|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التوسل إلى الله تعالى بأنواع التوسل المشروعة صلاح عامر قمصان إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وأحسن الهَدْي هَدْي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. معنى الوسيلة لغةً وشرعًا: الوسيلة لغة: القُربة والطاعة، وما يتوصل به إلى الشيء ويُتقرَّب به إليه. يقال: وسَّل فلانٌ إلى الله تعالى توسيلًا: عمِل عملًا تقرب به إليه، ويقال: وسَلَ فلانٌ إلى الله تعالى بالعمل يَسِلُ وَسْلًا وتوسُّلًا وتوسيلًا: رغِب وتقرَّب إليه؛ أي: عمل عملًا تقرب به إليه[1]. قال الراغب الأصفهاني: "الوسيلة: التوصل إلى الشيء برغبة، وهي أخص من الوصيلة؛ لتضمُّنها معنى الرغبة، قال تعالى: ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [المائدة: 35]، وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى مراعاةُ سبيله بالعلم والعبادة، وتحري مكارم الشريعة، وهي كالقربة، والواسِلُ: الراغب إلى الله تعالى"[2]، ومعنى قوله تعالى: ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [المائدة: 35]؛ أي: تقرَّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه[3]. 1- التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالإيمان به وبوَحْيه، والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم واتِّباعه: قال تعالى عن المؤمنين: ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 53]. وأيضًا: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 193]. وقولهم كذلك: ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 109]. ومن أمثلة التوسل بالإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر: قوله تعالى عن الراسخين في العلم: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 8، 9]. وعن فَضَالَةَ بنِ عُبَيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم مَن آمن بك وشهِد أني رسولك، فحبِّب إليه لقاءك، وسهِّل عليه قضاءك، وأقلِلْ له من الدنيا، ومَن لم يؤمن بك ويشهد أني رسولك، فلا تحبب إليه لقاءك، ولا تسهل عليه قضاءك، وأكثر له من الدنيا))[4]. وقوله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكَّلتُ، وإليك أنبتُ، وبك خاصمتُ، وإليك حاكمتُ، فاغفِرْ لي ما قدَّمتُ وأخَّرتُ، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنتَ))[5]. 2- التوسل بأسماء الله تعالى وصفاته: لقوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]. وفيما يتعلَّق بالتوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته، يقول ابن القيم رحمه الله عن فاتحة الكتاب: "ولَمَّا كان سؤال الهداية إلى الصراط المستقيم أجلَّ المطالب، ونَيْلُه أشرفَ المواهب، علَّم الله عباده كيفية سؤاله، وأمَرهم أن يقدِّموا بين يديه حمدَه والثناءَ عليه وتمجيده، ثم ذِكْر عبوديتهم وتوحيدهم، فهاتانِ وسيلتان إلى مطلوبهم؛ توسل إليه بأسمائه وصفاته، وتوسل إليه بعبوديته، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يُرَدُّ معهما دعاء". ويؤيد الوسيلتين المذكورتين ما جاء في حديثَي الاسم الأعظم، اللذينِ رواهما ابن حبان في صحيحه والإمام أحمد والترمذي: أحدهما: حديث عبدالله بن بُريدة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: سمِع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعو ويقول:...، وساق الحديث، ثم قال: "ففيه توسُّل إلى الله بتوحيده، وشهادة الداعي به بالوحدانية، وثبوت صفاته المدلول عليها باسم الصمد، وهو كما قال ابن عباس: العالم الذي كمُل علمُه، القادرُ الذي كمُلَت قدرته، وفي رواية عنه: هو السيد الذي كمل سُؤْدده، وقال سعيد بن جبير: هو الكامل في جميع صفاته وأقواله وأفعاله، وبنفي التشبيه والتمثيل، بقوله: ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 4]، وهذه عقيدة أهل السنة، والتوسل بالإيمان بذلك والشهادة به هو اسم الله الأعظم. الثاني: حديث أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يدعو...، وساق الحديث، ثم قال: وفيه توسُّل بأسمائه وصفاته. وقد جمعَتْ فاتحة الكتاب الوسيلتين؛ وهما: التوسل بالحمد والثناء عليه وتمجيده، والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده، ثم جاء سؤال أهم المطالب، وأنجع الرغائب، وهو الهداية بعد الوسيلتين، فالداعي به حقيق بالإجابة. ونظير هذا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو به إذا قام يُصلِّي مِن الليل، عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجَّد من الليل قال: ((اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيم السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومَن فيهن، أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكلت، وإليك أَنَبْتُ، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدَّمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنتَ))، فذكر التوسل إليه بحمده والثناء عليه، وبعبوديته له، ثم سأله المغفرة"؛ اهـ[6]. (3) التوسل إلى الله تعالى بالعملِ الصالح الذي قام به الداعي: عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((خرج ثلاثة نفرٍ يمشون فأصابهم المطر، فدخلوا في غار في جبل، فانحطَّت عليهم صخرة، قال: فقال بعضهم لبعض: ادعوا الله بأفضل عملٍ عملتموه، فقال أحدهم: اللهم إني كان لي أبوانِ شيخان كبيران، فكنت أخرج فأرعى، ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب، فآتي به أبويَّ فيشربان، ثم أسقي الصِّبية وأهلي وامرأتي، فاحتبست ليلة، فجئت فإذا هما نائمان، قال: فكرِهت أن أوقظهما، والصبية يتضاغَون عند رِجْلي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما، حتى طلع الفجر، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرُجْ عنا فُرْجة نرى منها السماء، قال: ففرج عنهم، وقال الآخر: اللهم إن كنتَ تعلمُ أني كنتُ أحب امرأة من بنات عمي كأشد ما يحب الرجل النساء، فقالت: لا تنال ذلك منها حتى تعطيها مائة دينار، فسعيتُ فيها حتى جمعتُها، فلما قعدت بين رجلَيْها، قالت: اتقِ الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقمت وتركتها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرُجْ عنا فُرْجة، قال: ففرج عنهم الثلثين، وقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرًا بفَرَقٍ من ذُرَةٍ فأعطيتُه، وأبى ذاك أن يأخذ، فعمدتُ إلى ذلك الفَرَقِ فزرعته، حتى اشتريت منه بقرًا وراعيها، ثم جاء فقال: يا عبدالله، أعطني حقي، فقلت: انطلق إلى تلك البقر وراعيها، فإنها لك، فقال: أتستهزئ بي؟ قال: فقلتُ: ما أستهزئ بك، ولكنها لك، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرُجْ عنا، فكُشِفَ عنهم))[7]. 4- التوسل بدعاء الرجل الصالح أو المرأة الصالحة "الحاضر الحي": قال تعالى عن أبناء يعقوب عليه السلام لأبيهم بعد ما فعلوه بيوسف عليه السلام: ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف: 97، 98] وعن أُسَيرِ بن جابر رضي الله عنه، قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أتى عليه أمدادُ أهل اليمن، سألهم: أفيكم أُوَيس بنُ عامر؟ حتى أتى على أُوَيس، فقال: أنت أُوَيس بن عامر؟ قال: نَعَم، قال: مِن مراد، ثم مِن قَرَنٍ؟ قال: نعم، قال: فكان بك برصٌ، فبرأتَ منه، إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال: نعم، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي عليكم أُوَيس بن عامر مع أمدادِ أهل اليمن، من مرادٍ، ثم من قَرَنٍ، كان به برص، فبرأ منه، إلا موضع درهم، له والدةٌ، هو بها برٌّ، لو أقسم على الله لأبرَّه؛ فإن استطعتَ أن يستغفر لك، فافعَلْ))، فاستغفِرْ لي، فاستغفَر له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غَبْراءِ الناس أحب إليَّ، قال: فلما كان من العام المقبل، حجَّ رجل من أشرافهم، فوافق عمر، فسأله عن أويس، قال: تركته رث البيت، قليل المتاع، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي عليكم أُوَيس بن عامر مع أمدادِ أهل اليمن، من مرادٍ، ثم من قَرَنٍ، كان به برص، فبرأ منه، إلا موضع درهم، له والدةٌ، هو بها برٌّ، لو أقسم على الله لأبرَّه؛ فإن استطعت أن يستغفر لك، فافعَلْ))، فأتى أُويسًا، فقال: استغفِرْ لي، قال: أنت أحدث عهدًا بسفر صالح، فاستغفِرْ لي، قال: استغفِرْ لي، قال: أنت أحدث عهدًا بسفر صالح، فاستغفِرْ لي، قال: لقيتَ عمر؟ قال: نعم، فاستغفَر له، ففطن له الناس، فانطلق على وجهه[8]. وأيضًا طلبُ أم الدرداء من زوج ابنتها في حال سفره للحج بأن يدعو لها ولزوجها بخير؛ ففي صحيح مسلم عن صفوان - وهو ابن عبدالله بن صفوان - وكانت تحته الدرداء، قال: قدمتُ الشام، فأتيت أبا الدرداء في منزلِه، فلم أجده ووجدت أم الدرداء، فقالت: أتريد الحج العام؟ فقلت: نعم، قالت: فادعُ الله لنا بخير؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه مَلَك موكَّل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملَك الموكل به: آمين، ولك بمثل))[9]. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قيل له: إن إخوانك أَتَوْكَ من البصرة - وهو يومئذٍ بالزاوية - لتدعوَ الله لهم، قال: اللهم اغفر لنا، وارحمنا، وآتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، فاستزادوه فقال مثلها، فقال: إن أوتيتم هذا، فقد أوتيتم خير الدنيا والآخرة[10]. • حكم التوسل بالأموات من الأنبياء عليهم السلام والصالحين، وسؤال الله تعالى بجاهِ النبي صلى الله عليه وسلم أو القَسَم عليه بأحد مخلوقاته: يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |