فضل الإطعام في يوم ذي مسغبة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 498 - عددالزوار : 301850 )           »          محمود شاكر (شيخ العربية) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          داود وسليمان عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 18 )           »          أحداث في غزوة خيبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          شبهات حول موقف الأمويين من الإسلام والردود عليها (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          غزوة خيبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          من أقدار الله في التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          دعوة الملوك إلى الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          موقف المسلم من الزلازل والكوارث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 609 )           »          إرهاقٌ بلا صوت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-10-2020, 01:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,307
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فضل الإطعام في يوم ذي مسغبة

ومعنى الآيات: فهلا تجاوز الإنسان مشقة الآخرة بإنفاق ماله في عتق رقاب الأرقاء، أو في إطعام يتيم من ذوي القربى، أو في إطعام الفقير المُعدم في يوم ذي مجاعة، فمن فعل ذلك من المؤمنين مخلصًا لله تعالى، وكان من الذين يوصون غيرهم بالصبر والرحمة؛ فإنه مما سيؤتون كتبهم بإيمانهم، ويدخلون الجنة.




قال الرازي رحمه الله تعالى: " واعلم أن إخراج المال في وقت القحط والضرورة أثقل على النفس، وأوجب للأجر"[11]. وذلك أن النفس تبخل في وقت الشدة خوفًا من نفاد ما عندها، ولكن الأجر يعظم؛ لما في ذلك من إغاثة الملهوف، وإحياء النفوس.




إن المؤمن الرحيم يغتم غمًا شديداً عندما يرى الجوع يفتك بإخوانه المسلمين، ويرسم على وجوههم البؤس والحزن، وعلى أجسامهم العري والذبول، فما يصبر على ذلك حتى يجود من خيره بما يستطيع.




فعن جرير رضي الله عنه - قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى، ثم خطب فقال: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ [النساء: 1] إلى آخر الآية ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1] والآية التي في الحشر: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [الحشر: 18]، تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة ). قال: فجاء رجل من الأنصار بِصُرَّة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مُذهَبَة[12]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)[13].




ذكر الماوردي في كتابه" أدب الدنيا والدين" أن أعرابيًا أتى عمر رضي الله عنه فقال:



يا عمرَ الخير جُزيتَ الجَنَّهْ




اُكسُ بُنَيَّاتي وأُمَهنَّهْ




وكن لنا من الزمان جُنَّهْ




أُقسم بالله لتفعلنَّهْ








فقال عمر رضي الله عنه: فإن لم أفعل يكون ماذا؟ فقال:

إذاً أبا حفصٍ لأذهبنَّهْ



فقال: فإذا ذهبتَ يكون ماذا؟ فقال:



يكون عن حالي لتُسألَنَّهْ




يوم تكون الأعطياتُ هَنَّهْ




وموقفُ المسئول بينهنّهْ




إما إلى نارٍ وإما جَنَّهْ







فبكى عمر رضي الله عنه حتى اخضلت لحيته، ثم قال: يا غلام، أعطه قميصي هذا لذلك اليوم لا لشعره، أما والله لا أملك غيره"[14].

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.




الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

أيها المسلمون، إن المطلوب في ظل الأزمة الغذائية أن يصبر المبتلى بها صبراً جميلاً لا ضجر فيه ولا شكوى، والصابرون يوفون أجرهم بغير حساب. وليعلم المبتلى بضيق العيش أنه ليس على الطريق وحده؛ فقد سبقه عليه أقوام إثر أقوام بُلوا أشد مما بُلي، وجاعوا أكثر مما جاع، و "في كلِّ وادٍ بنو سعد"، كما قيل.




وفي واقعه لو فتش سيجد من هو أشد منه ضرراً ومسغبة، ولكن بعض الناس لا يظهرون حاجتهم تعززاً وتعففًا وتكرمًا. ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا[البقرة:273].




ومما تواجه به الأزمة الخانقة-معشر الفضلاء-؛ حتى يخف وقعها، ويقرب ارتفاعها: حسن التدبير للمعيشة على المستوى العام، وعلى المستوى الخاص، على الحكومات، وعلى أفراد الشعوب.

فعلى المستوى العام: أن يكون هناك استعداد غذائي ومالي تسد به الحاجات إذا طرأت، وتعالج به هذه المشكلات إذا نزلت.




كما فعل نبي الله يوسف عليه السلام لما تولى خزائن مصر للعزيز، فإنه لما عبر للملك رؤيا السبع البقرات السمان، والسبع السنبلات الخضر بسبع سنين مخصبات، والسبع البقر الأخريات، والسبع السنبلات اليابسات بسبع سنين مجدبات، وعرف الملك فضل عقله، وجودة رأيه، وعرف يوسفُ أهمية حسن التدبير الغذائي فيما سيأتي من السنوات؛ فإنه طلب من الملك أن يوليه أمر خزائن الدولة؛ ليحسن مدافعة هجوم السنوات المجدبات بحسن التدبير في السنوات المخصبات، قال تعالى: ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ[يوسف:55].




وقد كان تدبيره المالي: أنه زرع أرض مصر في السنوات السبع المخصبات زروعًا كثيرة، وجبى من الأطعمة شيئًا كثيراً، وأودع تلك الأغذية في مخازن أُعدِت لذلك، فلما جاءت السنوات السبع المجدبات صرف ذلك المخزون على الناس، وأذهب بحسن تدبيره الجوعَ عن الناس.




وأما التدبير الخاص فيكون على مستوى الأسرة بالتخفيف من الكماليات، والنظر إلى الضروريات، وعلى مستوى الأقارب والجيران وذلك بالاشتراك الغذائي واقتسام لقمة العيش بين الجميع؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو- أي: افتقروا -، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني، وأنا منهم )[15].




أيها المسلمون، ومما تواجه به الأزمة الغذائية: إحياء التعاون الاجتماعي بين المسلمين، فالأغنياء فتح لهم اليوم باب عظيم من أبواب البر، الذي تضاعف به الحسنات، وترفع به الدرجات، وتكفر به السيئات؛ فإن الصدقة في أيام المجاعات ليست كالصدقة في غيرها، بل لعلها-والله أعلم- أفضل منها في رمضان أيام الكفاية؛ لأن فيها إحياء لنفوس كاد الجوع أن يسوقها إلى المقابر. وهذا العمل من صفات أهل الإيمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم، وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضواً تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى) [16].

وإنه ليس من الإيمان أن يشبع المسلم وأخوه المسلم من قريب أو جار أو بعيد يتلمَّض جوعًا لا يجد ما يسد به رمقه.




قال الشاعر:

فلو كنتَ جاراً يا ابن قيسٍ لعاصمٍ ♦♦♦ لما بِتَ شبعانًا وجارُك ساغبا[17].




فيا أيها الأغنياء، هذه فرصتكم، وهذا خير عظيم سيق إليكم، فلا تضيعوا هذه الغنيمة الباردة، فإن ضاقت بكم القدرة اليوم عن الصدقة فأخرجوا من الزكاة، وإن لم يحن وقتها؛ لأنه يجوز إخراج الزكاة قبل وجوبها على القول الصحيح؛ كما فعل رسول الله صلى الله عليه في زكاة العباس رضي الله عنه[18].




ونقول لكم اليوم:







تحيطُ به الحاجاتُ من كلِّ جانبٍ

وتَنبحُه الضَّرَّاْ ويعلو هريرُها



على وجهِه بؤسٌ يقولُ لمن يَرى

هنا تُكتَبُ الشكوى وتُقراْ سطورُها



ولا يُعلِنُ الأحرارُ حاجاتِ دهرِهم

ولكنْ بصمتِ البِشْرِ يبدو ضميرُها



فجودوا -فما في الجودِ خُسْرٌ- بِمِنَّةٍ

فربُّكمُ المولى الكريمُ شكورُها



ومدُّوا يدَ الإحسانِ يا باذليْ النَّدى

فأنتمْ سحابُ الجودِ جَادَ مَطيرُها



فما أجملَ المعروفَ والدهرُ مُمحِلٌ

وبَطنُ ذوي الَّلأواْ يَصرُّ صَريرُها



فهذا زمانُ السغْبِ يا قومُ فاطردوا

جحافَله الّلاتي تمادتْ شرورُها



لتهطلَ هذا اليومَ كفٌّ كريمةٌ

فيضحكَ في أرضِ الكرامِ فقيرُها







هذا وصلوا وسلموا على الرسول الرؤوف الرحيم...




[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في: 4/ 2/ 1438هـ، 4/ 11/ 2016م.



[2] البداية والنهاية (7/ 90).



[3] المصدر السابق (11/ 213).



[4] المصدر السابق (12/ 99).



[5] المصدر السابق(12/ 157).



[6] ينظر: الأغاني، للأصفهاني (1/ 381).



[7] رواه مسلم.



[8] البدر الطالع بمحاسن مَن بعد القرن السابع (1/ 470).



[9] رواه أحمد والترمذي وابن حبان، وهو حسن.



[10] رواه ابن شاهين، وأبو نعيم في أخبار أصبهان، وهو في السلسلة الصحيحة للألباني.




[11] تفسير الرازي: مفاتيح الغيب (31/ 169).



[12] أي: فضة مموهة بذهب، كناية عن الصفاء والاستنارة.



[13] رواه مسلم.



[14] أدب الدنيا والدين (ص: 245).



[15] متفق عليه.



[16] متفق عليه.



[17] تفسير القرطبي (20/ 69).



[18] جاء في الحديث: (إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام)، رواه الترمذي، وهو حسن.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.42 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.46%)]