|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عشر ذي الحجة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي الحمد لله الذي فضل بعض الأيام على بعض، وقبل من أهل الإخلاص صدقاتهم وسيوَفِّيهم أجورهم عليها كالقول، أعان أهل طاعته على تأدية النفل والفرض، وثبط همم أعدائه عن المسابقة إلى الأعمال الصالحة، وجعلها حول معيشتها غادية ورائحة، لا تطمئن ولا تستريح، أحمده على ما قدر وقضى، وأشكره على نعم عم بها من بقي ومن مضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها مرضاته، وأسأله المزيد من الإخلاص في الأعمال بطاعته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى سبيله على بصيرة المبين للناس ما نزله إليهم بحجة قاطعة مستنيرة صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على هديه متمسك بأهدابه وسلم تسليمًا كثيرًا.. أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله - تعالى - وراقبوه، ولا تغفلوا عن طاعته ولا تنابذوه، أما علمتم أنه أوجدكم من العدم، وفضلكم على جميع مخلوقاته بالطيبات من النعم، وشرفكم بالعقول والسمع والبصر، وخلق لكم الأنعام لتمايز منافعكم من الدر والظهر، يقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]، ابن آدم، إن ربك - تبارك وتعالى - ذكر نعمه التي خولك فيها وأعلمك أنك ستحاسب عليها وتجازى، ومتى هذا الحساب وهذا الجزاء؟ ﴿ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [الإسراء: 71]، وذلك اليوم هو يوم القيامة الذي مقداره خمسون ألف سنة والناس يموجون فيه موج السراب حفاة عراة غرلًا، وتدنو فيه الشمس حتى تكون على رؤوس الخلائق ويضاعف حرها أضعافًا وليس فيه ظل إلا ظل عرش الرحمن كما قال - صلى الله عليه وسلم – في الحديث المتفق عليه (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) الحديث، يوم يشيب من هوله المولود، ويشتد فيه غضب الرحيم الودود، كما ورد عن - صلى الله عليه وسلم - من أن الناس إذا طال عليهم الوقوف واشتد بهم الكرب يوم القيامة يتشاورون فيما بينهم هل إلى الحساب من سبيل أو درب فيأتون أبيهم آدم فيسألونه أن يشفع عند ربه ليحاسبهم فيجيبهم عليه السلام (إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ويذكرهم ذنبه بأكله من الشجرة وقد نهاه الله عنها فلا يزالون يسألون الشفاعة من نبي إلى نبي حتى يصلوا إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فيسجد لربه - تبارك وتعالى - ما شاء ويسأل ربه أن يفصل بينهم فيجازي كلًا بما يستحقه، فينصب الصراط على متن جهنم وتبدل الأرض غير الأرض وتحيط بهم النار من كل ناحية، فلا عبور إلا على الصراط المنصوب على متن جهنم وهو أدق من الشعرة وأحد من السيف وأحر من الجمر، فينصب الميزان للأعمال ويحاسب الله الخلائق بنفسه ويشهد على كل فرد جلده ويده ورجله بما كان قد عمل في الدنيا بما يظن أنه سيخفى أو ينسى ولا يظلم ربك أحدًا ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]. عباد الله، إذا علمنا يقينًا أننا سائرون إلى الله في كل وقت ولحظة وأننا مجازون بما عملنا من خير وشر، وأنه ستشهد علينا الأيدي والأرجل والجلود، وأن ما بعد الموت إما نعيم مقيم، وأما عذاب سرمدي مستمر دائم، إما جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، فيها ما تعجز عن حده الألسن، فيها عين جارية وأنهار سارية، وثمار يانعة، فيها الحور الحسان والولدان، فيها أنهار العسل والسلسبيل، فيها الظل الظليل، وفيها يوم المزيد، يوم يتجلى فيه رب العالمين لسكانها فيرونه بأبصارهم ويسمعون كلامه ويخاطبهم - جل جلاله - ألا هل رضيتم عبادي؟: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَة ﴾ [القيامة: 22 - 25] وإما إلى الجحيم الذي لا يفنى عذابها ولا يخمد لهبها ﴿ كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى ﴾ [المعارج: 15 - 18] ﴿ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]. لقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أن الله - تعالى - إذا قال لخزنة النار خذوه ابتدره سبعون ألف ملك، ولا مغيث من عذاب الله، ولا موت ولا فناء، مخلدون فيها لا يموتون ولا يخفف عنهم من عذابها، وإذا طلبوا الماء أغيثوا بماء كالمهل أو الصديد، إذا أقبل على وجوههم سقطت لحومها من حره الشديد، ويؤتى بالموت في صورة كبش فيذبح بين أهل الجنة والنار ليتم نعيم أهل الجنة ويزداد عذاب أهل النار، فينادي أهل النار خازن النار، يا مالك قد نضجت منا الجلود، يا مالك قد تفتت منا الكبود، يا مالك العدم خير من هذا الوجود، فيجيبهم مالك بعد زمان اخسئوا فيها فلابد من الخلود. عباد الله، من لنا بالنجاة من عذاب الله؟، من لنا يغيثنا ويجيبنا سواه يا عباد الله، هذا وقت البذر للزراع، هذا وقت المسابقة إلى الأطماع التي لا يشبهها أطماع، هذه عشر ذي الحجة التي تضاعف فيها الأعمال، فيها يوم عرفة الذي ما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر مما رئي فيه، صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء)[1]. وأما الحديث عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (أفضل أيام الدنيا أيام العشر قال يا رسول الله ولا مثلهن في سبيل الله قال ولا مثلهن في سبيل الله إلا من عفر وجه بالتراب)، أخرجه الجزار وأبو يعلى، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر)[2]. وروى الحسن عن أنس بن مالك قال: "كان يقال في أيام العشر كل يوم ألف بألف ويوم عرفة بعشرة آلاف يوم"، وروى البخاري في صحيحه معلقًا عن ابن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهما -: أنهما كانا يخرجان إلى السوق فيكبران فيكبر الناس بتكبيرهما، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)[3]. واعلموا رحمكم الله أنه يسن التكبير في هذه العشر، ويتعين بعد ظهر يوم عرفة إلى آخر اليوم الثالث بعد العيد. أعوذ بك لله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]. الخطبة الثانية أيها الناس، اتقوا الله - تعالى - واعلموا أن أفضل أيام الدنيا عشر ذي الحجة الأولى، فمن أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي، روى مسلم عن أم سلمة - رضي الله عنها - مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا)[4]؛ أي إلا بعد ذبح الأضحية، أما من يضحي عن غيره كالوكيل أو الوصي على أضحية فإنه غير داخل في الحكم، لأنه يضحي عن غيره والحديث في الذي يضحي عن نفسه أويضحي عنه غيره. والحمد لله رب العالمين. [1] صحيح ابن حبان (324). [2] سنن الترمذي (758). [3] سنن الترمذي (3585). [4] صحيح مسلم (1977).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |