|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() معادن الناس (1) د. أمير بن محمد المدري الحمد لله مُعزِّ من أطاعه واتَّقاه، ومُذلِّ مَن خالف أمره وعصاه، قاهر الجبابرة وكاسر الأكاسرة، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له لا يذل من والاه ولا يعز من عاداه، ينصر من نصره ويغضب لغضبه ويرضى لرضاه، أحمده سبحانه وأشكره حمدًا وشكرًا يملأان أرضه وسماه، إلهي: كُلُّ اجتهادٍ في سواك مُضيَّع ![]() كُلُّ كلامٍ لا بذكرك آفات ![]() وكُلُّ اشتغال لا بحبك باطلٌ ![]() وكُلُّ سماعٍ لا لقولك زلات ![]() وكُل وقوف لا لبابك خيبةٌ ![]() وكل عكوف لا إليك جنايات ![]() وكل اهتمام دون وصلك ضائعُ ![]() وكل اتجاه لا إليك ضلالاتُ ![]() وكل رجاء دون فضلك آيس ![]() وكل حديث عن سواك خطيئات ![]() وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه ومصطفاه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين ولكل من نصره ووالاه. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. عباد الله، سنقف وإياكم مع معادن الناس، فالناس تختلف معادنُهم، وتختلف ميولُهم، وتختلف طبائعُهم وصفاتهم وسلوكياتهم، وصدق النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم القائل كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارُهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقِهوا، والأرواح جنودٌ مجندة، فما تعارف منها ائتلَف، وما تناكر منها اختلف». نعم، الناس معادن، فمنهم السهل المنبسط اللين السهل، ومنهم الصعب المنقبض الشديد، منهم الشجاع الجريء المقدام، ومنهم الجبان العاجز الخوار. منهم الكريم السخي ومنهم البخيل الشحيح، منهم السمح الصفوح ومنهم المستقصي شديد الخصومة، منهم المُتأني الصبور الحليم ومنهم الأحمق الغضوب المُتسرع، منهم المتواضع ومنهم المستكبر. كلما استقام الإنسان على دين الله علمًا وعملًا وقولًا وفعلًا وباطنًا وظاهرًا، طابت صفاته وطبائعه وأخلاقه، وبذلك تغلب عليه صفة الملائكة طُهرًا وعفةً وصفاءً ورفعة. كلما بعُد الإنسان عن الدين، وتمرَّد عليه وفرَّط في أحكامه، خبُثت نفسه، وساءت أخلاقه، حتى تغلب عليه صفة الوحشية؛ كالقتل والاعتداء والحقد، ويُصبح معدنه من أخبث المعادن. وعندما ينقاد الإنسان لرغبات النفس الأمَّارة بالسوء، ويَغرق في الشهوات المحرَّمة، تَغلب عليه صفة البهائمية الحيوانية؛ كالدناءة والخِسَّة والمكر والخديعة الخيانة. وعندما يتمكَّن من الإنسان حبِّ الشر والفساد في الأرض، ويُصبح همُّه إشاعة الفاحشة، والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، والصد عن سبيل الله، والعداوة لدينه، ومحاربة أوليائه، تغلب عليه صفة الشيطانية. عباد الله، الناس يختلفون في توارُث الصفات والأخلاق، فمنهم الصالح الذي يأتي من ذريته الصالح والفاسد؛ كابني آدم هابيل وقابيل، ومنهم السيئ الذي يأتي من بعده خلف صالح كأزر صانع الأصنام ابنه خليل الرحمن، ومنهم الصالح يأتي من بعده خلفٌ سيئ كنوح عليه السلام، وابنه كنعان كافر، ومنهم الصالح وخلفه صالح كداود وابنه سليمان. ومنهم السيئ يَخلُفه مثله جيلًا بعد جيل؛ كالكفار من قوم نوح؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴾ [نوح: 27]. وهذا لوط عليه السلام، لكن زوجته معدنها خبيث وغير مؤمنة، وهذه آسية بنت مزاحم الطاهرة المؤمنة وزوجها الطاغية فرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى. وهذا عكرمة بن أبي جهل صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وأبوه مَن أبوه فرعون هذه الأمة أبو جهل عمرو بن هشام. وهذا صفوان بن أمية صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أبوه أمية بن خلف، ومحمد سيد الطيبين، وعمه الهالك أبو لهب. عباد الله، تعالوا بنا لنقف ونتأمل إلى معادن الناس في القرآن الكريم سنجدهم تسعة أصناف، ثمانية منهم رديئة خبيثة، وصنفٌ واحد هو الصنف المؤمن الطيب الطاهر النفيس. أما المعادن الخبيثة الثمانية، فقد جاءت في القرآن في سياق الذم والتحقير والتهديد والوعيد. لماذا؟ لأنهم حملوا الخبث في قلوبهم وأعمالهم وحياتهم، ومصيرهم دارٌ تَحمِل كلَّ خبائث الدنيا، جهنمُ وبئس القرار. والدنيا جمع الله فيها الطيب والخبيث وهي كالمنخل لمعادن بني آدم، فيظهر ويتميز المعدن الطيب والنافع والمعدن الخبيث. فيجمع الله الطيبين كلهم في دار الطيبين الجنة، ويجمع الله الخبيثين في دار الخبيثين النار؛ قال تعالى: ﴿ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأنفال: 37]. أما المعادن الثمانية: فالصنف الأول: من الناس المنافق الكاذب، من يعيش على النفاق والخداع والكذب؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 8 - 10]. الصنف الثاني: من الناس من هو واقع في أشد أنواع الظلم؛ حيث يساوي حبه لله سبحانه وحبه لغيره، فيكون بذلك قد اتَّخذ من دون الله أندادًا؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 165]. أما المؤمنون، فحبُّهم لله لا يساويه أيُّ حبٍّ، ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165] أما الظالمون فسيرون عاقبة ظلمهم هذا، ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾ [البقرة: 165]. الصنف الثالث: من الناس مَن هو مضطرب سريع التقلب، ضعيف الإرادة، يخشى الناس أكثر من خشية الله، فلا يضحِّي من أجل ربه ولا دينه، ولا يثبت على إيمانه؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 10]. الصنف الرابع: مِن الناس من هو مُجادل مغرور جاهل، مُعرض عن هدى الله، مُتبعٌ لكل شيطان من الإنس والجن، فهو مع شرع الله ودين الله مُجادل مماري مُخذِّل، ومع الباطل والشيطان نصيرٌ مُستجيب ومؤيدٌ؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ﴾ [الحج: 3]. ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴾ [الحج: 8]. الصنف الخامس: من معادن الناس من هو عبدٌ لشهوته مُتبعٌ لهواه؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [لقمان: 6]. فتراه ينشغل بذكر المخلوقين وأخبارهم عن ذكر الخالق وآياته. يلهو بالأغاني والملاهي عن طاعة الله وعبادته، بل ربما يمضي الساعات الطويلة يُقلب الجوال أو القنوات الفضائية، لا لفائدة ولا لمنفعة، بل للهو والحرام؛ قال صلى الله عليه وسلم: «لَيَبِيتَنَّ أقوامٌ من أمتي على أكل ولهو ولعب، ثم ليُصبحنَّ قردةً وخنازيرَ»؛ [صحيح الجامع]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشانه، واشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، وعلى آله وأصحابه وجميع إخوانه. أما بعد عباد الله، فالصنف السادس: من معادن الناس من هو عبدٌ للدنيا فالدنيا عنده الهدف والغاية وميزان السعادة والشقاوة، حتى لو أن أحدهم سأل الله أو دعاه، تراه لا يسأل إلا للدنيا ومتاعها؛ قال تعالى: ﴿ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ﴾ [البقرة: 200]. وقال صلى الله عليه وسلم: «تَعِس عبدُ الدنيا، تعس عبدُ الدرهم، تعس عبدُ الخميصة، تعس عبدُ الخميلة إن أُعطي رضي، وإن لم يُعطَ سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش»؛ [رواه البخاري]. الصنف السابع: من الناس من هو ماكر مخادعٌ مغرور، ثعلبٌ ماكر وجبانٌ، حاقد يتحيَّن الفرصة؛ ليطعن من وراء الظهر، يَعشِق إثارة الفتن، ويسعى للتخريب والإفساد في الأرض، والعجيب أن يُقسم الإيمان المُغلظة أن ما يقوله بلسانه هو الذي في قلبه وكذب، قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ ﴾ [البقرة: 204]. والله العليم الخبير ببواطن الأمور يَفضَح حقيقة حاله وأمره، فيقول: ﴿ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾ [البقرة: 204]، لا يرى الناس من معسول كلامه ووعوده سيئًا؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: 205]. وهو في نفس الوقت مُعجبٌ بنفسه مغرور مُستكبر لا يتقبل النصح، ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ ﴾ [البقرة: 206]. إلى أين مصيره ومآله: ﴿ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 206]. الصنف الثامن: من الناس من هو نفعي خوَّار يتلوَّن بحسب الظروف والمصالح الشخصية العاجلة، يدور مع المادة حيث دارت، تراه عند وجودها يتظاهر بالصلاح وكأنه ولي من أولياء الله، مُحب ومُؤيد للصالحين، وعند تعرُّضه للنقص والحرمان المادي، سرعان ما ينقلب على وجهه عن الدين وأهله لماذا؟ لأنه يعبد الله على حرف، فتأمل قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11]. عباد الله، هذه هي المعادن الخبيثة التي ذكرها الله في كتابه الكريم. ما مظاهرهم ما هي علاماتهم؟ أولًا: عقيدتهم فاسدة وأعمالهم خبيثة، وقد ضرب الله لذلك هذا المثل؛ قال تعالى: ﴿ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ﴾ [إبراهيم: 26]. ثانيًا: قلوبهم تشمئز عند ذكر الله، وتستبشر عند ذكر غيره؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الزمر: 45]. ثالثًا: قسوة قلوبهم وتحجُّرها، وذلك لكثرة معاصيهم وذنوبهم؛ قال تعالى: ﴿ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 16]. وقال تعالى: ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 74]. رابعًا: يَميلون مع شهواتهم المحرمة، لا يَهنؤون بالحلال الطيب، لا يرتاحون ولا يطمئنون إلا بالحرام؛ قال تعالى: ﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [النور: 26]. وقال تعالى: ﴿ الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 3]. خامسًا: نفوسهم خبيثة وقلوبهم مريضة، يكرهون الطيبات وأهلها، فيؤثرون ويُحبون الخمر النجسة والأطعمة الخبيثة، والمال الخبيث على الطيبات؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90]. سادسًا: ومنصفاتهم أنهم يسخرون من أهل الإيمان والفضيلة، ويضحكون منهم كلما وجدوا فرصة لذلك؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ﴾ [المطففين: 29]. سابعًا يعملون للهدم والفساد، فيأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، ويبخلون بأموالهم في الخير؛ قال تعالى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67]. ثامنًا: ينفقون الكثير من الأموال لكن للمباهاة والسهر واللهو واللعب، فأستاذهم في ذلك إبليس؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 27]. اللهم أصلِح القلوب والأعمال، وأصلح ما ظهر منا وما بطن، واجعلنا من عبادك المخلصين. اللهم إنا نعوذ بك من الغواية والضلالة، اللهم ثبِّتنا على دينك، اللهم آمنَّا في أوطاننا. اللهم أصلِح الأئمة وولاة الأمور، اللهم خُذ بنواصينا إلى ما تُحب وترضى، وزيِّنا برحمتك بالبر والتقوى، واجعلنا من عبادك المهتدين. هذا وصلوا - عباد الله - على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() معادن الناس (3) د. أمير بن محمد المدري الحمد لله الولي الحميد المبدئ المعيد الفعَّال لِما يريد، أحاط بكل شيءٍ علمًا وهو على كل شيء شهيد، سبحانه أقرب للإنسان من حبل الوريد، أحمَده سبحانه على فضله المديد، وأشكُره طالبًا بشكره من فضله المزيدَ، وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له، ولا ضد ولا نديد، شهادةً ندَّخرها لهول يومٍ يشيب من هوله الوليد، ونرجو بها النجاة من نار شديدة حرُّها شديد وقعرها بعيد، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، خُلاصة العبيد، أفضل داعٍ إلى الإيمان والتوحيد، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه في كل وقت وحين، أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى واعلموا أنَّ المعاصي تُخرِّب الديار العامرة، وتزيل نُعماها، وتُورث الخزي في الدنيا والآخرة، فاحذَروا سوءَ عُقباها، ولا تغتروا بدار الغرور، فقد آن والله فناها، وبادروا بالتوبة الصادقة قبل أن تُؤخذ النفوس بطغواها، وزكُّوا النفوس بالأعمال الصالحة، فقد أفلح من زكَّاها، وقد خاب مَن دنَّسها بالمعاصي ودسَّاها. عباد الله، وقَفنا مع المعادن الخبيثة في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وعرَفنا صفاتهم ومظاهرهم وتوجُّهاتهم وأهدافهم، والله تعالى حكمٌ عدلٌ لا يظلم مثقال ذرة، ولكن الناس أنفسهم يظلمون. ومن عدله جل جلاله مكافأة المحسن ومجازاته بالحسنى، وزيادة ومعاقبة المسيء على معصيته، ما لم يرجع إلى الله، ويتُب إلى الله توبةً نصوحًا قبل أن تبلغ الروح الحلقوم؛ قال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يونس: 26]. وقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾ [النجم: 31]. وقال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]. وفي الحديث الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: «يا عبادي إنما هي أعمالكم أُحصيها لكم، ثم أُوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه»؛ [رواه مسلم عن أبي ذر]. عباد الله، تعالَوا بنا نتأمَّل في أبرز مشاهد أصحاب المعادن الخبيثة أثناء رحلتهم من الدنيا إلى الآخرة، وهي مشاهد تقشعر لها القلوبُ، ويشيب لها الولدان. فهؤلاء الذين تراكمت عليهم أوساخ الذنوب وأدران المعاصي، فعرَّضوا أنفسهم لغضب الجبار، وأبغضهم أهل السماوات والأرض، ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ ﴾ [الدخان: 29]. ولقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أقسام الناس بعد الموت، فقال: «مُستريح ومُستراح منه، العبد المؤمن يستريح مِن نصَب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر تستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب»؛ [رواه مسلم عن أبي قتادة]. كيف يكون مصيرهم وما جزاؤهم؟ أولًا: يخرجون من الدنيا إلى سخط الله وغضبه، وتخرُج أرواحهم كأنتن جيفة، فيقال للنفس الخبيثة عند نزع الروح؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «اخرُجي أيتها النفس الخبيثة في الجسد الخبيث، اخرُجي ذميمةً، وأبشري بحميمٍ وغسَّاق»؛ [رواه أحمد وإسناده صحيح]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم: «فيقولون اخرُجي ساخطة مسخوطًا عليك إلى عذاب الله عز وجل، فتخرج كأنتن ريح جيفة»؛ [رواه النسائي]. وعند الموت تضرب الملائكة وجوهَهم وأدبارهم؛ قال تعالى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾ [محمد: 27]. ما الحكمة من هذا الجمع بين الوجه والدبر؟ سبحان الله المدخل خبيث والمخرج خبيث الوجه الذي ما استحيى من الله، والفم الذي تخرج منه الكلمات الخبيثة والسب والشتم واللعن والاستهزاء والكبر، هو مثل الدبر في الخبث. ثانيًا: وفي القبور ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد العاصي المنافق «يأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، مُنتن الريح، فيقول: أبشِر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعَد، فيقول: مَن أنت فوجهُك الوجه يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث». أنا أوزارك، أنا سيئاتك، أنا أكلك للحرام، أنا قطعك للصلاة، أنا لسانك الخبيث. فيقول: ربِّ لا تُقم الساعة». ثالثًا: ويوم القيامة يكون للمجرمين علامات خاصة بها يُعرفون؛ قال تعالى: ﴿ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ ﴾ [الرحمن: 41]. وجوههم التي كانت بيضاءَ جميلة ناعمة، تسود وتصبح كأنها قطعٌ من الليل مظلمًا؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يونس:27]. وقال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60]. يحشُرهم الله تعالى يوم القيامة زُرقًا، على وجوههم غبرة ترهقها قترةٌ؛ قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ﴾ [طه: 102]. وقال تعالى: ﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ﴾ [عبس: 40 - 42]. يُسقون من طينة الخبال وما أدراكم ما طينة الخبال، إنها عصارة أهل النار، ويُسقون من ماء صديد، وهو القيح الذي يخرج من جروح أهل النار، ومن فروج الزناة والزواني؛ قال تعالى: ﴿ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾ [إبراهيم: 15 - 17]. وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 29]. والزناة والزواني رآهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم في شر حال؛ قال صلى الله عليه وسلم: «ثم انطلقا بي، فإذا بقوم أشد شيء انتفاخًا، وأنتنهم ريحًا، كأن ريحهم المراحيض، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانون والزواني»؛ [رواه النسائي والحاكم – السلسلة الصحيحة]. عباد الله، المتكبرون المستكبرون المغرورون يُقال لهم يوم القيامة: ﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20]. ويقول صلى الله عليه وسلم: «يُحشَرُ المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان»؛ [رواه الترمذي «9 /1203،1204» أبواب صفة القيامة وقال: هذا حديث حسن صحيح، وحسَّنه الألباني في الجامع]. وعن أَبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «احْتجَّتِ الجنَّةُ والنَّارُ، فقالت النَّارُ: فيَّ الجبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ، وقَالتِ الجَنَّةُ: فيَّ ضُعفَاءُ النَّاسِ ومسَاكِينُهُم فَقَضَى اللَّهُ بَيْنَهُما: إِنَّك الجنَّةُ رحْمتِي أَرْحَمُ بِكِ مَـنْ أَشَاءُ، وَإِنَّكِ النَّارُ عَذابِي أُعذِّب بِكِ مَنْ أَشَاءُ، ولِكِلَيكُمَا عَلَيَّ مِلؤُها»؛ [رواه مسلم]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله الرب العظيم، الرؤوف الرحيم، ذي الفضل العظيم، والإحسان العميم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الكريم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه، ومَن تبِعهم في هديهم القويم، أما بعد عباد الله: فلا تغرَّنَّكم كثرةُ المعرضين والهالكين من المعادن الخبيثة، فالغالب من أول ما خلق الله الأرض إلى قيام الساعة خبيث غير مؤمن بالله، والمعروف لدى الجميع أنَّ المعادن النفيسة والدرر والجواهر الثمينة، قليلة بينما التراب والأحجار والنفايات كثيرة، كذلك الحال في معادن الناس. تأملوا في كتاب الله، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]. وقال تعالى حكاية عن إبليس: ﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 62]. وقال: ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [الحجر: 40]. وقال: ﴿ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 17]. وفي المعاملات بين الناس قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ﴾ [ص: 24]. وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 116]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 8]. وقال تعالى: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]. سبحان الله، كم عُشَّاق الأغاني والرقص والمجون والتمثيل واللهو واللعب، وكم عُشَّاق القرآن والسنة النبوية؟ كم عشاق الفروج والبطون والشهوات المحرمة؟ وكم المحبين للذكر والصلاة والطاعة؟ كم عشاق وأنصار الكرة والملاعب الرياضية بشتى أنواعها؟ ولسْنا ضد الرياضة، بل إنها أمرٌ محمود ومأمور به في ديننا، ولكننا نرفض التهويل والمبالغة، وجعلها غاية بدلًا من أن تكون أداة لبناء شباب الأمة، تُصبح أداة لتضييعهم وإلهائهم، وشغْلهم عن رسالتهم وقضايا أمتهم. وفي المقابل عباد الله، كم روَّاد المساجد في الصلوات الخمس، وكم الحريصون على حِلَق الذكر؟ كم الدعاة إلى الله المصلحون والمدافعون عن الدين، والساعون في مجالات الخير والأعمال الصالحة؟ كم ضعفاء النفوس من المتملقين والمنافقين والمصفقين للباطل؟ ومع كل هذا فالنصر والتوفيق والسداد والراحة حليف الثلة المؤمنة الطاهرة والمعادن الطيبة؛ لأن الله عز وجل وعد بذلك، فقال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]. والمعادن الخبيثة والنفوس الزائغة ولو علَت وارتفعت، وملَكت، فهم في معيشةٍ ضنكٍ، فلا يغرَّنَّك يا عبد الله كثرة المعرضين، فهم الهالكون وأنت بإذن الله ناجٍ. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول أو فعلٍ أو عملٍ، ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى، ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لِما لا نعلَمه. اللهم هيِّئ لنا من أمرنا رشدًا، واجعلنا هداة مهتدين، اللهم اختِم بالصالحات أعمالنا واجعَل خيرَ أيامنا يوم لقائك. اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |