
06-10-2022, 11:24 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,445
الدولة :
|
|
ابن هرمة آخر الحجج
ابن هرمة آخر الحجج
د. عمرو سعد عواد قطب
ابن هرمة الشاعر هو إبراهيم بن عليِّ بن سلمة بن عامر بن هرمة القرشي، أحدُ بني قيس بن الحارث بن فهر، ويقال لهم: الخُلج، حجازي سكن المدينة، ويكنى أبا إسحاق[1].
والهرم ضرب من النبت سمِّي بذلك كما سمِّي ضرب آخر من النبت أبيض الشيحة لبياضه، وواحدته هرمة، وذكر ابن جني ظنًّا أنه من الهرم، وهو الضَّعف[2].
وقال ابن مكي: "الصواب: هرْمة؛ بسكون الراء"[3].
نسبته إلى قريش بالادعاء؛ لأن الخلج قيل: إنهم يدَّعون الانتساب لقريش؛ قال ابن دريد: "والخُلج: بطن يزعمون أنهم من قريش، منهم ابنُ هَرْمة الشاعر"[4].
والخلج بضمتين جمع خليج، قال في اللسان: "قبيلة ينسبون في قريش، وهم قوم من العرب كانوا من عدوان، فألحقهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالحارث بن مالك بن النضر بن كنانة، وسموا بذلك لأنهم اختلجوا من عدوان"[5].
وقريش ترجع إلى مالك بن النضر، فهو أبوها كلِّها كما قال ابن قتيبة[6].
قال السهيلي: "الخلج اسمه قيس بن الحارث بن فهر، واختلف في تسمية بني قيس بن الحارث الخلج؛ فقيل: لأنهم اختلجوا من قريش وسكان مكة، وقيل: لأنهم نزلوا بموضع فيه خلج من ماء ونسبوا إليه"[7].
وبيَّن ابن ماكولا في الإكمال أصل هذا النسب؛ قال: "وأما خلج بضم الخاء، فهو قيس بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، ولد قيس بن الحارث - وهو الخلج - عَديًّا وعلقمة، فولد عدي بن الخلج صبحًا وسيارًا، فولد صبح بن عدي عامرًا وربيعًا، فولد ربيع بن صبح هذيلًا وأوسًا، فولد هذيل بن ربيع دبية وهرمة ونجبة"[8].
فإن ثبَتَ هذا النسب، فقد صحَّ انتساب الشاعر إبراهيم بن هرمة إلى قريش، ومع هذا فقد رووا عنه نفسِه التشكيك في صحة نسبه لقريش، قال الصفدي: "كان ابن هرمة قصيرًا دميمًا، وكان يقول: أنا ألأمُ العرب؛ دعيُّ أدعياء: هرمةُ دعيٌّ في الخلج، ونَسبُ الخلج في قريش يُشكُّ فيه"[9].
ومع عناية الناس بذكره وأخباره، فقد تضاربت الأقوال في تاريخ مولده، وكذا وفاته، فقد نقل الأصفهاني عن يحيى بن علي عن البلاذري[10] أن ابن هرمة وُلد سنة تسعين، وأنشد أبا جعفر المنصور في سنة أربعين ومائة قصيدته التي يقول فيها:
إنَّ الغَوَانِيَ قَدْ أَعْرَضْنَ مَقْلِيَةً ♦♦♦ لمَّا رَمَى هَدَفَ الخَمْسِينَ مِيلَادِي
قال: ثم عمِّر بعدها مدَّة طويلة[11].
ولم أجد ما ذكر في أنساب البلاذري.
وذكر ابن شاكر أنه وُلد سنة سبعين، ونادم المنصور سنة أربعين ومائة، وعمِّر بعد ذلك دهرًا[12]، وكذا نقل الصفدي في الوافي بالوفَيَات[13]، والسيوطي في شرح شواهد المغني[14]، والبغدادي في الخزانة[15].
ورجَّح محقِّقَا ديوانِه المطبوع أن مولده كان عام تسعين؛ استنادًا إلى معنى البيت المذكور؛ لأن مدحه للمنصور كان سنة 140هـ، وهو يذكر أنه بلغ الخمسين، وفيما قالاه نظر؛ لأن البيت المذكور يذكر فيه أن الغواني قد أعرَضْن عنه ببلوغه الخمسين، ولم يذكر أنه بلغ الخمسين لتوِّه، فتأمَّل!
رحل إلى دمشق ومدح الوليد بن يزيد الأموي، فأجازه، ثم وفد على المنصور العباسي في وفد أهل المدينة، فتجهَّم له، ثم أكرمه، وانقطع إلى الطالبيين، وله شعر فيهم[16].
وابن هرمة كما وصفه الخطيب شاعرٌ مفلق، فصيح مسهب مجيد، حسن القول، سائر الشعر، وهو أحد الشعراء المخضرمين؛ أدرك الدولتين الأُمويَّة والهاشمية[17].
وله حكايات في موالاته للطالبيين، ومعاقرته للشراب، واتصافه بالبخل.
ومما يروى عنه في ذلك أن الحسن بن زيد لمَّا ولي المدينة، قال لإبراهيم بن هرمة: لا تحسبني كمن باع لك دينه؛ رجاء مدحك، وخوف ذمِّك، فقد رزقني اللَّه بولادة نبيِّه الممادح، وجنَّبني القبائح، وإن من حقه عليَّ ألا أغضي على تقصيرٍ في حقِّه، وإني أقسم لئن أُتيتُ بك سكران لأضربنَّك حدَّين: حدَّ الخمر، وحدَّ السكر؛ ولأزيدنك لموضع حرمتك بي، فليكن تركك لها للَّه تُعَنْ عليه، ولا تجعله للناس فتُوكَلْ إليهم، فنهض ابن هرمة وقال:
نهَاني ابنُ الرسولِ عنِ المُدَامِ 
وأدَّبَنِي بآدَابِ الكِرامِ 
وقال لي اصطَبِرْ عنها ودَعْها 
لِخَوْفِ الله لا خَوْفِ الأنامِ 
وكيف تَصَبُّرِي عنها وحُبِّي 
لها حُبٌّ تَمَكَّنَ فِي عِظَامِي 
أَرَى طِيبَ الحَلَالِ عَلَيَّ خُبْثًا 
وطيبَ النَّفْسِ في خُبْثِ الحرامِ[18] 
وكانت وفاته - كما ذكر ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة - عام 176هـ[19]، وذكر ابن شاكر أنها كانت سنة 150هـ[20]، وذكر الصفدي أن وفاته كانت بعد المائة والخمسين تقريبًا[21].
أمَّا وفاته، فأبعدها أن يكون عام 150هـ؛ لأنه قد أنشد شعرًا لهارون الرشيد، والرشيد ولي الخلافة سنة 170هـ، وفي عام 150هـ لم يكن الرشيد أكمل من العمر سنتين!
وقد أُلِّفت كتبٌ في أخباره لأحمد بن طيفور، وإسحاق الموصلي، والزبير بن بكار، وأبي بكر الصولي، كما ذكر ياقوت في مواضعَ متفرقةٍ من معجمه[22].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|