|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#3
|
||||
|
||||
![]() معنى اسم الله الحميد الشيخ وحيد عبدالسلام بالي وَأَيْضًا فَالحَمْدُ هُوَ الإِخْـبَارُ بِمَحَـاسِنِ المَحْـمُودِ عَلَى وَجْهِ الحُبِّ لَهُ، وَمَحَاسِنُ المَحْمُودِ تَعَالَى إِمَّا قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ، وَإِمَّا ظَاهِرَةٌ فِي مَخْلُوقَاتِهِ، فَأَمَّا المَعْدُومُ المَحْضُ الذِي لَمْ يَخْلُقْ وَلاَ خَلَقَ قَطُّ فَذَاكَ لَيْسَ فِيهِ مَحَاسِنُ وَلَا غَيْرُهَا، فَلَا مَحَامِدَ فِيهِ البَتَّةَ، فَالحَمْدُ للهِ الذِي يَمْلَأُ المَخْلُوقَاتِ مَا وُجِدَ مِنْهَا وَيُوجَدُ هُوَ حَمْدٌ يَتَضَمَّنُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ بَكَمَالِهِ القَائِمِ بِذَاتِهِ، وَالمَحَاسِنِ الظَّاهِرَةِ فِي مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَمَّا مَا لَا وُجُودَ لَهُ فَلَا مَحَامِدَ فِيهِ وَلَا مَذامَّ، فَجَعْلُ الحَمْدِ مَالِئًا لَهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ[36]. 3- مَعْنَى قَوْلِهِ (الحَمْدُ للهِ مَلءَ السَّمَاوَاتِ): وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي كَوْنِ حَمْدِهِ يَمْلَأُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ عَلَى جِهَةِ التَّمْثِيلِ: أَيْ لَوْ كَانَ أَجْسَامًا لَمَلَأَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا قَالُوا: فَإِنَّ الحَمْدَ مِنْ قَبِيلِ المَعَانِي وَالأَعْرَاضِ التِي لَا تُمْلَأُ بِهَا الأَجْسَامُ، وَلَا تُمْلَأُ الأَجْسَامُ إِلَّا بِالأَجْسَامِ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إِلَى هَذَا التَكَلُّفِ البَارِدِ، فَإِنَّ مِلءَ كُلِّ شَيءٍ يَكُونُ بِحَسَبِ المَالِئِ وَالمَمْلُوءِ، فَإِذَا قِيلَ امْتَلَأَتِ الجَفْنَةُ طَعَامًا فَهَذَا الامْتِلَاءُ نَوْعٌ، وَإِذَا قِيلَ: امْتَلَأَتِ الدَارُ رِجَالًا، وَامْتَلَأَتِ المَدِينَةُ خَيْلًا وَرِجَالًا فَهَذَا نَوْعٌ آخَرُ، وَإِذَا قِيلَ: امْتَلَأَ الكِتَابُ سُطُورًا فَهَذَا نَوْعٌ آخَرُ كَمَا فِي أَثَرٍ مَعْرُوفٍ: "أَهْلُ الجَنَّةِ مَنِ امْتَلَأَتْ مَسَامِعُهُ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنِ امْتَلَأَتْ مَسَامِعُهُ مِنْ ذَمِّ النَّاسِ لَهُ"، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فِي عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ كُنَـيِّفٌ مُلِئَ عِلْمًا، وَيُقَالُ: فُلَانٌ عِلْمُهُ قَدْ مَلَأَ الدُّنْيَا، وَكَانَ يُقَالُ مَلَأَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا الدُّنْيَا عِلْمًا، وَيُقَالٌ: صَيْتُ فُلَانٍ قَدْ مَلَأَ الدُّنْيَا وَضَيَّقَ الآَفَاقَ، وَحُبُّهُ قَدْ مَلَأَ القُلُوبَ، وَبُغْضُ فُلَانٍ قَدْ مَلَأَ القُلُوبَ، وَامْتَلَأَ قَلْبُهُ رُعْبًا، وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُسْتَوْعَبَ شَوَاهِدُهُ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي بَابِهِ وَجَعْلُ المَلْءِ وَالامْتِلاَءِ حَقِيقَةً لِلْأَجْسَامِ خَاصَّةً تَحَكُّمٌ بَاطِلٌ وَدَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا البَتَّةَ، وَالأَصْلُ الحَقِيقَةُ الوَاحِدَةُ، وَالاشْتِرَاكُ المَعْنَوِيُّ هُوَ الغَالِبُ عَلَى اللُّغَةِ وَالأَفْهَامِ وَالاسْتِعْمَالِ، فَالمَصِيرُ إِلَيْهِ أَوْلَى مِنَ المَجَازِ وَالاشْتِرَاكِ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ تَقْرِيرِ المَسْأَلَةِ. وَالمَقْصُودُ أَنَّ الرَّبَّ أَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسْنَى لَيْسَ فِيهَا اسْمُ سُوءٍ، وَأَوْصَافُهُ كُلُّهَا كَمَالٌ لَيْسَ فِيهَا صِفَةُ نَقْصٍ، وَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا حِكْمَةٌ لَيْسَ فِيهَا فِعْلٌ خَالٍ عَنِ الحِكْمَةِ وَالمَصْلَحَةِ، وَلَهُ المَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ الكَمَالِ، مَذْكُورٌ بِنُعُوتِ الجَلَالِ، مُنَزَّهٌ عَنِ الشَّبِيهِ وَالمِثَالِ، وَمُنَزَّهٌ عَمَّا يُضَادَّ صِفَاتِ كَمَالِهِ: فَمُنَزَّهٌ عَنِ المَوْتِ المُضَادِّ لِلْحَيَاةِ، وَعَنِ السِّنَةِ وَالنَّوْمِ وَالسَّهْوِ وَالغَفْلَةِ المُضَادِّ لِلْقَيُّومِيَّةِ، وَمَوْصُوفٌ بِالعِلْمِ، مُنَزَّهٌ عَنْ أَضْدَادِهِ كُلِّهَا مِنَ النِّسْيَانِ وَالذُّهُولِ وَعُزُوبِ شَيءٍ عَنْ عِلْمِهِ، مَوْصُوفٌ بِالقُدْرَةِ التَّامَّةِ مُنَزَّهٌ عَنْ ضِدِّهَا مِنَ العَجْزِ وَاللُّغُوبِ وَالإِعْيَاءِ، مَوْصُوفٌ بِالسَّمْعِ وَالبَصَرِ مُنَزَّهٌ عَنْ أَضْدَادِ ذَلِكَ، مَوْصُوفٌ بِالغِنَى التَّامِّ، مُنَزَّهٌ عَمَّا يُضَادَّهُ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ، وَمُسْتَحِقٌّ لِلْحَمْدِ كُلِّهِ، فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونُ غَيْرَ مَحْمُودٍ كَمَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ قَادِرٍ وَلَا خَالِقٍ وَلَا حَيٍّ، وَلَهُ الحَمْدُ كُلُّهُ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ فَلَا يَكُونُ إِلَّا مَحْمُودًا كَمَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِلَهًا وَرَبًّا وَقَادِرًا. 4- مَعْنَى (الحَمْدُ كُلُّهُ للهِ): فَإِذَا قِيلَ "الحَمْدُ كُلُّهُ للهِ" فَهَذَا لَهُ مَعْنَيَانِ: (أَحَدُهُمَا): أَنَّهُ مَحْمُودٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، وَبِكُلِّ مَا يُحْمَدُ بِهِ المَحْمُودُ التَّامُّ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ يُحْمَدُ أَيْضًا كَمَا يُحْمَدُ رُسُلُهُ وَأَنْبِيَاؤُهُ وَأَتْبَاعُهُم - فَذَلِكَ مِنْ حَمْدِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، بَلْ هُوَ المَحْمُودُ بِالقَصْدِ الأَوَّلِ وَبِالذَّاتِ، وَمَا نَالُوهُ مِنَ الحَمْدِ فَإِنَّمَا نَالُوهُ بِحَمْدٍ؛ فَهُوَ المَحْمُودُ أَوَّلًا وَآخِرًا وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ وَقَدْ عَلِمَ غَيْرُهُ مِنْ عِلْمِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ بِدُونِ تَعْلِيمِهِ. وَفِي الدُّعَاءِ المَأْثُورِ: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كُلُّهُ، وَلَكَ المُلْكُ كُلُّهُ، وَبِيَدِكَ الخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْكَ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ، أَسْأَلُكَ مِنَ الخَيْرِ كُلِّهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ"[37]، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَهُ المُلْكُ، وَقَدْ آتَى مِنَ المُلْكِ بَعْضَ خَلْقِهِ، وَلَهُ الحَمْدُ وَقَدْ آتَى غَيْرَهُ مِنَ الحَمْدِ مَا شَاءَ، وَكَمَا أَنَّ مُلْكَ المَخْلُوقِ دَاخِلٌ فِي مُلْكِهِ، فَحَمْدُهُ أَيْضًا دَاخِلٌ فِي حَمْدِهِ، فَمَا مِنْ مَحْمُودٍ يُحْمَدُ عَلَى شَيءٍ مِمَّا دَقَّ أَوْ جَلَّ إِلَّا وَاللهُ المَحْمُودُ عَلَيْهِ بِالذَّاتِ وَالأَوْلَوِيَّةِ أَيْضًا. وَإِذَا قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ" فَالمُرَادُ بِهِ أَنْتَ المُسْتَحِقُّ لِكُلِّ حَمْدٍ، لَيْسَ المُرَادُ بِهِ الحَمْدَ الخَارِجِيَّ فَقَطْ. (المَعْنَى الثَّانِي): أَنْ يُقَالَ: "لَكَ الحَمْدُ كُلُّهُ" أَيْ: الحَمْدُ التَّامُّ الكَامِلُ فَهَذَا مُخْتَصٌّ بَاللهِ لَيْسَ لِغَيْرِهِ فِيهِ شِرْكَةٌ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ لَهُ الحَمْدَ بِالمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا، فَلَهُ عُمُومُ الحَمْدِ وَكَمَالُهُ، وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ سُبْحَانَهُ، فَهُوَ المَحْمُودُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَى كُلِّ شَيءٍ أَكْمَلَ حَمْدٍ وَأَعْظَمَهُ، كَمَا أَنَّ لَهُ المُلْكَ التَّامَّ العَامَّ، فَلَا يَمْلِكُ كُلَّ شَيءٍ إِلَّا هُوَ، وَلَيْسَ المُلْكُ التَّامُّ الكَامِلُ إِلَّا لَهُ، وَأَتْبَاعُ الرُّسُلِ يُثْبِتُونَ لَهُ كَمَالَ المُلْكِ وَكَمَالَ الحَمْدِ، فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: إِنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ خَلْقِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ شَيءٌ البَتَّةَ، فَلَهُ المُلْكُ كُلُّهُ، وَالقَدَرِيَّةُ المَجُوسِيَّةُ يُخْرِجُونَ مِنْ مُلْكِهِ أَفْعَالَ العِبَادِ، وَيُخْرِجُونَ سَائِرَ حَرَكَاتِ المَلَائِكَةِ وَالجِنِّ وَالإِنْسِ عَنْ مُلْكِهِ. وَأَتْبَاعُ الرُّسُلِ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ دَاخِلًا فِي مُلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ وَيُثْبتُونَ كَمَالَ الحَمْدِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ المَحْمُودُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَعَلَى كَمَالِ الحَمْدِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ المَحْمُودُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَعَلَى مَا خَلَقَهُ وَيَخْلُقُهُ، لِمَا لَهُ فِيهِ مِنَ الحِكَمِ وَالغَايَاتِ المَحْمُودَةِ المَقْصُودَةِ بِالفِعْلِ. وَأَمَّا نُفَاةُ الحِكْمَةِ وَالأَسْبَابِ مِنْ مُثْبِتِي القَدَرِ فَهُم فِي الحَقِيقَةِ لَا يُثْبِتُونَ لَهُ حَمْدًا كَمَا لَا يُثْبِتُونَ لَهُ الحِكْمَةَ، فَإِنَّ الحَمْدَ مِنْ لَوَازِمِ الحِكْمَةِ، وَالحِكْمَةُ إِنَّمَا تَكُونُ فِي حَقِّ مَنْ يَفْعَلُ شَيْئًا لِشَيءٍ فَيُرِيدُ بِمَا يَفْعَلُهُ الحِكْمَةَ النَّاشِئَةَ مِنْ فِعْلِهِ، فَأَمَّا مَنْ لاَ يَفْعَلُ شَيْئًا لِشَيءٍ البَتَّةَ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِ الحِكْمَةُ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: لَيْسَ فِي أَفْعَالِهِ وَأَحْكَامِهِ لَامُ التَّعْلِيلِ، وَمَا اقْتُرِنَ بِالمَفْعُولَاتِ مِنْ قُوًى وَطَبَائِعَ وَمَصَالِحَ فَإِنَّمَا اقْتُرِنَتْ بِهَا اقْتِرَانًا عَادِيًّا، لَا أَنَّ هَذَا كَانَ لأَِجْلِ هَذَا، وَلَا نَشَأَ السَّبَبُ لأَِجْلِ المُسَبَّبِ، بَلْ لَا سَبَبَ عِنْدَهُم وَلَا مُسَبَّبٌ البَتَّةَ، إِنْ هُوَ إِلَّا مَحْضُ المَشِيئَةِ وَصَرْفُ الإِرَادَةِ التِي تُرَجِّعُ مَثَلًا عَلَى مَثَلٍ، بَلْ لَا مُرَجِّحَ أَصْلًا، وَلَيْسَ عِنْدَهُم فِي الأَجْسَامِ طَبَائِعُ وَقُوَى تَكُونُ أَسْبَابًا لِحَرَكَاتِهَا، وَلَا فِي العَيْنِ قُوَّةٌ امْتَازَتْ بِهَا عَلَى الرِّجْلِ يُبْصَرُ بَهَا، وَلَا فِي القَلْبِ قُوَّةٌ يُعْقَلُ بِهَا امْتَازَ بِهَا عَنِ الظَّهْرِ، بَلْ خَصَّ سُبْحَانَهُ أَحَدَ الجِسْمَيْنِ بِالرُّؤْيَةِ وَالعَقْلِ وَالذَّوْقِ تَخْصِيصًا لِمَثَلٍ عَلَى مَثَلٍ بَلَا سَبَبٍ أَصْلًا وَلَا حِكْمَةٍ، فَهَؤُلَاءِ لَمْ يُثْبِتُوا لَهُ كَمَالَ الحَمْدِ، كَمَا لَمْ يُثْبِتْ لَهُ أُولَئِكَ كَمَالَ المُلْكِ، وَكِلَا القَوْلَيْنِ مُنْكَرٌ عِنْدَ السَّلَفِ وَجُمْهُورِ الأُمَّةِ، وَلِهَذَا كَانَ مُنْكِرُو الأَسْبَابِ وَالقُوَى وَالطَّبَائِعَ يَقُولُونَ: العَقْلُ نَوْعٌ مِنَ العُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ، كَمَا قَالَ القَاضِيَانِ أَبُو بَكْرِ ابْنُ الطَّيِّبِ، وَأَبُو يَعْلَى بْنُ الفَرَّاءِ، وَأَتْبَاعُهُمَا، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ غَرِيزَةٌ، وَكَذَلِكَ الحَارِثُ المُحَاسِبِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، فَأُولَئِكَ لَا يُثْبِتُونَ غَرِيزَةً وَلَا قُوَّةً وَلَا طَبِيعَةً وَلَا سَبَبًا، وَأبْطَلُوا مُسَمَّيَاتِ هَذِهِ الأَسْمَاءِ جُمْلَةً، وَقَالُوا: إِنَّ مَا فِي الشَّرِيَعةِ مِنَ المَصَالِحِ وَالحِكَمِ لَمْ يَشْرَعِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ مَا شَرَعَ مِنَ الأَحْكَامِ لأَِجْلِهَا، بَلِ اتَّفَقَ اقْتِرَانُهَا بِهَا أَمْرًا اتِّفَاقِيًّا، كَمَا قَالُوا نَظِيرَ ذَلِكَ فِي المَخْلُوقَاتِ سَوَاءً، وَالعِلَلُ عِنْدَهُم أَمَارَاتٌ مَحْضَةٌ لِمُجَرَّدِ الاقْتِرَانِ الاتِّفَاقِيِّ. وَهُمْ فَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُعَرِّجُونَ عَلَى المُنَاسَبَاتِ وَلَا يُثْبِتُونَ العِلَلَ بِهَا البَتَّةَ، وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى تَأْثِيرِ العِلَّةِ بَنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، فَإِنْ فَقَدُوا فَزِعُوا إِلَى الأَقْيِسَةِ الشَّبِيهَةِ. وَالفَرِيقُ الثَّانِي: أَصْلَحُوا المَذْهَبَ بَعْضَ الإِصْلَاحِ وَقَرَّبُوهُ بَعْضَ الشَّيءِ وَأَزَالُوا تِلْكَ النُّفْرَةَ عَنْهُ، فَأَثْبَتُوا الأَحْكَامَ بِالعِلَلِ وَالعِلَلَ بِالمُنَاسَبَاتِ وَالمَصَالِحِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُم الكَلَامُ فِي الفِقْهِ إِلَّا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ جَعَلُوا اقْتِرَانَ أَحْكَامِ تِلْكَ العِلَلِ وَالمُنَاسَبَاتِ بَهَا اقْتِرَانًا عَادِيًّا غَيْرَ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ، وَالعِلَلُ وَالمُنَاسَبَاتُ أَمَارَاتُ ذَلِكَ الاقْتِرَانِ، وَهَؤُلَاءِ يَسْتَدِلُّونَ عَلَى إِثْبَاتِ عِلْمِ الرَّبِّ بِمَا فِي مَخْلُوقَاتِهِ مِنَ الإِحْكَامِ وَالإِتْقَانِ وَالمَصَالِحِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ بَيِّنٌ مِنْهُم، فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَدُلُّ إِذَا كَانَ الفَاعِلُ يَقْصِدُ أَنْ يَفْعَلَ الفِعْلَ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ لِأَجْلِ الحِكْمَةِ المَطْلُوبَةِ مَنْهُ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَفْعَلْ لأَِجْلِ ذَلِكَ الإِحْكَامِ وَالإِتْقَانِ، وَإِنَّمَا اتَّفَقَ اقْتِرَانُهُ بِمَفْعُولَاتِهِ عَادَةً فَإِنَّ ذَلِكَ الفِعْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى العِلْمِ، فَفِي أَفْعَالِ الحَيَوَانَاتِ مِنَ الإِحْكَامِ وَالإِتْقَانِ وَالحِكَمِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الحِكَمُ وَالمَصَالِحُ مَقْصُودَةً لَهَا لَمْ تَدُلَّ عَلَى عِلْمِهَا. وَالمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ إِذَا قَالُوا: إِنَّهُ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ لِحِكْمِةٍ امْتَنَعَ عِنْدَهُم أَنْ يَكُونَ الإِحْكَامُ دَلِيلًا عَلَى العِلْمِ، وَأَيْضًا فَعَلَى قَوْلِهِم يَمْتَنِعُ أَنْ يُحْمَدَ عَلَى مَا فَعَلَهُ لأَِمْرٍ مَا حَصَلَ لِلْعِبَادِ مِنْ نَفْعٍ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقْصِدْ بِمَا خَلَقَهُ لِنَفْعِهِم وَمَصَالِحِهِم، بَلْ إِنَّمَا أَرَادَ مُجَرَّدَ وُجُودِهِ لَا لأَِجْلِ كَذَا، وَلَا لِنَفْعِ أَحَدٍ وَلَا لِضُرِّهِ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّ مَنْ يَكُونُ فِعْلُهُ ذَلِكَ حَمْدٌ؟ فَلَا يُحْمَدُ عَلَى فِعْلِ عَدْلٍ، وَلَا عَلَى تَرْكِ ظُلْمٍ؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ - عِنْدَهُم - هُوَ المُمْتَنِعُ الذِي لَا يَدْخُلُ فِي المَقْدُورِ، وَذَلِكَ لَا يُمْدَحُ أَحَدٌ عَلَى تَرْكِهِ، وَكُلُّ مَا أَمْكَنَ وُجُودُهُ فَهُوَ عِنْدَهُم عَدْلٌ، فَالظُّلْمُ مُسْتَحِيلٌ عِنْدَهُم إِذْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ المُمْتَنِعِ المُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ، الذِي لَا يَدْخُلُ تَحْتَ المَقْدُورِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَرْكٌ اخْتِيَارِيٌّ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَ حَمْدٌ، وَإِخْبَارُهُ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ بِقِيَامِهِ بِالقِسْطِ حَقِيقَتُةُ عِنْدَهُم مُجَرَّدُ كَوْنِهِ فَاعِلًا لَا أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا هُوَ قِسْطٌ فِي نَفْسِهِ يُمْكِنُ وُجُودُ ضِدِّهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46] نَفْيٌ عِنْدَهُم لِمَا هُوَ مُسْتَحِيلٌ فِي نَفْسِهِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، كَجَعْلِ الجِسْمِ فِي مَكَانَيْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَجَعْلِهِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا فِي آنٍ وَاحِدٍ، فَهَذَا وَنَحْوُهُ عِنْدَهُم هُوَ الظُّلْمُ الذِي تَنَزَّهَ عِنْهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: "يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفَسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُم مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا"[38] فَالذِي حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ هُوَ المُسْتَحِيلُ المُمْتَنِعُ لِذَاتِهِ كَالجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مُمْكِنٌ يَكُونُ ظُلْمًا فِي نَفْسِهِ وَقَدْ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُمْدَحُ المَمْدُوحُ بِتَرْكِ مَا لَوْ أَرَادَهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: "وَجَعَلْتَهُ مُحَرَّمًا بَيْنَكُمْ" فَالذِي حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ هُوَ الذِي جَعَلَهُ مُحَرَّمًا بَيْنَ عِبَادِهِ وَهُوَ الظُّلْمُ المَقْدُورُ الذِي يَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ الحَمْدَ وَالثَّنَاءَ. وَالذِي أَوْجَبَ لَهُمْ هَذَا مُنَاقَضَةُ القَدَرِيَّةِ المَجُوسِيَّةِ وَرَدُّ أُصُولِهِم وَهَدْمُ قَوَاعِدِهِم، وَلَكِنْ رَدُّوا بِاطِلًا بِبَاطِلٍ، وَقَابَلُوا بِدْعَةً بِبِدْعَةٍ، وَسَلَّطُوا عَلَيْهِم خُصُومَهُم بِمَا الْتَزَمُوهُ مِنَ البَاطِلِ، فَصَارَتِ الغَلَبَةُ بَيْنَهُم وَبَيْنَ خُصُومِهِم سِجَالًا، مَرَّةً يَغْلِبُونَ وَمَرَّةً يُغْلَبُونَ، لَمْ تَسْتَقِرَّ لَهُم النُّصْرَةُ الثَّابِتَةُ لِأَهْلِ السُّنَّةِ المَحْضَةِ الذِينَ لَمْ يَتَحَيَّزُوا إِلَى فِئَةٍ غَيْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَلْتَزِمُوا غَيْرَ مَا جَاءَ بِهِ، وَلَمْ يُؤَصِّلُوا أَصْلًا بِبِدْعَةٍ يُسَلِّطُونَ عَلَيْهِم بِهِ خُصُومَهُم، بَلْ أَصْلُهُم مَا دَل عَلَيْهِ كِتَابُ اللهِ وَكَلَامُ رَسُولِهِ وَشَهِدَتْ بِهِ الفِطَرُ وَالعُقُولُ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ حَمْدَهُ تَعَالَى شَامِلٌ لِكُلِّ مَا يُحْدِثُهُ. 5- بَيَان حَمْدِ المَدْحِ وَحَمْدِ الشُّكْرِ: وَالمَقْصُودُ: بَيَانُ شُمُولِ حَمْدِهِ سُبْحَانَهُ وَحِكْمَتِهِ لِكُلِّ مَا يُحْدِثُهُ مِنْ إِحْسَانٍ وَنِعْمَةٍ وَامْتِحَانٍ وَبَلِيَّةٍ، وَمَا يَقْضِيهِ مِنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ، وَاللهُ تَعَالَى مَحْمُودٌ عَلَى ذَلِكَ مَشْكُورٌ حَمْدَ المَدْحِ وَحَمْدَ الشُّكْرِ، أَمَّا حَمْدُ المَدْحِ فَاللهُ مَحْمُودٌ عَلَى كُلِّ مَا خَلَقَ إِذْ هُوَ رَبُّ العَالَمِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَأَمَّا حَمْدُ الشُّكْرِ فِلَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ نِعْمَةٌ فِي حَقِّ المُؤْمِنِ إِذَا اقْتَرَنَ بِوَاجِبِهِ مِنَ الإِحْسَانِ، وَالنِّعْمَةُ إِذَا اقْتَرَنَتْ بِالشُّكْرِ صَارَتْ نِعْمَةً، وَالامْتِحَانُ وَالبَلِيَّةُ إِذَا اقْتَرَنَا بِالصَّبْرِ كَانَا نْعْمَةً، وَالطَّاعَةُ مِنْ أَجَلِّ نِعَمِهِ، وَأَمَّا المَعْصِيَةُ فَإِذَا اقْتَرَنَتْ بِوَاجِبِهَا مِنَ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ وَالإِنَابَةِ وَالذُّلِّ وَالخُضُوعِ فَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا مِنَ الآثَارِ المَحْمُودَةِ وَالغَايَاتِ المَطْلُوبَةِ مَا هُوَ نِعْمَةٌ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ سَبَبُهَا مَسْخُوطًا مَبْغُوضًا لِلْرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَلَكِنَّهُ يُحِبُّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنَ الرَّجُلِ إِذَا أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ بِأَرْضٍ دَوِيَّةٍ مُهْلِكَةٍ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا وَمِنَ الحَيَاةِ، فَنَامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَإِذَا بِهَا قَدْ تَعَلَّقَ خِطَامُهَا فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ، فَجَاءَ حَتَّى أَخَذَهَا، فَاللهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ العَبْدِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ، فَهَذَا الفَرَحُ العَظِيمُ الذِي لَا يُشْبِهُهُ شَيءٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ مِنْ عَدَمِهِ، وَلَهُ أَسْبَابٌ وَلَوَازِمُ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَمَا يَحْصُلُ لِتَقْدِيرِ عَدَمِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَإِنْ كَانَ مَحْبُوبًا لَهُ فَهَذَا الفَرَحُ أَحَبُّ إِلَيْهِ بِكَثِيرٍ وَوُجُودُهُ بِدُونِ لاَزِمِهِ مُمْتَنِعٌ، فَلَهُ مِنَ الحِكْمَةِ فِي تَقْدِيرِ أَسْبَابِهِ وَمُوجِبَاتِهِ حِكْمَةٌ بَالِغَهٌ وَنِعْمَةٌ سَابِغَةٌ، هَذَا بِالإِضَافَةِ إِلَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَأَمَّا بِالإِضَافَةِ إِلَى العَبْدِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ كُمَالُ عُبُودِيَّتِهِ وَخُضُوعِهِ مَوْقُوفًا عَلَى أَسْبَابٍ لاَ تَحْصُلُ بِدُونِهَا، فَتَقْدِيرُ الذَّنْبِ عَلَيْهِ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ التَّوْبَةُ وَالإِنَابَةُ وَالخُضُوعُ وَالذُّلُّ وَالانْكِسَارُ وَدَوَامُ الافْتِقَارِ كَانَ مِنَ النِّعَمِ بِاعْتِبَارِ غَايَتِهِ وَمَا يَعْقُبُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الابْتِلَاءِ وَالامْتِحَانِ بَاعْتِبَارِ صُورَتِهِ وَنَفْسِهِ، وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ مَحْمُودٌ عَلَى الأَمْرَيْنِ، فَإِنِ اتَّصَلَ بِالذَّنْبِ الآثَارُ المَحْبُوبَةُ لِلرَّبِّ سُبْحَانَهُ مِنَ التَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ وَالذُّلِّ وَالانْكِسَارِ فَهُوَ عَيْنُ مَصْلَحَةِ العَبْدِ، وَالاعْتِبَارُ بِكَمَالِ النِّهَايَةِ لَا بِنَقْصِ البِدَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ ذَلِكَ فَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ خُبْثِ نَفْسِهِ وَشَرِّهِ وَعَدَمِ اسْتِعْدَادِهِ لِمُجَاوَرَةِ رَبِّهِ بَيْنَ الأَرْوَاحِ الزَّكِيَّةِ الطَّاهِرَةِ فِي المَلَأِ الأَعْلَى، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ النَّفْسَ فِيهَا مِنَ الشَّرِّ وَالخُبْثِ مَا فِيهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِ ذَلِكَ مِنْهَا مِنَ القُوَّةِ إِلَى الفِعْلِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ الآثَارُ المُنَاسِبَةُ لَهَا، وَمُسَاكَنَةُ مَنْ تَلِيقُ مُسَاكَنَتُهُ، وَمُجَاوَرَةُ الأَرْوَاحِ الخَبِيثَةِ فِي المَحِلِّ الأَسْفَلِ، فَإِنَّ هَذِهِ النُّفُوسَ إِذَا كَانَتْ مُهَيَّأَةً لِذَلِكَ فَمِنَ الحِكْمَةِ أَنْ تُسْتَخَرَجَ مِنْهَا الأَسْبَابُ التِي تُوصِلُهَا إِلَى مَا هِيَ مُهَيَّأَةٌ لَهُ وَلَا يَلِيقُ بِهَا سِوَاهُ، وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ مَحْمُودٌ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَحْمُودٌ عَلَى إِنْعَامِهِ وَإِحْسَانِهِ عَلَى أَهْلِ الإِحْسَانِ وَالإِنْعَامِ القَابِلَيْنِ لَهُ، فَمَا كُلُّ أَحَدٍ قَابِلًا لِنِعْمَتِهِ تَعَالَى فَحَمْدُهُ وَحِكْمَتُهُ تَقْتَضِي أَلَّا يُودِعَ نِعَمَهُ وَإِحْسَانَهُ وَكُنَوزَهُ فَي مَحِلٍّ غَيْرِ قَابِلٍ لَهَا، وَلَا يَبْقَى إِلَّا أَنْ يُقَالَ: فَمَا الحِكْمَةُ فِي خَلْقِ هَذِهِ الأَرْوَاحِ التِي هِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِنِعْمَتِهِ؟ فَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ[39]. [1] أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 78 - 89). [2] لسان العرب (3/ 156)، وتفسير الطبري (13/ 179)، وبصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي (2/ 499)، تحقيق محمد علي النجار المكتبة العلمية، وفتح الباري (8/ 351). [3] المفردات (ص: 256). [4] طريق الهجرتين (ص: 192). [5] الطبري (15/ 144)، القرطبي (10/ 309). [6] الاعتقاد للبيهقي (62). [7] نونية ابن القيم (2/ 215). [8] النهج الأسمى (2/ 55 - 65). [9] مجاز القرآن (1/ 293). [10] جامع البيان (3/ 58). [11] المصدر السابق (5/ 205). [12] تفسير الأسماء (ص: 55). [13] شأن الدعاء (ص: 78). [14] في الأسماء للبيهقي (ص: 59): بعد منحه، وكذا في الكتاب الأسنى (ورقة 294 ب). [15] المنهاج (1/ 202)، وذكره ضمْن الأسماء التي تتبع إثباتَ التدبيرِ له دُون ما سِواه، ونقله البيهقيُّ في الأسماء (ص: 59 - 60). [16] الاعتقاد (ص: 62)، وانظر: المقصد الأسنى (ص: 82). [17] تفسيره (1/ 321). [18] تيسير الكريم الرحمن (5/ 299 - 300). [19] رواه مسلم (1/ 347) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه أيضًا من حديث ابن أبي أوفى، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنه. [20] صحيح: أخرجه البخاري (7442) ومسلم (769). [21] أخرجه البخاري (2/ 284) من حديث رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه. [22] أخرجه مسلم (1/ 203) من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه. [23] أخرجه مسلم (3/ 1685) من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه. [24] أخرجه الإمام أحمد في مسنده (4/ 434): حدثنا إسماعيل، أنا الجريري، عن أبي العلاء بن الشخير، عن مطرف به، وتمامه: "واعلم أنَّه لن تزال طائفةٌ من أهل الإسلام يقاتلون على الحق، ظاهرين على مَن ناوأهم حتى يقاتلوا الدَّجَّال، واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أَعْمَرَ مِن أهله في العشر، فلم تنزل آية تنسخ ذلك، ولم ينه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى لوجهه، ارتأى كل امرئ بعد ما شاء الله أنْ يرتئي". وسنده صحيح، مطرف هو ابن عبد الله بن الشخير، وأبو العلاء هو يزيد بن عبد الله، وهما أخوان ثقتان، وإسماعيل هو ابن عُليَّة، وهو ممن روى عن الجريري قبل الاختلاط. [25] قال الهيثمي في المجمع (10/ 95) بعد أن ذكر الحديث: "رواه أحمد موقوفًا وهو شبْه المرفوع، ورجاله رجال الصحيح". [26] حديث حسَن: أخرجه ابن ماجه (2/ 1250) واللفظ له، وأبو بكر بن السني في عمل اليوم والليلة (358) عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن شبيب بن بشْر، عن أنس مرفوعًا به، وسنده حسَن، شبيب ابن بشر وثَّقه ابنُ معين، وليَّنَه أبو حاتم، وقال الحافظ في التقريب: "صدوق يخطئ". وله شاهد، يَرويه الطبراني في الكبير (8/ 193/ 7794) عن سويد بن عبد العزيز، عن ثابت بن عجلان، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً بنحوه، وفيه سويد بن عبد العزيز، ضعيف، وبذلك أعلَّه الهيثمي في المجمع (10/ 95). [27] رواه مسلم (4/ 2095). [28] في الأصل: لا يكون إلا ما هو في نفسه... ولعل الصواب ما أثبتناه، (النجدي). [29] مجموع الفتاوى (6/ 83، 84). [30] جلاء الأفهام (ص: 243). [31] شفاء العليل (ص: 382). [32] حسَن: رواه الترمذي (3254، 3525)، وأحمد (17143)، وصحَّحه الألباني في الصحيحة (1536). [33] جلاء الأفهام (ص: 243). [34] مدارج السالكين (1/ 419). [35] صحيح: أخرجه مسلم (476) في الصلاة، باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، من حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه. [36] طريق الهجرتين (ص: 192). [37] أخرجه البيهقي، والديلمي عن أبي سعيد، كما في كنز العمال (7/ 20112). [38] صحيح: وقد تقدَّم. [39] طريق الهجرتين (ص: 194).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |