|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الصحبة وآدابها الْإِنْسَانُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ يَمُرُّ بِهِ مِنَ الْأَحْوَالِ وَالتَّغَيُّرَاتِ مَا يَحْتَاجُ مَعَهُ لِصَاحِبٍ صَادِقٍ، وَرَفِيقٍ نَاصِحٍ، يَفْرَحُ لِفَرَحِهِ، وَيُخَفِّفُ مِنْ حُزْنِهِ وَأَلَمِهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنَّ أَحَدًا يَعِيشُ بِمُفْرَدِهِ دُونَ صَدِيقٍ يُشَاوِرُهُ، أَوْ صَاحِبٍ يَبُوحُ لَهُ بِمَا فِي ضَمِيرِهِ وَخَاطِرِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرْءَ مَدَنِيٌّ بِطَبْعِهِ، وَالْحَيَاةُ دُونَ صَاحِبٍ تَبْدُو مُوحِشَةً وَمُحْزِنَةً، وَلَيْسَتِ الصُّحْبَةُ مَعْنَاهَا أَنْ تَبْقَى مَعَ الصَّدِيقِ وَقْتًا أَطْوَلَ، بَلِ الْمَعْنَى أَنْ تَبْقَى عَلَى الْعَهْـدِ حَتَّى وَإِنْ طَالَتِ الْمَسَافَاتُ أَوْ قَصُرَتْ، وَالصَّدِيقُ الصَّادِقُ مَنْ تَطُولُ صُحْبَتُهُ مَعَ صَدِيقِهِ مَعَ تَقَلُّبِ الظُّرُوفِ وَالْأَزْمَانِ، وَقَدْ قِيلَ: « صَدِيقُكَ مَنْ صَدَقَكَ لَا مَنْ صَدَّقَكَ »، وَالصَّدَاقَةُ الْحَقَّةُ كَالْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْيَدِ: إِذَا تَأَلَّمَتِ الْيَدُ دَمَعَتِ الْعَيْنُ، وَإِذَا دَمَعَتِ الْعَيْنُ مَسَحَتْهَا الْيَدُ. عِبَادَ اللَّهِ: مَنْ أَرَادَ صَاحِبًا فَلْيَخْتَرْ مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ تَنْفَعُهُ صُحْبَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلْيَحْذَرْ مِنْ صُحْبَةِ الْأَشْرَارِ وَمَنْ يَأْمُرُهُ بِالْمَعْصِيَةِ؛ فَأَصْحَابُ السُّوءِ وَالْبَاطِلِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَتَبَرَّأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الْفُرْقَانِ: 27-29]. وَلَا خَيْرَ فِي الصَّاحِبِ الْعَاصِي؛ لِأَنَّ صُحْبَتَهُ فِتْنَةٌ، وَصَدَقَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ سُبْحَانَهُ: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزُّخْرُفِ: 67]. أَنْتَ فِي النَّاسِ تُقَـاسُ *** بِالَّذِي اخْتَرْتَ خَلِيلَا فَاصْحَبِ الْأَخْيَارَ تَعْلُو *** وَتَنَلْ ذِكْرًا جَمِيـــــلَا أَيُّهَا النَّاسُ: اعْلَمُوا أَنَّ الصُّحْبَةَ الْحَقِيقِيَّةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ بَيْنَهُمْ غَيْرُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ، وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ» (حَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ). وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَمَرَ بِمُلَازَمَةِ الْأَتْقِيَاءِ وَدَوَامِ مْخَالَطَتِهِمْ، وَتَرْكِ مُخَالَطَةِ الْفُجَّارِ وَمُؤَاكَلَتِهِمْ، وَهَذَا فِي طَعَامِ الدَّعْوَةِ، لَا إِطْعَامِ الْحَاجَةِ، وَأَكَّدَ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الصَّاحِبَ يُؤَثِّرُ فِي مَنْ يُصَاحِبُهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» (حَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ). وَمِنْ لَوَازِمِ الصُّحْبَةِ الصَّادِقَةِ أَنْ تَكُونَ الْمَحَبَّةُ لِلَّهِ، وَهَذِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا الْعَبْدُ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ أَحَبَّهُ اللَّهُ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ...»، وَذَكَرَ مِنْهُمْ: «وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ...» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ). وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ» (صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ). عِبَادَ اللَّهِ: صَاحِبُوا الْأَتْقِيَاءَ؛ فَهُمُ الزِّينَةُ فِي الرَّخَاءِ، وَالْعُدَّةُ فِي الْبَلَاءِ، وَهُمْ خَيْرُ مُعِينٍ عَلَى تَخْفِيفِ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ، قَالَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ لِوَلَدِهِ يُوصِيهِ: "يَا بُنَيَّ، إِذَا أَرَدْتَ صُحْبَةَ إِنْسَانٍ فَاصْحَبْ مَنْ إِذَا خَدَمْتَهُ صَانَكَ، وَإِنْ صَحِبْتَهُ زَانَكَ، وَاصْحَبْ مَنْ إِذَا مَدَدْتَ يَدَكَ لِلْخَيْرِ مَدَّهَا، وَإِنْ رَأَى مِنْكَ حَسَنَةً عَدَّهَا، وَإِنْ رَأَى مِنْكَ سَيِّئَةً سَدَّهَا، وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: "يَا بُنَيَّ، مَنْ لَا يَمْلِكُ لِسَانَهُ يَنْدَمْ، وَمَنْ يُكْثِرِ الْمِرَاءَ يُشْتَمْ، وَمَنْ يُصَاحِبْ صَاحِبَ السُّوءِ لَا يَسْلَمْ، وَمَنْ يُصَاحِبِ الصَّالِحَ يَغْنَمْ"... أَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ يَصْحَبُونَ الْأَخْيَارَ، وَأَنْ يَكْفِيَنَا وَذُرِّيَّاتِنَا صُحْبَةَ الْأَشْرَارِ، وَأَنْ يَجْمَعَنَا فِي جَنَّتِهِ مَعَ الْأَبْرَارِ. عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ لِلْجَلِيسِ تَأْثِيرًا عَلَى الدِّينِ وَالسُّلُوكِ، وَالنَّفْسُ تُؤَثِّرُ وَتَتَأَثَّرُ سَلْبًا وَإِيجَابًا، وَالْمَرْءُ كَمَا قِيلَ: يُعْرَفُ بِجَلِيسِهِ. عَنِ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِــهِ ** فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَـــــــــــــــدِي إِذَا كُنْتَ فِي قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُمْ ** وَلَا تَصْحَبِ الْأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي وَأَصْدَقُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ). يُوزَنُ الْمَرْءُ بِمَنْ صَاحَبَ وَاخْتَارَ وَلِيَّـا ** وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَازْدَدْتُ رُقِيًّا وَرُقِيَّـا أَنْتَ لِي نَبْعٌ مِنَ الْإِخْلَاصِ يَبْقَى أَبَدِيَّا ** لَمْ أَزَلْ أَحْمَدُ رَبِّي أَنَّ لِي خِلًّا وَفِيَّا عِبَادَ اللَّهِ: صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى إِمَامِ الْخَلْقِ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي قَوْلِهِ الْكَرِيمِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الْأَحْزَابِ: 56]. __________________________________________________ _________ الكاتب: خالد سعد الشهري
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |