|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() حالات تنزيل أفراد البطن الثاني مكان أفراد البطن الأول وعدم تنزيلهم اختص الحكم بالبطن الأول، أو يشمل البطن الأول والثاني، فقال: إنه لا فرق بين أن يقول: على أولادي، أو أولادي وأولاد أولادي. لكن في الغالب أنه إذا قال: على أولادي ثم أولاد أولادي، فحينئذ لا نعطي البطن الثاني مع وجود البطن الأول. مثال: لو قال: هذه المزرعة وقف على ولدي، ثم ولد ولدي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. نقول: نشرك بين أولاده في البطن الأول، فلو جاء البطن الثاني يبقى محبوسا ولا يأخذ شيئا في الوقف حتى يموت البطن الأول كله، ولو مات واحد من البطن الأول ذكرا كان أو أنثى قسم نصيبه على البقية. ولو قال: مزرعتي هذه وقف على ولدي، ثم ولد ولدي، فلو كان له من الولد في الصلب ابنان ذكران فنقسم الوقف بينهما، ولو أنجب أحدهما ولم ينجب الآخر، أو أنجب الاثنان فلا ننظر في ذريتهما ولا ننظر في البطن الثاني؛ لأنه قال (ثم) ، فالبطن الأول هو المسئول عنه، والبطن الثاني غير مسئول عنه؛ لأنه لم يصل الاستحقاق إليهم. فلو توفي واحد من الولدين أخذ الثاني النصيب كاملا، فإذا توفي هذا الثاني من البطن الأول نزل الاستحقاق للبطن الثاني، واستحق أصحاب البطن الثاني بالتفصيل الذي ذكرناه في مسألة الذكور والإناث إذا كان عنده ذكور وإناث في البطن الأول. إذا: إذا قال: على ولدي ثم ولد ولدي، أو أولادي ثم أولاد أولادي، أو أولادي ثم الذين يلونهم، أو: ثم من بعدهم، فكل هذا ينبه على أنه لا ينزل البطن الثاني منزلة البطن الأول إلا بعد انتهاء وانقراض البطن الأول. اختصاص الذكور بالوقف عند قوله: (على بني أو بني فلان) قال رحمه الله: [ولو قال على بنيه أو بني فلان اختص بذكورهم إلا أن يكونوا قبيلة فيدخل فيه النساء دون أولادهن من غيرهم] فقوله رحمه الله: (ولو قال على بنيه أو بني فلان اختص بذكورهم) بعد أن بين المصنف رحمه الله اللفظ الذي يقتضي العموم بقوله (أولادي) شرع فيما يقتضي التخصيص، فلو قال: على بني، أو أبنائي، أو على بناتي، فحينئذ يختص بالبنين إن نص عليهم، ويختص بالإناث إن سماهن. إذا فالابن لا يشمل الذكر والأنثى، وإنما يختص بالذكور دون الإناث، وعلى هذا مذهب العلماء قاطبة رحمهم الله. لكن لو قال: على بني فلان، أو على الفقراء من بني سلمة، أو من بني زياد، أو من بني عمرو، فلفظة (بني) هذه تطلق على القبيلة فيستوي ذكورها وإناثها؛ لأن العرف واللغة يقتضي ذلك، ولقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرمي أنه جعل البنوة شاملة للذكور والإناث، تقول: هؤلاء من بني عبد الله. قال صلى الله عليه وسلم: (الأنصار وجهينة ومزينة وغفار وأسلم وبنو عبد الله من غطفان) غطفان هي مطير الموجودة الآن، وبنو عبد الله فخذ منهم، وكانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا أشبه بالقبيلة، قال: (وبنو عبد الله من غطفان موالي الله ورسوله) كما في الصحيح، فسماهم قال: (بنو عبد الله) وشرك، وهذا مقتض لتشريك الذكور والإناث؛ لأنهم أسلموا وكان لهم بلاء في الإسلام. فالبنوة تطلق على القبيلة ويراد بها العموم والشمول، فتشمل الذكور والإناث، تقول: بنو فلان فتشمل ذكورهم وإناثهم، إن قال: بنو عمي، بني، بنو خالي، بنو أخوالي، هذا كله يختص بالذكور، لا يشمل الذكور والإناث معا، لكن إذا قال: بنو فلان وهي قبيلة فإننا نحكم بالتشريك بين الذكور والإناث؛ لأن هذا اللفظ وإن كان يختص بالذكور دون الإناث؛ لكنه يطلق ويتجوز فيه فيعم الذكر والأنثى. دخول الإناث في الوقف دون أولادهن إذا عنى الواقف ببني فلان القبيلة قال رحمه الله: [إلا أن يكونوا قبيلة فيدخل فيه النساء دون أولادهن] . وذلك على التفصيل السابق، أنه إذا شركت بين الذكور والإناث فتعتبر البطن الأول وتلغي ذرية الإناث من البطن الثاني بنفس التفصيل، ثم البطن الثاني تعطي الذكور والإناث مستويين، ثم تلغي البطن الثالث من بنات البطن الثاني، وهكذا يصبح الحكم مطردا في جميع البطون. دخول الذكور والإناث في الوقف على القرابة وأهل البيت والقوم قال رحمه الله: [والقرابة وأهل بيته وقومه يشمل الذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه] أي: فإن قال: وقف على أقربائي وأهل بيتي، أو أهلي، أو وقف على المسكين من أهلي، أو على المحتاج من أهلي، فإنه يشمل الذكور والإناث. يقال إن أهل أصلها: آل، وهذا قول سيبويه من أئمة اللغة، وأبدلت الهمزة هاء. وأهل الإنسان، وآل الإنسان، وقرابة الإنسان تشمل فروعه من الأصول. وقومه كذلك، إن قال: للضعفاء، للفقراء، لطلبة العلم من قومي، فإنه يستوي فيه الذكور والإناث، إلا أن يخص، ولذلك قال: [يشمل الذكر والأنثى من أولاده] أي: لأن الآل لا تختص بالذكور دون الإناث، قال صلى الله عليه وسلم: (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) ، والإجماع قائم على أن قوله: (آل محمد) ، شاملة للذكور والإناث، وأهل مثل آل، فلو قال: على أهل بيتي؛ فإنها تشمل الإناث، وفي حديث الكساء أنه عليه الصلاة والسلام جلل فاطمة رضي الله عنها وجعلها من أهل البيت، وهي من أهل بيته بالإجماع. فأهل بيت الإنسان وآله وقرابته يستوي فيهم الذكور والإناث، قال تعالى: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت} [هود:73] ، فالخطاب متوجه لزوجة إبراهيم عليها السلام لما عجبت من أمر الله عز وجل فقيل لها: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود:73] . فأهل الإنسان تطلق على الزوجة {فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا} [طه:10] ، تطلق الأهل بمعنى البيت خاصة، سواء كان للزوجة وأولادها ومن هو قريب من ذلك كالخدم والحشم، وتطلق بمعنى العموم، ويقال: أهل الإنسان ومرادهم كل من يمت إليه بالقرابة والصلة. وقوله: (وأولاد أبيه) : وهم من يجتمعون معه في الأصول، فيشمل ذلك أعمامه وعماته الأشقاء، وهم الذين شاركوا أباه في أصليه، والعمة لأب، والعمة لأم من حيث الأصل، لكن بالنسبة لمن فوقهم يختص بالأصول وهو جد أبيه ومن علا. قال: [وجد أبيه] أي: جد أبيه، وجد جده، ونحو ذلك؛ لأنها كلها أصول وتدخل في آله وقرابته. قال رحمه الله: [وإن وجدت قرينة تقتضي إرادة الإناث أو حرمانهن عمل بها] يريد إناثه؛ كان يقول: بيتي وقف على المطلقة من بناتي، أو على المطلقة من ذريتي، أو على المطلقة من نسلي، أو وقف على المحتاجة من قرابتي، هذا يخص الإناث دون الذكور، فالذكر لا يستحق في هذه الحالة، ولا يدخل. وأثر عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أنه أوقف على الإناث من ذريته، وهذا قول لبعض العلماء، فيرى أنه يجوز تخصيص بعض الولد عند الموجب، وفي النفس منه شيء، لكن عمل به بعض الصحابة رضوان الله عليهم، ويؤثر عن الزبير وابنه عبد الله بن الزبير رضي الله عن الجميع أنه خشي على بناته فجعله للمطلقة والأرملة؛ لأن الذكر يستطيع أن يكافح، ولكن الأنثى إذا طلقت أو مات عنها زوجها خشي عليها. فيوقف على المحتاجة من ذريته إذا طلقت أو أصبحت أرملة خوفا عليها من العار، وهذا يجوزه بعض العلماء؛ لأنهم يقولون: يجوز أن يخص الوالد بعض ولده للعوز والحاجة، مثل أن يكون ابنه -لا قدر الله- مشلولا، فيجوز أن يعطيه ما لا يعطي الصحيح، ولو كان ابنه طالب علم يحتاج إلى نفقة خاصة أعطاه نفقة طالب علم، فهذا التفضيل للسبب، فيرى أنه إذا فضل بعض ولده بالوقف عليهم لسبب، أو مثلا جعل للذكور حظا، وجعل للإناث حظا، فأوقف على الذكور دارا، وأوقف على الإناث مزرعة وعدل بينهم، فهذا له وجهه. الشاهد أنه إذا قيد بالأنثى؛ فإنه يعمل بتقييده، سواء كان ذلك بأمارة، أو كان صريحا، فقال: للمطلقة أو للأرملة إذا رملت، فإن قال: للمطلقة فإنه يكون مقيدا بالمطلقة ولا يشمل الكل، وإذا قال: للأرملة، أو قال: التي لا زوج لها، إذا قال: التي لا زوج لها فهذا أعم، لأنه يشمل الصغيرة التي لم تتزوج بعد، فمن حقها أن تسكن، ومن حقها أن تأكل من هذا الوقف، لكن إذا قال: للمطلقة؛ فلا بد أن تكون زوجت ثم بعد ذلك طلقت، ويراعى في هذا وجود الحاجة إلى الستر. الوقف على جماعة يمكن حصرهم قال رحمه الله: [وإن وقف على جماعة يمكن حصرهم وجب تعميمهم والتساوي] وذلك كما لو قال: على ولدي، وولده -مثلا- عشرون، أو يبلغون الأربعين أو الخمسين؛ فحينئذ نقسم على الأربعين والخمسين لأنه أمكن حصرهم، لكن إذا قال: وقفت داري هذه على طلبة العلم أو: وقفت ثمرة بستاني هذا صدقة على المساكين، أو على الفقراء، وكان بموضع فيه حاجة وفيه عوز، ولا يمكن حصر الفقراء فيه. فقد عرفنا أنه إذا أطلق أطلقنا، وإذا قيد قيدنا، وعملنا بما يقول والتزمنا ما اشترطه الواقف فيما بينه وبين ربه، لكن الإشكال أننا في بعض الأحيان إذا أردنا أنا نعمم أو نعمل بالمطلق لا نستطيع استيعاب الكل، والأصل الشرعي يقتضي أنه يجب استيعاب الكل، فلو قال: على ولدي؛ فإنه يجب قسمة هذا الوقف على الولد، ولا يجوز تخصيص بعض الولد دون بعض، ومن هنا يكون الناظر آثما شرعا، وظالما معتديا لحدود الله إن حجب بعض الورثة وبعض المستحقين مع علمه باستحقاقهم، بل يجب عليه أن يسوي بين الجميع إذا سوى بينهم الواقف. فهذا الذي بينه وبين الله، فالواقف أخرج من ذمته هذا الوقف على هذا الوجه، وجعله مملكا -على القول بأن غلته مملوكة للموقف عليهم- لهؤلاء الذين سماهم، فلا يجوز حرمان بعضهم، وهذا تعد لحدود الله. لكن لو أن الجهة التي خصت بالوقف لا يمكن حصرها، ولو جئنا نحصر الفقراء والمساكين لم نستطع، مثل بلد فيها فقر شديد أو قال: على طلبة العلم، وطلاب العلم كثيرون جدا، فيجوز تخصيص بعضهم دون بعض، لكن يرجع في هذا إلى القاضي، ويجوز للناظر إذا عدم القاضي أن يجتهد ويتقي الله في اجتهاده. فمثلا إذا قال: أوقفت غلة هذا البستان على أولادي، ولا يمكن حصر أولاده؛ فقام الناظر بحصر المحتاجين فقدم المحتاجين على غير المحتاجين، فهذا تصرف حكيم، والقاضي لو كان مكانه لتصرف بذلك؛ لأنه إذا أصبح الوقف عاما للجميع ولا يمكن تعميم الجميع؛ والذين سيتضررون إن حرموا هم المحتاجون، فحينئذ نقول: لما كان الغني غير محتاج، ويصعب حصر الأغنياء مع الفقراء، قدم الفقراء على الأغنياء؛ لأن سبيلهم أعظم ثوابا وأعظم أجرا، فيعطون ويصرف لهم. ولو كان المحتاجون أيضا لا يمكن حصرهم، كالمحتاجين من طلبة العلم، وممكن أن يكون هناك طلبة علم في ثغر أعظم بلاء من غيرهم، فنقدم هؤلاء الذين هم أعظم بلاء، مثلا طالب العلم الذي له عشر سنوات في طلب العلم نقدمه على طالب العلم المبتدئ، وطالب العلم الذي ينضبط في الدروس نقدمه على طالب العلم الذي لا يأتي الدرس إلا في الأسبوع فيفضل بين المستحقين بتفضيل شرعي، ومبرر صحيح، ولا بأس بذلك؛ لأنه إذا تعذر حصر الكل صرف إلى الأولى فالأولى، كما قال المصنف رحمه الله: [وإلا جاز التفضيل والاقتصار على أحدهم] أي: جاز أن يفضل بعضهم، أو الاقتصار على أحدهم، مع أنه من حيث الأصل يراعى شمولية الوقف للأكثر ما أمكن. الأسئلة تعيين حصة لناظر الوقف الجواب باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالأفضل في ناظر الوقف أن يحتسب في نظارته وأن يأكل بالمعروف، وهذا هو المحفوظ في حديث عمر رضي الله عنه في الصحيحين أنه جعل لمن ولي النظارة على وقفه أن يأكل بالمعروف غير متأثل ولا متمول، وقد تقدم معنا. لكن إذا جعل للناظر نصيبا، أو قال الناظر: أريد نصيبا، وكانت مصالح الوقف والأمور التي يلي نظارتها تحتاج منه إلى كلفة وعناء ومشقة، وربما تحبسه عن الرزق، وتحبسه عن مصالحه، فلا بأس أن يجعل القاضي له نصيبا، فإذا جعل له الواقف فلا إشكال، كأن قال الواقف: وقد جعلت عشر الوقف لمن ولي النظارة. وإذا ثبت أنه يأخذ العشر أو الربع أو الثمن أو الخمس أو ما سمى الواقف فالسؤال: هل هذا يعتبر جهالة؟ الواقع من حيث الأصل أن النسبة فيها نوع جهالة، فثمن الغلة أو ربع الغلة أو خمس المحصول، لا يشك أنه جهالة؛ لأنه وإن كان معلوم النسبة لكنه مجهول القدر، فإننا لا ندري كم سيكون الربع في هذه السنة؟ مثلا لو أجر الوقف بمليون، أو أن المصالح الموجودة في الوقف تدر المليون، عشرها مائة ألف، لكن تأتي السنة الثانية يكون عشرها مثلا عشرة آلاف ريال بحيث تكون المصالح كلها مائة ألف مثلا، ويكون عشرها عشرة آلاف، فإذا لا يمكن أن يعلم قدر هذا العشر. فبعض العلماء يجعله مخرجا على المساقاة ملحقا بها؛ لأن الشيء إذا تعذر الإجارة عليه في الغلة المعينة يصار إلى تحديد النسبة احتياجا، وبعضهم يقول: بل نقيسه على المساقاة والمزارعة والمضاربة، وهذا مسلك الحنابلة والشافعية رحمهم الله الذين يعتبرون أن المضاربة شركة، وأنها ليست بخارجة عن الأصل، ولكن الحنفية والمالكية كما تقدم معنا في باب الإجارات والمضاربة لا يصححون القياس على هذا الوجه، لكنه قد يغتفر بوجود الحاجة في مثل هذا، والله تعالى أعلم. لكن لا يشك أن السنة أولى، فمن يلي نظارة الوقف لا يقال: له العشر، ولا الربع، ولا الثمن، ولا الخمس، بل يقال له: أنه يأكل بالمعروف، هذا هو الذي فعله عمر، وقضى به النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لو أن القاضي حكم أنه يأخذ العشر فإنه يعمل به؛ لأن حكم القاضي يرفع الخلاف، وقد ذكر بعض مشايخنا رحمة الله عليهم أنه قد اصطلح في هذا الزمان على أن يأخذ الناظر العشر، لكثرة الفساد، وقل أن يوجد المحتسب الذي يعمل في الوقف بدون أن يأخذ شيئا، ويأكل بالمعروف. ثم إذا وجد من يقول: أريد أن آكل بالمعروف؛ يصير المعروف منكرا، فيأخذ كل شيء ويقول: والله هذا ما فيه شيء، فكلما جاءت غلة أكلها، وقال: أنا الناظر، ويرى أن هذا هو المعروف. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه) ، والدنيا فتنة، خاصة في الأوقات التي تكون غلات الأوقاف فيها كبيرة، لكن لو وضع العشر -وهذا ما يسمى بالمصلحة المرسلة- وألزم به، وأصبح يتابع في التسعة الأعشار متابعة دقيقة، ويعرف كيف أخذها وأين صرفها، فهذا يكون أكثر ضبطا في كثير من المسائل. لكن هذا كما ذكرنا اجتهاد، وله وجهه، وإذا قضى به القاضي عمل به على وفق ما ذكرناه، والله تعالى أعلم. السؤال ترك والد لأولاده بيتا، فاحتاج البيت إلى إصلاح، فهل تدفع الأنثى نصف ما يدفعه الذكر؟ إصلاح الوقف من نصيب الموقوف عليهم كل على قدر نصيبه الجواب لاشك في هذا أن الغنم بالغرم، والخراج بالضمان، فالأنثى تدفع في الخسارة نصف ما يدفعه الذكر، وتأخذ في الناتج نصف ما يأخذه الذكر، لا تظلم ولا تظلم، فكما أنها في الربح والناتج تأخذ نصفه، كذلك في الخسارة يلزمها في إصلاح البيت نصف ما يدفعه الذكر، فإذا احتيج لإصلاح البيت إلى ثلاثة آلاف، أو ثلاثين ألفا وهناك ذكر وأنثى فإن الذكر يدفع عشرين ألفا وتدفع الأنثى عشرة آلاف من الثلاثين ألفا، ويدفع الذكر ألفين وتدفع الأنثى ألفا إذا كان الإصلاح بثلاثة آلاف. فالذكر يدفع ضعف ما تدفعه الأنثى في حال الغرم، كما يأخذ ضعف ما تأخذه في حال الغنم، والقاعدة: (أن الغنم بالغرم والخراج بالضمان) ، والله تعالى أعلم. السؤال أشكلت علي مسألة، وهي تخصيص الوقف على البنات دون الأولاد أو العكس مع مسألة عدم الوصية للوارث. الجمع بين جواز الوقف على الوارث وعدم جواز الوصية لوارث الجواب باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالوصية شيء، والوقف شيء آخر، فالوقف منجز، والوصية موقوفة على الموت، والوقف لا رجعة فيه، والوصية يملك الإنسان الرجوع فيها ما لم يمت كما سيأتي تفصيله في باب الوصية. الوقف شيء والوصية شيء آخر، فالوقف يكون في الحياة، يقول: أوقفته على ولدي. ويسري في حياته، لكن نحن عندما نقول بالوقف، نقول: إنه يجوز أن يجعل للإناث، ويجعل للذكور؛ لكن بالعدل، لو أنه أوقف على الذكور، وأوقف على الإناث، وعدل بين الذكور والإناث فلا إشكال. فلو أن رجلا حصل له موجب ورأى بناته يطلقن ويتعرضن للأذية والإضرار فأوقف لهن، ونظر أن هذا من النصيحة والرعاية لولده، وحسن التفقد لهم، فذكوره بخير، وأبناؤه بخير، ولكن إناثه وبناته في ضيعة إذا لم يترك لهن مأوى يحفظهن، ولم يترك لهن بيتا يأوين إليه خاصة في الظروف التي تطرأ، فهذا له مبرر ويكون قد فعله لسبب شرعي ومصلحة معتبرة. وهذا يختاره الوالد وطائفة من أهل العلم رحمهم الله، وعمل به طائفة من الصحابة، لكن نقول: يعدل، وإذا وجد الموجب للتفضيل من حيث الخوف، خاصة عند فساد الزمان، فهذا شيء يلقى الله عز وجل به. ويستقيم على مذهب من يقول: يجوز تفضيل بعض الولد على بعض عند وجود الموجب، والشريعة حينما تجعل الأنثى في هذه الحالة، إنما يدل ذلك على عظيم رعايتها للإناث، وعظيم إحسانها للمرأة، فالمرأة ينظر لها بطبيعتها الفطرية، ولا ينظر لها خارجا عن طبيعتها الفطرية، ومن أخرج المرأة عن طبيعتها الفطرية فقد كلفها ما لا تطيق، فإن قصد إكرامها فوالله لقد أهانها، وإن قصد الرحمة بها فقد عذبها، وإن قصد إعزازها فقد أذلها؛ لأنه لا كرامة، ولا عزة، ولا رفعة، ولا رحمة بالمرأة إلا من حيث شرع الله جل جلاله. فإذا نظر إلى أنها تحفظ من الضيعة إذا طلقت، أو أصبحت أرملة، أو أصبحت في حاجة، وقصد شرع الله عز وجل من حسن النصيحة لبناته، وتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لفت النظر إليهن: (ما من مسلم يكون له ثلاث من البنات فيحسن تأديبهن إلا كن له حجابا من النار. قالت امرأة: يا رسول الله! واثنتين؟ قال: واثنتين) فبين فضل حسن الرعاية للبنت. البنت تحتاج إلى رعاية أكثر مما يحتاجه الذكر، فإذا كان خص الأنثى بهذا، وفضلها بهذا، خاصة إذا نظر إلى أن أولاده كافحوا، وعندهم ما يسدهم ويكفيهم، فهذا وجه لبعض العلماء، ولكني لا أفتي به، أنا أقول: هذا وجه لبعض أهل العلم، وله سلف، وخاصة أن ابن الزبير والزبير نفسه حكي عنه هذا، واختاره بعض العلماء، لكن من تورع وتحفظ وترك الأمر لقسمة الله عز وجل من فوق سبع سماوات، وتركه ميراثا شرعيا؛ فلا شك أنه قد أصاب وأحسن، والله تعالى أعلم. استخلاف المسبوق في الصلاة السؤال إمام طرأ عليه عذر فقدم رجلا من خلفه وكان هذا المقدم مسبوقا بركعة، فكيف يصنع، خصوصا أن وراءه من أدرك الصلاة مع الإمام من بدايتها؟ الجواب هذا هو الفقه، خذوها قاعدة، الإمام عندنا فيه سنة وعندنا أصل، وكثير من المسائل تتفرع على السنة والأصل، والأصل العام مستنبط من السنة، لكن المراد بالسنة هنا الحديث الخاص: (إنما جعل الإمام ليؤتم به) . أما الأصل فإنك مطالب بعدد من الركعات في الصلاة لا تزيد عليه ولا تنقص منه، فما الحكم إذا قدم مسبوقا؟ إذا فرضنا أنه مسبوق بركعة، في هذه الحالة يصلي ويتم الصلاة كفعل الإمام، فإذا بقيت له الركعة الباقية ثبت أهل المسجد يتشهدون، وقام لوحده، وأتم الركعة ثم تشهد، ومن هم خلفه يطولون في الدعاء والمسألة حتى ينتهي من الركعة، ثم يتشهد ثم يسلم بهم. لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى صلاة الخوف، ثبتت الطائفة الأولى وتشهدت، ثم أتم بالطائفة الثانية الركعة، ثم جلس يتشهد فقامت الطائفة الثانية وأتمت لنفسها، ثم تشهد بالطائفتين وسلم؛ عليه الصلاة والسلام. هذه أحوال طارئة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم في حال الخوف كانت عنده ركعات زائدة على ركعات المأمومين، ومن هنا أخذ العلماء أنه إذا اختل الأمر فاحتاج المأموم أن يزيد، أو احتاج الإمام أن يزيد، فحينئذ يترك الإمام على زيادته ويبقى المأموم معذورا. تخرجت على هذه مسألة ما إذا زاد الإمام، وأنت تعلم أنه في الخامسة تبقى في التشهد ولا تتابعه، ولا أعرف أحدا من أهل العلم يقول إنه إذا قام الإمام للخامسة قام المأموم وراءه، هذا لا يقول به إلا بعض المتأخرين ولا أدري من أين جاء به. والأصل يقتضي أن تبقى؛ لأن الله أمرك بأربع ركعات، ولم يأمرك بإحداث خامسة ولا سادسة، وأمرك بمتابعة إمام في الصلاة لا فيما هو خارج عن الصلاة، والخامسة ليست من الصلاة، وأنت تعتقدها خارجة من الصلاة، ولا يجوز لك أن تتعبد الله عز وجل بها، لذلك لا يجوز لك أن تأتم بإمام إلى قبلة غير القبلة التي تراها. وإذا كان هذا في الشرط فكيف في الركن؟ فإذا: من حيث الأصل الإمام تتابعه في الحدود الشرعية، فإذا زاد الخامسة معذورا لسهو، أو معذورا لنقص، ثبت متشهدا حتى يتم خامسته ثم تتابعه في التشهد. يبقى السؤال: لماذا لا تتم وتسلم؟ لو أتممت وسلمت لنفسك لا نقطعت عن الجماعة وفات أجر الجماعة؛ لأن الجماعة من التكبير إلى التسليم. ففائدة المسألة: أنك تثبت حتى تبقى فيسلم بك، ولذلك فهذان الأمران: الإحرام والتسليم، من سبق الإمام فيهما بطلت صلاته؛ لأنهما أعظم ما في الإمام من أركان، بخلاف بقية الأركان: فإذا ركع قبله رجع فتدارك، وإذا سجد قبله رجع، إلا إحرام وسلام، فإن سبق المأموم الإمام فيهما بطل اقتداؤه، أي: بطل كونه مأتما به. فالحاصل أن تبقى معه وتكون القاعدة المعروفة: ما جاز لعذر بطل بزواله، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها. فهو مضطر إلى زيادة ركعة، وأنت تنفصل عنه بقدر الزيادة، فإذا أتم الركعة وجلس للتشهد تبقى وراءه، وترجع إلى الأصل وهو أنك ملزم بمتابعته، وليس عندك دليل يجيز لك أن تنفصل عنه وتتم وتتشهد؛ لكن إذا كان الأمر بالعكس، فمثلا لو كان الذين وراء الإمام جاءوا مسبوقين، فالحكم واضح وهو أنهم يتموا وراء الإمام، ثم إذا تشهد وسلم قاموا وأتموا ما سبقهم فيه الإمام وخليفته. وأما إذا جاء المأمومون كلهم مع بعض في الركعة الثالثة، والإمام حصل له عذر فقدم أحدهم، تابعوه متابعة كاملة لأن صلاته وصلاتهم واحدة، لكن يبقى الإشكال في الركعتين الأخيرتين، لأنه لو صلى وراء الإمام لجلس بعد الثالثة بالنسبة للإمام، لكن هنا لا يجلس بعد الثالثة، وإنما يقوم ويأتي بالركعتين الأخيرتين تامة، ويتابعه المأمومون. وفي هذه المسالة عشر مسائل مبسوطة، أعني مفرعة، لأنها تختلف في الرباعية والثنائية والثلاثية بحسب اختلاف السبق والتأخر عن الإمام. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |