اللهم بلغنا رمضان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الفرع الرابع: أحكام طارئة متعلقة بالعورة (من الشرط السابع من شروط الصلاة: ستر العورة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          حديث: المطلقة ثلاثا: ليس لها سكنى ولا نفقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          بين "العلل الصغير" و"العلل الكبير" للإمام الترمذي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم بالقرآن بالعمل به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 362 )           »          من مائدة التفسير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 3367 )           »          صفة الرحمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: استحالة استمرار الكذب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          سر الإلحاح في الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أقسام القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-04-2021, 01:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,317
الدولة : Egypt
افتراضي اللهم بلغنا رمضان

اللهم بلغنا رمضان


الشيخ : عبد الله بن محمد البصري




عناصر الخطبة

1/ حلول رمضان 2/ استقبال رمضان باللجوء إلى الله عز وجل 3/ فرح المسلمين بالشهر الكريم 4/ استشعار كونه آخر رمضان يصومه العبد



يَحِلُّ بِالأُمَّةِ الإِسلامِيَّةِ ضَيفٌ غَالٍ وَوَافِدٌ كَرِيمٌ، إِنَّهُ شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ، وَكُتِبَ عَلَى الأُمَّةِ فِيهِ الصِّيَامُ، وَسُنَّ لَهَا فِيهِ التَّهَجُّدُ وَالقِيَامُ، إِنَّهُ الشَّهرُ الَّذِي يَغتَنِمُهُ مُوَفَّقُونَ فَيُبَادِرُونَ، وَيُسَابِقُونَ إِلى الخَيرِ وَيَتَنَافَسُونَ،..










أَمَّا بَعدُ:
فَأُوصِيكُم -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُم أَنفُسَهُم أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ * لا يَستَوِي أَصحَابُ النَّارِ وَأَصحَابُ الجَنَّةِ أَصحَابُ الجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ) [الحشر: 18-20].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: بَعدَ لَيَالٍ أَربَعٍ أَو خَمسٍ، يَحِلُّ بِالأُمَّةِ الإِسلامِيَّةِ ضَيفٌ غَالٍ وَوَافِدٌ كَرِيمٌ، إِنَّهُ شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ، وَكُتِبَ عَلَى الأُمَّةِ فِيهِ الصِّيَامُ، وَسُنَّ لَهَا فِيهِ التَّهَجُّدُ وَالقِيَامُ، إِنَّهُ الشَّهرُ الَّذِي يَغتَنِمُهُ مُوَفَّقُونَ فَيُبَادِرُونَ، وَيُسَابِقُونَ إِلى الخَيرِ وَيَتَنَافَسُونَ، فَيَفُوزُونَ بِجَزِيلِ الثَّوَابِ وَعَظِيمِ الجَزَاءِ، وَيُضِيعُهُ مُفرِّطُونَ ويُعرِضُ فِيهِ مَخذُولُونَ، فَيَتَبَاطَؤُونَ وَيَتَأَخَّرُونَ عَنِ اكتِسَابِ الأَجرِ، أَو يَتَلَبَّسُونَ بِالمَعَاصِي، فَيُثقِلُونَ كَوَاهِلَهُم بِالسَّيِّئَاتِ وَالوِزرِ.
وَذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ مِمَّن عَلِمَ في قُلُوبِهِم خَيرًا، وَتِلكَ حِكمَتُهُ الَّتي يُضِلُّ بها مَن عَلِمَ أَنَّهُم دُونَ ذَلِكَ: (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالمِينَ وَيَفعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ) [إبراهيم: 27]، (وَالَّذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدىً وَآتَاهُم تَقوَاهُم) [محمد: 17]، (مَن يَهدِ اللهُ فَهُوَ المُهتَدِي وَمَن يُضلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ) [الأعراف: 178].
وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ عَلَى المُسلِمِ في قُدُومِ هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكِ أَن يَكُونَ شُغلُهُ الشَّاغِلُ وَهَمُّهُ الدَّائِمُ اللُّجُوءَ إِلى رَبِّهِ سُبحَانَهُ وَسُؤَالَهُ التَّوفِيقَ لاغتِنَامِ هَذَا المَوسِمِ العَظِيمِ بما يُقَرِّبُهُ إِلَيهِ زُلفَى، وَأَن يَشرَحَ صَدرَهُ لِلمُضِيِّ فِيمَا يُرضِيهِ -جَلَّ وَعَلا-، وَأَن يَرزُقَهُ قَلبًا يَعقِلُ المَوَاعِظَ وَتَنفَعُهُ الذِّكرَى، وَنَفسًا تَخِفُّ إِلى الطَّاعَةِ وَتَأَلَفُهَا، وَيَدًا تَصنَعُ المَعرُوفَ وَتَندَى بِالعَطَاءِ، فَإِنَّهُ مَا زَكَا مَن زَكَا وَلا أَفلَحَ مَن أَفلَحَ إِلاَّ بِتَوفِيقِ اللهِ لَهُ، وَلا سَارَ في طَرِيقِ الجَنَّةِ مَن سَارَ إِلاَّ بِرَحمَةِ اللهِ، وَلا خَابَ إِلاَّ مَن قَسَا قَلبُهُ وَخَبُثَت نَفسُهُ، وَأَعرَضَ عَمَّا فِيهِ نَفعُهُ وَنَجَاتُهُ: (أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدرَهُ لِلإِسلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِن رَبِّهِ فَوَيلٌ لِلقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِن ذِكرِ اللهِ أُولَئِكَ في ضَلالٍ مُبِينٍ * اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانيَ تَقشَعِرُّ مِنهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخشَونَ رَبَّهُم ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُم وَقُلُوبُهُم إِلى ذِكرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن هَادٍ) [الزمر: 22، 23]، وَيَقُولُ سُبحَانَهُ فِيمَن لم يُوَفَّقُوا: (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُم) [التوبة: 67]، وَيَقُولُ تَعَالى في آخَرِينَ ممَّن تكَاسَلُوا عَنِ الخَيرِ: (وَلَو أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُم فَثَبَّطَهُم وَقِيلَ اقعُدُوا مَعَ القَاعِدِين) [التوبة: 46].

إِنَّ جُمهُورَ الأُمَّةِ وَعَامَّةَ المُسلِمِينَ لَيَفرَحُونَ بِهَذَا الشَّهرِ فَرَحًا عَظِيمًا، وَيَستَنفِرُونَ قُوَاهُم في هَذَا المَوسِمِ بما لا يَكَادُونَ يَفعَلُونَهُ في غَيرِهِ، وَيَبذُلُونَ جُهُودَهُم فِيهِ لِلتِّجَارَةِ الرَّابِحَةِ مَعَ اللهِ، مُستَحضِرِينَ مَا وَرَدَ مِنَ التَّرغِيبِ وَالبِشَارَةَ، وَتَرَى الدُّعَاةَ وَالوَاعِظِينَ يُذَكِّرُونَ وَيُنَوِّعُونَ مَوَاعِظَهُم، وَجَمعِيَّاتِ البِرِّ وَالمُؤَسَّسَاتِ الخَيرِيَّةَ وَمَكَاتِبَ الدَّعوَةِ تُهَيِّئُ الفُرَصَ لِمَن يَبغِي الخَيرِ، وَتُمَهِّدُ طُرُقَ التَّزَوُّدِ لِلآخِرَةِ لِمَن يُرِيدُ أَن يَسلُكَهَا، غَيرَ أَنَّ القُلُوُبَ الَّتي أَرَادَ اللهُ بِأَهلِهَا خَيرًا تَتَلَقَّى المَوَاعِظَ وَتَنشَرِحُ لَهَا وَتَندَى بها، وَتُشرِقُ بِنُورِ رَبِّهَا وَتَستَنِيرُ بِآيَاتِهِ، وَتَتَفَتَّحُ لِعَمَلِ الخَيرِ وَتَهَشُّ لَهُ وَتَبَشُّ بِهِ، في حِينِ أَنَّ القُلُوبَ القَاسِيَةَ تَظَلُّ مُغَلَّفَةً بِقَسوَتِهَا وَغِلظَتِهَا، مُحَاطَةً بِغِشَاوَتِهَا وَظُلمَةِ إِعرَاضِهَا وَمَعَاصِيهَا، لا تَتَحَرَّكُ لِدَاعِي الخَيرِ، وَلا تَلتَفِتُ لِمُنَادِي الحَقِّ.
وَشَتَّانَ بَينَ هَذِهِ وَتِلكَ، وَفَرقٌ عَظِيمٌ بَينَ هَؤُلاءِ وَأُولَئِكَ، شَتَّانَ بَينَ مَن يَشرَحُ اللهُ صَدرَهُ وَيَمُدُّ لَهُ مِن نُورِهِ فَيَخشَاهُ وَيَتَّقِيهِ، مُتَلَقِّيًا ذِكرَهُ تَعَالى في وَجَلٍ يَقشَعِرُّ مِنهُ جِلدُهُ؛ ثُمَّ تَهدَأُ بِالحَقِّ نَفسُهُ، وَيَأنَسُ إِلَيهِ قَلبُهُ؛ فَيَلِينُ وَيَطمَئِنُّ إِلى ذِكرِ اللهِ، شَتَّانَ بَينَ ذَلِكَ وَبَينَ مَن صَدرُهُ ضَيِّقٌ حَرَجٌ، لا يَقبَلُ الهُدَى وَلا يَجنَحُ إِلَيهِ وَلا يَرغَبُ فِيهِ: (وَمَن يُضلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن هَادٍ) [الرعد: 33].
فَهَنِيئًا لِمَن أَعطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسنَى، فَوَفَّقَهُ رَبُّهُ وَيَسَّرَهُ لِليُسرَى، وَيَا لَخَيبَةِ مَن بَخِلَ وَاستَغنَى وَكَذَّبَ بِالحُسنَى، فَوُكِلَ إِلى نَفسِهِ وَيُسِّرَ لِلعُسرَى، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبشِرُوا؛ فَإِنَّهُ لَن يُدخِلَ الجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ"، قَالُوا: وَلا أَنتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: "وَلا أَنَا، إِلاَّ أَن يَتَغَمَّدَنيَ اللهُ مِنهُ بِرَحمَةٍ، وَاعلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ العَمَلِ إِلى اللهِ أَدوَمُهُ وَإِن قَلَّ".

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ-، وَاجتَهِدُوا بِتَسدِيدِ العَمَلِ وَإِتقَانِهِ، وَإِلاَّ فَلا أَقَلَّ مِنَ المُقَارَبَةِ وَاتِّقَاءِ اللهِ مَا استَطَعتُم، تَقرَّبُوا إِلى اللهِ بِالفَرَائِضِ وَتَزَوَّدُوا مِنَ النَّوَافِلِ، وَدَاوِمُوا عَلَى عَمَلِ الخَيرِ وَاستَكثِرُوا مَن الصَّالِحَاتِ، مَعَ الاجتِهَادِ أَن يَكُونَ أَحَدُكُم في كُلِّ يَومٍ أَفضَلَ مِنهُ في الَّذِي قَبلَهُ، وَأَن يَكُونَ في كُلِّ عَامٍ أَقرَبَ إِلى اللهِ مِنَ العَامِ الَّذِي سَبَقَهُ، فَإِنَّ العَبدَ لا يَزدَادُ بِمُرُورِ الأَيَّامِ إِلاَّ قُربًا مِنَ المَوتِ وَنَقصًا في الأَجَلِ، غَيرَ أَنَّ المُؤمِنَ يَزدَادُ مَعَ الأَيَّامِ حِرصًا عَلَى الآخِرَةِ وَزُهدًا في الدُّنيَا، وَتَزوُّدًا مِن صَالِحِ العَمَلِ وَتَوبَةً مِنَ السَّيِّئَاتِ، قَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "خَيرُ النَّاسِ مَن طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ"، وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "وَإِنَّهُ لا يَزِيدُ المُؤمِنَ عُمُرُهُ إِلاَّ خَيرًا"، وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: "اغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ: شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ".
جَعَلَني اللهُ وَإِيَّاكُم مِمَّن يُدرِكُ الشَّهرَ الكَرِيمَ، وَيَفُوزُ فِيهِ بِالأَجرِ العَظِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسمَعُونَ وَأَستَغفِرُ اللهَ.





الخطبة الثانية:


أَمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنَهيَهُ وَلا تَنسَوهُ: (وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا) [الطلاق: 4].
ثُمَّ اعلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- أَنَّ مِمَّا يَزِيدُ المُؤمِنَ حِرصًا عَلَى إِتقَانِ عَمَلِهِ وَاجتِهَادًا في تَحصِيلِ الصَّالِحَاتِ قَدرَ طَاقَتِهِ، أَن يَستَحضِرَ أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ هَذَا هُوَ آخِرَ رَمَضَانَ يَشهَدُهُ، فَليَصُمْ فِيهِ صِيَامَ مُوَدِّعٍ، وَليُصَلِّ فِيهِ صَلاةَ مُوَدِّعٍ، وَليَجتَهِدْ فِيهِ اجتِهَادَ مَن لَعَلَّهُ لا يُدرِكُهُ مَرَّةً أُخرَى، فَكَم مِمَّن صَامَ مَعَنَا في العَامِ المَاضِي وَقَامَ، ثُمَّ هُوَ في عَامِهِ هَذَا حَبِيسُ قَبرِهِ وَرَهِينُ عَمَلِهِ.
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَاسأَلُوهُ التَّوفِيقَ، وَمَن وَفَّقَهُ اللهُ لإِدرَاكِ رَمَضَانَ فَليُشَمِّرْ عَن سَاعِدِ الجِدِّ مِن أَوَّلِ يَومٍ، وَليَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَليُنِبْ إِلَيهِ، وَليَحذَرِ التَّسوِيفَ؛ فَإِنَّ إِدرَاكَ مَوَاسِمِ الخَيرِ نِعمَةٌ لا تَعدِلُهَا نِعمَةٌ، وَالمَغبُونُ المَحرُومُ مَن لم يَتَعَامَلْ مَعَ رَبِّهِ، يَقُولُ تَعَالى في الحَدِيثِ القُدسِيِّ: "مَن جَاءَ بِالحََسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ مِثلُهَا أُو أَغفِرُ، وَمَن تَقَرَّبَ مِنِّي شِبرًا تَقَرَّبتُ مِنهُ ذِرَاعًا، وَمَن تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ مِنهُ بَاعًا، وَمَن أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً، وَمَن لَقِيَني بِقُرَابِ الأَرضِ خَطِيئَةً لا يُشرِكُ بي شَيئًا لَقِيتُهُ بِمِثلِهَا مَغفِرَةً".
وقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللهَ تَعَالى كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَن هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَم يَعمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ تَعَالى عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هَمَّ بها فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ تَعَالى عِندَهُ عَشرَ حَسَنَاتٍ إِلى سَبعِمِائَةِ ضَعفٍ إِلى أَضعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَم يَعمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هَمَّ بها فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ تَعَالى سَيِّئَةً وَاحِدَةً، وَلا يَهلِكُ عَلَى اللهِ إِلاَّ هَالِكٌ".
قَالَ الإِمَامُ ابنُ رَجَبٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: وَقَولُهُ بَعدَ ذَلِكَ: "وَلا يَهلِكُ عَلَى اللهِ إِلاَّ هَالِكٌ"، يَعني: بَعدَ هَذَا الفَضلِ العَظِيمِ مِن اللهِ وَالرَّحمَةِ الوَاسِعَةِ مِنهُ بِمُضَاعَفَةِ الحَسَنَاتِ وَالتَّجَاوُزِ عَنِ السَّيِّئَاتِ، لا يَهلِكُ عَلَى اللهِ إِلاَّ مَن هَلَكَ وَأَلقَى بِيَدِهِ إِلى التَّهلُكَةِ وَتَجَرَّأَ عَلَى السَّيِّئَاتِ وَرَغِبَ عَنِ الحَسَنَاتِ وَأَعرَضَ عَنهَا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.19 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]