|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() قناديل على الدرب- الإلحاد (8) الملحدون… وقاعدة الشك الملحد إنسان لا يؤمن بوجود خالق لهذا الكون، فهو إنسان مركب من الشك والريبة والتشتت الفكري، والشك عند الإلحاديين أصل من أصول التفكير عندهم، ولعل أصدق وصف لهذا المعتقد قصيدة (جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت)، ويحاول الملاحدة جاهدين غرس هذه الفكرة الخبيثة في عقول الناشئة ونفوسهم؛ لكي يسهل عليهم فيما بعد بث سمومهم الفكرية والعقدية في نفوس هؤلاء الناشئة. فما أسهل أن تنقاد هذه النفوس الجاهلة إليهم بعد أن تتمكن هذه القاعدة من نفوسهم، لذلك هم حريصون كل الحرص على أن يؤصلوها في كل محفل على مستوى العالم أجمع. وتلك القاعدة أصّلها لهم أرسطو، وغيره من الفلاسفة؛ حيث يقولون: «من أراد أن يشرع في المعارف الإلهية فليمح من قلبه جميع العلوم والاعتقادات، وليسع في إزالتها من قلبه بحسب مقدوره، وليشك في الأشياء، ثم ليكتف بعقله وخياله ورأيه» وفي السياق نفسه قال ديكارت: «أنا أشك إذا أنا موجود». ثم أكملوا هذا القانون بقانون آخر وهو نسبية الحقيقة، فليس عند القوم حقيقة مطلقة، وبهذا انعدمت الرؤيا عند الإلحاديين، وصارت حياتهم شكا في شك، فالشك في وجود الله، والشك بالقضاء والقدر، والشك في حقيقة الأمور كافة، وإذا اعتمدنا فرضًا قانون نسبية الحقيقة، فستفسد الدنيا بما فيها؛ لأنه إذا اعتدى إنسان على آخر، وإذا قيل له: إنك مخطئ، فسيقول – بناءً على تلك القاعدة -: ما رأيتموه أنتم خطأً لا أراه أنا خطأ، فالحقيقة نسبية !، فإذا قيل له: ولكن ليس لك أن تضر الآخرين بناء على قاعدتك تلك، فإنه يرد قائلا: ما ترونه أنتم ضررًا لا أراه أنا ضررًا. فما الحل في هذا العبث؟! ومن يحكم بخطأ هذا أو ذاك، إن كانت الحقيقة نسبية كما يدعون؟! لذلك تجد هذا الفكر والمنهج لم ينتج سعادة ولا طمأنينة لمعتنقيه، والدليل على ذلك الإحصائيات العالمية التي تتحدث عن نسبة طردية بين الإلحاد والانتحار، فبناءً على ما قدمته منظمة الصحة العالمية: تتصدر الدول التي ينتشر فيها الإلحاد قائمة الدول التي يكثر فيها الانتحار مثل: اليابان، كوريا، فنلندا، فرنسا، الدانمارك، السويد. والغريب في هذا الأمر أن تلك الدول لا ينقصها تقدم تقني أو رفاهية في العيش، لكن ينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا } (طه:124). أما نحن المسلمين، فبحمد الله -عز وجل- نؤمن إيمانًا راسخًا كالجبال الرواسي بأن الله حق، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} (الحج:6)، ورسوله محمد [ حق، وما بلّغه عن رب العزة إلينا هو الحق المبين، {وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}(الإسراء:105). والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
![]() قناديل على الدرب – الإلحاد (9) خطر الفكر الإلحادي على المسلمين عادة ما نسمع تساؤلات عدة واستفسارات غريبة في مفهومها، عجيبة في مضمونها، تخرج من أفواه هؤلاء الملاحدة المشركين بالله عز وجل. تلك التساؤلات تظهر تلبيساتهم ومغالطاتهم العقلية ومنها: أنهم إذا ناظرهم المسلم وبين لهم قانون السببية، وأن كل شيء على وجه المعمورة لابد وأن يكون له خالق، وكل حادث لابد له من محدث، فترى الملحد يسأل بغباء واضح قائلاً: إذا سلمنا بأن الله خالق كل شيء، فمن خلق الله؟ ولم لا يطبق قانون السببية عليه؟ سؤال فاسد، فبعد أن يسلم الملحد بأنه خالق، ثم يقول من خلقه؟ فيجعل منه خالقاً ومخلوقاً في نفس الوقت، وهذا تناقض واضح يرفضه أصحاب العقول السليمة، فلا يمكن أن يكون الخالق مخلوقًا، ولا يمكن أن يكون المخلوق خالقًا. وإليك أخي القارئ سؤال آخر من أسئلة هؤلاء الملاحدة وهو هل يستطيع الله أن يخرج أحدًا من ملكه؟ في علم اللغة تكون الإجابة على سؤال يبدأ بهل إما بنعم أو لا، فإذا قلنا نعم يستطيع الله -عز وجل- أن يفعل أي شيء، فهو القادر المقتدر {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }(يس:82). فيرد الملحد بخبث قائلاً: إذا أنت أثبت أن هناك ملكًا غير ملك الله، فمن الضروري أن يكون له رب آخر. وإذا أجبت على هذا السؤال بلا، يرد الملحد قائلاً: إذاً أنت تنفي القدرة عن الله وبذلك فقد أشركت. هذا السؤال وأشباهه به مغالطة عقلية كبيرة، الهدف منه إلزام المجيب بإجابة قد حددها المتسائل من قبل إما نعم أو لا، والهدف الظاهر منه تشكيك المؤمن في قدرة الله عز وجل، وبالتالي التشكيك في وجوده سبحانه وتعالى، وعند التأمل في بنية هذه التساؤلات ستجد أنها تقوم على فكرة عبثية لا أكثر ولا أقل، وهذا خير دليل على أن الموقف الإلحادي موقف عبثي. أسلوب خبيث في المناقشات والمناظرات فكما أسلفنا في مقالات عدة سابقة أن الفكر الإلحادي يقوم على النظريات الفلسفية الكلامية فهم أهل الكلام، يعتمدون أسلوب المغالطة الجدلية والتلبيس على المحاور، وهم في ذلك لا يحترمون المنهج العلمي السليم في المحاورة والمناظرة، فتجدهم مثلاً يطعنون في دين الإسلام، ويحاولون تغطية المنهج الإلحادي من خلال هجمة شرسة وجريئة على الإسلام، فتراهم يتكلمون عن الدين فيخلطون بين الحق والباطل، والصحيح وغير الصحيح. فالواجب علينا أن ننتبه لمثل هذه الأساليب الشيطانية في الحوار، وألا ننجرف معهم في حوارات لا طائل منها، وأن ننبه شبابنا حتى لا يقعوا فريسة سهلة بيد هؤلاء الملاحدة. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
![]() قناديل على الدرب – وسائل نشر الإلحاد (1) يبدو أن الملاحدة جاهدون في نشر باطلهم بشتى السبل، ولاسيما في محيط أبناء المسلمين، وهذا ما يدل عليه الواقع الحالي؛ لأن الملحد في العالم الإسلامي يشعر بالغربة؛ لذا فهو يريد أن يدخِل أكبر عدد من الأفراد في هذا الفكر حتى تخف عنه الغربة التي يعيش فيها، أيضًا كلما زاد عددهم قويت شوكتهم، وعلا صوتهم في المجتمع؛ مما يمكنهم التأثير في الواقع حسب أهوائهم. من هنا اتخذ الملاحدة وسائل عدة يهدفون بها إلى نشر الفكر الإلحادي بين شباب المسلمين ذكورًا وإناثًا، ومنها: 1- القنوات الفضائية: عن طريق عرض مفاهيم ومصطلحات وتساؤلات إلحادية واضحة أو مبطنة من خلال برامج أو حوارات أو مناظرات، أو من خلال البرامج العلمية الوثائقية التي تؤصل النظريات الإلحادية كنظرية داروين مثلاً، وهذا ما تقوم به بعض القنوات الوثائقية المشهورة اليوم. 2- اللقاءات المباشرة مع الشباب، من خلال جلسات خاصة أو عامة، أو صالونات ثقافية فنية، تطرح فيها الأفكار والشبهات. 3- الكتب الإلحادية: التي تباع بأثمان زهيدة، أو حتى عن طريق الإنترنت، ولا يلزم أن تصرح تلك الكتب بالفكر الإلحادي مباشرة، وإنما ترمي إليه بعبارات وأفكار وموضوعات تستهدف في النهاية الشك والتساؤل والريبة، ومن هنا يُعشّشون في عقول الشباب. أيضا تؤصل تلك الكتب تبغيض الدين والشك في نصوصه وثوابته، كالشك في السنة النبوية وعلى رأسها الشك في صحيحي البخاري ومسلم، بل وأحيانًا الشك في القرآن ذاته. 4- الروايات: والمقصود هنا الروايات المنحرفة عقديًا الهدامة لعقول الناشئة، فالروايات عبارة عن قصص خيالية أو واقعية، والنفوس مجبولة على حب هذا النوع من القصص التي تعد في كثير من الأحيان منفذًا يهرب به الشباب من عالمهم الحقيقي إلى عالم الخيال، ولاسيما إذا كانت تلعب على وتر العاطفة أو العشق أو إثارة الغرائز. تلك الروايات بما أنها تميل إلى الخيال فهي تصطدم بثوابت الدين كقضية القدر مثلاً، ففي إحدى الروايات قد يتساءل بعض الشباب: لماذا مات بطل الرواية؟! ولم تمر يحدث له كذا وكذا؟! ثم يشرعون في تطبيق ما اكتسبوه من مفاهيم وآراء خلال تلك الروايات ومقارنتها فيترتب على ذلك التشكيك في حكمة الله -عز وجل- في خلق الأشياء وتسيير الكون، وبالتالي يخلق جيلاً قائمًا على الشك والريبة في كل أمور حياتهم. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
![]() قناديل على الدرب – وسائل نشر الإلحاد (2) في العدد الماضي تحدثنا عن أهم وسائل نشر الإلحاد وكان منها القنوات الفضائية، والكتب والروايات الإلحادية، واللقاءات المباشرة مع الشباب، ويتبقى أهم وسيلة من وسائل الإلحاد وهي: 5- الإنترنت: وهو من أخطر الوسائل في نشر الإلحاد وأهمها؛ نظرًا لسهولة نشر أي شيء في أي وقت، وبالتالي سهولة غزو عقول الشباب والناشئة؛ لذا يهتم الملحدون بهذه الوسيلة اهتمامًا بالغًا من حيث: - أولاً: مواقع التواصل الاجتماعي كـ«تويتر – فيس بوك»؛ حيث يثبت الواقع الذي نعيش فيه حاليًا أن تلك المواقع تحظى باهتمام بالغ لدي شريحة عريضة من مستخدمي الإنترنت، فمنهم من يجلس ساعات طوالا أمامها يوميًا، هنا يتخذ الملحدون هذا الطريق منفذًا سهلاً لاصطياد فرائسهم من خلال نشر المفاهيم الممهدة لفكرهم الإلحادي بطرائق خبيثة ملتوية مثل الدعوة للتحرر والانفتاح والتشبه بالغرب المتقدم وغيرها من العبارات والمصطلحات الرنانة التي تنال إعجاب الشباب ذكورًا وإناثًا. - ثانياً: مواقع نشر المقاطع المرئية، وأشهرها (يوتيوب) ويُتخذ هذا الطريق في نشر لقاءاتهم ومناظراتهم ، وكل ما يقرب للإلحاد بالصوت والصورة. - ثالثًا: المنتديات العامة: وهي مواقع على الإنترنت يتجمع الأشخاص من ذوي الاهتمامات المشتركة ليتبادلوا الأفكار والنقاش عن طريق إنشاء موضوع من قبل أحد أعضاء المنتدى، هنا يضع الملاحدة شباكهم ليتصيدوا فرائسهم عن طريق طرح موضوعات الشك في الله سبحانه وتعالى، وحقيقة خلق الكون وما عليه من مخلوقات، والقضاء والقدر، ومناقشة نظريات داروين وغيره من فلاسفة الملاحدة وغيرها من الأفكار الهدامة التي تعصف بفكر الشباب فيصبحون فريسة سهلة بيد هؤلاء الملاحدة الماهرين في استخدام تلك الأدوات الخبيثة في نشر الإلحاد. - رابعًا: المدونات والمواقع الإلحادية: وهي عبارة عن صفحات تظهر عليها تدوينات أو مشاركات الأعضاء التي تعبر عن أفكارهم ومعتقداتهم ويتحكم فيها مدير أو ناشرها. أما المواقع الإلحادية فهي السم الزعاف التي يصلون بها إلى شبابنا، فالملحدون لديهم أساليب متفننة في جذب الناشئة إليهم من خلال الإقناع العاطفي، والمغالطة العقلية، وإثارة الشُّبه الدقيقة، وتزييف الحقائق.. في سلسلة طويلة من المكر والخداع. إنهم يصلون إلى بغيتهم بشتى السبل والطرائق مستخدمين في ذلك كل أنواع التقدم التكنولوجي سواء كانت مكتوبة أم مقروءة أم مسموعة، في النهاية يصلون إلى عقر دارنا . والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
![]() قناديل على الدرب- وسائل مواجهة الإلحاد (1) من الحكمة والعقل أنه إذا اكتشف في بلد وباء فتاك، يُخشى من سرعة انتشاره فلابد من التصدي له، كذلك الحال بالنسبة للإلحاد لابد من إيجاد الوسائل الممكنة والمتاحة لمجابهة هذا المرض العضال في جسد الأمة الإسلامية، حتى وإن قل عدد حالات الإلحاد في المجتمع الإسلامي كله؛ لذلك تنقسم سبل مواجهة الإلحاد إلى نوعين: - الأول: سبل وقاية. - الثاني: سبل علاج. وسنتناول في عددنا هذا سبل الوقاية من خطر الإلحاد التي تستهدف بذل الأسباب التي تحول بتوفيق الله بين الشباب المسلم وبين الوقوع في براثن الإلحاد ومنها: - أولا: العكوف على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تلاوة وتدبر آياته والعمل بها. قال تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ } (آل عمران:101). - ثانيًا: غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة بكل وسيلة متاحة كالدروس والخطب والبرامج والمناهج، والتأكيد على الأصول والثوابت الدينية التي يتخذها الملاحدة طريقًا للوصول إلى فرائسهم كالإيمان بالغيب، والإيمان بالقضاء والقدر، واعتقاد الحكمة في أفعال الله سبحانه وتعالى، وحقيقة الكفر وخطره، والعلاقة بين العقل والنقل.. - ثالثًا: يجب أن تُعاد الهيبة إلى المواد الشرعية في مناهجنا التعليمية، وأن يُربى الطلاب على أنها الأصل والأجدر بالاهتمام في هذه الحياة. - رابعًا: السعي في الوصول إلى ذوق طعم الإيمان ووجدان حلاوته، من خلال التأمل في صفات الله سبحانه وتعالى، والتأمل في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. - خامسًا: تأصيل المنهج الشرعي في التعامل مع الشبهات، بالنأي عنها والسعي في كشفها؛ لأن الشبهة فتنة، والنبي صلى الله عليه وسلمأخبرنا أن الفتن من استشرف لها استشرفت له. - سادسًا: «الترشيد الثقافي» وذلك بملاحظة مصادر التلقي التي يستقي منها الشباب أفكارهم ومتابعتها، فلابد أن نلاحظ ماذا يقرؤون، وماذا يتابعون من مواقع ومنتديات، وهذا دور أصيل للأسرة فلا يترك لهم الحبل على الغارب، ولن يحدث هذا إلا إذا وصلت العلاقة بين الأب وأبنائه والأخ مع أخيه إلى مرحلة الصداقة، فيأتي الابن ليسأل أباه أو أخاه الأكبر عما استشكل عليه من أسئلة محيرة قد تؤصل مبدأ الشُبه في قلبه، وذلك بدلاً من أن يذهب ويبحث بنفسه وببراءته عن أجوبتها في جحور الحيات والعقارب. ولا يقتصر الدور على الأسرة فقط، بل هناك من يلعب دورًا أساسياً في حياة شبابنا وبناتنا كالمدرسة والجامعة والمسجد والرفقة إن كانت صالحة أم طالحة.. كل هؤلاء يجب أن يقوموا بدورهم في الاتجاه بأبنائنا إلى الطريق القويم الصحيح. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد
__________________
|
#16
|
||||
|
||||
![]() قناديل على الدرب – وسائل مواجهة الإلحاد (2) تنقسم سبل مواجهة الإلحاد إلى نوعين: الأول: سبل الوقاية، والثاني سبل العلاج، وقد تناولنا في العدد السابق سبل الوقاية من خطر الإلحاد، والآن نحن بصدد معرفة سبل العلاج أو بمعنى آخر سبل مواجهة الملحدين، وتختص سبل العلاج بحالات محددة قد وقعت بالفعل تحت وطأة الإلحاد، وهو في الغالب أحد رجلين: - الأول: مسلم طُرحت عليه شبهة إلحادية، فوقع في قلبه الشك والريبة، وبدأ الأمر يختلط عليه؛ ولكنه لا يدعو إليه، ولا يسخر من أمر الشريعة ولا من أهلها شيئًا. وعلاج تلك الحالة يكون بالمناصحة الإيمانية والعقلية، والتقرب من الله عز وجل؛ لأن هذا الرجل على شفا حفرة من الخطر، لذلك لابد وأن يُسعى حثيثًا في اجتثاث هذا الفكر من نفسه، واقتلاع تلك الأفكار الخبيثة من قلبه وعقله، ويكون ذلك بأسلوب حكيم هادئ على يد داعية عنده باع طويل في هذا الأمر، لا جاهل يزيد الطين بلة. - والثاني: متمرد يدعو صراحة إلى الإلحاد، ويقيم الحجج والبراهين على صحة إفكه وافتراءاته، ويسخر من الشريعة وأهلها، وهذا لابد من الرد عليه وعدم السكوت عنه. ومن هذا المنطلق توجد ضوابط عدة لابد من مراعاتها عند التعامل مع مثل هذه الأمور، ومنها: - أولاً: لابد أن يكون الرد على هؤلاء الملاحدة، ونقض شبهاتهم تحت مظلة الحكمة ومراعاة المصلحة؛ وذلك لأنه من الأفضل أحيانا الإعراض عن الشبهة وتجاهل قائلها وعدم تنبيه الجاهل إليها، وأحيانًا أخرى تتمثل الحكمة والمصلحة في التصدي والرد بقوة على الملحد وشبهاته. - ثانيًا: يجب أن يكون الرد على هؤلاء الملاحدة ردًا قويًا محكمًا؛ لأن الردود الضعيفة تضر أكثر ما تنفع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم، لم يكن أعطى الإسلام حقه..» (مجموع الفتاوى: 20/164-165). - ثالثًا: يجب أن ترتكز الردود على قواعد أهل السنة والجماعة لا على قواعد أهل الكلام والفلسفة، فتلك أصول بدعية تضر المسلمين في عقيدتهم. - رابعًا: إذا دعت الحاجة إلى مناظرة الملحد، فينبغي أن تكون المناظرة فردية شخصية، لا عامة علنية؛ وذلك درءًا للمفسدة التي يُخشى حصولها. - خامسًا: لابد ألا يتصدى لمناظرة الملاحدة إلا صاحب خبرة وباع في هذا الأمر، ولابد له أن يعد العدة، ويأخذ للأمر أهبته، وعلى دراية بأساليب الملاحدة الملتوية. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد
__________________
|
#17
|
||||
|
||||
![]() قناديل على الدرب- الجماعات الاسلامية (5) الخوارج هم فرقة خرجت في النصف الأول من القرن الأول الهجري، واختلف المؤرخون في سبب تسميتهم بالخوارج، فمنهم من قال: إنهم من خرجوا على الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ومنهم من قال: إنهم من خرجوا على الإمام وطعنوا فيه، ومنهم القائل بأنهم من خرجوا من الحق للباطل. كان أغلب الخوارج من «القراء» أي حفظة القرآن الكريم، وقد بايعوا عليّا بن أبي طالب بعد مقتل عثمان بن عفان، ولكنهم ظهروا بعد حرب صفين 38هـ، بين الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- وذلك حين شعر معاوية بخسارته في الحرب وبعد مشاورة عمرو بن العاص اتفقا على رفع المصاحف، أي طلب التحكيم إلى كتاب الله عز وجل، فأول من قبل التحكيم هم هؤلاء الخوارج، بالرغم من رفض علي بن أبي طالب لهذا التحكيم، فأجبروه على الموافقة، وما لبثوا أن رموه بالكفر لقبوله ذلك التحكيم الذي أُجبر عليه، ولم يقتصر الأمر على تكفير علي بن أبي طالب فقط، بل كفروا الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وطلحة والزبير والسيدة عائشة رضي الله عنهم. وقد دارت حروب عدة بينهم وبين الإمام علي أهمها معركة النهروان التي انتصر فيها علي بن أبي طالب انتصارًا ساحقًا على أولئك الخوارج، ولكنهم بعد ذلك جمعوا شتات أمرهم مرة أخرى، وصاروا يثيرون الفتن والقلاقل والثورات من حين لآخر، فأصبحوا شوكة في ظهر المسلمين يقلبون عليهم ولاة الأمر من الأمويين بعد ذلك، حتى أجمعوا رأيهم بقتل خليفة المسلمين علي بن أبي طالب ومعاوية وعمرو بن العاص، فكان لهم ذلك فقتل عبد الرحمن بن ملجم علي بن أبي طالب، ونجا كل من معاوية وعمرو بن العاص. والخوارج لديهم عقيدة تختلف عنا نحن أهل السنة والجماعة، فتراهم يحكمون على مرتكبي الكبائر الذين يموتون قبل التوبة، بالكفر والخلود في النار، فيكفرون أهل المعاصي لشدة غلوهم، يرون من زنا كفر، ومن شرب الخمر كفر، ومن عق والديه كفر، فهم يكفرون بالذنوب، قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يمرق مارقة على حين ... من المسلمين يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وقراءته مع قراءتهم، يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه»، وقال فيهم أبو الحسن الأشعري في (مقالات الإسلاميين): أجمعت الخوارج على إكفار علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ... وأجمعوا على أن الله -سبحانه- يعذب أصحاب الكبائر عذابا دائما- والخوارج لا يقولون بعذاب القبر، ولا ترى أن أحدا يعذب في قبره- وللخوارج ألقاب، فمن ألقابهم الوصف لهم بأنهم خوارج، ومن ألقابهم الحرورية، ومن ألقابهم الشراة والحرارية، ومن ألقابهم المارقة، ومن ألقابهم المحكمة، وهم يرضون بهذه الألقاب كلها إلا بالمارقة، فإنهم ينكرون أن يكونوا مارقة من الدين كما يمرق السهم من الرمية). وانقسم الخوارج إلى فرق عدة، وذلك في بعض المسائل والفروع وإن ظلوا مجتمعين على أصولهم الفكرية، فانقسموا إلى: الأزارقة أتباع نافع بن الأزرق، والنجدات أتباع نجدة بن عامر الحنفي، والصفرية أتباع عبد الله بن صفار. وأختم بما رواه البخاري في صحيحه أنه قيل للصحابي الجليل سهل بن حنيف الأنصاري: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئا؟ قال: سمعته يقول، وأهوى بيده قبيل العراق: «يخرج منه قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرَمِيّة». والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
![]() قناديل على الدرب – الجماعات الإسلامية – الخــوارج (2) اتصفت هذه الفرقة الضالة منذ نشأتها بأنها أشد الفرق تعصبًا وتشددًا لآرائها، لدرجة أنهم أباحوا محاربة المسلمين الذين يخالفونهم الرأي بل وقتلهم، فكانوا يدعون البراءة والرفض للخليفة الثالث عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والحكام من بني أمية؛ بسبب تفضيلهم الدنيا على إيقاف الاحتقان والدماء بين المسلمين. واشتد خطب أولئك الخوارج في عهد علي بن أبي طالب، فوضع لهم منهجًا قويمًا في التعامل مع تلك الطائفة، وتمثل هذا المنهج في قوله لهم: «ألا إن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئًا ما كانت أيديكم في أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا». رواه البيهقي وابن أبي شيبة. وقد روى لنا المؤرخون- إن صحت الروايات - أنه دارت بينه وبينهم حوارات ومناظرات عدة على أمل أن يرجعوا عما هم عليه من ضلال وبهتان، فطلب منهم علي بيان أسباب خروجهم عليه، فأجابوه بأشياء عدة منها: 1- لماذا لم يبح لهم في معركة الجمل أخذ النساء والذرية كما أباح لهم أخذ المال؟ 2- لماذا محي لفظة أمير المؤمنين، وأطاع معاوية في ذلك عندما كتب كتاب (الهدنة في صفين)، وأصر معه على عدم كتابة (علي أمير المؤمنين)؟ وقد أجابهم عن كل تلك الشبه ودحضها جميعاً؛ حيث أجابهم عن الشبهة الأولى التي تدل على جهلهم بما يلي: أباح لهم المال بدل المال الذي أخذه طلحة والزبير من بيت مال البصرة، ثم هو مال قليل. النساء والذرية لم يشتركوا في القتال وهم أيضاً مسلمون بحكم دار الإسلام ولم تكن منهم ردة تبيح استرقاقهم. فقال لهم: لو أبحت لكم استرقاق النساء والذرية فأيكم يأخذ عائشة سهمه؟! فخجل القوم من هذا، ورجع معه كثير منهم كما قيل. أما الشبهة الثانية - والله أعلم بصحة هذه الرواية التي يتناقلها المؤرخون - ذلك أن معاوية ما كان يطالب بالخلافة حتى يحق له أن يطلب محو كلمة (أمير المؤمنين). ومعاوية كذلك كان يعرف أسبقية علي وفضله، وإنما النزاع حول أمر آخر غير الخلافة، اللهم إلا أن يكون هذا الفعل من صنيع المفاوضين دون علم معاوية بذلك. وذهب إليهم ابن عباس يحاورهم في الأمر، ويحثهم للرجوع إلى وحدة الصف والجماعة، ففي (البداية والنهاية) لابن كثير، ذكر أن ابن عباس ناظر الخوارج ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف .وقد بالغ صاحب (إبانة المناهج) فذكر أن الذين رجعوا مع ابن عباس عشرون ألفا وبقي أربعة آلاف. وحسب بعض الروايات فقد اختلف العائدون منهم مرة أخرى مع علي في مسألة قبول التحكيم من عدمه، فخرج أولئك النفر من الكوفة متواعدين على اللقاء بالنهروان؛ حيث كانت الموقعة الكبرى بين الفريقين بزعامة عبد الله بن وهب الراسبي، ولم يبدأ علي بالقتال بل هم من بدؤوا به، فقُضي على كثير منهم في ذلك اليوم. إذاً فالخوارج قوم عهدوا الخلاف والفرقة منذ بوادر نشأتهم، وكلما حاول الحاكم أو الإمام في أي زمن من الأزمنة المتلاحقة أن يقربهم ويدخلهم في صف الجماعة، رفضوا ذلك بل يرمونه بالكفر والزندقة وكل من تبعه، وهذا حال الخوارج في كل زمان ومكان. والله الموفق والمستعان. اعداد: محمد الراشد
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |