|
فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة ) |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() التنافس الأمريكي الصيني في أمريكا اللاتينية (1-2) كتبه/ علاء بكر الأهمية الإستراتيجية لدول أمريكا اللاتينية: المراد بأمريكا اللاتينية: الدول الناطقة باللغة الإسبانية وباللغة البرتغالية في العالم الجديد (أي: في القارتين: قارة أمريكا الشمالية وقارة أمريكا الجنوبية)؛ مثل: المكسيك، ومعظم دول أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي. وترجع اللغة الإسبانية واللغة البرتغالية في الأصل إلى اللغة اللاتينية، وهي اللغة التي كانت مستخدمة في أوروبا في قديم الزمان، حيث يعود تاريخ استخدامها إلى أكثر من ألف عام. واشتق اسم (اللاتينية) من المجموعة القبلية الإيطاليقية التي سُمِّيت (لاتيني). وقد كوَّنت اللغات الإيطاليقية فصيلة في عائلة اللغات الهندوأوروبية، وتشمل اللغات الرومنسية والجرمانية والهيلينية، وعددًا من اللغات الأخرى المنقرضة. ولا تزال اللغة اللاتينية ذات أثر في أنحاء من العالم، ولكن لا يتم التحدث بها إلا في الفاتيكان، وهي وإن كانت تُعَدُّ لغة ميتة لكنها ليست منسية. وقد ظلَّت منطقة أمريكا اللاتينية (أمريكا الوسطى) لعدة عقود ساحة للمنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين الاتحاد السوفيتي السابق خلال فترة الحرب الباردة بين البلدين، لكن مع نهاية الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991م، تراجعت أهمية منطقة أمريكا اللاتينية وأصبحت تدريجيًّا على هامش أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية بعد أن تحوَّلَت الولايات المتحدة إلى القوة المهيمنة على العالم، وبعد أن تحوَّلَ الاهتمام الأمريكي تدريجيًّا إلى منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م. ولكن مع مطلع القرن الحادي والعشرين الميلادي، عادت منطقة أمريكا اللاتينية من جديد لتكون محط أنظار وتنافس القوى الدولية، خاصة أمريكا والصين. وتُعَدُّ أمريكا اللاتينية ذات أهمية إستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية لقربها الجغرافي منها؛ لذا فإن استقرار الولايات المتحدة وأمنها وتفوقها الاقتصادي مرتبط بأمن واستقرار هذه المنطقة. وتركز أمريكا على مكافحة الاتجار بالمخدرات في أمريكا اللاتينية، وعلى تقليل تدفُّق المهاجرين غير الشرعيين من تلك المنطقة إلى الولايات المتحدة، وقد خصَّصَت الإدارات الأمريكية المتعاقبة -خاصة الجمهورية منها- موارد مالية وعسكرية كبيرة لتحقيق أهدافها الإستراتيجية في تلك المنطقة؛ إذ تسعى الولايات المتحدة إلى أن تكون القوة المهيمنة في أمريكا اللاتينية للحفاظ على مصالحها في المنطقة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو الأمنية، ومكافحة النفوذ الصيني المتزايد، ومنع انتشار الإيديولوجيات المناهضة للولايات المتحدة الأمريكية. وللصين أيضًا أهدافها في منطقة أمريكا اللاتينية من خلال إقامة شراكات إستراتيجية مع دول المنطقة تدعم صعود الصين كقوة اقتصادية مؤثرة في النظام العالمي، والعمل كذلك على دفع دول منطقة أمريكا اللاتينية التي تعترف بتايوان إلى سحب اعترافها بها، إلى جانب التوسُّع في فرص التجارة البينية والاستثمارات؛ هذا بينما تحاول روسيا أيضًا الموازنة مع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة وتعزيز الحضور الروسي فيها. وفي ظل هذا التنافس من القوى الكبرى على النفوذ في أمريكا اللاتينية، تتفاقم التحديات الأمنية الإقليمية، ويساهم هذا التنافس في الصراعات بالوكالة وفي تزايد سباق التسلُّح، وفي زعزعة الاستقرار وتقويض جهود تعزيز السَّلِم والتنمية في المنطقة؛ مما يوجب على حكومات دول أمريكا اللاتينية أن تتعامل مع هذه المخاوف الأمنية من خلال التعاون الإقليمي لتعزيز مواقفها، ومن خلال المشاركة الإقليمية النشطة، بعيدًا عن الاختيار بين واشنطن وبكين. كما يمكنها الاستفادة من تشكيل علاقات مع القوى الكبرى تستفيد منها في زيادة الاستثمارات الأجنبية وتنويع شراكاتها الاقتصادية والسياسية. وبالتالي يتوقَّف مستقبل دول أمريكا اللاتينية على قدرتها على وضع المسار الذي يخدم مصالحها وتطلعاتها بعيدًا عن الخوض بعمق في مجال التنافس بين القوى الكبرى على المنطقة. وقد شهدت أمريكا اللاتينية في العقود الأخيرة تغيُّرات مهمة؛ منها: وصول بعض الحكومات الاشتراكية الوسطية التوجُّه نحو اليسار للحكم، والتي طبَّقَت سياسات إقليمية تنفصل بها عن السياسات الاقتصادية لواشنطن، مما أجبر الحكومات اليمينية القريبة من الولايات المتحدة الأمريكية على توحيد قواها للحفاظ على بقائها على الساحة السياسية هناك. وفي عام 2015، انتقلت بعض دول أمريكا اللاتينية من الحكومات اليسارية الموصوفة بالتقدمية إلى رئاسات يمينية متطرفة لها أجندات سياسية واقتصادية موافقة لواشنطن ومؤيدة لها، مما أحدث في المنطقة موجات من التذبذب نحو اليمين تارة ونحو اليسار تارة أخرى. هذا إلى جانب الصعود التدريجي للبرازيل وتزايد دورها الإقليمي والدولي. وقد صعد إلى الحكم في البرازيل الرئيس اليساري (لولا دا سيلفا)، كما صعد (هوجو تشافيز) لرئاسة فنزويلا وهو معروف بعدائه للولايات المتحدة الأمريكية، وفي كوبا كان من قبل (فيدل كاسترو)، وفي الإكوادور تولَّى الرئاسة (رافاييل كوريا)، بينما تولَّت اليسارية (ميشيل باتشيليت) منصب الرئاسة هناك كأول امرأة تصل لهذا المنصب في قارة أمريكا الجنوبية. ومثَّل هذا الصعود اليساري في أمريكا الجنوبية فرصة سانحة للتعاون فيما بين دول الجنوب والجنوب في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. ومما ينبغي الإشارة إليه أن دول أمريكا اللاتينية لها بعض الخصائص العامة في سياساتها الخارجية، يجب النظر إليها بعين الاعتبار، منها: عدم التجانس فيما بينها، فلا تُعَدُّ منطقة أمريكا اللاتينية جهة فاعلة متجانسة، إذ إن هناك ديناميكيات مختلفة تدفع كل بلد منها إلى سياسة تُسْنَد إلى احتياجاتها الخاصة واهتماماتها المحلية. وبالتالي فلا يمكن تحليل السياسة العامة لأمريكا اللاتينية كمنطقة واحدة متجانسة، وإن اشتركت الدول التي تتألَّف منها المنطقة في بعض المصالح والمشكلات. إن السياسات الخارجية لدول الحكومات في أمريكا اللاتينية تحدِّدها الحكومات الموجودة في السلطة، وبالتالي لا توجد سياسة واحدة واضحة ثابتة يمكن أن تجعل سياسة أحد دولها هي البديل المتماسك كفاعل دولي مؤثر، فدائمًا ما تحدِّد نخب تلك الدول المسار السياسي والاقتصادي والأمني الذي ستتَّخذه البلاد في فترة معينة مع أخذها في الاعتبار موارد تلك الدول الداخلية وتعاملاتها مع الشركات الكبرى التابعة للدول الكبرى التي قد تتحكَّم في توجهات بعض هذه الدول وسياساتها. وتشير الأحداث إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الفاعل الأكثر أهمية في أمريكا اللاتينية، وإن اختلفت نماذج دول المنطقة في التعامل معها، فهناك دول منها تلتزم بالمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة على المستوى العالمي والإقليمي؛ منها: المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبيرو، ومنها دول تعمل على تكييف أوضاعها مع الولايات المتحدة في المحافل الدولية لتبدو في انسجام مع واشنطن، من هذا النموذج بنما وكوستاريكا وبيرو. وهناك نموذج يتبنَّى العزلة عن باقي البيئة الإقليمية بدعم من الولايات المتحدة بصورة سرية، ومن أمثلتها باراجواي، وهناك نموذج التحدِّي للولايات المتحدة الأمريكية ويمثِّله رمزيًّا كوبا وفنزويلا. وفي الوقت نفسه، تتمتَّع دول أمريكا اللاتينية ببعض الملامح المشتركة التي يمكن أن تسمح لها أن تلعب دورًا مؤثرًا على الساحة العالمية؛ منها: - التنوُّع الثقافي والاجتماعي؛ مما يسهم في تعزيز تبادل الثقافات والتأثير الناعم من خلال الجوانب المشتركة بينها وبين دول العالم. - التمتُّع بالموارد الطبيعية المهمة مثل البترول والغاز والمعادن النفيسة والمنتجات الزراعية، والتي تمنحها قوة اقتصادية كبيرة وتجعلها شريكًا مهمًّا في السوق العالمية، وتعزِّز من مكانتها على الساحة الدولية. - وجود تقدُّم ملحوظ في مجال التكنولوجيا، خاصة في مجال المعلومات والاتصالات، والتي تفتح بالتالي آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي. - تمتُّع العديد من دول أمريكا اللاتينية بنمو اقتصادي ملحوظ في العقود الأخيرة، مما يجعلها وجهة جذابة للاستثمارات الأجنبية. - السعي لتعزيز التكامل الإقليمي من خلال تأسيس عدة منظمات إقليمية، مثل اتحاد دول أمريكا الجنوبية، وسوق أمريكا المشتركة، مما يقوِّي من قوتها التفاوضية على المستوى الدولي. - تمتُّع دول أمريكا اللاتينية بعلاقات دبلوماسية قوية مع الكثير من دول العالم، مما يقوِّي من قدرتها على التأثير في القرارات الدولية. وفي المقابل: تتعرَّض العديد من دول أمريكا اللاتينية لبعض المعوقات والتحديات تؤثِّر سلبًا على قدراتها على التأثير في الساحة الدولية؛ منها: - الفقر والتفاوت الاجتماعي: مما يقلِّل من الاستقرار السياسي والاقتصادي. - التحديات البيئية؛ مثل: تغيُّر المناخ وتلوُّث المياه والهدْم غير المشروع للغابات واستنزاف الموارد الطبيعية، مما يؤثِّر على الاستدامة البيئية. - انتشار الجريمة المنظَّمة والعنف في بعض دول المنطقة، مما يعرِّضها لتحديات أمنية خطيرة تتعلَّق بأخطار الجريمة المنظَّمة وبانتشار العنف، مما يقلِّل من الاستقرار السياسي والاقتصادي فيها. وتعاني دول أمريكا الجنوبية منذ عهد الاستعمار الأوروبي من فقدان العوامل التي يمكن بها تعزيز التعاون فيما بينها وبناء الاقتصاد الحقيقي وتوفير الحد الأدنى من المصالح المشتركة وتحقيق التكامل المطلوب. فالتوجهات الثقافية والسياسية والاقتصادية لنخب أمريكا اللاتينية تميل نحو الجهات الموجودة خارج المنطقة (أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية) أكثر من اتجاهها نحو جيرانها، فدول أمريكا اللاتينية على الرغم من التطلُّع للوحدة فيما بينها لا يعرف بعضها بعضًا إلا في القليل، بما لا يسمح ببناء علاقات ثقة فيما بينها، إلى جانب أن التجارة البينية بين دول المنطقة لم تتجاوز 20% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي؛ بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية للنقل والاتصالات، مما يجعل تكلفة التعاملات فيما بينها مرتفعة ومكلِّفة للغاية. ويزيد من صعوبة الأمر النظرة السائدة لمفهوم السيادة الذي يتسبَّب في تواجد النفور من المؤسسات غير الوطنية، فالتنازل عن السيادة الوطنية لمؤسسة فوق وطنية تُعَدُّ هناك خسارة سيادية. وقبل ذلك وبعده، فهناك افتقاد الدعم من الولايات المتحدة لعملية التكامل بين دول أمريكا اللاتينية، لكن يمكن القول بأن هناك بعض الاتجاهات الإيجابية في علاقات دول أمريكا اللاتينية فيما بينها، منها: التقارب الثنائي والثقة المتبادلة بين الأرجنتين والبرازيل، ورغم وجود بعض التوترات والتنافسات التقليدية بين البلدين، لكنها قابلة للتفتُّت. ومنها تزايد العلاقات بين المجتمعات الأهلية الفاعلة في أمريكا اللاتينية في المجالات غير الحكومية والرسمية في السنوات الأخيرة. ومنها بدء بعض الشركات الكبرى في بعض دول أمريكا اللاتينية، كشيلي والبرازيل والمكسيك، في الاستثمار في دول أخرى بالمنطقة، مما يعزِّز من ترابطها الاقتصادي، خاصة في المشروعات المتعلقة بمبادرة تكامل البنية التحتية الإقليمية لأمريكا الجنوبية. وفي المقابل: تُعَدُّ الخلافات السياسية التي شهدتها الأعوام الأخيرة بين دول المنطقة المتجاورة أيضًا من الأمور السلبية، ومنها الخلافات بين الأرجنتين وأوروجواي، وكولومبيا وفنزويلا، وشيلي وبيرو. ويبقى بعد كل ذلك افتقار المنطقة للدولة التي تتولَّى دفع تكاليف القيادة للمنطقة، فالدولة التي يمكن أن تكون مرشَّحة للقيام بدور قيادي ومؤثِّر بشكل كبير في أمريكا اللاتينية لا بد أن تتوفَّر فيها العديد من العوامل؛ منها: أن يكون لها حجمًا اقتصاديًّا كبيرًا ومتنوِّعًا، يجعل لها القدرة على التأثير في الساحة العالمية، كما ينبغي أن تكون لديها جيش قوي قادر على حماية مصالحها في الخارج، ولها علاقات سياسية قوية تجعل لها قدرة على التأثير في القرارات الدولية، على أن تمتلك إلى جانب ذلك قاعدة تكنولوجية قوية، وثقافة غنية ومتنوِّعة تجعلها قادرة على جذب السياح والاستثمارات الأجنبية. وتُعَدُّ البرازيل الأقرب لتولِّي هذا الدور من خلال سياستها الخارجية في أمريكا اللاتينية، ولنشاطها الدولي الملحوظ، حيث تُعَدُّ جهة فاعلة دولية واقعية وموثوق بها، ولها أدوارها في العديد من عمليات التعاون الإقليمي والدولي. وقد لعبت البرازيل دورًا رائدًا في التعاون الإقليمي في القضايا الأمنية بالمنطقة، ومنها دورها في تشكيل قوة حفظ السَّلِم التابعة للأمم المتحدة في هايتي وأماكن أخرى، كما شاركت البرازيل كوسيط في الأزمات السياسية في كولومبيا وفنزويلا وبوليفيا. وتُعَدُّ البرازيل أكبر دولة في أمريكا اللاتينية والخامسة في العالم من حيث المساحة والسكان. وتأتي المكسيك بعد البرازيل كدولة يمكن أن تعمل كمحرِّك للتكامل في المنطقة، حيث تنتمي المكسيك ثقافيًّا إلى أمريكا اللاتينية، رغم كونها جغرافيًّا تنتمي إلى قارة أمريكا الشمالية، وتُعَدُّ المكسيك ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، ولها علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتركَّز تجارتها بنسبة 90% مع الولايات المتحدة. هذا ولم تتمكَّن المكسيك من تطوير سياساتها طويلة الأمد في المنطقة. ثم تأتي فنزويلا في المرتبة الثالثة، حيث أطلقت في السنوات الأخيرة أكثر المبادرات التكاملية، كما أن لها قوتها البترولية، حيث تمتلك احتياطيًّا من النفط يُعَدُّ من أكبر احتياطات النفط في العالم، إلى جانب أن لديها مشروعًا سياسيًّا ثوريًّا، أما الأرجنتين، فتُعَدُّ ثالث أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، ولديها قاعدة صناعية قوية. كما تتمتَّع شيلي باقتصاد قوي ومستقر، ولديها مستوى عالٍ من التعليم، بينما تتمتَّع كولومبيا باقتصاد سريع النمو، إلى جانب موقعها الإستراتيجي على ساحل الكاريبي. أما الإكوادور، فتتمتَّع بتنوُّع ثقافي غني، كما أن لديها موقعها الإستراتيجي على ساحل المحيط الهادي. بينما تتمتَّع بيرو كذلك باقتصاد سريع النمو، ولديها كذلك احتياطات كبيرة من الموارد الطبيعية. وإجمالًا: لو تمكَّنت دول أمريكا اللاتينية من معالجة التحديات التي تواجهها وحقَّقَت التكامل فيما بينها، فسيكون لها قطعًا دور مؤثِّر على الساحة العالمية في المستقبل. علاقة العالم العربي بأمريكا اللاتينية: يوجد أكثر من 20 مليونًا من مواطني أمريكا اللاتينية منحدرين من أصول عربية، حيث يتركَّز أكثر من 12 مليونًا منهم في البرازيل وحدها، أغلبهم من اللبنانيين وبعض السوريين والفلسطينيين، بينما يوجد نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون في الأرجنتين، معظمهم أيضًا من السوريين وبعض اللبنانيين والفلسطينيين، ويوجد في شيلي نحو مليون عربي، بينما يوجد في المكسيك نحو نصف مليون عربي، معظمهم من اللبنانيين، وفي فنزويلا يوجد نحو مليون شخص من أصول سورية ولبنانية، بينما يوجد في كولومبيا نحو 250 ألفًا، بينما يتوزَّع نحو مليون آخر بين بنما وأوروجواي وهندوراس. وقد ظهرت من بين هذه الأعداد الكبيرة قيادات مالية واقتصادية وسياسية لها شأنها في تلك الدول، انخرطت واندمجت بشكل كبير ومؤثِّر في مجتمعاتها، سواء من الجيل الأول منهم مرورًا بالجيلين الثاني والثالث بعدهم. وبوجه عام، كانت وما زالت توجد علاقات دبلوماسية تربط بين دول العالم العربي ودول أمريكا اللاتينية من خلال التمثيل الدبلوماسي المتبادل بين عدد كبير من دول المنطقتين، مع وجود المصالح الاقتصادية التي ربطت بين تلك الدول بعضها ببعض في إطار من العلاقات الثنائية. وقد شهدت العلاقات بين العالم العربي ودول أمريكا اللاتينية نقلة نوعية من خلال الشراكة عبر (فوق) الإقليمية التي نشأت تلبية لدعوة الرئيس البرازيلي (لولا دا سيلفا) لعقد القمة الأولى للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، التي استضافتها البرازيل عام 2005، وتوالت بعد ذلك عقد القمم (العربية-الأمريكية الجنوبية) بالتبادل بين المنطقتين، فكانت في الدوحة عام 2009، وفي ليما عام 2012، وفي الرياض عام 2015. وقد أكَّد إطار التعاون المتمثِّل في القمة (العربية-الأمريكية الجنوبية) رغبة قادة الدول المشاركة في تعميق الحوار السياسي وتكثيف التجارة وتعزيز الحوار وتوسيع مجالات التعاون. وتُعَدُّ منطقة أمريكا اللاتينية ساحة دبلوماسية لها ثقلها في دعم القضايا العربية، خاصة في المنظمات والمحافل الدولية، وفي مقدمتها: القضية الفلسطينية؛ كما تدعم أيضًا الدول العربية قضايا ومواقف دول أمريكا الجنوبية. وقد تحسَّنت في السنوات الأخيرة نسب التجارة البينية بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، فقبل انعقاد القمة (العربية-الأمريكية الجنوبية)، كانت نسب التجارة البينية بين المنطقتين متواضعة للغاية، إذ كانت تتراوح بين 1% و3% من إجمالي الناتج المحلي، وحاليًا تحسَّن الوضع كثيرًا، إذ تشير التقديرات إلى أن نسب التجارة البينية بين المنطقتين زادت إلى نحو ما يقرب من 17%، معظمها من الاحتياجات الغذائية والمواد الخام وبعض المنتجات الصناعية، مما يشير إلى تزايد عمليات التبادل خلال العشرين عامًا الأخيرة. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; يوم أمس الساعة 10:15 AM. |
#2
|
||||
|
||||
![]() التنافس الأمريكي الصيني في أمريكا اللاتينية (2-2) كتبه/ علاء بكر فتُعَدُّ الصين حاليًّا ثاني أكبر شريك تجاري مع دول أمريكا اللاتينية بعد الولايات المتحدة؛ حيث نجحت الصين في توثيق علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع هذه الدول، وأصبحت مصدرًا رئيسيًّا للإقراض وتنفيذ المشروعات وللاستثمار الأجنبي المباشر في مجالات الطاقة والبنية التحتية، كما قامت أيضًا بتعزيز علاقاتها العسكرية مع عدد من دول أمريكا اللاتينية، في مقدمتها: فنزويلا. وقد قام الرئيس الصيني السابق (زيمين) في عام 2001 بجولة تاريخية في أمريكا اللاتينية دامت 13 يومًا، أبرم خلالها العشرات من اتفاقيات التبادل السياسية والاقتصادية رفيعة المستوى مع دول المنطقة، ثم قام بعدها الرئيس الصيني (شي جين بينج) أيضًا بزيارة المنطقة مرات كثيرة منذ تولِّيه منصبه عام 2013، وقَّع خلالها العديد من الاتفاقيات الثنائية والشراكات الإستراتيجية الشاملة. وقد أثار هذا النفوذ المتزايد للصين في المنطقة مخاوف الولايات المتحدة، حيث تُعَدُّ أمريكا اللاتينية بمثابة الفناء الخلفي والامتداد الإستراتيجي للولايات المتحدة. ويمكن تقسيم التطوُّر في العلاقات بين الصين ودول أمريكا اللاتينية إلى أربع مراحل: الأولى: كانت فيها اعتراف معظم دول أمريكا اللاتينية بحكومة (ماو تسي تونج) الصينية في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي (نيكسون) للصين في عام 1972. الثانية: كانت فيها بداية الانفتاح الصيني على المنطقة في أواخر التسعينيات حتى عام 2013. الثالثة: التي تم فيها تكثيف العلاقات الاقتصادية بين الصين ودول المنطقة بشكل إستراتيجي. الرابعة: التي شهدت تسخير الصين لمواردها وقدراتها التصنيعية خلال أزمة جائحة كورونا لتقديم الأدوات والمعونة الطبية والوقائية لدول العالم، ومنها: دول أمريكا اللاتينية؛ مما ساهم في تعزيز صورة الصين في المنطقة. وتتمثَّل دوافع الصين لتقوية وتعزيز علاقاتها بدول أمريكا اللاتينية في عدة أمور، منها: تحقيق الأمن في مجال الطاقة: فاستهلاك الصين من البترول يتضاعف، بينما إنتاجها من البترول لا يكفي، وقد ارتفع استهلاك الصين من البترول من 4.7 مليون برميل يوميًّا عام 2000 إلى 10.8 مليون برميل يوميًّا عام 2015. ومن المتوقَّع تزايد واردات الصين من البترول ليصل في عام 2040 إلى نحو 70% من الاستهلاك الصيني للبترول. وتمتلك أمريكا اللاتينية ثاني أكبر احتياطي للبترول في العالم بعد الشرق الأوسط، مما يمثِّل حافزًا للصين لتعزيز علاقاتها مع دول المنطقة. وتُعَدُّ البرازيل أكبر مصدِّر للبترول الخام في المنطقة، حيث تشكِّل صادرات البرازيل من البترول إلى الصين ما يقرب من 47% من إجمالي صادراتها لعام 2021. الحصول على المواد الخام والمعادن: حيث تسعى الصين إلى الحصول بانتظام على المواد الأولية والمعادن للحفاظ على تزايد نموها الاقتصادي، حيث تستهلك الصين نحو نصف الإنتاج السنوي في العالم من المعادن اللازمة للصناعة، مما يستدعي وجود سلسلة دائمة من الواردات من هذه المعادن الصناعية، وتزخر دول أمريكا اللاتينية بالكثير من المعادن الثمينة مثل النحاس والذهب والفضة والنيكل والكوبالت والحديد والنيوبيوم والألمنيوم والزنك والرصاص والقصدير والليثيوم والكروم وغيرها. ففي سلسلة (جبال الأنديز) الواقعة في قارة أمريكا الجنوبية، توجد احتياطات هائلة من النحاس تشكِّل نحو 35% من الاحتياطات العالمية. وتُعَدُّ شيلي أكبر منتج للنحاس في العالم، بينما تُعَدُّ البرازيل أكبر منتج للنيوبيوم في العالم وثاني أكبر منتج للحديد، وهي الثالثة عالميًّا في إنتاج التنتالوم، بينما تُعَدُّ المكسيك أكبر منتج للفضة، وتُعَدُّ بوليفيا من الدول الرائدة في إنتاج القصدير. تحجيم علاقة تايوان بدول أمريكا اللاتينية: تسعى الصين دائمًا في علاقاتها الخارجية إلى حشد الدعم لسياسة (الصين الواحدة)، وعدم الاعتراف بتايوان كدولة مستقلة، وهو ما يظهر جليًّا من خلال التغلغل الاقتصادي والسياسي للصين في أمريكا اللاتينية. فمنذ عام 2016، قامت خمس دول من أمريكا اللاتينية بتحويل اعترافها من تايوان إلى الصين، ولم يعد لتايوان علاقات دبلوماسية مستقرة إلا مع سبع دول فقط من أمريكا اللاتينية، منها خمس من صغار الدول. تقوية وضع الصين في منطقة (الإندوباسيفيك): تُعَدُّ منطقة (الإندوباسيفيك) بمثابة الفناء الخلفي والامتداد الإستراتيجي للصين، وبالتالي أحد أهم ساحات الصراع بينها وبين الولايات المتحدة، كما تُعَدُّ منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي الامتداد الإستراتيجي للولايات المتحدة، كما أن بمنطقة أمريكا اللاتينية توجد (قناة بنما)، التي تُعَدُّ إحدى نقاط العبور الحيوية للتجارة الأمريكية والعالمية. وعلى هذا، تتنافس وتتصارع كل من الدولتين -الولايات المتحدة والصين- على مد النفوذ إلى كلتا المنطقتين والامتدادين ومواجهة نفوذ الآخر فيهما. ومن أهم آليات الصين لتعزيز علاقاتها بأمريكا اللاتينية: تقديم القروض الحكومية: فللانخراط الاقتصادي في دول أمريكا اللاتينية، تبنَّت الصين تقديم القروض الحكومية لدول المنطقة، حيث احتلَّت تلك المنطقة المرتبة الثانية بعد القروض المقدَّمة من الصين للدول الآسيوية، حيث بلغت القروض للمنطقة خلال الفترة من 2008 إلى 2021 نسبة 26% من القروض الصينية الخارجية. وقد بلغت تلك القروض للمنطقة ذروتها في الفترة ما بين عامي 2007 إلى 2016، حيث بلغ متوسط الإقراض فيها أكثر من 10 مليارات سنويًّا. ومنذ 2016، بدأت تتضاءل نسبة القروض الحكومية الصينية لحساب التوسُّع في تمويل الصين لأنشطة القطاع الخاص في المنطقة. التوسُّع في ضخ الاستثمارات الصينية: فبينما كان الإقراض الحكومي الصيني ينخفض، كان الاستثمار الصيني في أمريكا اللاتينية يتزايد باضطراد، فبعد أن كانت نسبة الاستثمارات عام 2000 نحو 0.1% فقط، فقد بلغت نحو 8.5% بحلول عام 2021. فبينما بلغت الاستثمارات الصينية 8.4 مليار دولار في الاتحاد الأوروبي وبلغت 4.7 مليار في الولايات المتحدة في عام 2022، فقد سجَّلت الاستثمارات الصينية في دول أمريكا اللاتينية ما يتراوح ما بين 7 إلى 10 مليارات دولار، أي أن الاستثمارات الصينية في دول أمريكا اللاتينية أكبر من استثماراتها في الاتحاد الأوروبي وفي الولايات المتحدة، مما يعكس أهمية تلك المنطقة بالنسبة للصين. ويشكِّل قطاع البترول والغاز ما يقرب من 30% من حجم تلك الاستثمارات الصينية في المنطقة، إلى جانب قطاع الطاقة المتجددة والمشروعات المتعلقة بالليثيوم وكذلك قطاع التعدين وقطاع البنية التحتية والسكك الحديدية. ويرجع خفض الصين للقروض الخارجية لدول أمريكا اللاتينية وزيادة الاستثمارات الصينية الخارجية فيها لعدة أسباب، منها: - حاجة الصين في بداية الأمر إلى أن تتغلغل لتكوين شبكة علاقات ومشروعات ضخمة لترسيخ وجودها في أمريكا اللاتينية. - التخوُّف من إثقال دول المنطقة بالديون، ومنعًا من تعزيز ادعاءات الغرب أن الصين تقوم بإغراق الاقتصاديات الناشئة بالديون. - التحوُّل من نمط القروض الحكومية إلى نمط التمويل الاستثماري يُعَدُّ أقل تكلفة وأكثر ربحًا. زيادة معدلات التبادل التجاري: حدثت طفرات على صعيد الصادرات الصينية لأمريكا اللاتينية حتى أصبحت الصين حاليًّا الشريك التجاري الثاني لأمريكا اللاتينية. ففي عام 2000، كانت الصادرات الصينية إلى أمريكا اللاتينية أقل من 2%، ومع النمو الاقتصادي السريع للصين مدعومًا بزيادة الطلب على السلع الصينية، نمت التجارة بين الصين والمنطقة بمعدل سنوي متوسط قدره 31% لتصل إلى 180 مليار دولار في عام 2010، وبحلول عام 2021، بلغ إجمالي التبادل التجاري رقمًا قياسيًّا قدره 450 مليار دولار، وظل الأمر دون تغيير كبير عام 2022. وتتمثَّل صادرات أمريكا اللاتينية إلى الصين في فول الصويا والنحاس والبترول والمواد الخام التي تحتاجها الصين في دفع التنمية الصناعية فيها، وفي المقابل، تستورد أمريكا اللاتينية من الصين منتجات صينية مصنَّعة ذات قيمة مضافة أعلى. وقد صدرت دول أمريكا اللاتينية بضائع بقيمة تقدَّر بنحو 184 مليار دولار أمريكي إلى الصين واستوردت بضائع بنحو 265 مليار دولار عام 2022. وقد قامت السلفادور بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تايوان، مما يُعَدُّ انتصارًا اقتصاديًّا وسياسيًّا للصين. كما سعت الصين إلى تعزيز وضع اليوان (عملة الصين) ضمن سلة العملات العالمية، وفي هذا الإطار، توصلت البرازيل والصين إلى الاتفاق على تسوية كافة المدفوعات التجارية بينهما باليوان الصيني. تعزيز التعاون الأمني والدفاعي: سعت الصين بقوة إلى تعزيز علاقاتها العسكرية مع دول أمريكا اللاتينية من خلال تقديم دورات تدريبية وبرامج لبناء القدرات العسكرية في المنطقة، وتصدير الأسلحة إليها، وفي مقدمة تلك الدول فنزويلا والأرجنتين والإكوادور. وقد أجرى كبار قادة الجيش الصيني عشرات الزيارات إلى المنطقة للقاء نظرائهم في المنطقة. وتُعَدُّ فنزويلا أكبر مشترٍ للمعدات العسكرية الصينية في أمريكا اللاتينية، خاصة عقب حظر الحكومة الأمريكية جميع مبيعات السلاح لفنزويلا ابتداءً من عام 2006. وقد صدرت الصين ما قيمته 629 مليون دولار من الأسلحة إلى فنزويلا بين عامي 2006 و2022، كما اشترت الأرجنتين وبوليفيا والإكوادور وبيرو طائرات عسكرية صينية ومركبات أرضية ورادارات دفاع جوي بملايين الدولارات من الصين. بينما سعت كوبا إلى تعزيز علاقاتها العسكرية مع الصين، حيث استضافت مسؤولين رفيعي المستوى من الجيش الصيني في عدة زيارات لمواني كوبا. ومن المتوقَّع مستقبلًا استمرار وتنامي العلاقة بين الصين وبين دول أمريكا اللاتينية، خاصة مع تزايد سياسة تضييق الخناق وفرض القيود على الاستثمارات الصينية من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لاسيما مع البرازيل بعد عودة (لولا دا سيلفا) للحكم، وكذلك في ظل وجود قادة من تيار يسار الوسط على رأس أنظمة سياسية في أمريكا اللاتينية، مما يدعم أن تصبح منطقة أمريكا اللاتينية المرشَّح الأول لاستقبال الاستثمارات الصينية التي كانت موجَّهة للسوقين الأمريكي والأوروبي. ويُعَدُّ استمرار وتنامي تلك العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين الصين ودول أمريكا اللاتينية متوقِّفًا على أمرين: الأول: قدرة الطرفين على تطوير أسس متوازنة للعلاقات الاقتصادية بينهما، خاصة مع تعالي الأصوات داخل دول أمريكا اللاتينية التي تنادي بأن إغراق الصين للمنطقة بالبضائع الرخيصة يؤثِّر سلبًا على القاعدة الصناعية في المنطقة. الثاني: قدرة دول أمريكا اللاتينية على تعظيم الاستفادة من التعاون الاقتصادي مع الصين والولايات المتحدة دون الدخول في المنافسة والصراع بينهما أو تأييد طرف على حساب الطرف الآخر. التواجد الروسي في أمريكا اللاتينية: تسعى روسيا بقوة إلى انتهاج سياسة خارجية نشطة لتوسيع نفوذها في العالم في مواجهة العزلة السياسية والاقتصادية التي تحاول الولايات المتحدة وأوروبا الغربية فرضها عليها، خاصة بعد عملياتها العسكرية في أوكرانيا. لذا، تعمل روسيا على تعزيز وجودها في أمريكا اللاتينية، وقد نجحت في ذلك نسبيًّا، فعلى الرغم من أن معظم دول أمريكا اللاتينية أدانت روسيا في حربها مع أوكرانيا، لكن معظم هذه الدول لم تتبع الولايات المتحدة والدول الغربية في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا. ولروسيا علاقاتها مع الأنظمة اليسارية في كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا، ولها تعاون اقتصادي على نطاق واسع مع البرازيل والأرجنتين، وكلتاهما أصبحتا تعتمدان على الأسمدة الروسية اللازمة لقطاعاتهما الزراعية ذات الأهمية الاقتصادية، كما وسَّعت روسيا تدريجيًّا من علاقاتها التجارية مع دول أخرى في أمريكا اللاتينية، وتنشط الشركات الروسية في مجال الغاز والبترول وفي قطاع المعادن الحيوي. ويضع تنافس الولايات المتحدة والغرب مع الصين وروسيا في أمريكا اللاتينية دول المنطقة في موقف صعب. وقد زادت التجارة الثنائية بين روسيا ودول أمريكا اللاتينية بنسبة 21.5% خلال الفترة من 2011 إلى 2021، مع تحقيق روسيا لفائض تجاري بلغ 3.7 مليار دولار أمريكي. ويرجع هذا التحسُّن في حجم التبادل التجاري بين الطرفين إلى زيادة التجارة بينهما في المنتجات البترولية والآلات والمنتجات الزراعية والأسمدة. وتُعَدُّ الاستثمارات الروسية المباشرة في أمريكا اللاتينية منخفضة مقارنة بالولايات المتحدة والصين. وتأتي بيرو والبرازيل والإكوادور وكولومبيا في مقدمة دول المنطقة في الاستثمارات الروسية، وتتركَّز معظم هذه الاستثمارات في قطاعات الاستخراج مثل المعادن والبترول والغاز. ولروسيا أيضًا تعاون مع دول أمريكا اللاتينية في مجال الطاقة النووية السلمية من خلال اتفاقيات مع البرازيل وباراجواي وجمهورية الدومينيكان وكوبا وتشيلي لتعزيز ذلك التعاون؛ هذا إلى جانب استثمارات في السيارات وتكنولوجيا المعلومات والفضاء في بيرو وجامايكا وجيانا، إلى جانب التوسُّع التدريجي في الاستثمارات في مجال الصناعة الكيميائية وفي قطاع الاتصالات. وقد مُنِيت روسيا بانتكاسة في علاقاتها السياسية في أمريكا اللاتينية في أعقاب فوز (خافيير ميلي) الليبرالي المتطرف برئاسة الأرجنتين في نوفمبر 2023، والذي أعلن عدم انضمام بلاده إلى تجمُّع (بريكس) بقيادة روسيا، وفي المقابل، يسعى إلى تعميق علاقة الأرجنتين مع الولايات المتحدة. ولكن، في المقابل، جاءت عودة الرئيس (لولا دا سيلفا) إلى الحكم في البرازيل في أكتوبر 2022، مع تولِّي حكومات يسارية الحكم والسلطة في كل من بوليفيا وكولومبيا وتشيلي وبيرو لتعزِّز من وضع روسيا السياسي في مواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة. وقد سعت روسيا لتعزيز حضورها الدبلوماسي والسياسي في أمريكا اللاتينية من خلال تكثيف علاقاتها الدبلوماسية الثنائية وتبادل الزيارات رفيعة المستوى، فالحفاظ على العلاقات الودية مع دول المنطقة تُعَدُّ وسيلة روسيا الفعَّالة لاكتساب العمق الإستراتيجي المطلوب في المنطقة. وعلى صعيد التعاون الأمني والاستخباراتي: تُعَدُّ أمريكا اللاتينية أرضًا مألوفة بالنسبة لوكالات الاستخبارات الروسية. ويوجد في المكسيك أكبر عدد من ضباط المخابرات الروسية المتمركزين خارج روسيا؛ لذا تُعَدُّ المكسيك بمنزلة نقطة عبور للمخابرات الروسية، فهناك العديد من نشطاء العملاء الروس يعملون في أوروبا باستخدام جوازات سفر من دول أمريكا اللاتينية. وفي مجال التعاون العسكري مع دول المنطقة: فقد شهد العقدان الأخيران حضورًا روسيًّا متزايدًا تمثَّل في بيع روسيا لأنظمة صاروخية متقدِّمة مضادة للطائرات لدول في المنطقة، وأيضًا المساهمة في تقديم برامج تدريب عسكري للضباط في أمريكا اللاتينية. وقد نشرت روسيا أسطولًا من أربع سفن حربية في فنزويلا عام 2008 بقيادة طرَّاد يعمل بالطاقة النووية. ويُعَدُّ الاحتفاظ بتواجد عسكري روسي في تلك المنطقة ذا مغزى أمام التحديات الدولية والمنافسات التي تواجهها روسيا. ومع ذلك كله، فإن المصالح الروسية في أمريكا اللاتينية تُعَدُّ مصالح سياسية في الأساس بغرض منافسة النفوذ الأمريكي، إذ لا تملك روسيا الموارد والقدرات اللازمة لكي تصبح شريكًا اقتصاديًّا رئيسيًّا أو منافسًا قويًّا في المنطقة قادرًا على منافسة الاستثمارات الأمريكية. ومن مجالات التعاون بين روسيا وأمريكا اللاتينية مجال التبادل الطلابي، فهناك زيادة مطَّردة في أعداد طلاب أمريكا اللاتينية الذين يدرسون في روسيا من خلال المنح الروسية. التحرُّك الأمريكي في مواجهة النفوذ الصيني: تُعَدُّ أمريكا اللاتينية بمثابة الفناء الخلفي والامتداد الإستراتيجي للولايات المتحدة؛ لذا فإن استقرار الولايات المتحدة وأمنها يتأثَّر ويرتبط باستقرار وأمن تلك المنطقة. لذا، تبنَّت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على مدى عقود مبدأ (مونرو) الذي أعلنه الرئيس الأمريكي (جيمس مونرو) عام 1823، ويقوم على رفض أي تدخُّل أجنبي في دول الجوار في أمريكا اللاتينية، وهو المبدأ الذي تستند إليه الولايات المتحدة للتدخُّل في الشؤون الداخلية لدول أمريكا اللاتينية، رغم أنه مما يثير غضب حكومات وشعوب في تلك المنطقة. وقد سعت إدارة الرئيس السابق (بايدن) وكذلك الرئيس الحالي (ترامب)، سواء في فترة رئاسته الأولى أو في فترته الثانية الحالية، إلى إعادة تفعيل العمل بمبدأ (مونرو) في مواجهة النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة المناوئ للهيمنة الأمريكية عالميًّا. من سمات سياسة إدارة بايدن تجاه أمريكا اللاتينية: نظرًا لأن (بايدن) يمتلك خبرة واسعة بأمريكا اللاتينية؛ إذ إنه كان من الساسة الأمريكيين الذين شاركوا في المفاوضات المرتبطة بمعاهدة (قناة بنما) عام 1978، والتي منحت بنما السيادة الكاملة على القناة والأراضي المجاورة لها، كما قاد بايدن خلال تولِّيه منصب نائب الرئيس الأمريكي (أوباما) الحوار الاقتصادي للإدارة الأمريكية مع المكسيك والمناقشات الأخرى حول عدد من القضايا الأمنية، وفي مقدمتها قضية الهجرة غير المشروعة؛ لذا اتَّخذ الرئيس بايدن خلال فترة حكمه للولايات المتحدة إجراءات تنم عن توجهه السياسي، ومنها: تبنِّي الشعارات التي قادتها الإدارات الأمريكية السابقة، مثل نشر الديمقراطية وتعزيز مبادئها ومكافحة الفساد والتعاون من أجل حل المشكلات والقضايا العالقة بصورة جماعية. هذا مع غض الطرف عن بعض الملفات العالقة، كالهجرة غير الشرعية. تعيين عدد من المسؤولين ممن يمتلكون خبرة دبلوماسية واسعة في أمريكا اللاتينية، كما قام بتعيين عدد من الدبلوماسيين والسفراء الجدد ببعض السفارات والقنصليات الأمريكية بدول المنطقة، والتي ظلَّت فارغة غير مشغولة طوال فترة حكم إدارة ترامب الأولى. عقد (قمة الأمريكتين) في عام 2022، التي ضمَّت حلفاء الولايات المتحدة في أمريكا الشمالية والجنوبية، مع استبعاد كلٍّ من فنزويلا وكوبا ونيكاراجوا من المشاركة في القمة. إفساح المجال أمام عدد من دول أمريكا اللاتينية المجاورة لتعزيز روابطها وشراكاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة في ظل تقليل حجم التجارة الثنائية بين أمريكا والصين خلال الحرب التجارية والتكنولوجية التي شنَّها الرئيس ترامب خلال فترة حكمه الأولى، مما ترتَّب عليه تصدُّر المكسيك في عام 2023 قائمة الشركاء التجاريين للولايات المتحدة متجاوزة الصين، بينما احتلَّت كندا المرتبة الثانية، بينما تراجعت الصين إلى المركز الثالث. تبنِّي سياسة مغايرة لسياسة ترامب في فترة حكمه الأولى تجاه المهاجرين غير الشرعيين بغرض التقليل من الضرر الناجم عن سياسة منع الهجرة التي اتَّخذها ترامب قبله، مع إعادة تفعيل العديد من برامج المساعدات لأمريكا الوسطى وتشجيع الشركات المتعددة الجنسيات على الاستثمار في دول أمريكا اللاتينية لتوفير فرص عمل فيها، مما يحدُّ من الهجرة للعمل في أمريكا. في مواجهة أزمة الجريمة المنظَّمة العابرة للحدود، والتي تُعَدُّ أحد أبرز التحديات الأمنية القادمة للولايات المتحدة من دول أمريكا اللاتينية، حيث تُعَدُّ دولها من أهم مراكز الجريمة المنظَّمة، خاصة في مجالات تهريب المخدرات ونقل السلاح والاتجار في البشر، عملت إدارة بايدن على تحسين العلاقات مع المكسيك، التي كانت قد تراجعت وتدهورت كثيرًا خلال فترة حكم ترامب الأولى، في محاولة من الطرفين لتعزيز إجراءات مكافحة تجارة المخدرات ومكافحة الجريمة المنظَّمة. اتِّخاذ إجراءات أكثر تقدُّمًا في مجال مكافحة الفساد في أمريكا الوسطى، منها تشكيل فرقة عمل لمكافحة الفساد في السلفادور وجواتيمالا وهندوراس في يونيو 2021، ومعاقبة العديد من الجهات المتورِّطة في قضايا فساد كبرى في هذه الدول. ولمواجهة تعزيز الصين وروسيا لشراكتهما التجارية مع دول أمريكا اللاتينية، حيث انضمت 20 دولة من دول أمريكا اللاتينية إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، واحتلال الصين خلال العقدين الأخيرين المرتبة الثانية كشريك تجاري لدول أمريكا اللاتينية بعد الولايات المتحدة، تبنَّت إدارة بايدن بعض الإجراءات الدفاعية لمجابهة النفوذ الصيني والروسي في المنطقة، ومنها: إعلان بايدن عن (مبادرة شراكة الأمريكتين) لقادة الرخاء الاقتصادي خلال انعقاد أعمال قمة الأمريكتين في نسختها التاسعة بمدينة لوس أنجلوس في يونيو 2022، وقد عُقِدت القمة الأولى لهذه الشراكة في الولايات المتحدة في نوفمبر 2023، والإعلان عن خطة شاملة لدفع النمو الشامل وتعزيز سلاسل التوريد الحيوية، مع التركيز على الطاقة النظيفة وأشباه الموصلات والإمدادات الطبية، على أمل أن تتحوَّل إلى إطار سياسي عام لتعزيز شراكة الولايات المتحدة الاقتصادية مع دول المنطقة وموازنة النفوذ الصيني فيها. التعاون مع دول أمريكا اللاتينية في مجال التسلُّح بتمويل احتياجاتها من الأسلحة والمعدات العسكرية، مع تقديم التدريب وتوفير قطع الغيار والمساعدات التقنية الدائمة. سعي ترامب إلى تغيير السياسة الأمريكية تجاه أمريكا اللاتينية: صعد الرئيس الأمريكي ترامب في فترة حكمه الثانية الحالية من السياسة الأمريكية تجاه أمريكا اللاتينية تحت شعار (أمريكا أولًا)، وذلك بعد أن تحوَّلَت المنطقة إلى ساحة للصراع بين أمريكا والصين، وذلك من خلال عقوبات تجارية وفرض تعريفات جمركية، واتِّخاذ قرارات جديدة تتعلَّق بقضية الهجرة والتجارة والعلاقات الإقليمية، مما يعرِّض تلك الدول لتحديات كبيرة. وتُعَدُّ كولومبيا والمكسيك والبرازيل أكثر دول المنطقة تأثُّرًا. فمع بدء فترة رئاسته، قرَّر ترامب التراجع عن سياسات أمريكية وتحالفات استمرت لعقود، عملًا بالأولويات التي حدَّدها ترامب، ومنها الترحيل الجماعي للمهاجرين في الولايات المتحدة. ويرى المحلِّلون السياسيون أن دول أمريكا اللاتينية قد: تنتهج سياسة التهدئة في التعامل مع ترامب مع ما تتعرَّض له من آثار سلبية على اقتصادها، أو تظهر الرغبة في التعاون مع الولايات المتحدة، أو تلجأ إلى التصعيد المحسوب بشكل محدود.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |