فرح المؤمنين بمساجدهم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         10 استخدامات غير تقليدية لورق الفويل في بيتك.. من سن المقص لتنظيف الفرن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          7 نصائح لازم تسمعها قبل ما الغيرة تبوظ حياتك.. اعترف بمشاعرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          وصفات طبيعية لتقوية ونمو الرموش.. من الشاي الأخضر لجل الصبار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          منيو العروسة.. 6 أطعمة تعزز نضارة البشرة دخليها في أكلك لو فرحك في العيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          7 مشاكل بتهدد أولادك لو ما بيسمعوش منك كلمة "آسف" أبدًا.. انعدام الثقة الأبرز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          طريقة عمل صدور الدجاج الباردة.. أكلة سهلة وهيحبها أطفالك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          7 نصائح لحماية شعرك من التلف والتجعد في فصل الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          5 أخطاء في المكياج تفسد مظهرك وتهدد صحة بشرتك وسلامتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          4 خطوات للتعامل مع الشخصية المسيطرة.. عشان تتجنب مضايقته ليك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          طريقة عمل لفائف الخس بالدجاج والأفوكادو.. جددي مطبخك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 22-06-2021, 03:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,004
الدولة : Egypt
افتراضي فرح المؤمنين بمساجدهم

فرح المؤمنين بمساجدهم








الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل




الْحَمْدُ لِلَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ، الْقَرِيبِ الْمُجِيبِ؛ يُعْطِي السَّائِلِينَ، وَيَجْبُرُ الْمُنْكَسِرِينَ، وَيُفَرِّجُ كَرْبَ الْمَكْرُوبِينَ، وَيُجِيبُ دُعَاءَ الدَّاعِينَ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ، فَهُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ، الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَبٌّ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، قَرِيبٌ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يَبْتَلِيهِمْ إِلَّا وَيُعَافِيهِمْ، وَلَا يَمْنَعُهُمْ إِلَّا وَيُعْطِيهِمْ، وَلَا يَحْرِمُهُمْ إِلَّا وَيَمْنَحُهُمْ، وَهُوَ الْغَنِيُّ الْكَرِيمُ الَّذِي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا، وَهُوَ الْقَوِيُّ الْمَتِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى، وَكَانَ يَجِدُ فِي الصَّلَاةِ رَاحَتَهُ وَأُنْسَهُ، وَيُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ فَيَبُثُّ لَهُ هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَحُزْنَهُ، فَيَرْحَمُهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ فَيَرْبِطُ عَلَى قَلْبِهِ، وَيَشْرَحُ صَدْرَهُ، وَيُزِيلُ حُزْنَهُ، وَيَمْلَأُ نَفْسَهُ فَرَحًا وَسُرُورًا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.



أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ.. اتَّقُوهُ سُبْحَانَهُ حَتَّى تَلْقَوْهُ.. اتَّقُوهُ فِي السَّرَّاءِ فَاشْكُرُوا وَلَا تَبْطُرُوا وَلَا تَكْفُرُوا، وَاتَّقُوهُ فِي الضَّرَّاءِ فَلَا تَجْزَعُوا وَلَا تَيْأَسُوا، وَاتَّقُوهُ فِي الْعَافِيَةِ فَلَا تَغْتَرُّوا، وَاتَّقُوهُ فِي الْبَلَاءِ فَلَا تَسْخَطُوا ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 223].



أَيُّهَا النَّاسُ: الْمَسَاجِدُ جَنَّاتُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْأَرْضِ؛ إِذْ فِيهَا يَجْتَمِعُونَ لِلْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ، فَيَحْنُونَ جِبَاهَهُمْ، وَيُعَفِّرُونَ وُجُوهَهُمْ فِي الْأَرْضِ؛ تَعَبُّدًا لِلَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّةً وَذُلًّا وَفَقْرًا وَاسْتِكَانَةً، وَفِيهَا يَسْتَمِعُونَ لِلْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالْمَوَاعِظِ، فَيَتَعَلَّمُونَ فَرِيضَةً أَوْ سُنَّةً، وَيَنْتَهُونَ عَنْ مَكْرُوهٍ أَوْ مُحَرَّمٍ، وَتَرِقُّ قُلُوبُهُمْ، وَيَشْتَاقُونَ لِرَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ، وَيَكُونُونَ أَكْثَرَ نَشَاطًا فِي الْعِبَادَةِ، وَإِقْبَالًا عَلَيْهَا، وَأَقَلَّ غُرُورًا بِالدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النُّورِ: 36-37].



وَفِي الْمَسَاجِدِ يَجِدُ الْمُؤْمِنُ بُغْيَتَهُ فِي خَلْوَتِهِ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ بَعْدَ فَرِيضَةٍ أَدَّاهَا، أَوْ فِي انْتِظَارِهِ فَرِيضَةً قَادِمَةً، فَيُصَلِّي مِنَ النَّوَافِلِ مَا كُتِبَ لَهُ، أَوْ يَنْشُرُ الْمُصْحَفَ يُنَاجِي رَبَّهُ سُبْحَانَهُ بِكَلَامِهِ، أَوْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُفْضِي لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِحَاجَتِهِ، أَوْ يَعْقِدُ أَصَابِعَهُ ذَاكِرًا مُسَبِّحًا حَامِدًا مُكَبِّرًا، أَوْ يَذْكُرُ غَفْلَتَهُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ فَلْيَهْجُ لِسَانُهُ بِاسْتِغْفَارِهِ وَتَوْبَتِهِ، وَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ مُرَابِطٌ وَلَهُ أَجْرُ الرِّبَاطِ، وَهُوَ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، حَتَّى لَوْ كَانَ سَاكِنًا صَامِتًا، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِنَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ وَهُوَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ؟! وَلَا يَتَهَيَّأُ لِلْمُؤْمِنِ كُلُّ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ؛ وَلِذَا أَحَبَّ الْمُؤْمِنُونَ مَسَاجِدَهُمْ وَلَازَمُوهَا، وَابْتَنَوُا الْمَسَاجِدَ فِي مُدُنِهِمْ وَقُرَاهُمْ وَعَمَرُوهَا، وَأَوَّلُ مَا يَشْغَلُ الْمُؤْمِنَ إِذَا انْتَقَلَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، أَوْ مِنْ حَيٍّ إِلَى حَيٍّ أَنْ يَكُونَ سَكَنُهُ فِي حَارَةٍ فِيهَا مَسْجِدٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْعَى فِي الْقُرْبِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَمُلَاصَقَتِهِ؛ لِيُعِينَهُ وَوَلَدَهُ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. وَقَدْ لَازَمَ الْمَسَاجِدَ أُنَاسٌ بَعْدَ تَقَاعُدِهِمْ مِنْ وَظَائِفِهِمْ، فَجُلُّ أَوْقَاتِهِمْ فِيهَا لِلذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ، فَكَانَتْ أُنْسَهُمْ وَرَاحَتَهُمْ حِينَ وَجَدَ غَيْرُهُمْ رَاحَتَهُمْ فِي الْأَسْفَارِ وَالنُّزْهَاتِ وَالتَّجَمُّعِ فِي الِاسْتِرَاحَاتِ. قَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: كَتَبَ سَلْمَانُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ: «يَا أَخِي، عَلَيْكَ بِالْمَسْجِدِ فَالْزَمْهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيٍّ» رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَحَسَّنَهُ الْمُنْذِرِيُّ.



وَالْمُؤْمِنُونَ يَفْرَحُونَ بِمَسَاجِدِهِمْ، وَيَسْعَوْنَ إِلَيْهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ؛ لِمَا عَلِمُوهُ مِنَ الْفَضْلِ الْعَظِيمِ، وَالثَّوَابِ الْكَبِيرِ الْمُرَتَّبِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ:

وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُكْرِمُ رُوَّادَ الْمَسَاجِدِ لِلصَّلَوَاتِ، وَيُعِدُّ لَهُمْ ضِيَافَةً فِي الْجَنَّةِ تَلِيقُ بِهِمْ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.



وَمِنْهَا: مَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ بِالصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَصَلَّاهَا مَعَ النَّاسِ أَوْ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.



وَمِنْهَا: تَكْفِيرُ الْخَطَايَا وَرَفْعُ الدَّرَجَاتِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خُطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالْأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.



وَمِنْهَا: ضَمَانَةُ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ إِذَا خَرَجَ لِلْمَسْجِدِ أَنْ يَعُودَ مَأْجُورًا أَوْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: -وَذَكَرَ مِنْهُمْ-: وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.



وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا غَابَ عَنِ الْمَسْجِدِ لِعُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سِفْرٍ أَوْ وَبَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى فَرِحَ اللَّهُ تَعَالَى بِعَوْدَتِهِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ كَانَ يُوَطِّنُ الْمَسَاجِدَ فَشَغَلَهُ أَمْرٌ أَوْ عِلَّةٌ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مَا كَانَ إِلَّا تَبَشْبَشَ اللَّهُ إِلَيْهِ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَاللَّفْظُ لَهُ.



فَلَا عَجَبَ أَنْ حَزِنَ أَهْلُ الْإِيمَانِ حِين حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَسَاجِدِهِمْ؛ حِمَايَةً مِنَ الْوَبَاءِ فَبَكَوْا لِفِرَاقِهَا، وَلَا عَجَبَ أَنْ فَرِحُوا بِالْعَوْدَةِ إِلَى مَسَاجِدِهِمْ مَرَّةً أُخْرَى، فَبَكَوْا لِلصَّلَاةِ فِيهَا، فَهِيَ أُنْسُهُمْ وَرَاحَتُهُمْ وَبَهْجَتُهُمْ حَيْثُ مُنَاجَاةُ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 36- 37].



وَأَقُولُ وَقُولِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...



الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.



أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].



أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ يَزِيدُهَا وَيُبَارِكُهَا، فَيَنْتَفِعُ بِهَا الْمُؤْمِنُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّ مُقَابَلَةَ النِّعَمِ بِالْجُحُودِ أَوِ الْكُفْرَانِ سَبَبٌ لِزَوَالِهَا وَفَقْدِهَا ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 7]. وَالْإِيمَانُ أَعْظَمُ النِّعَمِ، وَالصَّلَاةُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْمَسَاجِدُ بُيُوتُ الْإِيمَانِ، وَعَجْزُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَسَاجِدِهِمْ مِنَ الْمَصَائِبِ الْعِظَامِ، وَقَدْ شَعَرَ الْمُسْلِمُونَ بِأَلَمِ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الدُّوَلِ وَالْأَمْصَارِ، وَذَاقُوا مَرَارَةَ الْحِرْمَانِ؛ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى نِعْمَةِ الْإِيمَانِ، وَنِعْمَةِ الصَّلَاةِ، وَنِعْمَةِ الْمَسَاجِدِ؛ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ، مَعَ أَخْذِ الِاحْتِيَاطَاتِ اللَّازِمَةِ لِلْوِقَايَةِ مِنَ الْوَبَاءِ.



وَمِنْ شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى: لُزُومُ الطَّاعَاتِ، وَالْبُعْدُ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمُرَاقَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْخَلَوَاتِ، وَالْحَذَرُ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ بِالْمُنْكَرَاتِ. وَلَا سِيَّمَا مَعَ تَتَابُعِ الْأَزَمَاتِ بِالْوَبَاءِ وَبِمَا خَلَّفَهُ مِنْ آثَارٍ اقْتِصَادِيَّةٍ مُوجِعَةٍ، وَلَا نَجَاةَ لِلْعِبَادِ مِنْ أَزَمَاتِهِمْ إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَلَا حِفْظَ لَهُمْ مِنَ الْوَبَاءِ وَآثَارِهِ إِلَّا بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَوَجَبَ أَنْ تَتَوَجَّهَ الْقُلُوبُ إِلَيْهِ رَغَبًا وَرَهَبًا، رَجَاءً وَخَوْفًا، وَإِلَّا نُزِعَتْ مِنْهُمُ النِّعَمُ، وَحَلَّتْ بِهِمُ النِّقَمُ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا ذُكِّرُوا فَلَمْ يَتَذَكَّرُوا، وَأُنْذِرُوا فَلَمْ يَتَّعِظُوا، وَفِي الْقُرْآنِ شَوَاهِدُ لِذَلِكَ مِنْ أُمَمٍ سَالِفَةٍ: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 42 - 45]. وَفِي مَقَامٍ آخَرَ: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 94-99]، فَاحْذَرُوا -عِبَادَ اللَّهِ- نِقْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ احْذَرُوا ثُمَّ احْذَرُوا.




وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.05 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]