|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أحكام المواريث الشيخ صلاح نجيب الدق الحمد لله الذي خلق كلَّ شيءٍ فقدَّره تقديرًا، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد، الذي أرسله ربُّه هاديًا ومُبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا. أما بعد: فإن علمَ المواريث مِن العلوم المُهمَّة في الشريعة الإسلامية، والتي يجهلها الكثير من المسلمين؛ من أجل ذلك أحببت أن أُذكِّر نفسي وإخواني الكرام ببعض أحكام المواريث. معنى الفرائض: الفرائض في اللغة: جمع فريضة، والفريضةُ مأخوذةٌ من الفرض، بمعنى التقدير، يقول الله سبحانه: ﴿ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ﴾ [البقرة: 237]؛ أي: قدَّرتُم. والفرض في الشرع: هو النصيب المُقدَّر للوارث، ويُسمَّى العلمُ بها علمَ الميراث، وعلم الفرائض؛ (فقه السنة؛ للسيد سابق، جـ4 صـ328). علم المواريث: علم المواريث: هو قواعدُ وضوابطُ يُعرَف بها نصيبُ كلِّ مستحقٍّ في تركة الميت؛(رد المحتار على الدر المختار؛ لابن عابدين جـ6 صـ757). مشروعية الفرائض: كان العربُ في الجاهلية قبلَ الإسلام يُورِّثون الرجالَ دون النساء، والكبارَ دون الصغار، فأبطَلَ اللهُ تعالى ذلك، وأنزل: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11]؛ (فقه السنة؛ للسيد سابق جـ4صـ328). روى الترمذيُّ عن جابر بن عبدالله قال: جاءتِ امرأةُ سعدِ بن الربيع بابنتَيْها مِن سعد إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، هاتانِ ابنَتَا سعدِ بن الربيع، قُتِل أبوهما معك يومَ أُحُد شهيدًا، وإن عمَّهما أخذ مالَهما، فلم يَدَعْ لهما مالًا، ولا تنكحان إلا ولهما مال، قال: ((يقضي الله في ذلك))، فنزلت آية الميراث، فبعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى عمِّهما، فقال: ((أعطِ ابنتَي سعدٍ الثُّلُثينِ، وأعطِ أمَّهما الثُّمُن، وما بقي، فهو لك))؛ (حديث حسن؛ صحيح الترمذي للألباني حديث: 1701). فضل علم المواريث: علم الفرائض (المواريث) له منزلةٌ عظيمة في الإسلام، يكفيه شرفًا أن الله تعالى هو الذي تولى بيان نصيب جميع الورثة. روى الترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرحمُ أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدُّهم في أمرِ الله عمر، وأصدَقُهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أُبَي بن كعب، وأفرضُهم (أعلمهم بعلم المواريث) زيدُ بنُ ثابت، وأعلمُهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمةٍ أمينًا، وإن أمين هذه الأمة أبو عُبَيدة بن الجرَّاح))؛ (حديث صحيح؛ صحيح سنن الترمذي للألباني حديث: 2981). في هذا الحديث الشريف منقبةٌ لزيد بن ثابت، فهو مِن أعلم الصحابة بالمواريث. الحقوق المتعلقة بتركة الميت تعريف التركة: التركة: هي كلُّ ما يتركه الميت من الأموال مطلقًا؛ (فقه السنة؛ للسيد سابق جـ4 صـ 329). الحقوق المتعلقة بتركة الميت هي على الترتيب الآتي: (1) تكاليف تجهيز الميت، وهي كل ما يحتاجه الميت من الكَفَن والغسل والدفن، ونحو ذلك، فيُقدَّم هذا على جميع الحقوق. (2) سداد جميع الدُّيون المتعلقة بالميت، ويُقدَّم سداد الدَّيْن على الوصية. روى الترمذي عن علي بن أبي طالب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدَّين قبل الوصية؛ (حديث حسن؛ صحيح الترمذي للألباني حديث: 1073). قال الإمام الترمذي رحمه الله: العمل على هذا عند عامة أهل العلم، أنه يبدأ بالدَّين قبل الوصية؛ (سنن الترمذي جـ4 صـ 363). (3) تنفيذ وصية الميت المشروعة من ثُلُث التركة فقط. ودليل تقديم الوصية والدَّين على حقوق الورثة قولُه تعالى: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 11]. (4) تقسيم باقي التركة على الورثة المستحقين، قال الله تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11]؛ (الفوائد الجلية في المباحث الفرضية؛ لابن باز صـ9)، (تسهيل الفرائض؛ لابن عثيمين صـ11). أركان الإرث: أركان الإرث ثلاثة؛ وهي: (1) مُورِّث. (2) وارث. (3) مَوْرُوث. فالمُورِّث: مَن انتقلتِ التركةُ منه، وهو الميت. والوارث: مَن انتقلت التركة إليه. والموروث: التركة؛ (رد المحتار على الدر المختار؛ لابن عابدين جـ6 صـ758)، (تسهيل الفرائض؛ لابن عثيمين صـ18). شروط الإرث: شروط الإرث ثلاثة؛ وهي: الأول: موت المُورِّث حقيقةً أو حكمًا، ويحصل تحقُّق الموت بالمشاهدة، أو شهادة عدلينِ. وأما الموت حكمًا: فذلك في المفقود إذا مضَتِ المدةُ التي تُحدَّد للبحث عنه. الثاني: تحقق حياة الوارث بعد موت المُورِّث، ولو لحظةً، حقيقةً أو حكمًا؛ كالحمل (الجنين)، فإنه يرث بشرطين: (1) تحقُّق وجود الحمل في الرَّحِم حين موت المُورِّث ولو نطفةً. (2) انفصال الحمل حيًّا، حياةً مستقرَّة. الثالث: العلم بالسبب المقتضي للإرث؛ لأن الإرث مُرتَّب على أوصافٍ؛ كالولادة، والأبوَّة، والأُخوَّة، والزوجية، والولاء، ونحو ذلك؛ (رد المحتار على الدر المختار؛ لابن عابدين جـ6 صـ758)، (تسهيل الفرائض؛ لابن عثيمين صـ19: 18). أسباب الإرث: أسباب الإرث ثلاثة؛ وهي: النكاح، والنَّسَب، والولاء. أولًا: النكاح: وهو عقدُ الزواج الصحيح بين الرجل والمرأة، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 12]. ثانيًا: النَّسَب: وهو القرابة، وهي الاتصال بين شخصينِ عن طريق الولادة، سواء كانت قريبة أم بعيدة، وينقسم النسب إلى ثلاثة أقسام؛ وهي: (1) الأصول: وهم الآباء وآباؤهم، إن علَوا. (2) الفروع: وهم الأبناء وأبناؤهم، وإن نزلوا. (3) الحواشي: وهم الإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم. قال الله تعالى: ﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 75]. ثالثًا: الولاء: عصوبة تثبُتُ للمُعتِق وعصبته بسبب نعمة السيد على عبيدِه بالعتق، فيرث بها المُعتَق هو وعصبته. روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما الولاء لمن أعتَق))؛ (البخاري حديث: 2156 / مسلم حديث: 1504). روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب، لا يُباع ولا يُوهَب))؛ (حديث صحيح، صحيح الجامع للألباني حديث: 7157). فمَن أعتق عبدًا ثم مات العبد وكان له مالٌ، ورِث سيدُه هذا المال، ولكن العبدَ لا يرث شيئًا من مال سيده، ولو لم يكن للسيد ورثة؛ (الفوائد الجلية، في المباحث الفرضية؛ لابن باز صـ10)، (تسهيل الفرائض؛ لابن عثيمين صـ21). العصبة: التعصيب في اللغة: مصدر عصب يعصب تعصيبًا، وهو مشتق من العصب بمعنى الشد والتقوية أو الإحاطة. وعصبة الرجل: هم بنوه وقرابته من الذكور من جهة أبيه، سُموا بذلك لإحاطتهم به، أو لشد بعضهم أَزْرَ بعض. العاصب في الشرع: هو الوارث بغير تقدير، وإذا كان معه ذو فرضٍ أخذ ما فضل عنه، قلَّ أو كَثُر، وإن انفرد العاصب أخذ الكل، وإن استغرقت الفروض المالَ سقط. روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَلْحِقوا الفرائض بأهلِها، فما بقي فهو لأَوْلَى رجلٍ ذَكَر))؛ (البخاري حديث: 6732 / مسلم حديث: 1615)؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ9). موانع الإرث: موانع الإرث ثلاثة؛ وهي: (1) اختلاف الدين؛ فلا يرث المسلم مال الكافر، ولا يرث الكافر مال المسلم. روى الشيخان عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ))؛ (البخاري حديث: 6764 / مسلم حديث: 1614). (2) الرق: وهو العبودية: فالعبد لا يرث سيده؛ لأن كل ما يملكه العبد هو ملك لسيده. روى الشيخان عن عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن ابتاع (اشترى) عبدًا وله مال، فماله للذي باعه (أي لسيد العبد)، إلا أن يشترط المبتاع))؛ (البخاري حديث: 2379 / مسلم حديث: 1543). (3) القتل: القاتل لا يرث مَن قتله، سواء كان القتل عمدًا أم خطأً؛ وذلك سدًّا للذريعة، ولئلَّا يدعي العامدُ أنه قتل خطأً، ويرى بعض العلماء أن القتل الخطأ لا يمنع من الإرث؛ (المغني؛ لابن قدامة جـ9 صـ150 / 151)، (الفوائد الجلية في المباحث الفرضية؛ لابن باز صـ12)، (تسهيل الفرائض؛ لابن عثيمين صـ28). يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |