|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنعام الحلقة (601) صــ 316 إلى صــ 325 وما لا قِبَل لها به (1) = "وما يشعرون" ، يقول: وما يدرون ما هُمْ مكسبوها من الهلاك والعطب بفعلهم. (2) * * * والعرب تقول لكل من بعد عن شيء: "قد نأى عنه، فهو ينأى نَأْيًا" . ومسموع منهم: "نأيتُكَ" ، (3) بمعنى: "نأيت عنك" . وأما إذا أرادوا: أبعدتُك عني، قالوا: "أنأيتك" . ومن "نأيتك" بمعنى: نأيتُ عنك، قول الحطيئة: نَأَتْكَ أُمَامَةُ إلا سُؤَالا ... وَأَبْصَرْتَ مِنْهَا بِطَيْفٍ خَيَالا (4) * * * القول في تأويل قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: "ولو ترى" ، يا محمد، هؤلاء العادلين بربهم الأصنامَ والأوثانَ، الجاحدين نبوّتك، الذين وصفت لك صفتهم = "إذ وُقفوا" ، يقول: إذ حُبِسوا = "على النار" ، يعني: في النار- فوضعت "على" موضع "في" كما قال: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو (1) انظر تفسير "الهلاك" فيما سلف قريبًا ص: 263. (2) انظر تفسير "شعر" فيما سلف 1: 277، 278/6: 502. (3) في المطبوعة: "مسموع منهم: نأيت" ، خطأ، صوابه في المخطوطة. (4) ديوانه: 31، من قصيدته التي مدح بها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، معتذرًا له من هجاء الزبرقان بن بدر، وبعد البيت: خَيَالا يَرُوعُكَ عِنْدَ المَنَا ... مِ وَيَأْبَى مَعَ الصُّبْحِ إِلا زَوَالا كِنَانيَّةٌ، دَارُهَا غَرْبَةٌ ... تُجِدُّ وِصَالا وتُبْلِي وصَالا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ [سورة البقرة: 102] ، بمعنى في ملك سليمان. (1) * * * وقيل: "ولو ترى إذ وقفوا" ، ومعناه: إذا وقفوا = لما وصفنا قبلُ فيما مضى: أن العرب قد تضع "إذ" مكان "إذا" ، و "إذا" مكان "إذ" ، وإن كان حظّ "إذ" أن تصاحب من الأخبار ما قد وُجد فقضي، وحظ "إذا" أن تصاحب من الأخبار ما لم يوجد، (2) ولكن ذلك كما قال الراجز، وهو أبو النجم: مَدَّ لَنَا فِي عُمْرِهِ رَبُّ طَهَا ... ثُمَّ جَزَاهُ اللهُ عَنَّا إذْ جَزَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فِي العَلالِيِّ العُلَى (3) فقال: "ثم جزاه الله عنا إذ جزى" فوضع، "إذ" مكان "إذا" . * * * وقيل: "وقفوا" ، ولم يُقَل: "أُوقِفوا" ، لأن ذلك هو الفصيح من كلام العرب. يقال: "وقَفتُ الدابة وغيرها" ، بغير ألف، إذا حبستها. وكذلك: "وقفت الأرضَ" ، إذا جعلتها صدقةً حَبيسًا، بغير ألف، وقد:- 13179- حدثني الحارث، عن أبي عبيد قال: أخبرني اليزيديّ والأصمعي، كلاهما، عن أبي عمرو قال: ما سمعت أحدًا من العرب يقول: "أوقفت الشيء" بالألف. قال: إلا أني لو رأيت رجلا بمكانٍ فقلت: "ما أوقفك ها هنا؟" ، بالألف، لرأيته حسنًا. (4) (1) انظر تفسير "على" بمعنى "في" فيما سلف 1: 299/ 2: 411، 412/11: 200، 201 ومواضع أخرى، التمسها في فهارس النحو والعربية. (2) انظر "إذا" و "إذ" فيما سلف ص: 236، تعليق: 1، والمراجع هناك. (3) مضى بيتان منها فيما سلف ص: 235، والبيت الأول من الرجز، في اللسان (طها) وقال: "وإنما أراد: رب طه، فحذف الألف" . وكان رسم "طها" في المطبوعة والمخطوطة: "طه" ، فآثرت رسمها كما كتبها صاحب اللسان (طها) . (4) الأثر: 13179 - انظر هذا الخبر في لسان العرب "وقف" . وكان في المطبوعة: "الحارث بن أبي عبيد" ، وهو خطأ، صوابه من المخطوطة. وقد مضى هذا الإسناد مرارًا. = "فقالوا يا ليتنا نردّ" ، يقول: فقال هؤلاء المشركون بربهم، إذ حُبسوا في النار: "يا ليتنا نردّ" ، إلى الدنيا حتى نتوب ونراجعَ طاعة الله = "ولا نكذب بآيات ربنا" ، يقول: ولا نكذّب بحجج ربنا ولا نجحدها = "ونكون من المؤمنين" ، يقول: ونكون من المصدّقين بالله وحججه ورسله، متَّبعي أمره ونهيه. * * * واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة الحجاز والمدينة والعراقيين: (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبُ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ، بمعنى: يا ليتنا نردُّ، ولسنا نكذب بآيات ربنا، ولكنّا نكون من المؤمنين. * * * وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفة: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، بمعنى: يا ليتنا نرد، وأن لا نكذب بآيات ربنا، ونكونَ من المؤمنين. وتأوَّلوا في ذلك شيئًا:- 13180 - حدثنيه أحمد بن يوسف قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، حدثنا حجاج، عن هارون قال: في حرف ابن مسعود: (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ فَلا نُكَذِّبَ) بالفاء. * * * وذكر عن بعض قرأة أهل الشام، أنه قرأ ذلك: (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبُ) بالرفع (وَنَكُونَ) بالنصب، كأنه وجَّه تأويله إلى أنهم تمنوا الردَّ، وأن يكونوا من المؤمنين، وأخبروا أنهم لا يكذِّبون بآيات ربهم إن رُدُّوا إلى الدنيا. * * * واختلف أهل العربية في معنى ذلك منصوبًا ومرفوعًا. فقال بعض نحويي البصرة: "ولا نكذِّبَ بآيات ربِّنا ونكونَ من المؤمنين" ، نصبٌ، لأنه جواب للتمني، وما بعد "الواو" كما بعد "الفاء" . قال: وإن شئت رفعتَ وجعلته على غير التمني، كأنهم قالوا: ولا نكذِّبُ والله بآيات ربنا، ونكونُ والله من المؤمنين. هذا، إذا كان على ذا الوجه، كان منقطعًا من الأوّل. قال: والرفع وجهُ الكلام، لأنه إذا نصب جعلها "واوَ" عطف. فإذا جعلها "واو" عطف، فكأنهم قد تمنوا أن لا يكذِّبوا، وأن يكونوا من المؤمنين. قال: وهذا، والله أعلم، لا يكون، لأنهم لم يتمنوا هذا، إنما تمنوا الردّ، وأخبروا أنهم لا يكذبون، ويكونون من المؤمنين. * * * وكان بعض نحويي الكوفة يقول: لو نصب "نكذب" و "نكون" على الجواب بالواو، لكان صوابًا. قال: والعرب تجيب ب "الواو" ، و "ثم" ، كما تجيب بالفاء. يقولون: "ليت لي مالا فأعطيَك" ، "وليت لي مالا وأُعْطيَك" ، "وثم أعطيَك" . قال: وقد تكون نصبًا على الصَّرف، كقولك: "لا يَسَعُنِي شيء ويعجِزَ عَنك. (1) " * * * وقال آخر منهم: لا أحبُّ النصب في هذا، لأنه ليس بتمنٍّ منهم، إنما هو خبرٌ، أخبروا به عن أنفسهم. ألا ترى أن الله تعالى ذكره قد كذَّبهم فقال: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ؟ وإنما يكون التكذيب للخبر لا للتمنِّي. * * * وكان بعضهم ينكر أن يكون الجواب "بالواو" ، وبحرف غير "الفاء" . وكان يقول: إنما "الواو" موضع حال، لا يسعني شيء ويضيقَ عنك"، أي: وهو يضيق عنك. قال: وكذلك الصَّرف في جميع العربية. قال: وأما "الفاء" فجواب جزاء:"ما قمت فنأتيَك"، أي: لو قمت لأتينَاك. قال: فهذا حكم الصرف و "الفاء" . قال: وأمّا قوله:"ولا نكذب"، و "نكون" فإنما جاز، لأنهم قالوا:"يا ليتنا نرد "، في غير الحال التي وقفنا فيها على النار. فكان وقفهم في تلك،" (1) "الصرف" ، مضى تفسيره فيما سلف 1: 569، تعليق: 1/3: 552، تعليق: 1/7: 247، تعليق: 2. فتمنَّوا أن لا يكونوا وُقِفُوا في تلك الحال. * * * قال أبو جعفر: وكأنّ معنى صاحب هذه المقالة في قوله هذا: ولو ترى إذ وقفوا على النار، فقالوا: قد وقفنا عليها مكذِّبين بآيات ربِّنا كفارًا، فيا ليتنا نردّ إليها فنُوقَف عليها غير مكذبين بآيات ربِّنا ولا كفارًا. وهذا تأويلٌ يدفعه ظاهر التنزيل، وذلك قول الله تعالى ذكره: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، فأخبر الله تعالى أنهم في قيلهم ذلك كذبة، والتكذيب لا يقع في التمني. ولكن صاحب هذه المقالة أظنُّ به أنَّه لم يتدبر التأويل، ولَزِم سَنَن العربيّة. * * * قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أختار غيرها في ذلك: (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبُ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بالرفع في كليهما، بمعنى: يا ليتنا نردّ، ولسنا نكذب بآيات ربِّنا إن رددنا، ولكنا نكون من المؤمنين= على وجه الخبر منهم عما يفعلون إن هم ردُّوا إلى الدنيا، لا على التمنّي منهم أن لا يكذِّبوا بآيات ربهم ويكونوا من المؤمنين. لأن الله تعالى ذكره قد أخبر عنهم أنهم لو ردُّوا لعادوا لما نهوا عنه، وأنهم كذبة في قيلهم ذلك. ولو كان قيلهم ذلك على وجه التمني، لاستحال تكذيبهم فيه، لأن التمني لا يكذَّب، وإنما يكون التصديقُ والتكذيبُ في الأخبار. * * * وأما النصب في ذلك، فإني أظنّ بقارئه أنه توخَّى تأويل قراءة عبد الله التي ذكرناها عنه، (1) وذلك قراءته ذلك: (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ فَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ، على وجه جواب التمني بالفاء. وهو إذا قرئ بالفاء (1) في المطبوعة: "فإني أظن بقارئه أنه برجاء تأويل قراءة عبد الله" ، وهو كلام غث. وفي المخطوطة: ". . . أنه برحا تأويل قراءة عبد الله" غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت. كذلك، لا شك في صحة إعرابه. ومعناه في ذلك: أن تأويله إذا قرئ كذلك: لو أنّا رددنا إلى الدنيا ما كذَّبنا بآيات ربِّنا، ولكُنَّا من المؤمنين. فإن يكن الذي حَكَى من حكى عن العرب من السماع منهم الجوابَ بالواو، و "ثم" كهيئة الجواب بالفاء، صحيحًا، فلا شك في صحّة قراءة من قرأ ذلك: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ نصبًا على جواب التمني بالواو، على تأويل قراءة عبد الله ذلك بالفاء. وإلا فإن القراءة بذلك بعيدةُ المعنى من تأويل التنزيل. ولستُ أعلم سماعَ ذلك من العرب صحيحًا، بل المعروف من كلامها: الجوابُ بالفاء، والصرفُ بالواو. * * * القول في تأويل قوله: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء العادلين بربهم، (1) الجاحدين نبوتك، يا محمد، في قيلهم إذا وقفوا على النار: "يا ليتنا نردُّ ولا نكذب بأيات ربنا ونكون من المؤمنين" = الأسَى والندمُ على ترك الإيمان بالله والتصديق بك، (2) لكن بهم الإشفاق مما هو نازلٌ بهم من عقاب الله وأليم عذابه، على معاصيهم التي كانوا يخفونها عن أعين الناس ويسترونها منهم، فأبداها الله منهم يوم القيامة وأظهرها على رؤوس الأشهاد، ففضحهم بها، ثم جازاهم بها جزاءَهم. يقول: بل بدا لهم ما كانوا يخفون من أعمالهم السيئة التي كانوا يخفونها "من قبل ذلك في الدنيا، فظهرت =" ولو رُدُّوا "، يقول: ولو ردّوا إلى الدنيا فأمْهلوا" (1) في المطبوعة: "ما قصد هؤلاء" ، وهو لا شيء ولكن حمله عليه أنه في المخطوطة "ما هؤلاء العادلين" ، واستظهرت الصواب من قوله بعد: "لكن بهم الإشفاق" . (2) السياق: "ما بهؤلاء العادلين بربهم. . . الأسى والندم. . ." . = "لعادوا لما نهوا عنه" ، يقول: لرجعوا إلى مثل العمل الذي كانوا يعملونه في الدنيا قبل ذلك، من جحود آيات الله، والكفر به، والعمل بما يسخط عليهم ربِّهم = "إنهم لكاذبون" ، في قيلهم: "لو رددنا لم نكذب بآيات ربّنا وكنا من المؤمنين" ، لأنهم قالوه حين قالوه خشية العذاب، لا إيمانًا بالله. * * * وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 13181 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل" ، يقول: بدت لهم أعمالهم في الآخرة، التي أخفوها في الدنيا. 13182 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل" ، قال: من أعمالهم. 13183 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "ولو ردُّوا لعادُوا لما نهوا عنه" ، يقول: ولو وصل الله لهم دُنيا كدنياهم، لعادوا إلى أعمالهم أعمالِ السوء. * * * القول في تأويل قوله: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) } قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء المشركين، العادلين به الأوثان والأصنام، الذين ابتدأ هذه السورة بالخبرعنهم. يقول تعالى ذكره: "وقالوا إنْ هي إلا حياتنا الدنيا" ، يخبر عنهم أنهم ينكرون أنّ الله يُحيي خلقه بعد أن يُميتهم، ويقولون: "لا حياة بعد الممات، ولا بعث ولا نشور بعد الفناء" . فهم بجحودهم ذلك، وإنكارهم ثوابَ الله وعقابَه في الدار الآخرة، لا يبالون ما أتوا وما ركبوا من إثم ومعصية، لأنهم لا يرجون ثوابًا على إيمان بالله وتصديق برسوله وعملٍ صالح بعد موت، ولا يخافون عقابًا على كفرهم بالله ورسوله وسيّئٍ من عمل يعملونه. (1) * * * وكان ابن زيد يقول: هذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء الكفرة الذين وقفوا على النار: أنهم لو ردُّوا إلى الدنيا لقالوا: "إن هي إلا حياتُنا الدنيا وما نحن بمبعوثين" . 13184- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه" ، وقالوا حين يردون: "إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين" . * * * القول في تأويل قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "لو ترى" ، يا محمد، هؤلاء القائلين: ما هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين = "إذ وقفوا" ، يوم القيامة، (1) في المطبوعة: "وشيء من عمل" ، وهي في المخطوطة غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت. أي: حبسوا، (1) "على ربهم" ، يعني على حكم الله وقضائه فيهم = "قال أليس هذا بالحق" ، يقول: فقيل لهم: أليس هذا البعثُ والنشر بعد الممات الذي كنتم تنكرونَه في الدنيا، حقًّا؟ فأجابوا، فقالوا: بلى "والله إنه لحقّ =" قال فذوقوا العذاب "، يقول: فقال الله تعالى ذكره لهم: فذوقوا العذاب الذي كنتم به في الدنيا تكذبون (2) =" بما كنتم تكفرون "، يقول: بتكذيبكم به وجحودكموه الذي كان منكم في الدنيا." * * * القول في تأويل قوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله" ، قد هلك ووُكس، في بيعهم الإيمان بالكفر (3) = "الذين كذبوا بلقاء الله" ، يعني: الذين أنكروا البعثَ بعد الممات، والثواب والعقابَ، والجنةَ والنارَ، من مشركي قريش ومَنْ سلك سبيلهم في ذلك = "حتى إذا جاءَتهم الساعة" ، يقول: حتى إذا جاءتهم السَّاعة التي يَبْعث الله فيها الموتى من قبورهم. * * * وإنما أدخلت "الألف واللام" في "الساعة" ، لأنها معروفة المعنى عند المخاطبين بها، وأنها مقصود بها قصدُ الساعة التي وصفت. * * * (1) انظر تفسير "وقف" فيما سلف قريبا ص: 316. (2) انظر تفسير "ذاق العذاب" فيما سلف ص: 47، تعليق: 1، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "خسر" فيما سلف ص: 294، تعليق: 1، والمراجع هناك. ويعني بقوله: "بغتة" ، فجأةً، من غير علم من تفجؤه بوقت مفاجأتها إيّاه. * * * يقال منه: "بغتُّه أبغته بَغْتةً" ، إذا أخذته كذلك: * * * = "قالوا يا حَسْرتَنا على ما فرّطنا فيها" ، يقول تعالى ذكره: وُكس الذين كذبوا بلقاء الله ببيعهم منازلهم من الجنة بمنازل من اشتروا منازله من أهل الجنة من النار، فإذا جاءتهم الساعة بغتةً قالوا إذا عاينوا ما باعوا وما اشتروا، وتبيَّنوا خسارة صفقة بَيْعهم التي سلفت منهم في الدنيا، تندُّمًا وتلهُّفًا على عظيم الغَبْن الذي غبنوه أنفسهم، وجليلِ الخسران الذي لا خسرانَ أجلَّ منه = "يا حسرتنا على ما فرطنا فيها" ، يقول: يا ندامتنا على ما ضيّعنا فيها، يعني: صفقتهم تلك. (1) * * * و "الهاء والألف" في قوله: "فيها" ، من ذكر "الصفقة" ، ولكن اكتفى بدلالة قوله: "قد خسر الذين كذّبوا بلقاء الله" عليها من ذكرها، إذ كان معلومًا أن "الخسران" لا يكون إلا في صفقة بيع قد جرت. (2) * * * وإنما معنى الكلام: قد وُكس الذين كذبوا بلقاء الله، ببيعهم الإيمان الذي يستوجبون به من الله رضوانَه وجنته، بالكفر الذي يستوجبون به منه سَخَطه وعقوبته، ولا يشعرون ما عليهم من الخسران في ذلك، حتى تقوم الساعة، فإذا جاءتهم الساعة بغتةً فرأوا ما لحقهم من الخسران في بيعهم، قالوا حينئذ، تندمًا: "يا حسرتنا على ما فرطنا فيها" . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: (1) انظر تفسير "الحسرة" فيما سلف 3: 295/7: 335. (2) في المطبوعة: "قد خسرت" ، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الصواب. ![]()
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 202 ( الأعضاء 0 والزوار 202) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |