|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
الخطبة الثانية إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا. قوله عز وجل: ï´؟ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ * مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ï´¾ [المائدة: 30 - 32]. عظم الله عز وجل هذه الجريمة، جريمة القتل، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أعظم محفل شهدته البشرية، وأشرف اجتماع حدث على وجه الأرض، في حجة الوداع، قال: ((إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم؛ كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا))[8]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه))[9]. وقال صلى الله عليه وسلم: (( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يُصب دمًا حرامًا))[10]. أي مهما وقع في معاصٍ دون القتل فهو في فسحة من دينه، ما لم يصب دمًا حرامًا؛ بل سد النبي صلى الله عليه وسلم الذرائع إلى هذه الجريمة التي هي أكبر الجرائم بعد الكفر بالله عز وجل، ولذلك قال الله عز وجل في وصف عباد الرحمن: ï´؟ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ï´¾ [الفرقان: 68]. فذَكَر بعد الشرك قتل النفس ثم ذكر الزنا، ولذلك كانت عقوبة الردة عن دين الإسلام القتل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن بدَّل دينه فاقتلوه))[11]، كذلك من قتل يقتل قصاصًا، أو يرضى أولياء المقتول بالدية. فعظم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجريمة، وسد الذرائع إليها، وقال: ((لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بحديدة؛ لعله لا يدري أن ينزغ الشيطان في يده، فيقع في حفرة من النار))[12]. أي لا يفعل ذلك وإن كان مازحًا، يشير إلى أخيه بحديدة أو بقطعة سلاح أو سكين، ولو على سبيل الهزل؛ لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم من يَحمِل أسهمًا أن يأخذ بنصالها حتى لا تخدش مسلمًا. كان ابن عباس رضي الله عنهما ينظر إلى الكعبة ويقول: ((إن الله حرَّمكِ وشرَّفك وعظَّمك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منكِ))، فحرمة المؤمن عباد الله أعظم من حرمة الكعبة التي حرمها الله عز وجل وكرمها وشرفها. ï´؟ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ï´¾ [المائدة: 30]، كيف تسهل لصاحبها الوقوع في هذه الجريمة الشنيعة، ثم لم يدر كيف يفعل بأخيه، فأكثر المفسرين أخذوا من الإسرائيليات أن غرابين تقاتلا، فقتل أحدهما الآخر فدفنه، فاهتدى ابن آدم إلى سنة الدفن، ولكن الله عز وجل ما أخبر أنه بعث غرابين؛ بل بعث غرابًا. فالراجح أن هذا الغراب كان يحفر في الأرض يبحث عن شيء، أو يدفن شيئًا، فاهتدى بذلك هذا الرجل إلى سنة الدفن، قال الله عز وجل: ï´؟ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ ï´¾ [المائدة: 31]. إشارة إلى كثر البحث، فكأنه ظل يحفر حتى حفر حفرة عميقة؛ لأنه ما قال: بحث في الأرض بصيغة الماضي؛ بل قال: يبحث في الأرض، أي: طال البحث حتى حفر حفرة عميقة، فاهتدى هذا الرجل إلى سنة الدفن، فحفر لأخيه حفرة عميقة فدفنه فيها، فأصبح من النادمين. وهذا كذلك من جزاء المعصية عباد الله؛ لأنه تعلم من الغراب، وأن الغراب صار أستاذه، لأنه بالذنب صار ذليلاً، فكفاه بذلك صغارًا وذلاًّ أنه يتعلم من الغراب: ï´؟ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ ï´¾ [المائدة: 31]. أي: أحس أن الغراب أشرف منه، وأنه وارى سوءة أخية: ï´؟ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ ï´¾ [المائدة: 31]. فهذا ما يعقب المعصية عباد الله. قال عز وجل: ï´؟ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ï´¾ [المائدة: 32]. قال المفسرون: وإنما عقب الله عز وجل هذه القصة بذكره أن بني إسرائيل كتب الله عز وجل عليهم أن من قتل نفسًا بغير نفس أي بغير استحقاق القتل أو فساد في الأرض؛ فكأنما قتل الناس جميعًا، أي: فإنه يحمل يوم القيامة إثم قتل الناس جميعًا، ï´؟ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ï´¾ [المائدة: 32]. تعظيم لجريمة القتل، ولكثرة الذنوب التي يتحملها القاتل، وإنما ذكر عز وجل بني إسرائيل، لأنهم الذين يكثر فيهم القتل، فانظروا كيف يفعلون في إخواننا بفلسطين! لا يكاد يمر يوم أو ليلة حتى يقتلوا منهم العشرات، وأحيانًا المئات، فهم عباد الله يتشوقون إلى الدماء، ويكثرون من الدماء، وهم الذين اجترؤوا على قتل نبي الله زكريا، ونبي الله يحيى، وأرادوا قتل عيسى عليه السلام، ولكن رفعه الله عز وجل إليه وما قتلوه يقينًا؛ بل أرادوا قتل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما سمَّت امرأة سلام بن مشكم اليهودية شاة، وقالت: أي جزء من الشاة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا لها: الذراع، فسمَّت شاة واستضافت النبي صلى الله عليه وسلم عليها، وأهدتْها للنبي، صلى الله عليه وسلم. والله تعالى يقول: ï´؟ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ï´¾ [المائدة: 67]. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا الذراع يخبرني أنه مسموم))[13]. كذلك في قصة إجلاء بني النضير، وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى يهود بني النضير يستعينهم على دية قتيلين للعهد الذي بينهم وبين هذه القبيلة التي منها القتيلان، فقالوا: نعم يا محمد، نجيبك إلى ما سألتنا، وخلا بعضهم إلى بعض وقالوا: لا تجدون الرجل على هذه الحال، مَن منكم يصعد على بيت فلان، فيلقي عليه صخرة عظيمة فيريحنا منه؟ فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي، وحاصرهم حتى أجلاهم عن مدينته. فكثر عباد الله في بني إسرائيل جريمة القتل: ï´؟ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ï´¾ [المائدة: 32]. كذلك في هذه القصة عباد الله عقوبة الذين يسنون السنن السيئة، وأهل البدع، والذين يشيعون الفواحش، فيقتدى بهم في ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تُقتَل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها))[14]. فالذين يسنون السنن السيئة، والذين يشيعون الفواحش، والذين يبتدعون في دين الله عز وجل، فيتبعهم الناس على ذلك فإنهم يحملون أوزارهم وأوزار من يضلونهم بغير علم، ألا ساء ما يزرون، ((لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها))، فكيف تكون ذنوب هذا الرجل يوم القيامة عباد الله، ما قُتلت نفس في الأرض إلا وتحمل وزرًا في قتلها؛ لأنه أول من سنَّ القتل. وفي ذلك كذلك عباد الله كيف يدفع الحسد أصحابه، لقد حسد إخوة يوسف يوسف وهموا بقتله، ولكنهم عدلوا عن ذلك فألقوه في غيابة الجب من أجل أن يلتقطه بعض السيارة. ((دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، ألا إنها هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين))[15]. اللهم اهدنا فيمن هديت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت. اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فكده يا رب العالمين، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واجعل الدائرة تدور عليه. اللهم عليك باليهود الغاصبين، والأمريكان الحاقدين، ومن والاهم من المنافقين والعلمانيين، والذين يشيعون الفواحش في بلاد المسلمين. اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا، اللهم لا ترفع لهم في الأرض راية، واجعلهم لسائر خلقك عبرة وآية. اللهم انصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وانصرنا على من بغى علينا. اللهم ارفع عن بلاد المسلمين الغلا، والوبا، والربا، والزنا، وردهم إليك ردًّا جميلاً. اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبدًا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا. وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليم. [1] البخاري (30)، ومسلم (8139). [2] أحمد (1/ 185)، وصححه الألباني في "الإرواء" (8/ 101). [3] انظر "الإرواء" (8/ 101). [4] البخاري (2300)، ومسلم (202). [5] مسلم (4678) بنحوه. [6] البخاري (2295)، ومسلم (86). [7] البخاري (2263)، ومسلم (4681). [8] البخاري (65)، ومسلم (3180). [9] مسلم (4650). [10] البخاري (6355). [11] البخاري (2794) من حديث ابن عباس رضي الله عنه. [12] البخاري (6545) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [13] أبو داود (4512) بمعناه بإسناد حسن، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود". [14] البخاري (3088). [15] الترمذي (2434)، وحسنه الألباني في "الإرواء" (238).
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |