خطبة عيد الفطر لعام 1426هـ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 1485 )           »          فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 8 )           »          الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          فضل الصبر على المدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الفرق بين إفساد الميزان وإخساره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3086 - عددالزوار : 331649 )           »          تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، الرازق) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-05-2020, 10:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,365
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عيد الفطر لعام 1426هـ

خطبة عيد الفطر لعام 1426هـ









د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي


العيد صورة من صور العبادة لله تعالى، والفرحة التي نعيشها فيه إنما تنطلق من سياج العبودية العظيم، والفرح حقيقة هو الفرح في ظل هذا السياج العظيم. فاحذر - أخي المسلم - أنْ تُبَدِّدَ الفرحة اليوم بمقارفة مُنْكَرٍ، أو دنَسِ رِيبَةٍ، وحلِّقْ بقلبك في سمو هذه الشريعة، تجد فناءها أوسع فناء..




أما بعد:


فها هو العيد يعود مرة أخرى، ها هو يطل على الأمة من جديد، ها هو يكسو المسلم اليوم فرحة عظيمة يجدها بين جوانحه، ويعبر عنها في هذا اليوم المجيد، فأهلا بالعيد بكل ما يحمل في طياته من فرحة، أهلا بالعيد وكل عام وأنتم بخير.




أيها المسلمون:


في العيد معانٍ نستلهمها في صباحه المشرق، فنعيد بها مراسم حياتنا، ونحن نفرح به ونشعر بوهج الفرحة يخالج قلوبنا، وإليكم أهم هذه المعاني:


أولا: العيد والتكبير: البارحة دوّى التكبير في بيوت المسلمين وفي طرقاتهم، وراح المسلمون كلهم يأتمرون بأمر الله تعالى، ويحيون سنة عظيمة في تاريخ الإسلام، حين يلهجون بالتكبير في كل فجاج من أرضهم، وبات صدى الصوت البارحة وهذا اليوم معلمًا من معالم الإسلام، وصورة حية من صور الاقتداء: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.




والمتأمل في هذه الكلمة يدرك بعضًا من أسرارها، فالله أكبر من كل شيء يعارض منهجه ويخالف شريعته، الله أكبر من كل مخلوق يعارض به الناس ربوبيته، "الله أكبر" كلمة دوّت في بيوتنا وعلى أرضنا، وقبل ذلك دوّت بكل ما فيها من قوة في قلوبنا، عقيدة صلبة، وتوحيدًا خالصًا، وتوجّهًا صادقًا.




أيها المسلمون:


لا إسلام بلا عقيدة، ولا عبادة بلا توحيد، إن الشرك مع التوحيد ضدان لا يجتمعان إلا كما تجتمع الماء والنار. أيّ عيد يشهده مسلم اليوم لطّخ إيمانه بلوثات الشرك ودنّس قلبه بسيئة الكفر؟ لقد وصف الله تعالى أقوامًا يقدمون يوم القيامة مستبشرين بأعمالهم، فرحين بجهودهم، يرجون الفوز عند ربهم، فإذا بتلك الأعمال كالرماد الذي يذره الإنسان في يوم ريح عاصف، قال الله تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23]. ولا يصدق هذا في أعظم صورة له إلا في حق المشرك بالله تعالى، المدنّس لجناب الإلوهية، المنتقص من حق الربوبية.




إن الشرك بالله تعالى سيئة قبيحة، توقف عن صاحبها رحمة الله تعالى ولو كان من أعظم الناس قربة إلى الله تعالى، فهذا رسول الله، مصطفاه وخليله ورسوله وأعظم أنبيائه، قال الله له محذّرًا من الوقوع في الشرك: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65]، فإذا كان رسول الله وخليله ومصطفاه متوعّدا بحبوط العمل حين الشرك، فكيف بمن عداه؟!.




لقد قال الله تعالى محذّرًا من هذه السيئة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، وعند البخاري من حديث ابن مسعود قال: "من مات يدعو من دون الله ندًا دخل النار". وصدق ابن مسعود حين قال: لِأَن أحلف بالله كاذبًا أحب إليّ من أحلف بغيره صادقًا.




أيها المسلمون:


صور الشرك كثيرة، دنّس بها أناس إيمانهم يشعرون أو لا يشعرون، ومن هذه الصور دعاء غير الله تعالى من المخلوقين سواء كانوا أحياءً أو أمواتًا.




ومن ذلك ما يفعله بعض الناس مع أهل القبور بحجة أنهم أولياء أو سادة، ويفعلون لهم ما يفعلون لله تعالى من القربة؛ كالتقرب إليهم بالذبح عند قبورهم، أو التمسّح بهذه القبور، وسؤالهم معافاتهم من البلاء، ففاعل هذا - والعياذ بالله - مشرك شركا أكبر، فإن اعتقد أن لهم شيئا من أحكام الربوبية فهو كافر كفرًا أكبر، خالد مخلّد في النار، قال أهل العلم رحمهم الله تعالى: حتى لو فعل ذلك مع قبر النبي كأن يتمسّح به، ويبتهل إليه، ويدعوه من دون الله تعالى، فإن فاعل ذلك كافر معتد على حق الربوبية.




ومن صور الشرك الحلف بغير الله تعالى، كالحلف بالأنبياء أو الكعبة أو الأمانة، كل ذلك خلاف التوحيد وانتقاص من حق الربوبية.




ومن صور ذلك التعلق بالأشخاص؛ كأن يرى أن لهم حظًا من الربوبية كشفاء المرضى، أو البرء من العاهات، أو حصول العافية منهم نظير ولايتهم، كما يدعي ذلك من يدعيه في الأولياء.




ومن صور ذلك الذهاب إلى السحرة والكهنة، وسؤالهم على وجه التصديق بأخبارهم، أو كمن يذهب بمريضه لساحر أو كاهن راجيًا الشفاء من ذلك.




كل هذه الصور وأمثالها تخالف هذه الكلمة التي تدوي على ألسنتا: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.




فيا أيها الإنسان المسلم:


في يوم عيدك المبارك انظر ماذا أبقيت لله تعالى من عبادتك، ماذا صرفت لله تعالى من عملك وإخلاصك. يا أيها المعايد الكريم، تأمّل توحيدك، وانظر بعين البصيرة إلى إيمانك، ولا يغرنّك حال أقوام ضعفاء لا يملكون لخلاص أنفسهم شيئًا بين يدي الله تعالى.




الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.





ثانيًا: العيد والانتماء: العيد تعبير صادق عن انتماء الأمة لدينها، وهو في المقابل دليل على شمول هذه الشريعة ورعايتها للعواطف، وإعطائها فرصة للتعبير عن أفراحها ورغباتها، لقد قدم النبي المدينة ووجد أهلها آنذاك يحتفلون بعيدين يلعبون فيهما في الجاهلية، فقال لهم: "لقد أبدلكم الله خيرا منهما: يوم الفطر ويوم النحر"، وقال: "يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا أهلَ الإسلام".




إن الإسلام جاء متوافقًا مع الفطرة الإنسانية، فجعل لها أوقاتا يفسح لها فيه بإفراغ عواطفها، وتعبّر فيها عن مشاعرها، ولذا لا تجد المسلم يتعلّق بأعياد الكفار أو الأعياد المبتدعة في تاريخ الأمة، فليس في تاريخ الأمة عيد للأم، ولا عيد لوطن، ولا عيد لمناسبات غير هذه المناسبات.




ومن حقك - أيها المسلم - اليوم أن تعبّر عن فرحتك بما شئت، شريطة أن لا تتعارض هذه الرغبات بشرع الله تعالى، قتدنّس العيد أو تكتب به صورة من الفرح عقيمة في حقيقتها وفي معناها وفي تاريخها.




ثالثًا: العيد والمسلمون: هذا هو مشهد العيد أيها المسلمون، وأنا أراكم اليوم فرحين مستبشرين، ها أنتم - أيها المسلمون - بين أهلكم وإخوانكم، ها أنتم لا تجدون أقرب تعبيرًا عن هذه الفرحة من هذا الاجتماع واللقاء، وحين رأيت منظركم وتآلفكم واجتماعكم رنا طرفي هناك إلى بلاد المسلمين، أردت أن تكتمل الصورة في عيني، فإذا صورة مبعثرة تترامى أمام عينيّ يبعثها أحد التقارير من أرض فلسطين، يقول في ثناياه: تحتجز إسرائيل (3000) طفل فلسطيني كوسيلة ضغط على أسرهم، تتحدث طفلة فلسطينية من تلك الجموع واسمها نور كايد تقول: اعتقال أخي ترك عندنا فراغًا، فهذه أمي لا تستطيع الإفطار بسبب اعتقال أخي، وأنا تراجعت علاماتي الدراسية من كثرة تفكيري في أخي.




وفي مخيم العين غرب مدينة نابلس ومع الأسير يوسف فؤاد، سبعة عشر عامًا، وقد كُتب على باب أسرته: سنظل صامدين، تقول أمه: من عامين لم تكتحل عيني برؤيته، لقد جهدت في زيارته حتى رحلت عن مدينتي، وغيرت اسمي وأردت زيارته، لكن دون جدوى.




ومن أرض فلسطين إلى أرض الرافدين هناك أسر ممزقة، وأطفال ضياع ومرضى من آثار الحروب والدمار.




وفي باكستان بيوت مهدمة، وأسر مشتتة، وأحوال وأحوال. وفي أرض الإسلام في المشرق أو المغرب أحوال مماثلة يصدق في يوم عيدها قول القائل:






أقبلْتَ يا عيدُ والأحزانُ أحزانُ

وفِي ضميرِ القوافِي ثارَ بركانُ




أقبَلْتَ يا عيدُ والرمضاءُ تلفحُني

وقد شكَتْ من غبارِ الدَّرْبِ أجفان




أقبَلْتَ يا عيد والظلماءُ كاشفةٌ

عن رأسها، وفؤادُ البدرِ حَيْران




أقبلتَ يا عيد، أُجْرِي اللحنَ في شفتي

رطبًا فيغبِطُنِي أهلٌ وإخوان




أزُفُّ تهنئتِي للناس أُشْعِرُهم

أني سعيدٌ وأنَّ القلبَ جذلان




وأُرسِل البسمةَ الْخضراءَ تذْكِرَةً

إلى نفوسِهمُ تزهو وتزْدَان




قالوا وقد وجَّهُوا نحوي حديثَهُمُ

هذا الذي وجْهُهُ للبِشْر عنوان




هذا الذي تصدر الآهاتُ عن دمِهِ

شِعرًا رصينًا له وَزْنٌ وألحان




لا لن أعاتبَهم! هُم ينظُرونَ إلى

وَجْهِي وفِي خاطِري للحُزْنِ كتمان




واللهِ لو قرؤوا في النفْسِ ما كَتَبَتْ

يَدُ الِجراحِ وما صاغتْهُ أشجان




ولو رأَوا كيف باتَ الحُزْنُ متَّكئًا

على ذراعي وفي عينيه نُكران




لأغمَضُوا أعيُنًا مبهورةً وبكَوا

حالي وقد نالَني بؤسٌ وحِرمَان







هكذا يقول لسان حالهم في كل يوم، لكن العيد أوضح المأساة في صورتها المعتمة، وأبان عن حسرات تخالج قلوب هذه الفئات حتى في يوم العيد الذي تشهده الأمة وهي في غاية فرحها وسرورها.




ولَكَم مِن يتيم يترقرق الدمع في عينيه لا يجد من يواسيه فقد أبيه! أو أرملة آذاها وكوى قلبها صراخ صِبية صغار يبحثون عن كساء جديد يعبرون به عن فرحتهم! أو مريض أقعده المرض أن يجلب لأهلة وأبنائه كسوة العيد! فخرج كل هؤلاء في يوم العيد بثيابٍ خَلِقة، وألبسة أبلاها الدهر، وهتّك أستارها طول الزمن، لم يجدوا غيرها يشاركون بها الناس في يوم فرحتهم.




إنني من على منبر العيد أقدم قُبلة على جبين مَن يعمل لهؤلاء، فيسعى على كفالة يتيم، أو يتبنّى أسرة فقيرة، أو حتى يجلب لها الطعام والكساء، أو يجهد في ليله لهم بالدعاء.




ولن نجد لكل هؤلاء إلا الدعاء خير تعبير نعبّر به عن سمو هذه النفوس، وشدة رحمتها، وتطلّعها إلى خير باريها، ألا فلْتَهْنَأ بالرحمة، وقد قال الغزالي وهو يعلّق على حديث: "إن امرأة بغيًا رأت كلبًا في يوم حار يطيف ببئر، قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له موقها، فغفر لها به"، قال: لئن كانت الرحمة بكلب تغفر ذنوب البغايا، فإن الرحمة بالبشر تصنع العجائب.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 107.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 105.70 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.60%)]