العمل التطوعي في ميزان القرآن والسُنَّة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 692 - عددالزوار : 430709 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5045 - عددالزوار : 2208091 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4627 - عددالزوار : 1488086 )           »          الإدارة بين الإتقان الشرعي والنجاح الدنيوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          فن المغادرة الاحترافية: إستراتيجيات الارتقاء المهني عند إنهاء الخدمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          إضاءة: ما أروع النظام! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          التغيير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أسرار الكون بين العلم والقدرة الإلهية: رحلة في الغموض والدينامية البيئية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          كيف أن الأرض فيها فاكهة ونخل ذات أكمام؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          بيع فضل الماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-10-2025, 12:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,058
الدولة : Egypt
افتراضي العمل التطوعي في ميزان القرآن والسُنَّة

العمل التطوعي في ميزان القرآن والسُنَّة


  • العمل التطوعي في أصله تبرّع لكن متى ما دخل فيه صاحبه وجب عليه الالتزام به وتحمّل مسؤوليته حتى يتمّه على أكمل وجه أو يعتذر عنه بما لا يُخلّ به أو يضرّ بالمتطوّع له فردًا كان أو مؤسسة
  • حفل القرآن الكريم بالأمثلة على العمل التطوعي مما يدل على فضله وأهميته في بناء مجتمع متكافل قائم على التراحم والتضامن
  • التكافل والتلاحم والتعاطف بين أفراد المجتمع أمر مطلوب حتى يعيشَ الفرد في كفالة الجماعة وتعيشَ الجماعة بمؤازرة الفرد تحقيقًا لمجتمع تسود فيه المحبة والأخوة
أنزل الله -تعالى- الإسلام دين رحمة وتعاون، وحثّ عباده على التسابق إلى مغفرته ورضوانه فشرع لهم بذلك أبوابًا للمسابقة إلى الخير، ومن أهمّها العمل التطوعي، مبدأ إسلاميًا أصيلاً، من هناك كان لابد من بيان هذا المبدأ، وبيان أهم ضوابطه ومحدّداته، وبيان بعض المعيقات في طريق العمل التطوعي، وبعض السبل لتطويره والمضي به نحو الأفضل في وقتنا المعاصر.
المقصود بالعمل التطوعي
  • التطوع لغة: مشتقٌّ من الطوع، وهو نَقيض الكُره، يقال طاعه ويطوعه وطاوعه، وفي التنزيل قال الله -تعالى-: {فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ} (البقرة: 184).
التطوع في الاصطلاح: هو ما تبرّع به الشخص من أعمال الخير من ذات نفسه مما لا يلزمه فرضه. ومصطلح التطوع إذا طرح تتبادر إلى الذهن معانٍ من قَبيل العمل الإغاثي والإنساني والخيري، وهذا يعني أنّه صار يتّسع ليشمل كل جهدٍ مالي أو جسدي أو فكري يبذله الشخص اختيارًا بكامل إرادته، بهدف جلب المصالح للآخر أو درء المفاسد عنه، دون انتظار أجر مادي أو معنوي مقابل جهده المبذول.
أولاً: ضوابط العمل التطوعي
إنّ قبول التطوع أو رده في ظلّ الشريعة الإسلامية رهين بمجموعة من الضوابط التي لا يصدق على العمل اسم التطوع من الناحية الشرعية إلا بتوفرها، ومن هذه الضوابط يلي:
(1) إخلاص النية لله -تعالى-
فيشترط فيمن يقوم بالعمل التطوعي أن يكون مخلصًا في عمله حتى يُكتب أجره عند الله؛ فلا يكون همه فقط الحصول على منصب أو مكافأة أو مكانة اجتماعية، قال -تعالى-: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (الزمر: 11)، قال ابن القيم -رحمه الله-: «فأمّا النيّة فهي رأس الأمر وعموده، وأساسه وأصله الذي عليه يُبنى، فإنّها روح العمل وقائده وسائقه، والعمل تابع لها يبنى عليها، ويصحّ بصحّتها، ويفسد بفسادها، وبها يستجلب التوفيق، وبعدمها يحصل الخذلان، وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة».
(2) طيب النفس والسخاء
أن يكون العمل صادرًا عن طيب نفس لا يخالجه تردّد؛ لأنّها من المعروف والسّخاء، فلا يجوز الإجبار على القيام بعمل وعدّه تطوعًا، كعدم إعطائهم أجرة، أو إضافة أعمال أو ساعات عمل للموظفين دون رضاهم؛ لأنّ الأصل في أموال الناس وجهودهم احترامها، فلا يحلّ لأحد مال غيره أو جهده إلا عن طيب نفس منه؛ مصداقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يحلُّ لامرئ من مالِ أخيه إلا ما طابت به نفسه».
(3) طيب الأصل المتبرع به
فالله -تعالى- طيّب لا يقبل إلا الطيب، فسواء أكان الأصل المتبرّع به مالاً أم عينًا أم جهدًا، فيجب أن يكون حلالاً طيبًا غير خبيث، والمجال المبذول فيه الجهد حلال وجائز قال -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (البقرة: 215)، فالآية تُبيّن أنّ الإنفاق يجب أن يكون خيرًا، ولا يكون خيرًا إن كان خبيثًا: «فقوله -تعالى-: {مِن خيرٍ} إشارة إلى أن ما يُنفق يجب أن يكون طيبًا لا خبيثًا؛ إذ لفظ الخير يدل على ذلك ويرمز إليه.
(4) الالتزام وتحمّل المسؤولية والإتقان
فالعمل التطوعي في أصله تبرّع، لكن متى ما دخل فيه صاحبه وجب عليه الالتزام به وتحمّل مسؤوليته حتى يتمّه على أكمل وجه، أو يعتذر عنه بما لا يُخلّ به أو يضرّ بالمتطوّع له فردًا كان أو مؤسسة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله -تعالى- يحبُّ إذا عَمِلَ أحدكم عملاً أن يُتقِنَهُ»، ومن أنواع عدم الالتزام نقض: العهود والمواثيق والإخلاف بالوعد بعد الالتزام به.
ثانيًا: العمل التطوعي في الكتاب والسنة
دلَّت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة على فضل العمل التطوعي ومشروعيته؛ فمن القرآن الكريم: جاءت آيات كثيرة دالة على مشروعية العمل التطوعي، ومن ذلك: قوله -تعالى-: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 157)، وقوله: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} (البقرة: 183)، فقد أخبر -تعالى- في الآية الأولى أنّه شاكرٌ لفعل المتطوع عالمٌ بالقائم به حتى يتيقّن كلّ من عمل خيرًا أنّ الله -تعالى- يعلمه ويشكره على عمله. والمراد تطوَّع خيرًا في سائر العبادات. حكاه فخر الدين الرازي وعزاه إلى الحسن البصري، وفي الآية الثانية يذكر -عزوجل- أنّ التطوّعَ فيه خير لفاعله؛ فالتطوع في شتى مجالات العبادات والقُرَبِ والصدقات خير للإنسان وخير للأمة جميعًا.
أمثلة عملية للتطوُّع في القرآن الكريم
حفل القرآن الكريم بالأمثلة على العمل التطوعي؛ ما يدل على فضله وأهميته في بناء مجتمع متكافل قائم على التراحم والتضامن، ومن ذلك ما يلي:
  • التطوع بإطعام الطعام، قال -تعالى-: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} (الإنسان: ٨-٩)، قال ابن العربي: «في الآيات تنبيه على المواساة؛ ومن أفضل المواساة وضعها في هذه الأصناف الثلاثة دون توقع مكافأة، أو شكر من المعطي.
  • التطوع بالشفاعة للآخرين في أمور الخير، قال -تعالى-: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} (النساء: 89)، فمن شفَّع غيره وقام معه على أمر من أمور الخير.
  • ومنه الشفاعة للمظلومين لمن ظلمهم كان له نصيب من شفاعته بحسب سعيه وعمله ونفعه، ولا ينقص من أجر الأصيل والمباشر شيء، ومَن عاون غيره على أمر من الشر كان عليه كفل من الإثم بحسب ما قام به وعاون عليه، ففي هذا الحث العظيم على التعاون على البر والتقوى، والزجر العظيم عن التعاون على الإثم والعدوان.
الأنبياء والصالحون والعمل التطوعي
ومما ذكره الله -تعالى- عن بعض أنبيائه فيما يخص التطوّع، ما جاء عن موسى عليه السلام بالسقي للمرأتين اللتين كانتا تنتظران حياء حتى ينتهي الرجال، فسقى لهما دون أن يسألاه ذلك، قال -تعالى-: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (القصص)، قال السعدي: -رحمه الله-: {فَسَقَى لَهُمَا} غير طالبٍ منهما الأجرة، ولا له قصد غير وجه الله -تعالى-.
  • ومن ذلك تطوع ذي القرنين لحماية الضعفاء، ببناء السد بغير أجر: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} (الكهف).
  • ومن ذلك تطوع الخضر في مساعدة الناس وحفظ حقوقهم: كما قصَّ الله علينا قصته في آيات عديدة من سورة الكهف مع موسى -عليهما السلام-.
ثالثًا: التطوّع في السنة النبوية
وردت أحاديث كثيرة في السنة النبوية تدل على مشروعية عموم فعل الخير والإحسان للناس، والعمل التطوعي، ومن ذلك: قال - صلى الله عليه وسلم -: «تَرى المؤمنينَ في تراحُمهم، وتوادّهم، وتعاطُفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى عضوًا تَداعَى له سائر جسده بالسَّهرِ والحُمَّى»؛ فالتكافل والتلاحم، والتعاطف بين أفراد المجتمع أمر مطلوب، حتى يعيشَ الفرد في كفالة الجماعة، وتعيشَ الجماعة بمؤازرة الفرد؛ تحقيقًا لمجتمع تسود فيه المحبة والأخوة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيانِ يشُدُّ بعضُه بعضًا، ثمّ شبّك بين أصابعه»؛ حيث أكّد النبي - صلى الله عليه وسلم - قوة الترابط بين المؤمنين؛ فشبَّههم بالبناء المتماسك، والتشبيك بين الأصابع بيانٌ لوجه التشبيه، أي يشدّ بعضهم بعضًا مثل هذا الشدّ، قاله ابن حجر، ومعلوم أن العمل التطوعي بين الأفراد يسهم في تقوية البناء. وقال - صلى الله عليه وسلم - :«واللهُ في عونِ العبدِ ما كانَ العبد في عَون أخيه»، وقال أيضًا - صلى الله عليه وسلم -: «السَّاعي على الأرملةِ والمسكينِ كالمجاهدِ في سبيلِ الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من نفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَب الدنيا نفّس الله عنه كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومن يَسَّر على مُعسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن سَتَرَ مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة».
أمثلة عملية للأعمال التطوعية من السنة النبوية
  • التطوع ببناء المساجد وعمارتها: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:» قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وأنه أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملأ من بني النجار فقال: يا بني النجار، ثامِنُوني بِحائِطكم هذا، قالوا لا والله لا نطلب ثمنه إلّا إلى الله، فقال أنس - رضي الله عنه -: فَصَفّوا النَّخل قِبلة المسجد، وجعلوا عَضادَتيه الحجارةَ، وجعلوا ينقلونَ الصَّخرَ وهم يرتَجِزون، والنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم، وهو يقول: اللهمَّ لا خيرَ إلا خيرُ الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة»، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: «أن امرأة سوداء كانت تَقُمُّ المسجد، ففقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فسأل عنها بعد أيام فقيل له: إنها ماتت، فقال: أفلا كنتم آذَنتُموني بها؟ دُلُّوني على قبرها فأتى قبرها فصلى عليها»، فالتبرّع بالأرض لبناء المسجد، والمشاركة في بنائه، والقيام بخدمته ونظافته كلّها من أعمال التطوّع.
  • مواساة الأرامل والمساكين: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي: «السَّاعي على الأرملةِ والمسكين، كالمجاهدِ في سبيلِ الله، أو القائمِ الليلَ الصائمِ النهارَ، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُواسي أم سُليم -أخت أم حرام، وكانتا خالتين له محرمين إما من رضاع أو نسب- فعن أنسٍ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يدخل بيتًا بالمدينة غير بيت أم سليم إلا على أزواجه، فقيل له، فقال) «إني أرحمها، قُتل أخوها معي».



اعداد: الفرقان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم يوم أمس, 04:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,058
الدولة : Egypt
افتراضي العمل التطوعي في ميزان القرآن والسُنَّة







العمل التطوعي في ميزان القرآن والسُنَّة


  • بقدر انخراط المسلم في العمل التطوعي والإسهام فيه يزداد إيمانه وتصفو نفسه ومن ثم ترتفع وتسمو أخلاقه
  • كي ينجح العمل التطوعي في تحقيق أهدافه ينبغي العناية بتطويره والارتقاء به لأجل المضي فيه وقطف ثماره على المستوى الفردي والمجتمعي
  • من عقبات العمل التطوعي العشوائية وضعف التخطيط والتنظيم لدى بعض المؤسسات التطوعية إضافة لغياب العمل وفق الأولويات ومشروعات التنمية المستدامة
  • مجالاتُ إعمار الأرض كثيرة ومتنوعة وحاجاتُ الناس ومشكلاتُهم كبيرة ومتجددة وهذا يستدعي من العاملين لخير أمّتهم الجدّ في العمل التطوعي والاستمرار فيه لأقصى درجة ممكنة
ما زال حديثنا مستمرا عن العمل التطوعي في ميزان القرآن والسُنَّة، وذكرنا أن الله -تعالى- أنزل الإسلام دين رحمة وتعاون، وحثّ عباده على التسابق إلى مغفرته ورضوانه؛ فشرع لهم بذلك أبوابًا للمسابقة إلى الخير، ومن أهمّها العمل التطوعي، مبدأ إسلاميا أصيلاً، من هنا كان لابد من بيان هذا المبدأ، وبيان أهم ضوابطه ومحدّداته، وبيان بعض المعيقات في طريق العمل التطوعي، وبعض السبل لتطويره والمضي به نحو الأفضل في وقتنا المعاصر. وقد ذكرنا في الحلقة الماضية أولاً: المقصود بالعمل التطوعي، وضوابط العمل التطوعي وذكرنا منها: إخلاص النية لله -تعالى-، وطيب النفس والسخاء، وطيب الأصل المتبرع به، والالتزام وتحمّل المسؤولية والإتقان، كما ذكرنا أدلة العمل التطوعي في الكتاب والسُنَّة، وأمثلة عملية للتطوُّع في القرآن الكريم، والأنبياء والصالحين والعمل التطوعي، وذكرنا التطوّع في السُنّة النبوية، وأمثلة عملية للأعمال التطوعية من السنة النبوية.
رابعًا: فوائد العمل التطوعي في الإسلام
يحقق العمل التطوعي عددًا من الفوائد أهمها ما يلي:
(1) الفوائد الشخصية:
  • تحصيل الأجر والثواب من الله -تعالى-: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «في كل ِّكبدٍ رَطبة أجر»، وقال - صلى الله عليه وسلم-: «ما تصدَّق أحدٌ بصدقة من طيّب -ولا يقبلُ الله إلا الطيِّب- إلا أخذها الرحمن بِيمينه، وإن كانت تمرة، تربو في كفِّ الرحمن، حتى تكونَ أعظم من الجبل، كما يُربِّي أحدكم فُلُوه أو فَصِيله».
  • مغفرة الذنوب: العمل التطوعي من أعظم الأبواب للتكفير عن الذنوب، قال الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} (العنكبوت: 7) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ الصدقةَ لَتُطفئُ غضب الرَّب».
  • زيادة الإيمان والارتقاء في مراتب البر والإحسان: فبقدر انخراط المسلم في العمل التطوعي والإسهام فيه، يزداد إيمانه، وتصفو نفسه، ومن ثم ترتفع درجة الأخلاق لديه، فيصبح مثله الأعلى من الوجهة الإحسانية أن يكون ضمن الجماعة التي تنفق في سبيل الله مما تحب: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (آل عمران: ٩٢).
  • استمرار النفع والأجر بعد الموت: ولا سيما إن كان العمل التطوعي ممتدّ الأثر كالصدقة الجارية، فقد صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إذا ماتَ الإنسانُ انقطعَ عمله إلا من ثلاثةٍ: صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتَفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له. أو الوقف؛ فالوقف عمل تطوعي وهو من أدوم الصدقات؛ لأن الأصل فيه البقاء، وهو تحبيس الأصل وبقاؤه مع تسبيل الثمرة والانتفاع بها.
  • استغلال الأوقات فيما يفيد: فالمسلم الساعي لنيل رضوان الله، ليس لديه وقت فراغ أبدًا؛ فإن وجد سعة في الوقت بعد قيامه بما يجب عليه، فإنّه يستغلّه في أعمال التطوّع فيفيد نفسه وغيره، قال - صلى الله عليه وسلم- في وصيته لأبي هريرة - رضي الله عنه -: «احرِص على ما يَنْفَعُكَ».
  • الحياة الطيبة: وهذا معروف ومشاهد عند من يبذلون أوقاتهم في فعل الخير ومساعدة الناس، قال -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل: ٩٧)، والحياة الطيبة في الدنيا، قال ابن كثير: والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لرجل: «أتُحبُّ أن يَلِينَ قلبُك؟ قال: نعم، قال: فأَدْنِ اليَتيمَ إليك، وامسح برأسِهِ، وأطعمهُ من طعامكَ، فإن ذلكَ يُلَيِّنُ قلبَكَ، وتَقدِرُ على حاجَتِكَ».
(2) الفوائد الاجتماعية
  • غرس الشعور بالأخوّة الإيمانية: يستهدف العمل التطوعي غرس الشعور بالأخوة بين المؤمنين؛ فالأخوّة في الله رابطة توجد بين شخصين أو أكثر بمجرد اشتراكهما في الانتماء إلى المنهج الرباني، فقال -تعالى-: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (التوبة: ١١). كما جعل من الأخوة العلاقة الوحيدة بين المؤمنين، قال -تعالى-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: ١٠).
  • غرس الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية: فالفرد مسؤول عن نفسه، ثم عن الآخرين الأقرب فالأقرب، وفي الحديث «اِبدأ بِنفسك فتصدَّق عليها، فإنْ فَضَلَ شيء فَلأهلِك، فإن فضَلَ عن أهلك شيء فَلِذي قرابتك، فإن فَضَلَ عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا»، وتجسيدًا لمضامين هذه المسؤولية فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يبيت المؤمن شبعان وجاره جائع «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع»، كما أكد النبي - صلى الله عليه وسلم- على أهمية المسؤولية الجماعية حينما قال: «أيما أهل عَرْصَةٍ ظلّ فيهم امرؤٌ جائع، فقد برئت منهم ذمَّة الله»، وقد همّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بأن يجعل في عام الرمادة مع كل أهل بيتٍ عندهم طعامٌ مثلَهم من الفقراء ليطعموهم، وقال: «لن يَهلَك أحد على نصف شَبَعِه».
خامسًا: عقبات في طريق العمل التطوعي
قد يواجه العمل التطوعي عقبات تحدُّ من فاعليته، بما في ذلك:
  • غياب الوعي الكافي بأهمية العمل التطوعي، ومن ثم العزوف عن الانخراط فيه.
  • ضعف الوعي المجتمعي في التعامل مع المتطوع، فيشعر المتطوع باستغلال تطوعه لأهداف شخصية لبعض المسؤولين.
  • الحاجة المادية التي تفرض على الكثيرين السعي للعمل المأجور والإعراض عن العمل التطوعي، أو تستهلك جميع أوقاتهم فلا يبقى للتطوع وقت ذو بال.
  • السعي من خلال العمل التطوعي لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية.
  • العشوائية وضعف التخطيط والتنظيم لدى كثير من المؤسسات والمنظمات التطوعية، إضافة لغياب العمل وفق الأولويات، ومشروعات التنمية المستدامة.
  • ضعف تأهيل القائمين على العمل الخيري التطوعي.
سادسًا: سبل تطوير العمل التطوعي
كي ينجح العمل التطوعي في تحقيق أهدافه ينبغي العناية بتطويره والارتقاء به قصد المضي فيه وقطف ثماره على المستوى الفردي والمجتمعي، ومن هذه السبل:
  • ترسيخ ثقافة العمل الخيري وتصحيحه: بنشر الوعي بمكانة العمل التطوعي وأهميته في النهوض بالمجتمعات، من خلال عقد مؤتمرات وندوات وملتقيات علمية هادفة، مع نشر الأبحاث والدراسات في ذلك، إلى جانب تصحيح مفهوم العمل التطوعي العام، الذي لا يشترط فيه أن يكون ضمن مؤسسة أو في مجالات معينة، بل توسيع المفهوم ليشمل أي معروف أو إحسان بما في ذلك إماطة الأذى عن الطريق، وإرشاد التائه، وسقاية الحيوان العطشان، وهذه الوجوه بهذا الأفق الواسع تدخل في آثار تنمية المجتمع ورُقِيِّه إذا تحول إلى ثقافة عامة، وكان الجميع يخدم الجميع ويسعى لكمال المجتمع.
  • التوعية بأهمية تجديد النية: فالعناية بمقصد نية المتطوِّع يساعد على تعزيز الدافعية لديه، وشحذ عزيمته، كما أنه ينمِّي الرقابة الذاتية لدى المتطوعين عموما؛ لأنهم يعملون لوجه الله وابتغاء ما عنده، وتحرير مقصد المتطوعين من قصد عدسات الإعلام وشبكات التواصل إلا ما كان من باب تحفيز الآخرين.
  • التخطيط والتنظيم: يعتقد بعض الناس أنّ النية الطيبة وحدها كافية للنهوض بالعمل التطوعي والرقي به نحو الأفضل، لكن لكي تنجح أي مؤسسة أو منظمة تطوعية لابد أن تعتمد على التخطيط الاستراتيجي والتنظيم.
فالتخطيط يمكّن المؤسسة التطوعية من تحديد الأهداف، ثم تحقيقها.
  • التدريب: هو نقل معرفة ومهارات محدّدة وقابلة للقياس، ويفيد في تنمية كفاءات المتطوعين، وتمكينهم من إتقان عملهم ومن ثم حبّهم له ورغبتهم في الاستمرار فيه، كما أنّه يجذب المزيد من المتطوعين للعمل.
  • التحفيز: مما لا شك فيه أن تشجيع الإنسان وتحفيزه لعمل الخير - ولا سيما إذا كان عملاً تطوعيًّا- له أهمية كبيرة في قيام هذ العمل وتطويره واستمراره.
خلاصة القول
مجالاتُ إعمار الأرض كثيرة ومتنوعة، وحاجاتُ الناس ومشكلاتُهم كبيرة ومتجددة، والأحداث في العالم عصيبة ومتلاحقة؛ وهذا يستدعي من العاملين لخير أمّتهم ومجتمعاتهم الجدّ في العمل التطوعي، والاستمرار فيه لأقصى درجة وعدم التأخر والتراخي عنه مهما اشتدّت الظروف، وتطويره وتنظيمه ليواكب الأحوال والظروف، ويحدّ من المصاعب والكروب، وليعود -أيضًا- بالخير على المتطوعين زيادةً في إيمانهم، ورفعةً لدرجاتهم، وصفاءً لنفوسهم، وسعادةً في حياتهم، وبركة في أنفسهم وأزواجهم وذرياتهم وأموالهم.


اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.47 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]