706).

[5] متفق عليه: أخرجه البخاري (7119)، ومسلم (2894).

[6] التخريج السابق.

[7] أخرجه مسلم (2895).

[8] انظر "أشراط الساعة" للوابل (205، 206).

[9] انظر "فتح الباري" (13/ 81).

[10] القسطنطينية مدينة الروم، وهي معروفة الآن بـ(اسطنبول)، من مدن تركيا، وكانت تعرف قديمًا باسم (بيزنطة).

[11] أخرجه مسلم (2898).

[12] أي: راية، سميت غاية؛ لأنها غاية الناس في القتال.

[13] أخرجه البخاري (3176).

[14] أخرجه مسلم (2900).

[15] أخرجه مسلم (3899).

[16] الأعماق: كورة قرب دابق، بين حلب وأنطاكية، وهما بالشام. "معجم البلدان" (1/ 222).

[17] دابق - بكسر الباء، وروي بفتحها وآخره قاف -: قرية قرب حلب، من أعمال عزاز. "معجم البلدان" (2/ 416).

[18] أخرجه مسلم (2897).

[19] الغوطة - بضم الغين وتسكين الواو - من الغائط، وهو المطمئن من الأرض، وهي موضع بالشام، تحيط بها جبال عالية، وبها أنهار وأشجار متصلة، وفيها تقع مدينة دمشق. انظر "معجم البلدان" (4/ 219).

[20] أخرجه أبو داود (4298)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2112).

[21] "فتح الباري" (6/ 278).

[22] متفق عليه: أخرجه البخاري (3517)، ومسلم (2910).

[23] أخرجه مسلم (2911).

[24] أخرجه أحمد (8346) وَقَالَ أحمد شاكر: إسناده صحيح.

[25] انظر "فتح الباري" (6/ 545).

[26] انظر "فتح الباري" (6/ 535).

[27] متفق عليه: أخرجه البخاري (2926)، ومسلم (2922) واللفظ له، وهو مخرج عندهما أيضًا من حديث ابن عمر ب.
الغرقد: قال النووي :: "نوع من شجر الشوك، معروف ببلاد المقدس، وهناك يكون قتال الدجال واليهود" "شرح مسلم" (18/ 610).

[28] أخرجه ابن ماجه (4077).

[29] أخرجه مسلم (1381).

[30] أخرجه البخاري (1881).

[31] أخرجه البخاري (1875).

[32] "النهاية في الفتن والملاحم" (1/ 158).

[33] أخرجه أحمد (124)، وَقَالَ أحمد شاكر: إسناده صحيح.

[34] "فتح الباري" (4/ 90).

[35] انظر "أشراط الساعة" للوابل (230).

[36] أخرجه مسلم (2937).

[37] أخرجه مسلم (2940).

[38] أخرجه مسلم (117).

[39] انظر "شرح مسلم" للنووي (2/ 132).

[40] أخرجه مسلم (1923).

[41] متفق عليه: أخرجه البخاري (3641)، ومسلم (1037).

[42] انظر "فتح الباري" (13/ 85)، و"شرح مسلم" (2/ 132).

[43] متفق عليه: أخرجه البخاري (1596)، ومسلم (2909).

[44] أخرجه البخاري (1595).


[45] انظر "النهاية في غريب الحديث" (3/ 415).

[46] أخرجه أحمد (15/ 35)، وصحح إسناده الألباني في "الصحيحة" (579).

[47] انظر "فتح الباري" (3/ 462).

[48] أخرجه أحمد (12/ 14) وَقَالَ أحمد شاكر: إسناده صحيح.

[49] انظر "النهاية في غريب الحديث" (2/ 423).

[50] السابق (3/ 420).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 80.54 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.08%)]