من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه : فضائله وضوابطه ومكانته عند السلف وكيفية تطبيقه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 32617 )           »          من أحكام سجود السهو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          فضل الدعاء وأوقات الإجابة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1984 )           »          من مائدة الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1269 )           »          تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          مفهوم القرآن في الاصطلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تفسير سورة الكافرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مسائل في فقه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-02-2021, 01:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,857
الدولة : Egypt
افتراضي من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه : فضائله وضوابطه ومكانته عند السلف وكيفية تطبيقه

من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه : فضائله وضوابطه ومكانته عند السلف وكيفية تطبيقه
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري



الحمدُ لله الذي وفق عباده المؤمنين لأداء الأعمال الصالحات، وشرح صدور أوليائه المتقين للإيمان بما جاء به رسوله من الحكمة والآيات، وكشف عن قلوب أحبابه حجب الجهالة والضلالات، ويسر لهم من الباقيات الصالحات ما يتبوؤون به منازل الجنات، فضلاً منه ونعمة، وربك يخلق ما يشاء ويختار من المخلوقات، أحمده سبحانه على ما له من الأسماء الحسنى والصفات، وأشكره على ما أسداه من الإنعام والبركات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها رفيع الدرجات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صاحب الآيات والمعجزات، اللهم صلِّ على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ذوي الهمم العاليات، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى، وحَسِّـنُوا إسلامَكُم بتركِ ما لا يَعنيكُم.

أيها المسلمون: لقد حدَّدَ لنا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمارةً للفلاحِ والنجاةِ والسداد، يَقيسُ كلٌّ منَّا بها نفسَهُ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مِن حُسْنِ إسلامِ الْمَرْءِ تَركُهُ ما لا يَعْنِيهِ) رواه الترمذيُّ وصحَّحهُ ابنُ القيِّم، وقال النووي: (حديثٌ حسَنٌ)، وصحَّحه عن عليِّ بن الحسين مُرسلاً: الإمامُ أحمد وابنُ معين والبخاري وغيرهم.
ولقد عظَّمَ السلَفُ الصالح هذا الحديث، قال ابنُ أبي زيدٍ المالكي: (جِماعُ آدابِ الخيرِ وأَزِمَّتُهُ تَتفَرَّعُ من أربعةِ أحاديثَ) وذكَرَهُ منها.
وقالَ حمزةُ الكِنانيُّ: (هذا الحديثُ ثُلُثُ الإسلامِ) انتهى.
وقال ابنُ القيِّم: (وقد جَمَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الوَرَعَ كُلَّهُ في كلمةٍ واحدةٍ فقالَ: «مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُهُ ما لا يَعنيهِ») انتهى.


وقال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)، وذكَرَ البيهقيُّ في الشعب أنَّ من اللغو (أنْ يَتكلَّمَ الرَّجُلُ بما لا يَعنيهِ من أُمُورِ الناسِ) انتهى.
وعَن كعبِ بنِ عُجْرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ (فقَدَ كعباً فسأَلَ عنهُ، فقالُوا: مَرِيضٌ، فخَرَجَ يَمشي حتى أتَاهُ، فلَمَّا دخَلَ عليهِ، قالَ: «أبْشِرْ يا كَعْبُ»، فقالت أُمُّهُ: هَنِيئاً لَكَ الجنَّةُ يا كعبُ، فقالَ: «مَن هذهِ الْمُتآلِيَةُ على اللهِ؟» قالَ: هيَ أُمِّي يا رسولَ اللهِ، فقالَ: «وما يُدْرِيكِ يا أُمَّ كعبٍ، لعَلَّ كعباً قالَ ما لا يَعنيهِ، أو مَنَعَ ما لا يُغنيهُ) رواه ابنُ أبي الدُّنيا في كتاب الصمت، وحسَّنه الدويش والألباني.


عباد الله: إن قولَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مِن حُسْنِ إسلامِ الْمَرْءِ تَركُهُ ما لا يَعنيهِ) يُعتَبرُ قاعدةً عظيمةً فيما يأتي المسلمُ ويذر، قال ابنُ رجبٍ: (هذا الحديثُ يَدُلُّ على أنَّ تَرْكَ ما لا يَعني المرءَ من حُسنِ إسلامِهِ، فإذا تَرَكَ ما لا يَعنيهِ وفَعَلَ ما يَعنيهِ كُلَّهُ فقدْ كَمُلَ حُسنُ إسلامِهِ)، انتهى، وقال ابنُ سعدي: (ومفهوم الحديث: أنَّ مَن لم يترك ما لا يعنيه فإنه مسيءٌ في إسلامه) انتهى، قال ابنُ العربي: (إنَّ مِن قُبْحِ إسلامِ المرءِ أخْذَهُ ما لا يَعنيهِ، لأنَّهُ ضَيَاعٌ للوَقْتِ النفيسِ الذي لا يُمكنُ تَعويضُ فائتهِ فيما لَم يُخلَقْ لأجلهِ) انتهى، وقال شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ رحمه الله: (فإذا خاضَ فيما لا يَعنيهِ نَقَصَ من حُسنِ إسلامهِ فكان هذا عليهِ) انتهى.
وقال معروفٌ الكرخي رحمه الله: (علامةُ مقتِ الله عزَّ وجلَّ العبدَ أن تراهُ مُشتغلاً بما لا يَعنيه من أمرِ نفسه) انتهى.


أيها المسلمون: إنَّ مَن أَحسَنَ إسلامَهُ فإنه يتبوأُ رفيعَ المنازلِ، وعظيمَ الفضائلِ، ومنها:
أولاً: مضاعفةُ حسناته إلى سبعمائة ضعفٍ، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أحسَنَ أحدُكُم إسلامَهُ، فكُلُّ حَسَنَةٍ يَعمَلُها تُكتبُ بعشرِ أمثالِها إلى سَبْعِ مائةِ ضِعْفٍ، وكُلُّ سَيِّئةٍ يَعمَلُها تُكتَبُ بمثلِها) رواه البخاري ومسلم.
ثانياً: الإثابةُ على الحسنات التي فعَلَها قبل الإسلام: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أَسلَمَ العبدُ فحَسُنَ إسلامُهُ، يُكفِّرُ اللهُ عنهُ كُلَّ سيِّئةٍ كان زَلَفَها، وكان بعدَ ذلكَ القِصاصُ: الحسَنَةُ بعشرِ أمثالِها إلى سَبعِ مائةِ ضِعفٍ، والسيِّئةُ بمثلِها إلا أنْ يَتجاوَزَ اللهُ عنها) رواه البخاري.
ثالثاً: التجاوزُ عن سيئات ما قبل إسلام المرء: عن ابنِ مسعُودٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: (قالَ رجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، أَنُؤاخذُ بما عَمِلنا في الجاهليَّةِ؟ قال: «مَن أحسَنَ في الإسلامِ لَم يُؤَاخَذْ بما عمِلَ في الجاهليةِ، ومَن أساءَ في الإسلامِ أُخِذَ بالأوَّلِ والآخِرِ») رواه البخاري ومسلم.
رابعاً: تبديلُ السيئاتِ التي عَمِلَها حسنات: قال الله تعالى: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)، وعن أبي طَوِيلٍ شَطْبٍ المَمْدُودِ رضي الله عنه أنهُ أتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: (أَرَأَيتَ رجُلاً عَمِلَ الذنوبَ كُلَّها، فلم يَتْرُكْ منها شيئاً، وهوَ في ذلك لَم يَترُكْ حاجَّةً ولا داجَّةً إلا أتَاها - أي كان يقطع طريق الْحُجَّاج في ذهابهم ورجوعهم - فهلْ لهُ من توبةٍ؟ قالَ: فهل أسلَمْتَ؟ قالَ: أمَّا أنا فأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأنكَ رسولُ اللهِ، قالَ: نعم, تَفعَلُ الخيراتِ، وتَتْرُكُ السيِئاتِ، فيَجعَلُهُنَّ اللهُ لكَ خيراتٍ كُلَّهُنَّ, قال: وغَدَرَاتي وفَجَرَاتي؟ قالَ: نعم، قالَ: اللهُ أكبَرُ، فمَا زالَ يُكبِّرُ حتى تَوَارى) رواه الطبراني في الكبير وصحَّحه ابن حجر.


أيها المسلمُ: إن الضابطَ لمعرفةِ ما يَعنيكَ وما لا يَعنيكَ هو الكتابُ والسنة، فإذا حَسُنَ إسلامُكَ اقْتَضَى تَرْكَ ما لا يَعنيكَ من المحرَّماتِ والمُشتَبهاتِ والمكرُوهاتِ، وأيضاً فُضُول المباحاتِ التي لا تحتاجُ إليها، فإنَّ هذا كُلَّهُ لا يَعنيكَ إذا كَمُلَ إسلامُكَ وبَلَغتَ إلى دَرَجَةِ الإحسانِ، وهوَ أنْ تعْبُدَ اللهَ تعالى كأنَّك ترَاهُ، فإن لَم تكُن تراهُ فإنَّ اللهَ يَراك، فإذا حَسُنَ إسلامُكَ لَزِمَ من ذلكَ أنْ تتْرُكَ كُلَّ ما لا يَعنيك في الإسلامِ، وتشْتَغِلَ بما يَعنيكَ فيهِ، فإنهُ يَتولَّدُ من هذينِ المَقامَيْنِ الاستحياءُ منَ اللهِ وتَرْكُ كُلِّ ما يُسْتَحْيا منهُ كمَا قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (استَحْيُوا منَ اللهِ حقَّ الحَياءِ، قالَ: قُلنا: يا رسولَ اللهِ إنَّا نَستَحيي والحمدُ للهِ، قالَ: ليسَ ذاكَ، ولكنَّ الاستحياءَ منَ اللهِ حَقَّ الحَياءِ أنْ تحفَظَ الرأسَ وما وَعَى، والبَطْنَ وما حَوَى، ولْتَذْكُرِ الموتَ والبِلَى، ومَن أرَادَ الآخرةَ تَرَكَ زينةَ الدُّنيا، فمَنْ فعَلَ ذلكَ فقد استَحْيا منَ اللهِ حقَّ الحيَاءِ) رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فليحرص المسلم على ما فيه نجاته وسعادتُه وفلاحه في ديناه وأُخراه، وليبتعد عمَّا لا يعنيه، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (احْرِصْ على ما يَنْفَعُكَ) رواه مسلم.
اللهمَّ وفِّقنا لترك ما لا يعنينا، والانشغال بما يعنينا يا ربَّ العالمين.
* * * *

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً عبدُه ورسولُه.
أمَّا بعدُ: فيا أخي المسلم، ذكَرَ ابنُ القيِّم رحمه الله أربعة أحرُزٍ لدينِك، فإذا حفظتَها بترك ما لا يعنيك أَحْرَزتَ دِينَك: اللحظَاتِ، والخَطَراتِ، واللفَظَاتِ، والخُطُواتِ، فينبغي أن تكون بوَّابَ نفسِك على هذهِ الأبوابِ الأربعةِ، وتُلازِمَ الرِّباطَ على ثُغُورِها، فمِنْها يَدْخُلُ عليك الْعَدُوُّ.


أولاً: النظر، لا غنى لك عن بصرك لتُبصرَ به طريقكَ، وتُدركَ به حاجتكَ.. لكن المتأمِّل في واقعنا يرى مدى التجاوز بهذه النعمة العظيمة إلى ما لا يعني، من التوسع في النظر المركَّز إلى المباحات من بيوت الناس وسياراتهم وأسواقهم.. إلى أن يصل الأمر إلى النظر إلى المكروهات، حتى يصل إلى النظر في المحرَّمات، كالنظر في كتب الزنادقة والمشركين وأهل البدع، والنظر إلى المحرَّمات في القنوات والشبكات العنكبوتية، أو النظر في عورات المسلمات، والنظر إلى السافرات.
ثانياً: الخواطر والأفكار: فأنفعُ الخواطر ما كان لله والدار الآخرة، كأن تُفكِّر في معاني آيات القرآن الكريم وفهم مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتُفكِّر في آيات الكون المشهودة والاستدلال بها على أسماء الله وصفاته وحكمته، وتفكِّر في آلائه وإحسانه وإنعامه، وتُفكِّر في عيوب نفسك وآفاتها وعيوب عملك ونقصه.
ثالثاً: اللسان: وكما أن الأمور التي لا تعنيك تكون في أفعالك، فإنها تكون في أقوالك أيضاً، فإنها من عملك، قال عمر بن عبد العزيز: (مَن عدَّ كلامَهُ من عمله قلَّ كلامُه إلا فيما يَعنيه)، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (وهلْ يَكُبُّ الناسَ في النارِ على وُجُوهِهِم أو على مَناخِرِهِم إلا حَصَائِدُ ألسِنَتِهِم) رواه الترمذي وقال: (حسن صحيح)، وحفظُك للسانك بأن لا تتكلَّم إلا فيما ترجو فيه الربح والزيادة في دينك، فإذا أردتَ أن تتكلمَ نظرتَ: هل فيها ربحٌ وفائدة أم لا؟ فإن لم يكن فيها ربح أمسكتَ عنها، وإن كان فيها ربح نظرتَ: هل تفوت بها كلمة هي أربح منها؟ سُئل لقمان الحكيم عمَّا بلغَ به مكانته، فقال: (صدقُ الحديثِ، وطُولُ السكوتِ عمَّا لا يعنيني) رواه ابن أبي الدنيا.
رابعاً: الحركات والخطوات: فإذا نظرتَ في اهتماماتكَ وأعمالكَ تعرف مدى انشغالك بما لا يعنيك، قال ابن القيم: (وأمَّا الخُطُواتُ: فحِفْظُها بأنْ لا يَنقِلَ قدَمَهُ إلا فيما يَرْجُو ثوَابَهُ، فإنْ لم يَكُن في خُطَاهُ مَزِيدُ ثوابٍ، فالقُعُودُ عنها خيرٌ لهُ، ويُمكِنُهُ أن يَستخرجَ من كُلِّ مُباحٍ يَخطُو إليهِ قُربَةً يَنوِيها للهِ، فتَقَعُ خُطَاهُ قُرْبَةً) انتهى، وهكذا سائر حركات الجوارح وأعمال البدن.


أخي المسلم: إن أول الطريق لترك ما يعنيك بعد أن تستعين بالله وتصدُقَ في التوكُّل عليه:
أولاً: أن تلزمَ ما يعنيك، قال شُمَيْطٌ العَنْسِيُّ: (مَن لَزِمَ ما يَعْنِيهِ أوْشَكَ أنْ يَتْرُكَ ما لا يَعنيهِ) رواه ابن أبي الدنيا.
ثانياً: دوامُ مجاهدةِ نفسكَ في ألا تتحدَّثَ إلا فيما يعنيك، وألا تيأس، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، وقالَ مُوَرِّقٌ العِجْلِيُّ رحمه الله: (أمْرٌ أَنا أطْلُبُهُ مُنْذُ عَشرِ سِنينَ لَم أَقْدِرْ عليهِ ولَسْتُ بتارِكٍ طَلَبَهُ؟ قالوا: ما هوَ أبا الْمُعتَمِرِ؟ قالَ: الصمتُ عمَّا لا يَعنيني) رواه ابنُ أبي الدنيا.
ثالثاً: محاسبةُ نفسك إذا تحدثتَ فيما لا يَعنيك، فعن عبدِ الجبَّارِ بنِ النَّصْرِ السُّلَمِيِّ قالَ: (مَرَّ حسَّانُ بنُ أبي سِنانٍ بغُرْفَةٍ، فقال: مَتى بُنِيَت هذهِ؟ ثمَّ أَقبَلَ على نفسِهِ، فقالَ: تَسأَلِينَ عمَّا لا يَعنيكِ، لأُعاقبنَّكِ بصَوْمِ سَنَةٍ، فصَامَها) رواه البيهقي في شعب الإيمان.
رابعاً: دوام مراقبتك لله، وأن تُراجع ما تحدثت فيه وعملته، وخاصة عند نومك كل ليلة، فعن يَعْلَى بنُ عُبيدٍ الطنافِسِيُّ قالَ: (دَخَلْنا على محمدِ بنِ سُوقَةَ، فقالَ: يا ابنَ أخي أُحدِّثُكُم بحديثٍ لعَلَّهُ يَنفَعُكُم فقدْ نَفَعَنِي، قال لَنا عطاءُ بنُ أبي رَبَاحٍ: إنَّ مَن قبلَكُم كانوا يَعُدُّونَ فُضُولَ الكلامِ ما عدا كتابَ اللهِ، أوْ أَمْراً بمعرُوفٍ، أو نَهْياً عن مُنكَرٍ، أو أنْ تَنْطِقَ في مَعيشتِكَ التي لا بُدَّ لكَ منها، أَتَذكُرُونَ أنَّ عليكُم حافظينَ كِراماً كاتبينَ، عنِ اليمينِ وعنِ الشمالِ قعِيدٌ ما يَلفظُ من قَوْلٍ إلا لديهِ رَقيبٌ عَتيدٌ، أمَا يَستحيي أحَدُكُم لو نُشِرَتْ صحيفتُهُ التي أَمْلَى صَدْرَ نَهارِهِ وليسَ فيها شيءٌ من أَمْرِ آخِرتِهِ) رواه البيهقي في شعب الإيمان.

خامساً: أن تستحضرَ موقفكَ غداً بين يدي الله، وخاصة الموقف الذي قال الله فيه: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) .
اللهم ارزقنا الاشتغال فيما يعنينا، وأعذنا من الانشغال فيما لا يعنينا، آمين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 81.26 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]