|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() تعلمت في رمضان (1) د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي عظمة الفرص الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشْرفِ الأنبياء والمرسَلين. وبعد: فإنَّ شهر الله تعالى رمضان مدرسةٌ بكامل فصولها، يتعلَّم الإنسان في شهرٍ واحد ما يُمكن أن تقدِّمه المدرسةُ النظامية وتعمِّقه في نفوسِ طلاَّبها في سنوات، وها أنا واحدٌ مِن أولئك الطلاَّب ما زلتُ مِن سَنوات أكتُب بعضًا مِن فصول ومهارات وآثار تلك المدرسة إلى اليوم ولم أنتهِ بعدُ! بل أجِدني في كلِّ عام أتيتُ على ما أُريد أن أكتُبَ فيه، وما أن تَفتحَ لي هذه المدرسة فصولَها مِن أوَّل يوم إلا وتتداخَل في فِكري كثيرٌ مِن الأفْكار والمهارات والآثار الجديدة التي أحْتاج إلى تعلُّمِها ودراستها والاستفادة منها، وهأنذا تحتَ هذا العنوان أكتُب بعضًا مما علَّمتنيه هذه المدرسة مِن مفاهيمَ كبرى في حياة الإنسان ليس في ذات الشَّهْر فحسبُ، وإنَّما في عالَم الحياة ورِحلتها الكُبرى في الأرْض. مِن هذه المفاهيم التي تعلَّمتُها مِن خلال هذه المدرسة: عظَمة الفُرصة في حياة الإنسان، وأنَّ الفُرَص تقدِّم للإنسان أرْقَى ما ينتظره مِن خير وأوسَع ما يُريده من برَكة في لحظة أو لحظات مِن الزمن، وأنَّ الإنسان حين يستعدُّ لاستقبال هذه الفُرَص ويدرك آثارها، ويُرتِّب حياته لاستثمارها سيكون في عدادِ الكبار في لحظةٍ مِن لحظات الزمن. ومدرسة رمضان تُثير فرصًا كبرى في حياة الإنسان وليستْ فرصة، وتجعله في خلالِ شهرٍ واحدٍ صفحةً بيضاء مِن الخطيئة، وورقة مثمِرة من الحسَنات، وتكتب على كلِّ خُطواته السابِقة مهما كانتْ أوزارها رحلةً جديدة وحياة كبيرة، ترَى هذا في قول النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صام رَمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تَقدَّم مِن ذنبه))، وفي قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تَقدَّم مِن ذنبه))، وفي قوله - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن قام ليلةَ القدْر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تَقدَّم من ذنْبه))، إنَّك حين تتأمَّل في مدرسةِ الحياة كلها قدْ لا تظْفَر فيها أحيانًا إلا ببِضع فُرَص مهما امتدتْ بك الحياة وطال بكَ الزَّمن، وترَى مفهوم الفُرصة في رَمضان يلبس أوسع صُورِه، ويخرج بهيجًا يتلقَّى الإنسان في كلِّ طريق ويهبه رُوحه ومعناه وأثَره، ولم أرَ مفهومًا يلبس ثوبًا فَضفاضًا كبيرًا في فترة وجيزة كما أَرَى هذا المفهوم في فترةٍ قصيرة مِن حياة الإنسان، لكن مشكلتنا الكُبْرى أنَّنا لا نُحسِن قِراءة هذا المفهوم في أحيانٍ كثيرة قراءة المتتبِّع للفُرَص، المستثمر لها، المشمِّر إليها، الناظِر لها برُوح الإعجاب والانتظار فتفوتنا لأجْلِ ذلك، وتذهب مِن حياتنا ونحن لم نحتفِ بها احتفاءَ المحبِّين، وتُغادِرنا دون أن نتلفَّت لها، أو حتى نستشعرَ رحيلَها مِن حياتنا. عَلَّمني رمضانُ أن أقرأ هذه الفُرص بعين عكَّاشة بن محصن، وبرُوحه ومبادرته حين دفَعه استثمارُ هذا المفهوم لعناق الجنَّة يومَ القيامة دون حِساب ولا عِقاب، وقام غيره يودُّ اللحاقَ ويلهث مِن أجل الوصول، فما وجد إلا عوارضَ الطريق! إنَّني أُدرك أنَّ مشكلة الفُرْصة أنها تأتي في لِحاف العمَل، وتحاول أن تقدم عليك وهي متدثِّرة به متعثِّرة في أعطافه، فتأتيك هنا في حديثِ نبيِّك - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صام رَمضان إيمانًا واحتسابًا))، وتطلب منك دقَّةَ الإخلاص لله تعالى، ورَوائع تلذُّذه، ورُؤيته أثناءَ الجوع والعطَش، وكثيرًا ما يَغيب هذا المعنى ويكون تَذكُّره مكلفًا على أصحابه وهم يَذوقون ذاتَ الجوع وذات العطَش، وهذا هو لحافُها هنا، وتراه لحافًا يحتاج إلى جهاد وتعَب وتذكُّر في كلِّ وقت، حتى ينسلخَ مِن على الجسَد فتكون الفرصةُ في لحظته عاريةً ويحين وقتُ اللِّقاء، وتأتيك في ذاتِ الثوب في قول نبيِّك - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا))، وثوب هذه الفُرْصة أن تقومَ مع الإمام كلَّ ليلة مِن حين ما يبدأ إلى أن ينصرِف، وفوات شيءٍ مِن صلاة الإمام محفوف بفواتِ الفُرصة كلها لعمومِ قوْل النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قام مع الإمام حتى ينصرفَ كتب له قيام ليلة))، ومحصلة قيام هذه الليالي كلها هي الفُرصة التي أخبر بها نبيُّك - صلَّى الله عليه وسلَّم. لو لم أتعلَّم مِن رمضان سوى هذا المفهوم، لكان كبيرَ المعالِم في حياتي، عظيمَ الآثار فيها، فكيف إذا قلت لك: هو أوَّل ما تعلَّمْت، وفي حياتي غير ذلك ستأتيك تِباعًا - بإذن الله تعالى.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() تعلمت في رمضان (2) د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي تعظيم شعائر الله تعالى الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. وبعدُ: فإنَّ تعظيم شعائر الله تعالى في حياة كلِّ إنسان أثرٌ من آثار التقوى في قلبه، وهي بعض ما تعلمه هذه المدرسة الكبرى في حياة كل إنسان. إنَّ الأصل في شرعيَّة رمضان كله هو هذه الحقيقة "التقوى"؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. فلأجْل التقوى شُرِع صيام هذا الشهر، وحين تجد صائمًا لَم تَعمر قلبَه التقوى، ولَم يجد لها أثرًا في حياته، ولَم تتربَّ نفسه على تعظيم شعائر الله تعالى وحُرماته، تُدرك حينها أنه لَم يكن له نصيبٌ من آثار هذه المدرسة، ولَم يُوَفَّق للنجاح فيها، ولَم يجد أثرًا حقيقيًّا لتَعبه وجُهده في رحلته كلها، ويكفي ذلك خسارة وضياعًا في حياة الإنسان. إن رمضان جاء يهذِّب النفوس، ويُرتِّبها، ويُعيد بناءها وترتيبها من جديد، وهذا أعظم درسٍ يتعلَّمه الإنسان في رمضان. إن حياة الإنسان خلال عام كاملٍ يُصيبها من الوهن والضَّعف، وتعتريها الأمراض، وتكدُّها المعاصي، فتَذهب ببعض معانيها، ويَشوبها ما يشوب كل رحلة من النقص والضَّعف، ومهمة هذه المدرسة أن تُعيد بناء هذه النفوس من جديد، وتحاول جاهِدة خلال ثلاثين يومًا أن تُعيد البريق الذاهب من حياة الإنسان. وعلينا أن نُدرك أنَّ هذا البناء "تحقيق التقوى" في حياة كل إنسان، لن يتعلَّمه الإنسان في هذه الفترة؛ حتى يكون مثالاً للعبودية الحَقَّة أمام كلِّ أمرٍ ونهي في شريعة الله تعالى، وما لَم يُعانق هذه الحقيقة ويَقف على النجاح فيها مرارًا خلال مدة هذه المدرسة، لن يَظفر بالحياة التي يُطلبها والمعاني التي يَركض في سبيل تحصيلها، ويكفي دليلاً على ذلك قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من لَم يَدَع قولَ الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يَدَع طعامه وشرابه)). إنَّ هذه المدرسة لا تُعلِّم في فصولها - ومن خلال مناهجها - تحصيل التقوى، من خلال الجوع والعطش، وإنما تُعلِّمه من خلال تعظيم شعائر الله تعالى، والوقوف عند حدوده، وإجلال أمْر الله تعالى ونَهْيه، وتَرْك الطعام والشراب بعض ذلك وليس كله؛ ((مَن لَم يَدَع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدَع طعامه وشرابه)). وهذه حقيقة تَغيب عن كثيرٍ من الصائمين، وتفوت على مفاهيم كثيرٍ من العباد، ويعتقدون حين تُمسي بطونهم خماصًا، أنهم نالوا كلَّ شيء، وقد تكون النتيجة بخلاف ما يعتقدون. إنَّ شهر رمضان جاء ليُعيد بناء النفوس، ولَم يأتِ لتشويهها، وحَصْر غاية الصيام في ترْك الطعام والشراب فحسب، تشويهٌ لصورة الإنسان، وعناية بجسده على حساب قلبه ورُوحه، ومسألة بناء النفوس وإعادة ترتيبها وبنائها من جديد مسألة ضخمة من حقِّها لعَظَمتها أن تأخذ شهرًا كاملاً، تتعلَّم فيه إعادة بناء الإنسان كإنسان. إن علينا أن نُدرك أنه حين يتحقَّق في حياة كلِّ إنسان إجلال شعائر الله تعالى والقيام بحقِّه، والوقوف عند حدوده، فتلك اللحظة هي اللحظة التي من حقِّ ذلك الإنسان أن يأخُذ شهادة بتخرُّجه ناجحًا متميِّزًا من تلك المدرسة، وحين يَلتفت الإنسان إلى حياته كلها، فيجد ضَعفًا في نفسه أمام شعائر الله تعالى وحدوده؛ سواء كانت أوامرَ أو نواهيَ، فليَعلم يقينًا تلك اللحظة أنه من جملة الراسبين الذين لَم يكن لهم شرفُ النجاح في نهاية فصول هذه المدرسة. إنني لست متقوِّلاً على شرْع الله تعالى، لكنني لا أفهم سوى ذلك من قول نبي الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن لَم يدَع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدَع طعامه وشرابه))، والله المسؤول أن يتجاوَز وأن يغفرَ لكلِّ مُذنبٍ؛ إنه وَلِيُّ ذلك والقادر عليه.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |