|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له،ومن يضل فلن تجد له ولياً مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله: واعلموا أن التقوى طريق النجاة والفوز بدار النعيم [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً](الأحزاب). فالتقوى هي التي تُسَيِّر العبد إلى الجنة، فتعينه على كل خير، وتصده عن كل شر، وتأخذ بيده إلى فضائل الأعمال وأحسنها، وتمنعه من قبائحها وسيئها، فهي النجاة لكل من تمسك بها في الدنيا، وهي خير زاد لمن أراد الآخرة وسعى لها سعيها. عباد الله: إن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه، ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال، ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه ليتَّقوه بصالح الأعمال، ولهذا كرر سبحانه وتعالى في كتابه ذكر النار وما أعده فيها لأعدائه من العذاب والنكال، وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال، إلى غير ذلك مما فيها من العظائم والأهوال، ودعا عباده بذلك إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه ويأباه، ومن تأمل سير السلف الصالح أهل العلم والإيمان من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، علم أحوال القوم وما كانوا عليه من الخوف والخشية والإخبات، وأن ذلك هو الذي أوصلهم إلى تلك الأحوال الشريفة والمقامات السنيات، من شدة الاجتهاد في الطاعات والانكفاف عن دقائق الأعمال والمكروهات فضلاً عن المحرمات. عباد الله: إن المؤمن في هذه الحياة لا غنى له عن أمرين حتى يلقى الله تعالى، الخوف والرجاء، فهو يحب ربه ويرجوه، ويخافه ويخشاه ولا يعصيه، وهما جناحان لا غنى للعبد عنهما، كجناحي الطائر إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت. ولقد جاء في السنة موقف من مواقف تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأمته عن هذين الأمرين لكي يقف العبد عندهما ويجعلهما نصب عينيه فلا يغفل عنهما، فعن أنس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال كيف تجدك قال أرجو الله يا رسول الله وإني أخاف ذنوبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف)(رواه الترمذي، وابن ماجة، وأخرجه الألباني في صحيح الترغيب، وقال حديث حسن صحيح). ولقد ذكر الله تعالى في كتابه آيات كثيرة تدل على عظم شأن الخوف وأنه منزلة لازمة للمؤمن في حياته الدنيا لكي يصل إلى رضا الله تعالى وجنته. وكلما زاد خوف العبد من ربه زاد عمله، وقل عُجْبه، وقلت معصيته، وكلما قلَّ خوف العبد من ربه، نقص عمله، وزاد عجبه، وكثرت معصيته. فالخوف صفة بارزة من صفات عباد الله الصالحين، لا غنى لهم عنها في مسيرهم إلى الله تعالى، فتراهم يؤدون حقوق الله وهم خائفون وجلون من عدم قبولها، وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} قالت عائشة هم الذين يشربون الخمر ويسرقون، قال: لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات)(رواه الترمذي). فهم أحرص الناس على طاعة ربهم، والمسارعة إلى رضاه، والبعد عن معصيته، والفرار من سخطه وغضبه، إلا أنهم يخافون من عدم قبول أعمالهم. قال الحافظ بن حجر رحمه الله: (إن الخوف من المقامات العلية وهو من لوازم الإيمان، قال تعالى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين}(آل عمران)، وقال تعالى {فَلا تَخْشَوا النَّاسَ واخْشّوْنِ}(المائدة)، وقال تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاء}(فاطر)، وقال صلى الله عليه وسلم (أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية)، وكلما كان العبد أقرب إلى ربه كان أشد له خشية ممن دونه، وقد وصف الله تعالى الملائكة بقوله {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ}(النحل)، والأنبياء بقوله {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}(الأحزاب)، وإنما كان خوف المقربين أشد؛ لأنهم يطالبون بما لا يطالب به غيرهم فيراعون تلك المنزلة) ا. هـ (البخاري ـ الفتح 11/313). • ولقد كان خوف إمام المرسلين وقدوة العالمين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عبرة للمسلمين جميعاً كي يتعلموا منه، ويأخذوا حذرهم من الغفلة والإعراض عن الله، وهو من هو بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحُق لها أن تئط والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجد لله والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرشات ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله. قال أبو ذر يا ليتني كنت شجرة تعضد)(رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم2449). يتبع
__________________
![]() مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |