| 
 | |||||||
| ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه | 
|  | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع | 
| 
 
#11  
 | ||||
| 
 | ||||
|  رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله توحيد الأسماء والصفات فالله واحد في ربوبيته، واحد في ألوهيته، وكذلك واحد في أسمائه وصفاته؛ فالله تعالى له أسماء حسنى وصفات عليا، ولكن هذه الأسماء والصفات إنما تعرف من الكتاب والسنة، فلا يضاف إلى الله شيء إلا إذا جاء في الكتاب والسنة، فالأسماء والصفات لابد من الدليل عليها، لأنها غيب، والغيب لا يعرف إلا عن طريق الوحي، فنثبت لله من الأسماء والصفات كل ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم على وجه يليق بكماله وجلاله، دون تمثيل أو تشبيه أو تكييف، ودون تحريف أو تعطيل أو تأويل، بل كما قال الله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]. فأثبت السمع والبصر بقوله: (( وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))، ونفى المشابهة بقول: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )). فله سمع لا كالأسماع، وله بصر لا كالأبصار فيجب أن يكون توحيد الأسماء والصفات قائماً على أساس الإثبات مع التنزيه، لا الإثبات مع التشبيه، ولا التنزيه مع التعطيل، ولهذا كان أهل السنة والجماعة وسطاً بين المشبهة الذين أثبتوا وشبهوا، والمعطلة الذين قالوا: إن الله منزه عن صفات المخلوقين، فعطلوا الصفات اللائقة بالله عز وجل، فآل أمرهم إلى أن شبهوا الله بالمعدومات، أما أهل السنة والجماعة فإنهم أثبتوا ولم يعطلوا، ومع إثباتهم لم يشبهوا ولم يمثلوا، بل نزهوا، كما قال الله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]. أنواع التوحيد ثلاثة لا رابع لها هذه أنواع التوحيد الثلاثة، وقد دل الكتاب العزيز عليها بالاستقراء؛ لأنه ليس هناك دليل يدل على هذا التقسيم، ولكن عرف بالاستقراء من نصوص الكتاب والسنة أنه ينقسم إلى ثلاثة أنواع: ربوبية، وألوهية، وأسماء وصفات، وليس هناك قسم رابع، وما يذكر من أن هناك أنواعاً من التوحيد تضاف إليها فغير صحيح؛ لأنها ترجع إليها ولا تخرج عنها، فالذين قالوا: هناك توحيد الاتباع، يقال لهم: إن الاتباع داخل في الألوهية؛ لأن التوحيد يقوم على ركنين: أن تكون العبادة خالصة لله، وأن تكون مطابقة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإخلاص هو معنى: أشهد أن لا إله إلا الله، ومطابقة السنة هو معنى: أشهد أن محمداً رسول الله، وإذا اختل أحد هذين الشرطين لم يقبل العمل، فإن اختل الإخلاص رد العمل؛ لقول الله عز وجل في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) . وإن أختل شرط المتابعة رد العمل، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) . إذاً توحيد الاتباع لا يقال: إنه قسم من أقسام التوحيد، فيضاف إلى الأقسام الثلاثة. وكذلك لا يقال: إن هناك توحيد الحاكمية وإنه يضاف إلى أنواع التوحيد الثلاثة، بل الحاكمية لها حالتان: فإما أن يراد بها طريق التشريع والحكم الكوني، فهذا يرجع إلى توحيد الربوبية، وإما أن يراد بها الأحكام الشرعية، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية المشتملة على الأحكام، فهذا يدخل في توحيد الألوهية؛ لأن العبادة ما عرفت إلا عن طريق الكتاب والسنة، والأحكام الشرعية ما عرفت إلا عن طريق الكتاب والسنة، فلا يقال: إنه قسم يضاف إلى الأقسام الثلاثة. إذاً: فالاستقراء -وهو تتبع نصوص الكتاب والسنة- يبين أن أنواع التوحيد ثلاثة، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. ذكر أنواع التوحيد في سورة الفاتحة سورة الفاتحة مشتملة على أنواع التوحيد الثلاثة، وسورة الناس مشتملة على أنواع التوحيد الثلاثة. فقوله في سورة الفاتحة: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] يشتمل على أنواع التوحيد الثلاثة، فقوله (( الْحَمْدُ لِلَّهِ )). فيه توحيد الألوهية؛ لأن فيه إسناد الحمد وإضافته إلى الله، وهو عبادة، وتوحيد الألوهية هو إفراد الله بالعبادة. وقوله: (( لِلَّهِ )) هذا اسم من أسماء الله الحسنى، بل هو أعظم أسماء الله، بل هو الاسم الذي تنسب إليه الأسماء كما قال الله عز وجل: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الأعراف:180] ويخبر بالأسماء عنه فيقال: والله غفور رحيم، والله عزيز حكيم، فالله مبتدأ، وغفور خبر، فتأتي الأسماء مضافة إليه وتابعة له أو منسوبة إليه، وهذا هو توحيد الأسماء والصفات. وقوله: (( رَبِّ الْعَالَمِينَ ))، هذا توحيد الربوبية، والعالمون هم: كل من سوى الله، فالله تعالى ربهم الموجد لهم، المتصرف فيهم كيف يشاء، وأيضاً الرب من أسماء الله كما قال الله عز وجل: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]. إذاً: الآية الأولى مشتملة على الربوبية والألوهية والأسماء والصفات. وقوله: الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ [الفاتحة:1] اسمان من أسماء الله يدلان على صفة من صفات الله وهي الرحمة، ففيه توحيد الأسماء والصفات، وأسماء الله عز وجل ليس فيها اسم جامد، بل كلها تدل على معانٍ، وكل اسم منها يشتق منه صفة، فالرحمن يدل على الرحمة، والرحيم يدل على الرحمة، والعزيز يدل على العزة، والحكيم يدل على الحكمة، والعليم يدل على العلم، والبصير يدل على البصر، والسميع يدل على السمع، والخبير يدل على الخبرة، وهكذا كل اسم يدل على صفته، لكن العكس لا يكون؛ لأن من صفات الله اليد والوجه، ولا يؤخذ منها أسماء؛ لأنها صفات ذاتية، ومن صفات الله الفعلية الاستهزاء والمكر والكيد، ولا يؤخذ منها أسماء، فلا يقال: مستهزئ ولا ماكر ولا كائد من أسماء الله. ليس الدهر من أسماء الله وقد جاء عن بعض أهل العلم أنه قال: إن من أسماء الله الدهر، أخذاً من قوله صلى الله عليه وسلم : (يؤذيني ابن آدم؛ يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار) ولكن هذا غير صحيح، والدهر اسم جامد، وقوله فيه: (وأنا الدهر) ليس معنى ذلك أنه اسم من أسمائه، وإنما هذا بيان أن من سب الدهر فقد سب الله؛ لأن الدهر هو الزمان، والزمان يتقلب، والله تعالى هو المقلب، ومن سب المقلَّب رجعت سبته إلى المقلَّب، ولهذا قال بعده: (بيدي الأمر أقلب الليل والنهار)؛ لأن الدهر ليس فاعلاً متصرفاً، وإنما هو متصرف فيه. فهذا هو معنى الحديث، وليس معناه أن الدهر اسم من أسماء الله؛ لأن أسماء الله كلها حسنى -ولا يقال: إنها حسنة فقط- بل هي حسنى أي: بالغة في الحسن نهايته وكماله. سر التنصيص على يوم الدين في سورة الفاتحة وقوله: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] يوم الدين هو: الجزاء والحساب يوم القيامة، والناس يجازون يوم القيامة بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر، والله تعالى مالك الدنيا والآخرة، ومالك كل شيء، فلماذا قيل: مالك يوم الدين مع أنه مالك الدنيا والآخرة؟ لأن ذلك اليوم هو الذي يظهر فيه الخضوع لرب العالمين من كل أحد، أما في الدنيا فقد وجد من يتكبر ومن يتجبر، بل قد وجد من قال: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24] ووجد من قال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38]. أما الآخرة فليس هناك إلا الذل والخضوع لله عز وجل، ففي ذلك اليوم يظهر السؤدد، وهذا هو سر التنصيص على يوم الدين، والله أعلم. ونظير هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد الناس يوم القيامة) مع أنه سيد الناس في الدنيا والآخرة، ولكن خص بالذكر يوم القيامة؛ لأنه يظهر فيه سؤدده على الخليقة كلها من أولها إلى آخرها، وذلك أنه يشفع الشفاعة العظمى التي تستفيد منها الخليقة كلها من أولها إلى آخرها، ولهذا قيل لمقامه ذاك: المقام المحمود الذي يحمده عليه الأولون والآخرون. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] توحيد ألوهية، وقدم المفعول للحصر، أي: نعبدك وحدك ولا نعبد معك غيرك، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] توحيد ألوهية؛ لأنه دعاء، والدعاء هو العبادة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:6-7] الذين هم أهل التوحيد، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] الذين جانبوا التوحيد، وكفروا بالله عز وجل. فإذاً: هذه السورة مشتملة على أنواع التوحيد الثلاثة في مواضع متعددة. اشتمال سورة الناس على أنواع التوحيد الثلاثة كذلك سورة الناس: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس:1-6] مشتملة على أنواع التوحيد الثلاثة. فالآية الأولى فيها كالآية الأولى في سورة الفاتحة، فقوله: (( أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )) فيه توحيد ألوهية؛ لأن الاستعاذة من توحيد الألوهية. وقوله: (( بِرَبِّ النَّاسِ )) فيه توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات؛ لأن من أسماء الله الرب، ورب الناس معناه: خالق الناس وموجد الناس ومربي الناس بالنعم سبحانه وتعالى. وقوله: مَلِكِ النَّاسِ [الناس:2] فيه توحيد الربوبية، أي: هو مالكهم وملكهم، وفيه أيضاً توحيد الأسماء والصفات؛ لأن من أسماء الله الملك. وقوله: إِلَهِ النَّاسِ [الناس:3] فيه توحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات؛ لأن من أسماء الله الإله. فهذه أنواع التوحيد الثلاثة اشتملت عليها سور القرآن، ويتضح ذلك بأول سورة وآخر سورة في المصحف، الفاتحة والناس، وهما الفاتحة والخاتمة. وعلى هذا فإن شهادة أن لا إله إلا الله تتضمن الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى واحد في ألوهيته، وواحد في ربوبيته، وواحد في أسمائه وصفاته، وواحد في العبادة، والخلق إنما خلقوا للعبادة، كما قال الله عز وجل: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] وقال: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]، وقال: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25] فإن الرسل أرسلت للدعوة إلى توحيد العبادة، والكتب أنزلت حتى يعبد الله طبقاً لما أمر به. والله تعالى إنما خلق الخلق ليؤمروا وينهوا، فقوله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] أي: إلا لآمرهم وأنهاهم، أي: أنهم أمروا بالعبادة، ولو قدر الله عز وجل أن يعبدوه ما تخلف عن عبادته أحد، كما قال الله عز وجل: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام:149] وقال: وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [السجدة:13]. إذاً أول أركان الإسلام هو شهادة أن لا إله إلا الله، وقد عرفنا ما يتعلق بها، وعرفنا أنها اشتملت على أنواع التوحيد الثلاثة، وأن أنواع التوحيد الثلاثة دل عليها استقراء نصوص الكتاب والسنة، وعرفنا التمثيل لذلك في سورة الفاتحة وسورة الناس. معنى شهادة أن محمداً رسول الله أما شهادة أن محمداً رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فقد قال فيها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الأصول الثلاثة هي: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، فهي تشتمل على هذه الأمور. فشهادة أن محمداً رسول الله تقتضي أن يطاع في كل ما يأمر به، وأن ينتهى عن كل ما ينهى عنه، وأن يصدق بكل خبر يخبر به، وأن لا يعبد الله إلا طبقاً لما جاء به، فلا يعبد بالبدع والمنكرات والمحدثات، وإنما يعبد بالوحي الذي جاء به من عند الله كتاباً وسنة، فالعبادة لابد أن تكون خالصة لله، وأن تكون مطابقة لسنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. ويدخل في ذلك محبته عليه الصلاة والسلام محبة تفوق محبة كل مخلوق، ولا يتقدم عليه أحد في المحبة من الخلق، كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين). فوالدا الشخص اللذان كانا سبباً في وجوده وقد قاما بتنشئته وتربيته والإحسان إليه، حتى بلغ مبلغ الرجال وصار رجلاً سوياً، وكذلك أولاده الذين تفرعوا منه، وهو يحبهم ويشفق عليهم، لا يؤمن حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه منهم، وذلك لأن المنفعة التي حصلت من الوالدين هي أنهما كانا سبب وجوده وقاما بتنشئته، لكن المنفعة التي حصلت له بسبب الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم، وهي الهداية للصراط المستقيم، والخروج من الظلمات إلى النور، فصارت محبته تفوق محبة الوالدين والأولاد. وقوله: (والناس أجمعين) يعم من كان للإنسان به علاقة ومن ليس له به علاقة من الناس، فلابد أن تكون محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في قلبه مقدمة على محبة كل من سواه من الناس، فهذا هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، والله تعالى أعلم. الأسئلة أهمية الرجوع إلى أهل العلم السؤال: هل يستفاد من حديث جبريل الذي سأل فيه النبي عن الإسلام والإيمان والإحسان أن للمسلمين مرجعية وهم العلماء، بينما في هذا الزمان لم يعد طلبة العلم فضلاً عن العامة يرجعون إلى العلماء وقت الفتن؟ الجواب: نعم. حديث جبريل يدل على ذلك؛ لأن الناس الذين كانوا في العراق لما وجد القول بالقدر رجعوا إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: لعلنا نجد أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنسأله عما وجد في بلدنا، فكان أن وجدوا عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فهذا يدل على الرجوع إلى أهل العلم، والله تعالى يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] والذي يرجع إليهم في أمور الدين، وعند حصول الأمور المنكرة التي فيها خروج عن الدين، والتي فيها انحراف عن الدين، هم أهل العلم الذين يبينون الأحكام الشرعية، ويبينون فساد الطرق المنحرفة عن الجادة وعن الصراط المستقيم. ذكر يحيى بن يعمر لمحاسن القدرية عند سؤال ابن عمر عن قولهم السؤال: أشكل علي في حديث جبريل أنه لبيان بدعة القدرية ولكن يحيى بن يعمر و حميد بن عبد الرحمن ذكرا لابن عمر محاسنهم من العبادة والاجتهاد في العلم، ولم ينكر ابن عمر ذلك، فهل في ذلك ما يدل على الموازنات؟ الجواب: لا يدل على ذلك، ولكن هذا يبين أن هؤلاء لم يكونوا منحرفين عن العبادة؛ لأنهم عندهم عبادة، وعندهم قراءة قرآن، لكن وجد منهم هذا الأمر المنكر، فالمقصود من ذلك حتى يعرف أن هذا الذي حصل لم يكن من أناس لا علاقة لهم بالدين ولا يشتغلون به، بل هم منتسبون إلى الدين، ولكنهم جاءوا بهذه البدعة، فلا يدل هذا على أنه لا يذكر مبتدع حتى تذكر حسناته قبل ذلك؛ لأن المقصود من هذا ليس ذكر الحسنات، وإنما المقصود من ذلك بيان أن هؤلاء ما جاء هذا الكلام منهم لأنهم بعيدون عن المسلمين، وليسوا على الإسلام، ولا يشتغلون بالقرآن ولا يشتغلون بالعلم، بل هم مجتهدون، ولكن البلاء جاء من الانحراف والبدعة التي حصلت لهم. ومعلوم أن المهم في الأمر هو المسئول عنه، ولكن هذا تمهيد من أجل بيان حالهم، وأن لا يظن أنهم منحرفون في الأصل انحرافاً كلياً، بل عندهم شيء من الدين، ولكنهم أتوا بهذه البدعة الخبيثة. والرسول صلى الله عليه وسلم لما استشارته المرأة وذكرت له اللذين خطباها وهما معاوية و أبو جهم ، أجابها ببيان حالهما من حيث التزوج، فقال: (أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه) وما قال: معاوية كاتب الوحي، و معاوية رجل ذكي، بل أتى بالشيء الذي يهمها، وهذان اللذان سألا ابن عمر رضي الله عنه أرادا أن يبينا أن هؤلاء ينتسبون للإسلام ويقرءون القرآن ويتقفرون العلم، ومع ذلك يقولون بهذه المقالة الخبيثة. حكم ذكر الأب باسمه الصريح السؤال: هنا قول ابن عمر في حديث جبريل: حدثني عمر ، هل يؤخذ منه جواز ذكر الأب باسمه صراحة؟ الجواب: الأصل أن الإنسان يذكر أباه بأبوته له، ويجوز ذكره في مثل هذه الحال باسمه، لكن عندما يخاطب أباه يخاطبه بالأبوة، ولا يخاطبه باسمه. حكم الاستدلال على التمثيل بتمثل جبريل في صورة بشر السؤال: هل يستدل بحديث جبريل في مراتب الدين على جواز التمثيل، حيث إن جبريل عليه السلام تمثل بصورة بشر؟ الجواب: لا يدل على التمثيل، لأن التمثيل كذب، وأما هذا فمخلوق كان على هيئة تسد الأفق وله ستمائة جناح، وقد جاء بهذه الهيئة الحقيقية؛ لأن نفس الخلقة التي تسد الأفق تحولت إلى هذا، ولا يقال: هذه صورة جبريل وجبريل جالس في مكانه أو باق في مكانه على هيئته، وإنما هو نفسه هذا الخلق الكبير انكمش حتى صار على هذه الهيئة، وجاء كذلك من أجل أن يقدروا على أن يستفيدوا منه؛ لأنه لو جاء على هيئته العظيمة لما استطاعوا أن يستفيدوا منه، ولما طلب الكفار إنزال الملائكة أخبر الله تعالى بأنه لو أنزل ملكاً لجعله على هيئة رجل، حتى يتمكنوا من التفاهم معه. فالاستدلال على التمثيل بهذا لا يجوز؛ لأن التمثيل كذب مخالف للواقع، ولأن الغالب فيه أنه كذب من أجل الإضحاك، والكذب إذا كان معه إضحاك يكون أسوأ وأسوأ." 
__________________ 
 | 
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6) | |
| 
 | 
 | 
 
| 
 | 
| Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |