|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() رمضان كنوز ونفحات أمينة أحمد زاده سيد الشهور، وغُرّة الدهور.. فيه تقتطف الأجور، وتتزين له الجنان والقصور.. شهر فضّله الله وعظّمه، وفرض صومه وسنّ قيامه، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 183، 184]. رمضان موسم الخيرات والبركات، شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار. جعله الله مضماراً للتسابق إلى الطاعات ورفع الدرجات، ومضاعفة الحسنات، والتزود من الفضائل والمَكْرُمات. نهاره مضمون بالصيام، وليله معمور بالقيام، قال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه». الصيام عدة المسافر إلى الله عز وجل وزاده إلى الدار الآخرة.. وهو لِجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياحين الأبرار والمقربين، ودُرّة الخاشعين، وحبيب العابدين، وأنيس الذاكرين، وفرصة التائبين.. وهو لرب العالمين. مَنْ أخلص الصوم فيه فقد فاز فوزاً عظيماً، ومن قصّر وفرّط فقد خسر خسراناً مبيناً وكان شقياً محروماً. وكان صلى الله عليه وسلم إذا أقبل رمضان فَرِح به وبشّر أصحابه بقدومه لينالوا من خيراته وبركاته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاكم رمضان، شهرٌ مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، تغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدَة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم» رواه النسائي في السنن الصغرى. وفي حديث آخر: تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفّد فيه الشياطين وينادي منادٍ في كل ليلة يا باغيَ الخير هلمَّ ويا باغي الشر أقصر فما أجملها من بشرى وما أحلاه من نداء. نداء تدمع له العيون وتخشع له القلوب. فأهلاً بشهر في أعماق القلب سُكْناه، أهلاً بشهر نشر في الكون عبقه وشَذاه، فما أكثر المبشرات وما أجلّ الطاعات في أيام معدودات. ورد في الحديث القدسي عن أبي هريرة صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» رواه البخاري. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشرُ شَدَّ مِئزره وأحْيى ليله وأيقَظ أهله». ولقد كان سلفنا الصالح والأخيار المتقون يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان وستةً أُخرى أن يتقبله منهم، وكانوا يتعاهدون في رمضان الفقراء والمساكين بالصدقات وإطعام الطعام وتفطير الصوَّام. وقد سئل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كيف كنتم تستقبلون شهر رمضان؟ قال: «ما كان أحد يجرؤ أن يستقبل الهلال وفي قلبه مثقال ذرة من حقد على أخيه المسلم». وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين. أما الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه فكان إذا دخل رمضان ترك مجلس العلم وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف. فما أحوجنا أن نصوم صيام الصالحين وقد زال ما بيننا وبين المؤمنين، ما أحوجنا أن نرحم البائسين ونحسن إلى المحتاجين. فكم من حسنة غفر الله بها الذنوب! وكم من صدقة ستر الله بها العيوب! إنه رمضان شهر الجود والإحسان، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأكرم الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان وكان أجود بالخير من الريح المرسلة. أقبِل يا رمضان يا شهر الهدى والقرآن، يا شهر البر والإحسان، يا شهر الصفح والغفران، يا شهر العتق من النيران، أَقبِل فقد أثقلَتْ كواهلَنا الذنوب والأوزار، واشتاقت نفوسُنا إلى السكينة والوئام، أقبل فقد ظمئت قلوبنا إلى ساعات الصفاء، أقبل لتزيح من صدورنا الشحناء والبغضاء، وتسقيَها بالطهر والنقاء والتسامح والإخاء. أخي المسلم وأختي المسلمة: لِنُقْبِلْ على خيرات هذا الشهر الفضيل، ولنشمّر عن ساعد الجِدّ والعمل، وليكن شهر الركوع والسجود، شهر الذكر والقرآن، شهر محاسبة النفس وإيقاظ الضمير، ولا يكن صومنا مجرد إمساك عن الطعام والشراب، بل صوماً بالجوارح والأركان عن الغيبة والنميمة والكذب والزور والبهتان، وكف السمع والبصر عن محارم الله. فكم من صائم مفطر ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش وكم من قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب! يقول صلى الله عليه وسلم: «من لم يدَعْ قولَ الزور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامَه وشرابه» رواه البخاري، ويقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الحازم، وليكن عليك سكينة ووقار، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواءً». ويقول مجاهد: «خصلتان من حفظهما سلم له صومه: الغيبة والكذب». فلنسرعْ يا إخوتي ولا نتوانَ عن عِتْقِ رقابنا من حَرَ النار، لِنجدّدِ العهد مع الله على التوبة والإنابة، ولْنعلمْ أن للصائم دعوة مستجابة، قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات مستجابات دعوة الصائم ودعوة المظلوم ودعوة المسافر» صحيح الجامع. لِنسألِ الله أن يكون لنا نصيب من المغفرة والرحمة والرضوان، ومن الذين يُفتح لهم باب الريان، لِنسألْه تعالى في الثلث الأخير من الليل حين يقول سبحانه: من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ اللهم أهِلّ علينا شهر رمضان بالخير والبركة واختمه بمغفرتك وعفوك واجعل مآلنا إلى جنتك. آمين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |