"لأتصدَّقنّ الليلةَ بصدقة" - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 599 - عددالزوار : 74618 )           »          الحج والعمرة فضلهما ومنافعهما (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 28 )           »          ٣٧ حديث صحيح في الصلاة علي النبي ﷺ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          قوق الآباء للأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حقوق الأخوّة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          دفن البذور عند الشيخ ابن باديس -رحمه الله- (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الاغتراب عن القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          آخر ساعة من يوم الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          هاجر… يقين في وادٍ غير ذي زرع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          الغش ... آفة تهدم العلم والتعليم والمجتمعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-09-2021, 11:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,692
الدولة : Egypt
افتراضي "لأتصدَّقنّ الليلةَ بصدقة"

"لأتصدَّقنّ الليلةَ بصدقة"



د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم


إن الحمدَ لله؛ نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، من يهده اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

أما بعدُ، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ... ﴾ [النساء: 1]



أيها المؤمنون!



صدقةٌ ذاتُ نبأٍ عجيبٍ وعبرتُها أعجبُ! رامَ صاحبُها بها صرحَ صدقٍ في سماءِ الخير؛ فكان مرادُ اللهِ أعظمَ مما أراد، وفاق خيرُ اختيارِ الله –سبحانه- خيرَ اختياره. حدّثَ النبيُ صلى الله عليه وسلم عن نبأِ تلك الصدقةِ المباركةِ، فقال: "قال رجلٌ: لأتَصَدَّقَنّ الليلةَ بصدقةٍ، فخرجَ بصدقته فوضعَها في يدِ زانيةٍ، فأصبحوا يتحدثونَ تُصُدِّقَ الليلةَ على زانية، قال: اللهمَّ لك الحمدُ على زانيةٍ، لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غنيٍّ، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ على غني، قال: اللهمَّ لك الحمدُ على غنيٍّ، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ على سارق، فقال: اللهمّ لك الحمدُ على زانية، وعلى غني، وعلى سارق، فأُتيَ فقيل له: أمّا صدقتُك فقد قُبِلَتْ، أما الزانيةُ فلعلها تستعفُ بها عن زناها، ولعل الغنيَّ يعتبرُ فينفقُ مما أعطاه اللهُ، ولعلّ السارقَ يستعفُّ بها عن سرقته" رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم.



عبادَ الله!



صدقةٌ مجهولةُ المقدارِ عند الخلقِ، عظيمةُ القدرِ عند الخالقِ، بوَّأت صاحبَها مقعدَ الصدق؛ فتسامى في ذُرى البِرِّ حين مازَجَها ذلك الصدقُ مذْ أن كانت نيةً جازمةً مؤكَّدةً؛ لا ترددَ فيها، وكانت خالصةً وافقت مسمّاها الشرعيَّ ومعناه، وقد اجتهد صاحبُها في إخفائها؛ فاختارَ سُدْفَةَ الليلِ زمنًا لإخراجِ صدقاتِه المتكررةِ، ولم يفتَّ في عَضُدِ إخلاصِه حديثُ الناس إذ استغربوا وقوعَ تلك الصدقات في يد مَن عُرف بعدم استحقاقها وأظهروا نسبتَهم التقصيرَ إلى ذلك المتصدقِ؛ وما زادَه ذلك إلا لهجًا بحمد الله والثناءِ عليه في كلِّ مرةٍ حين قضى بوقوع الصدقاتِ في يد أولئك؛ لحكمةٍ يعلمُها علاّمُ الغيوبِ، وتسليمًا ورضا بقدَره؛ إذ أقدارُه كلُّها جميلةٌ وإن بدا في ظاهرها الألمُ ووقع منها ما يخالف مرادَ العبدِ؛ فاكتفى بعلمِ العليمِ الخبير، وقَصَرَ طمعَه في رضاه حين رجاه قبولَ صدقتِه، واستصحبَ الصدقَ في بذلِ الجَهْدِ بُغْيَةَ تمامِ الصدقةِ؛ فتولّى بنفسه في كل مرة إخراجَها والتماسَ مستحقِّها. وذَلولُ الصدقِ لا يكبو راكبُه؛ إذ قادَ مركبُ الصدقِ ذلك المتصدقَ إلى منزلِ القبولِ العليِّ، فأظهرَ اللهُ له قبولَ صدقاتِه كلِّها في رؤيا حق؛ وذاك من لطْفِ الله بعبده الصادق؛ إذ يجبرُ كسْرَ قلبِه بظنه طروءَ ما يُنْقِصُ أجرَه مع تمامِ اجتهادِه بما يُسَرّي عنه حزنَه؛ فقد جاء في رواية الطبراني بعد ذِكْرِ وقوع الصدقات في يدِ أولئك وحديثِ الناس: " فساءه ذلك، فأُتي في منامه، فقيل: إن اللهَ -عز وجل- قد قَبِلَ صدقتَك ". وما زال منبعُ بَرَكَةِ الصدقِ يَفِيضُ غَدِقًا على ذلك المتصدقِ؛ فقد باركَ اللهُ صدقاتِه بعد أن كانت مثارَ استغرابِ الناس ومحلَّ لَحاظِهم، فلم يقتصرْ نفعُها على مَن تُصُدِّقَ عليهم، بل عمَّ خيرُها المجتمعَ؛ إذ كانت نقطةَ تحوِّلِ مساراتِ انحرافٍ طالما اصطلى المجتمعُ بنارها؛ حين كان أمنُه مهدَّدًا بسارقٍ لا يأمنُ الناسُ على مالهم من بَوَائِقِه، وزانيةٍ أَغْوَتْ غيرَها، وشَقِيَ المجتمعُ بِنَتَنِ فحشائِها، وغنيٍّ شحيحٍ حُرِم المجتمعُ برَّه وخيرَه كما حُرِمت نفسُه نعيمَ ذلك البِرِّ والخيرِ، وصارَ مثلًا يَقتدي به في الشح كلُّ محرومٍ؛ فكأنما كانت صدقاتُ ذلك البَرِّ الصادقِ رسائلَ تنبيهٍ مِن اللهِ لهم أن انْتَهُوا خيرًا لكم وصَحِّحُوا مسارَكم؛ فإن مصيرَه مُفْضٍ إلى شَفيرِ الهاوية؛ فكانت هدايتُهم مقرونةً بتلك الصدقةِ التي لم يَدُرْ في خَلَدِ ذلك المتصدقِ أن تقعَ في يدِ أمثالِ هؤلاء، فَضْلًا عن أن تكونَ سببًا في هدايتِهم وذوقِ المجتمعِ برَّهم كما شَقِيَ مِن قبل بشرِّهم، ولئن وردَ نَقْلُ انتفاعِ السارقِ والزانيةِ والغنيِّ البخيلِ بصيغةِ الترجّي؛ فإن الترجّي في حقِ الله وسنةِ كرمِه حتمٌ ولزومٌ – كما قالَ أهلُ العلمِ -، وقد وردَ في بعضِ طُرُقِ الحديثِ تحقُّقُ تلك الهدايةِ؛ فكفَّ السارقُ، واستعَفّتِ الزانيةُ، وسَخَتْ بالنفقةِ يدُ ذلك الغنيِّ البخيلِ، كما جاء في رواية الطبرانيِّ: " فأُتي في منامه فقيل: إن اللهَ - عز وجل - قد قَبِلَ صدقتَك، أما الزانيةُ فإنها استعفَّت بصدقتك عن الزنا، وأما السارقُ فإنه استعفَّ بصدقتك عن السرقةِ، وأما الغنيُّ فإنه اعْتَبَرَ بصدقتِك "، بل عمَّ نفعُ تلك الصدقةِ وبركتُها رقعةَ الوجودِ إلى قيامِ الساعة؛ إذ غَدَتْ برهانًا على بَرَكَةِ الصدقِ وإن قلَّ العمل، ومدعاةً إلى المبادرةِ الذاتيةِ بالخيرِ والإيجابيةِ في العطاءِ وسَخَاوَةِ النفس، ودليلًا على ما يؤول إليه شُؤمُ فُشُوِّ الفقرِ في المجتمعِ؛ إذ كثيرًا ما يكون خطرًا مُهَدِّدًا لأرضيةِ أمْنِ المجتمعِ واستقرارِه بتَصدُّعاتِ جرائمِ السرقاتِ والفواحشِ والبخلِ عن أداءِ الحقوقِ والانكفاءِ على المصلحةِ الذاتيةِ والأنانيةِ المَقِيتةِ والتَّعَامي عن حوائجِ المُعْوِزِين؛ فلا يأمنُ الناسُ على أموالِهم وأعراضِهم وأخلاقِهم، كما أبانتْ تلك الصدقةُ المباركةُ عظيمَ أثرِ الإحسانِ وأهميةَ العملِ الخيريِّ في المجتمعِ ومَسِيسِ الحاجةِ إليه وأنه أساسُ دعامةٍ في أمنِه واستقرارِه وبنائِه الذي لا يمكنُ قيامُه وبقاؤه إلا بذلك الحنوِّ والإحسانِ، وأن الأثرَ الطيّبَ لذلك لا يقفُ عند المحسِن والمحسَن إليه، ولا يتقيدُ بصورةِ الإحسان الأوليةِ أو الظاهرةِ، بل ربما كان سببًا في فتح أبوابٍ من الخير لم يُضْرَبْ لها توقّعٌ مِن حِسابٍ.



الخطبة الثانية



الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله.
أما بعدُ، فاعلموا أن أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ...




أيها المؤمنون!



إن صدقَ ذلك المتصدقِ كان هو المشهدَ الماثلَ المستصحَبَ في تفاصيلِ نبأِ صدقته والسرَّ الذي به تقبّلَ اللهُ تلك الصدقةَ وباركها؛ قصْدًا، واجتهادًا، ودلالةً على البر، وبَرَكةَ أثرٍ وتأثيرٍ. إن شجرةَ الصدقِ ذاتُ أساسٍ راسخٍ، سريعًا ما تُخرجُ الثمرَ اليانعَ المباركَ الذي يدومُ ويزدادُ، قال ابنُ القيمِ: " ليس للعبدِ شيءٌ أنفعُ من صِدْقِه ربَّه في جميعِ أمورِه مع صدق العزيمة؛ فيصدقُه في عَزْمه وفي فعله، قال – تعالى -: ﴿ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ [محمد: 21]، فسعادتُه في صدق العزيمة وصدق الفعل؛ فصدقُ العزيمةِ جَمْعُها وجَزْمُها وعدمُ الترددِ فيها، بل تكونُ عزيمةً لا يَشوبها ترددٌ ولا تَلَوّمٌ، فإذا صدقت عزيمتُه بقي عليه صدقُ الفعل؛ وهو استفراغُ الوسعِ وبذْلُ الجَهْدِ فيه، وأن لا يتخلفَ عنه بشيءٍ من ظاهره وباطنه؛ فعزيمةُ القصد تمنعُه من ضعف الإرادة والهمّة، وصِدْقُ الفعل يمنعُه من الكسلِ والفتور، ومَن صَدَقَ اللهَ في جميع أموره صنَعَ اللهُ له فوق ما يصنع لغيره. وهذا الصدقُ معنى يَلْتَئِمُ مِن صحة الإخلاص وصدقِ التوكل؛ فأصدقُ الناسِ مَن صحَّ إخلاصُه وتوكلُه".



عباد الله!



ذلكم نبأُ تلك الصدقةِ الصادقةِ المباركةِ، وذاكم شيءٌ من أثرها؛ فاصدقوا مع الله تروا منه فَيضًا من الخير فوق ما تتوقعون، ودفْعًا من غوائل الشر فوق ما تحذرون. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].



وإذا الأمورُ تزاوجتْ

فالصدقُ أكرمُها نَتاجا



الصدق يَعْقِدُ فوق رأسِ

حليفِه بالصدق تاجا



والصدق يَقْدَحُ زندَه

في كلِّ ناحيةِ سراجا


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.34 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]