الكنز المفقود بين العوام في قواعد الجمع وأنواعه

[بشرى فلسطين]

بسم الله الرحمن الرحيم
من الأمور التي كثر الخلاف فيها بين النحاة ، وخاصة في الزمن الحالي، هي قواعد الجمع
فالجموع كغيرها في اللغة تخضع لقواعد نحوية ، لا تتعداها.
و أجمل شيء في لغتنا العربية اتساعها ، فهي كالبحر الذي لا ينبض
وأنا اليوم سأشبهها بالكنز الذي هو مدفون في داخلنا .
ودرسنا اليوم هو عن الجمع
وكل شيء عنه
من جمع قلّة وكثرة ومنتهى الجموع ...
ما رأيكم أن نبدأ باسترجاع لغتنا واستخراج كنوزها
أولا: جمع الأسماء الخمسة
يُقالُ في المرادِ به مَنْ يعقل من "ابنٍ وأبٍ وأخٍ و حم ٍوذي": "بَنُون وأَبُون وأَخُون و حمون وذَوُو". وكُلُّها ملحقاتٌ بجمع المذكر السالم، وفي "بنت وابنة وأخت وذات" بَنات وأخوات وهَنَات
.

وأُمَّهات في الأمِّ من الناسِ وأُمُّات في غَيْرِها من غير الناس .
***
الجمع بألف وتاء مزيدتين
هذا الجمعُ هُو الذي يُسميه أكثرُ النُّحاة "جمعَ المؤنَّثِ السَّالم" وسَمَّاه ابنُ هِشام: "الجمعُ بألِفٍ وتاءٍ مَزيدَتَيْنِ" ليَشْملَ ما جُمِعَ هذا الجمعَ منْ مُؤنَّثٍ ومُذكَّرٍ وما سَلِمَ فيه المُفْرد، وما تَغَيَّر.
***
المطرد في هذا الجمع:
(1) أَعلامُ الإناث من غَيْرِ تاءٍ كـ "سُعَادَ" و "مرْيَم" و "هندٍ"
(2) وما خُتِمَ بالتَّاءِ (يستثنى "امرأة وشاة وأمة وقُلة" لعبة للصبيان"، وأمَّة، وشفة وملة، لعدم السماع) كـ "صَفِيَّة" و "جميلة".
(3) وما خُتِمَ بأَلِفِ التَّأْنِيثِ المَقْصُورَة أو المَمْدُودَة كـ "سَلْمى" و "صحْراء" (يستثنى فعلاء وفعلى مؤنثي أفعل وفعلان كـ "حمراء" و "غضبى". فلا يجمعان، كما لا يجمع مذكرهما جمع مذكر سالماً).
(4) ومُصَغَّرُ غيرِ العاقل كـ "جُبَيل" و "جزَيء" تَقُول فيهما: جُبَيْلات وجُزَيْئات.
(5) وَصْفُ العَاقل كـ "شَامِخ" جمعهُ "شَامِخات " و"مَعْدُودُ" مثل: {أَيَّاماً مَعْدُودَات} (الآية "184" من سورة البقرة ).
(6) كل خماسيٍّ لم يُسمَعْ له جَمْع تكسير كـ "سُرادِق" و "أصْطَبْل" و "حمَّام" تقول في جمعها: سُرادِقات، واصْطبلات، وحمَّامات، وما عَدَا ذَلكَ فَهُوَ مَقْصورٌ على السَّمَاع كـ "سَمَوات" و "سجِلاّت" و "أمهات" و "خوْدَات"
***
إعْرابُ المُطَّرِدِ من هذا الجَمْع:
يُعْرَبُ هذا الجمعُ بالضمةِ رَفعاً و "بالكسرةِ" نَصْباً وجَرّاً نحو: "هَذه السَّمَوَاتُ"
و"خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ"
و "نظَرْتُ إلى السَّمَوَاتِ"
أما إنْ كانتْ التَّاءُ أصليَّةً والألفُ زائدةً كـ "أَبْيَات" جمع "بَيْت" و "أموات" جَمْعُ مَيْت، أو كانت الألفُ أصليَّةً والتَّاءُ زائدةً كـ "قُضاة" جمع قاضٍ و "غزاة" جمع غَازٍ فالنَّصبُ بالفتحة على الأصل نحو:
"وَلَّيتُ قضاةً"
و "جهَّزْتُ غُزاةً".
***
كيفَ يُجمَعُ الاسم بألف وتاء:
1-يَسْلَمُ في هذا الجمع ما سَلِمَ في التَّثْنِية (انظر المثنى). فتقول: في جمع "هِنْد" "هِنْدات" كما تقول: "هِنْدان" إلاَّ ما خُتِمَ "بِتاء التأنيث" فإنَّ تاءَه تُحذَفُ في الجمع المُؤَنث لا في التَّثْنية سَوَاءٌ أكانَتْ زَائِدةً كـ "مُسْلِمة" أمْ بَدَلاً من أصْل كـ "أُختْ" و "بنْت" و "عدَة" تقول في جمعها: "مُسلِمات" و "أخَوَات" و "بنَات" و "عدَات"
2-جَمْعُ المَقْصورِ والمَمْدُودِ يَتَغَيَّرُ فيه هنا ما تَغَيَّرَ في التثنية تقولُ في جَمْعِ "سُعْدى" "سُعْدَيات" بالياء وفي جمع "صَحْراء": "صَحْرَاوات" بالواو.
3-إذا كان ما قبلَ التاءِ حَرْفَ عِلَّةٍ أَجْرَيْتَ عليه بعد حذفِ التَّاءِ ما يَسْتَحقُّه لو كان آخِراً في أصلِ الوَضْعِ فتقولُ في "ظَبْيَة": "ظَبَيَات" و "غزْوة": "غَزَوَات" بسَلامَة اليَاء والواو
4- في نحو "مُصطَفاة وفَتاة": "مُصْطَفَيات وفَتَيَات" بقلب الألِفِ ياءً، وفي نحو "قَنَاة": "قَنَوات" وفي نحو "قَراءَة": "قِرَاءَات" بالهَمْز لا غير.
***
جمع "أَفعل" من الألوان:
إذا سمَّيت امرأةً بـ "أحْمر" أو "أصْفَر" من الألوان، تجمعها بـ "ألفٍ وتاء".
فتقول "أحْمَرَات" و "أصْفَرَات" لا "حُمْر وصُفْر"
***
حركةٌ وَسَط الجَمْع:
إذا كان الاسمُ المُرادُ جَمْعُه بالأَلِفِ والتاء ثُلاثيّاً سَاكِنَ العَيْن غير مُعتَلِّها ولا مُدْغَمِها اخْتُتِم بتاءٍ أمْ لا -
1-فإنْ كَانَتْ فَاؤهُ مَفْتُوحَةً لَزِم فَتْحُ عَيْنِهِ نحو:
"جَفْنَة ودَعْد" تقولُ في جَمعِها "جَفَناتٍ ودَعَدات" قال تعالى: {كَذَلِكَ يُريهُم اللّه أَعْمَالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِم} (الآية "167" من سورة البقرة )
2-إنْ كانَ مضمومَ الفاءِ نحو: "خطْوَةٍ وجُمْلٍ" (جمل: اسم امرأة)
3- مَكْسُورَها نحو: "كِسْرة وهِند" جَازَ لنا في عينه الفَتْحُ والإسْكَان مُطْلقاً، والإِتْبَاع لحركةِ الفاءِ بِشَرْط ألاَّ تكونَ فَاءُ الكَلِمَةِ مَضْمُومَةً ولامُها ياءً كـ "دُمْيَة وزُبْيَة" (الزبية: مَصْيَدَةُ الأسَد، وهي حُفْرَة في هَضْبَة أو في قُلَّةِ الجَبَل) فجمعها: "دُمْيَات" و "زبْيَات"
ويَمْتَنِعُ ضمُّ الميم والباءِ إتباعاً لضمَّةِ الدَّالِ والزَّاي ولا مَكْسُورَةً وَلاَمُها وَاوٌ ويَمْتَنعُ كَسْرُ الرَّاء، في "ذِرْوَات" والشِّين في "رِشْوات" إتْباعاً لفَائهما.
***
ويَمْتَنِعُ التَّغيير في عَيْن الجَمْع في خَمْسَةِ أنواع:
(1) في الوَصْف نحو: "ضَخْمَات وعَبْلات" (أمَّا "العَبَلات" بفتح العَين والباء فإنما قصدوا إلى "عَبْلة" وهو اسم) وشذَّ "كَهَلات" بالفَتْح، و "ربْعَة" وجمعُها "رَبَعات" بالفتح أيضاً.
(2) في الرُّباعي نحو: "زَيْنَبَات وسُعَادَات".
(3) في المُحَرّك الوَسَط نحو: "شَجَرَات وسَمُرات وَنَمِرَات".
(4) في المُعْتَلِّ العَيْن نحو: "جَوْزات وَبَيْضَات"، قال تعالى: {فِي رَوْضَات الجَنَّات} (الآية "22" من سورة الشورى ).
(5) في المُدْغم العَيْن نحو: "حَجَّات".
***
جمعُ ما كَان على "فِعْلة":
* في جمع "فِعْلة" ثلاثةُ أَوْجُه:
(أحدُها) "فِعِلاَت" تتبعُ الكسرةُ الكسرةَ.
(الثاني) "فِعَلات" بكسر ففتح.
(الثالث) "فِعْلات" بكسر فسكون.
وذلك نحو: "سِدْرَة" وجمعها: "سِدِرَات" و "سدَرات" و "سدْرات" ومثلها: "قِرْبَة" بالباء.
أمَّا "رِشْوَة" بكسر أوَّله فَتُجمَع على: "رِشْوات" و "رشَوَات" ولا يأتي على نحو: "سِدِرات" بكسر أوله وثانيه لأَنَّه يَلْزمُه قَلْبُ الواو ياءً. فَتَلْتَبسُ بَنَاتُ الوَاوِ بِبَنَاتِ الياءِ ومثلُها: "عُـِدوَة"
***
جمع ما كان على "فُعْلَة":
في جمع "فُعْلة" بضم الفاءِ وسكونِ العَين ثلاثة أوجُه:
(أحدهما) "فُعُلات" بضم الفاء والعين أتْبَعتِ الضمةُ الضَّمَّةَ
(الثاني) "فُعَلاَت" بضم الفاء وفتحِ العَيْن
(الثالث) "فُعْلات" بضَم الفاءِ وسكون العين كأصلها
قال عز وجل: {وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيطَان} (الآية "168" من سورة البقرة ).
وواحدها "خُطْوة".
أمَّا نحو "مُدْيَةٍ" فلا تجمع على مِنْهاج "ظُلُمات" ولكن على نحو: "ظُلْمات" فتقول: "مُدْيَات" وأجَاز المُبَرِّد "مُدَيَاتٍ" وليسَ في كَلاَمِ سيبويه ما يَدُل عليه.
***
المُلْحَق بهذا الجمع:
حُمِلَ على هذا الجَمْعِ شَيْئان:
(أحدهما) "أُولاتِ" (وهو اسم جمع بمعنى "ذوات" لا واحد له من لفظه وواحده في المعنى "ذات") نحو: {وَإِنْ كنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} (الآية "6" من سورة الطلاق).
(الثاني) ما سُمِّي به مِنْه كـ "عَرفَات" و "أذْرِعَات".
***
أمَّا إعرابُ الملحق:
يُعْرَبُ الأوَّلُ وهو "أُولاَت" إعرابَ الأصلِ أيْ يُنصبُ بالكسرة.
أمَّا الثاني وهو ما سُمِّي به مثل عَرَفَات :
فإن إعرابهُ كما كانَ قَبْلَ التَّسمِية على اللُّغَةِ الفُصْحى مع مَا لا يَنْصَرف كأذرعات( هي محافظة "حوران" في سوريا وهي المعروفة اليوم بـ "درعا")
***
جمع المُسَمَّى بهذا الجمع:
لا يُجْمَعُ مَنْ سُمِّي بنحو هِنْدَاتٍ بألِفٍ وتاء، لأَنَّ فيه أَلِفاً وتاءً ولا تَجْتَمِعَان، وإنِّما يجمع بـ "ذَوَات" تقول:
"جَاءَتْ ذَواتُ هِنداتٍ".
وإنْ سُمِّي به مُذكَّرٌ كـ "هِنْدَات" اسمُ رجل يجوزُ أنْ تُثَنِّيه وأنْ تَجْمَعه، فتقول في تَثْنِيَتِهِ "هِنداتَان" و "هنْداتَيْن" وهَؤلاء "هِنْدَاتٌ" بحذفِ الألِفِ والتَّاءِ من المُفْرَد الذي أصْلُهُ جَمْعٌ، وتُثْبِت مَكَانَهُما أَلِفاً وَتَاءً للجمع وهذَا على سبيل التَّقْدير والقصد.
***
ثانيًا : جَمْعُ التَّكْسِير:
تعريفُهُ:
هو الاسمُ الدَّالُّ على أكثَر من اثنين بتَغَيُّرٍ ظاهرٍ، أو مُقَدَّرٍ.
فالتَّغيُّرُ الظَّاهرُ سِتَّةُ أقْسامٍ فهو إمَّا:
(1) بِزيادَةٍ كـ "صِنْوٍ" وجَمْعهُ "صِنْوان" (الصِّنوان: النخلتان أو الثلاثة من أصلِ واحدٍ).
(2) أو بنقْصٍ كـ "تُخَمَة" وجمعها: "تُخَمٌ".
(3) أو بتَبْدِيلِ شَكْلٍ كـ "أسَد" وجمعها: "أُسْدٌ".
(4) أو بِزِيادَةٍ وتَبْدِيلِ شَكْلٍ كـ "رَجُلٍ" وجمعها "رِجَال".
(5) أو بنَقْصٍ وتَبْديل شَكْلٍ: كـ "قَضيب" وجَمْعُها "قُضُب".
(6) أو بِهِنَّ كـ "غُلام" وجَمْعُها "غِلْمَان".
والتَّغْيير المُقَدَّر في نحو: "فُلْك" و "دلاص" (الدلاص: البراق من الدروع) و "هجَان" (الهِجان: من الإبل البيضاء الخالصة اللَّون الكريو ويستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع) و "شمَال" (الشمال: الطبع)، و "عفِتَّان" (العِفِتَّان: القوي الجافي) وجَمْعُهُنَّ مثلُهُنَّ وضعاً وَشَكْلاً (فيقدر في فلك مثلاً: زوال ضمة الواحد، وتبدلها بضمة مشعرة بالجمع وهكذا الباقي ويظهر هذا بسياق الكلام)، ووَزْن جَمْع فُلْك كـ "بُدْن"
***
نوعاه:
(1) جمعُ التكسير للقلَّة.
(2) جمعُ التكسير للكَثْرة.
يـــتـــبــــــــع